الأربعاء 28 / ذو الحجة / 1446 - 25 / يونيو 2025
نِّصْفَهُۥٓ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

يقول: "تفسير سورة المزمل ، وهي مكية".

سورة المزمل ، من هو المزمل؟ هو النبي ﷺ.

وهي مكية يعني: أنها نزلت قبل الهجرة في مكة، وهذا لا شك فيه، وهي من أوائل ما نزل في مكة، أما في الترتيب فروي أنها نزلت بعد سورة القلم، وهذا لا نقطع به؛ لأنه في حد ما أعلم لا تصح رواية من الروايات التي ذكرت سور القرآن في طريقة ترتيبها.

هناك روايتان تقريباً تذكر سور القرآن مرتبة حسب النزول، وقد نظم ذلك بعض أهل العلم، ولكن الروايات فيه لا تصح، ولكن لا شك أن سورة المزمل كانت من أوائل ما نزل في مكة، وحينما نقول كما هنا يقول: إن السورة مكية؛ فيبقى هذا هو الأصل، قد يختلف في السورة هل هي مكية أو مدنية، لكن حينما يقرر أن السورة مكية مثلًا فيبقى هذا هو الأصل فيها، وفيما دخل تحتها من الآيات جميعًا.

وما يذكره المفسرون عادة تفاجأ أنهم يقولون: السورة مكية ثم يستثنون عدة آيات كما هنا، بعضهم يقول: سوى آيتين وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا [سورة المزمل:10] يقولون هذه، أو إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ... [سورة المزمل:20] من أين هذا الاستثناء؟ فيقال: لا بدّ من دليلٍ يخرج هذا القدر من عمومِ السورة التي نزلت في مكة، والمفسرون - رحمهم الله - يتساهلون في ذلك كثيرًا، فتجدون أن المفسر كثيرًا ما يقول: هذه السورة مكية ثم يقول: إلا الآية الفلانية، أو إذا وصل إلى تفسير آيتين قال: هذه نزلت في المدينة، لماذا؟ أحيانًا يكون ذلك بناء على أمر لاح له من جهة المعنى، مثلًا: السورة فيها وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَُ، ومعروف أن هذه كما سيأتي نزلت بعد أول السورة باثني عشر شهرًا يعني كم؟ يعني سنة، وهي من أوائل ما نزل في مكة، والنبي ﷺ بقي سنين في مكة، قيل: بقي عشر سنوات، وقيل: ثلاث عشرة سنة وهو المشهور، فهذه نزل آخرها بعد أولها بسنة، فكيف قيل: إنها نزلت في المدينة؟

وَآتُوا الزَّكَاةَُ قالوا: الزكاة أين فرضت؟ في المدينة، هكذا قالوا، فإذاً هذه السورة نازلة في المدينة، فكيف نجيب عن هذا؟

أصل فرض الزكاة كان بمكة، والأنصبة، والتفاصيل، وأنواع الأموال التي تخرج منها الزكاة؛ فرضت في المدينة بعد ذلك، وأوضح ما يدل على ذلك ما جاء في سورة الأنعام، ماذا قال الله في سورة الأنعام، وهي نازلة جملة في ليلة واحدة كما دلت على ذلك كثير من الروايات؟ قال: وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [سورة الأنعام:141] فبعض العلماء لجأ إلى القول بأن هذه الآية من سورة الأنعام نازلة في المدينة؛ لهذا السبب، مع أن سورة الأنعام تضافرت الأدلة على أنها نزلت في مكة في ليلة واحدة، فاستثنوا هذا بناء على هذا المعنى وَآتُواْ حَقَّهُ، ونحن نجيب عن هذا من عدة وجوه:

الأول: أن أصل الزكاة فرض بمكة، والتفاصيل فرضت في المدينة، فكان يجب في مكة أن يخرج قدراً غير محدد، فهذا جواب.

