الأحد 21 / ربيع الأوّل / 1447 - 14 / سبتمبر 2025
قُلْ إِنِّى لَن يُجِيرَنِى مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلْتَحَدًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قوله - تبارك وتعالى -: قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي هذه على القراءة التي نقرأ بها: قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي قراءة عاصم، وحمزة، وفي قراءة الجمهور قال: إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي بدون "قل" على سبيل الحكاية، والإخبار عنه.

وقوله هنا: قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا، قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا قال مجاهد، وقتادة، والسدي: لا ملجأ.

وهذا الذي قاله ابن جرير أيضًا: إن المُلتَحد هو الملجأ، لن أجد مكانًا ألجأ إليه، ملتجأ ألجأ إليه.

"وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ: لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ أَيْ: لَا يُجِيرُنِي مِنْهُ، وَيُخَلِّصُنِي؛ إِلَّا إِبْلَاغِي الرِّسَالَةَ الَّتِي أَوْجَبَ أَدَاءَهَا عَلَيَّ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [الْمَائِدَةِ:67]".

يعني أن البلاغ هنا: إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ يقول: أنا لا أجد من دون الله ملجأ ألجأ إليه، حينما يريدني بعقوبة قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا يعني مَمالاً أو موضعًا أميل إليه، وملجأ ألجأ إليه، فهذا الاستثناء هنا: إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ بعض أهل العلم يقول: هذا الاستثناء من قوله - تبارك وتعالى -: لَا أَمْلِكُ يعني: لا أملك ضرًّا، ولا رشدًا؛ إلا التبليغ عن الله - تبارك وتعالى -، فهذا فيه أعظم الرشد، أو أن يكون هذا الاستثناء من قوله: وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا ۝ إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ يعني لن أجد من دونه إلا التبليغ، وذلك الذي يجيرني من عذابه فقط.

وبعضهم يقول غير هذا إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ يقول: لكنْ أبلغكم، يعني أنه من قبيل الاستثناء المنقطع كما يقول الفراء: أنا لن أجد من دون الله ملجأ ألجأ إليه، لكن أبلغكم ما أرسلت به فقط يعني هذا غاية ما هنالك، وإلا فالبلاغ لا يوجد، وإنما ينجو من سلّمه الله - تبارك وتعالى - إلى غير ذلك من الأقوال.

"وقوله تعالى: وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا أَيْ: أَنَمَا أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَةَ اللَّهِ، فَمَنْ يَعْصِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ جَزَاءٌ عَلَى ذَلِكَ نَارُ جَهَنَّمَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا أَيْ: لَا مَحِيدَ لَهُمْ عَنْهَا، وَلَا خُرُوجَ لَهُمْ منها".