الجواب الثاني: وهو أن من القرآن ما ينزل قبل شرع الحكم كما سيأتي، وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [سورة المزمل:20]، وماذا قال الله لأمهات المؤمنين في سورة الأحزاب؟ لمّا قال لهن: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [سورة الأحزاب:33] إلى آخره قال: وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ زوجات النبي ﷺ كن قد اجتمعن عليه يطالبنه بالتوسعة في النفقة لما فتح الله عليه الفتوح، ووسع عليه بفتح قريظة، والنضير، وكان النبي ﷺ في شظف من العيش، فأي زكاة عندهن؟ فهذا يشير إلى أمر في المستقبل كما قال الله : سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [سورة القمر:45]، هذه في مكة، أيّ جمع، وأي تولية للدبر؟ كما كان عمر يتساءل عنها يقول: حتى رأيت رسول الله ﷺ يوم بدر يثب في الدرع وهو يقرأ: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ، فمن الآيات ما ينزل قبل شرع الحكم، وحينما نقول: الحكم؛ لا نقصد به الحلال، والحرام، هذا أصل في التفسير، وإنما المقصود به ما تحدثت الآية عنه، الموضوع الذي تحدثت عنه الآية، ولهذا هنا وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ [سورة البقرة:43] قال بعض أهل العلم: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ أي صلاة العيد، وَآتُواْ الزَّكَاةَ أي: زكاة الفطر، ليتخلص من الإشكال الذي ذكرناه قبل قليل، يتخلص من هذا الإشكال.

فالجواب الثاني إذاً أن من الآيات ما ينزل قبل شرع الحكم.

وهناك جواب ثالث: وهو ما ذكرتُ - الجواب العام - أن الأصل في السورة المكية أن جميع الآيات فيها نازلة في مكة، والسورة المدنية جميع الآيات نازلة فيها بالمدينة إلا لدليل يجب الرجوع إليه، فهذا الأصل تحتاج إليه في جميع سور القرآن تقريباً، أو عامة سور القرآن، كلما تقرأ في التفسير.

سور القرآن أحيانًا تتحدث عن موضوع واحد، وأحيانا تتحدث عن موضوعين، وأحيانا أكثر، فسورة البقرة تتحدث عن موضوعات كثيرة جدًا، وسورة الإخلاص تتحدث عن قضية عن صفة الله أنه إله واحد، لا ندّ له، ولا نظير، تصمد له جميع الخلائق، لم يلد ولم يولد، فهذه السورة سورة المزمل تتحدث عن المزمل ﷺ، ولفظ المزمل يُشعر بأمر يتعلق بالنوم، وهو مطالب بأمر آخر يقوم به، تتحدث عن المزمل ﷺ، وما شرع الله له من قيام الليل، وأثر هذا القيام المشروع، وتتحدث عما حصل من التخفيف بعد ذلك للمشقة التي اعترتهم بسبب هذا القيام، وسبب هذا التخفيف، هذا الموضوع الأساس الذي تتحدث عنه هذه السورة.

يقول: سبب نزول سورتي المزمل، والمدثر، السورة أحيانًا يكون لها سبب نزول نزلت جميعًا بسببه، والمقصود بسبب النزول هو ما نزلت الآية أو الآيات متحدثة عنه أيام وقوعه، يعني الآن سورة أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ [سورة الفيل:1] تتحدث عن قصة معينة، قصة أبرهة، أليس كذلك؟ لو قلنا لكم: ما سبب نزول سورة الفيل؟ الأخ يقول: سبب النزول هو مجيء أبرهة بالفيل، وأنه قصد مكة، فنزلت السورة، الضابط الذي ذكرناه قبل قليل: ما نزلت السورة، أو الآية، أو الآيات؛ متحدثة عنه أيام وقوعه، فهل هذا يصلح سبب نزول؟ قصة موسى ﷺ مع السحرة ما سبب النزول؟ هل نقول: إن فرعون جاء بالسحرة فنزلت الآيات؟ لا، وإنما هذا يقال له: قصص القرآن، هو نوع آخر، فن، باب من أبواب القرآن يقال له: قصص القرآن.

لكن إذا كانت الآية تتحدث عن واقعة معينة كما في قوله تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ [سورة المجادلة:1] فالسبب هو الواقعة المشهورة، يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ [سورة الأنفال:1] ما نزلت الآية أو الآيات متحدثة عنه أيام وقوعه من واقعة، أو سؤال، أو حادثة صارت؛ فنزلت الآيات تبين الموقف، أو السؤال سئل النبي ﷺ عن شيء فنزلت، هذا هو سبب النزول، وبهذا نفرق بين قصص القرآن وبين أسباب النزول، انظروا ماذا يقول، يقول: سبب نزول سورتي المزمل، والمدثر، لماذا قرن بينهما؟ نقول: من حيث المبدأ لا إشكال أن يتعدد النازل مع اتحاد السبب، والعكس صحيح، أحيانًا تقع أكثر من واقعة، ويكون النازل واحداً.

مثال عليه: الآن وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ [سورة النور:6] في سورة النور آية اللعان ما سبب النزول؟ جاء هلال بن أمية إلى النبي ﷺ وسأله عن الرجل يجد رجلًا مع امرأته، فقال النبي ﷺ: البينة أو حدٌّ في ظهرك[1]، وجاء أيضًا عويمر العجلاني، وسأل النبي ﷺ عن أمر وقع له من هذا، فنزلت الآيات، كذلك: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ [سورة التحريم:1] صحت الروايات في أن ذلك كان بسبب الجارية، النبي ﷺ كان له جارية؛ فوقع عليها، فغضبت بعض زوجاته، وحصل ما حصل في القصة المشهورة، فنزلت الآيات، وصح أيضاً أن ذلك بسبب العسل الذي كان يشربه عند زينب بنت جحش، فتآمرت عليه حفصة، وعائشة - ا -، فنزلت الآية: "لم تحرِّم"، فيقال: لا مانع من اجتماع هذا وهذا، إذا تقارب الزمان حكم بأن الآية، أو السورة، أو الآيات؛ نزلت بعد الواقعتين، لكن الإشكال إذا كان هناك تباعد مثل: صفْ لنا ربك، قاله المشركون في مكة، فأنزل الله: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [سورة الإخلاص:1]، وقاله اليهود في المدينة؛ فأنزل الله: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ هنا نحكم بتعدد النزول نقول: السورة أو الآية نزلت مرتين، هذا لا إشكال فيه، وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ [سورة النحل:126] جاءت روايات كثيرة جدًا أنها نزلت في يوم أحد بعدما قتل حمزة بن عبد المطلب ، مُثل به، فأراد النبي ﷺ أن ينتقم منهم، وأن يفعل بهم كما فعلوا، فنزلت الآية، وأيضًا ثبت أنها نزلت عام الفتح، فهناك في أُحُد، وفي الرواية الأخرى نزلت عام الفتح - فتح مكة - لما قال سعد بن عبادة وكانت معه راية الخزرج قال: "الآن  - أو اليوم - ذهبت قريش"، وهم متوجهون إلى مكة، فسمعها بعض أصحاب النبي ﷺ فعرفوا أن الرجل كان يريد قتلهم، وإفناءهم، وإراقة دمائهم، فأخذ النبي ﷺ الراية منه وأعطاها لابنه قيس، وأنزل الله : وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ [سورة النحل:126] لاحظْ سنوات بين يوم أحد، وفتح مكة.

يقول: سبب نزول سورتي المزمل والمدثر روى الحافظ أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار، صاحب المسند عن جابر قال: اجتمعت قريش في دار الندوة فقالوا: سموا هذا الرجل اسمًا يصد الناس عنه، فقالوا: كاهن، قالوا: ليس بكاهن، قالوا: مجنون، قالوا: ليس بمجنون، قالوا: ساحر، قالوا: ليس بساحر، فتفرق المشركون على ذلك، فبلغ ذلك النبي ﷺ".

الآن هؤلاء الخصوم والأعداء للنبي ﷺ اجتمعوا من أجل أن يتوحد الموقف، وأن يعبِّروا بعبارة تنفر الناس؛ تُنتقى بعناية، ويكون لها وقع في أسماعهم للتنفير من النبي ﷺ كما هو واقع في كل زمان، ومكان، الأعداء يعتنون باختيار الوصف الذي يصفون به أهل الحق، فكانوا يقولون للنبي ﷺ كانوا يقولون: ابن أبي كبشة، وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وهم يعلمون أنه من أوسطهم نسباً، أي أشرفهم، من أين جاء ابن أبي كبشة هذا؟ لا يوجد في نسب النبي ﷺ شيء من ذلك، ولم يكن ذلك لقباً للنبي ﷺ، لكن هذه اللفظة اختيرت بعناية، رجل له دعاوى عريضة يعرف الناس أنه مبطل، وإذا ذُكر ضحكوا يقال له: ابن أبي كبشة، فلما قال النبي ﷺ ما قال، وقال: إنه يوحى إليه، وأنه أرسل إلى الناس، ألصقوا به هذا اللقب الذي له وقع في أسماعهم، فإذا ذُكر تذكروا الكذب، والتقول، والادعاء، ثم هذا اللقب لا شك أنه بحروفه التي اختيرت لا شك أنه يؤثر تأثيرًا سلبياً وليس تأثيرًا إيجابيًا (ابن أبي كبشة)، لاحظْ ما يقولون: محمد بن عبد الله، لا، ابن أبي كبشة، مثل ما يقول الكوثري عن ابن القيم، وابن القيم معروف، يسميه ابن زفيل، ما هذا اللقب؟ فيختارون ألفاظاً بمجرد السماع تنبو الأسماع عنها، وتنقبض النفوس، كما يوصف الإسلام اليوم من قبل أعدائه من الغرب بأنه دين الإرهاب، ورددوا هذا كثيرًا حتى صار يجري على بعض الألسن تنفيرًا من دين الله ، فالمقصود أنهم أرادوا أن يتفقوا على تعبير واحد يعبرون به جميعًا.

"فبلغ ذلك النبي ﷺ فتزمل في ثيابه، وتدثر فيها".

ما معنى تزمل في ثيابه؟ التزمُّل، والتدثُّر؛ متقاربان، تزمَّلَ بمعنى التف في ثيابه، تزمل في ثيابه، وتدثر فيها، وغالبًا ما يلجأ المغموم إلى النوم مع أن الأطباء المعاصرين ممن يشتغلون بالطب النفسي يقولون: إن هذا يضر، النوم في حال الغم، ولا أظن هذا يصح، ومعلوم لدى الناس قديماً وحديثاً أن الإنسان إذا اغتم أطفأ ذلك الغم بالنوم، هذا معروف، وما ضر الناس، بل إن ذلك يؤثر في تخفيف الغم، ونسيان المصيبة، والذهول عنها، فيغيب فترة تستريح أعضاؤه، وتعمل الخلايا التي تعمل في حال النوم في جسمه؛ فيجد شيئاً من الراحة، لكن المشكلة حينما لا يجد الإنسان النوم بسبب المصيبة، هنا تكون القضية أشد، وأصعب، فيبدو عليه أثر ذلك من الشحوب، والإعياء؛ فيتضاعف ذلك العناء عليه، والعامة معروف من أمثالهم أنهم يقولون: "إذا كثرت همومك فخذ من الأرض طولك" يعني إذا كان طولك 160 سم فمعناها إذا أخذت 160 سم من الأرض فأنت نائم، يعني تمدد على الأرض، ونم.

"فتزمَّلَ في ثيابه، وتدثر فيها، فأتاه جبريل فقال: "يا أيها المزمل، يا أيها المدثر"، ثم قال البزار: مُعَلَّى بن عبدالرحمن قد حدث عنه جماعة من أهل العلم، وتحملوا حديثه، لكنه تفرد بأحاديث لا يتابع عليها".

لكن معلى بن عبد الرحمن هذا اتهمه بعضهم بالكذب، وهذه الرواية لو أن المؤلف أعرض عنها لكان ذلك أفضل، وهو قصَدَ ترْك الروايات الضعيفة، ومشى على هذا في هذا الكتاب، لكنه لربما استأنس بهذا التعليق، وإلا فإن معلى بن عبد الرحمن قد اتهمه بعض الأئمة بالكذب، فالرواية إذن غير صحيحة، وبالتالي ما بنى عليها من الحكم من أنها نزلت بعد هذه القضية يكون غير مقبول، هو يقول: إن المشركين اجتمعوا فحصل كذا وكذا، وبالتالي نزلت هذه السورة، أو صدر هذه السورة، ولا بدّ من البحث عن سبب آخر، فإن وُجدَ وإلا تكون كعامة القرآن حيث إنه نزل من غير سبب؛ لأن آيات القرآن وسور القرآن على قسمين: منها ما نزل بسبب، ومنها ما نزل ابتداء من غير سبب، فإن لم نجد سببًا صحيحًا - رواية صحيحة - فإننا نحكم بأن هذا مما نزل ابتداءً، سورة المدثر نزلت بسببٍ وهو ما كان يلقاه النبي ﷺ حينما فاجأه الوحي جبريل - عليه الصلاة والسلام -، فخاف خوفًا شديدًا؛ فجاء إلى أهله وقال: دثروني، دثروني، أو زملوني، فأنزل الله: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ۝ قُمْ فَأَنذِرْ [سورة المدثر:1-2] فكانت أول سورة نزلت في النبوة صدر اقرأ، ثم نزلت سورة المدثر قبل تمام اقرأ، وذلك بعد أن رجع النبي ﷺ ترعد فرائصه من الخوف، فنُبئ النبي ﷺ باقرأ، وأرسل بالمدثر.

فلا يبعد أن يكون ذلك نزل يعني يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ [سورة المزمل:1] في ابتداء الوحي، حيث كان النبي ﷺ يلقى ما يلقى حتى حصل له الأنس بجبريل - عليه الصلاة والسلام -، ربما تكون نزلت لهذا السبب، ولكن ليس عندنا رواية قاطعة أو صحيحة ثابتة نستطيع أن نعتمد عليها، غاية ما عندنا أن هذه السورة من أوائل السور، النبي ﷺ كان يلقى ما يلقى حينما رأى الملَك وما اعتاد عليه، فربما كان لهذا السبب، وربما نزلت ابتداء يا أيها المزمل.

"في قوله: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ۝ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ۝ نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا [سورة المزمل:1-3]، قال: يأمر تعالى رسوله ﷺ أن يترك التزمل وهو التغطي في الليل.

تحديده بالليل خاصة هل عليه دليل؟ من حيث اللغة: لا، يتزمّل أي يلتحف، يتدثر بغطاء ليلًا أو نهارًا، وخصه الحافظ ابن كثير هنا بالليل؛ لأنه قال: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، فمعنى ذلك أنه قال له: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ۝ قُمِ اللَّيْلَ معناه أنه كان متزملًا في الليل.

"أن يترك التزمل وهو التغطي في الليل، وينهض إلى القيام لربه كما قال تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [سورة السجدة:16]، وكذلك كان ﷺ ممتثلاً ما أمره الله به من قيام الليل، وقد كان واجباً عليه وحده كما قال تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا [سورة الإسراء:79]".

هذا سيأتي الكلام عليه، هل نسخ؟ هل كان واجبًا على الأمة جميعًا مع النبي ﷺ كما سيأتي في بعض الروايات أنهم قاموا حولًا كاملًا حتى تورمت أقدامهم، فخفف الله عنهم في آخر السورة كما سيأتي.

فمن أهل العلم من يقول: كان واجباً على النبي ﷺ، وعلى الأمة، أما النبي ﷺ فقوله: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا الأصل أن الأمر للوجوب إلا لصارف، والصحابة الروايات دلت على أنهم قاموا معه حتى تورمت أقدامهم، فخفف عنهم، ثم إنه علّل التخفيف بـعَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ [سورة المزمل:20] فدل على أنهم كانوا مشتركين معه ﷺ في الحكم، فبيّن علة التخفيف: فيهم المريض، وفيهم الذي سيجاهد، وبالمناسبة هذا مما له تعلق بما نزل قبل شرع الحكم، وإن كانت هنا في المستقبل، ما كان هناك جهاد في مكة لكنه يخبر عن أمر الغيوب، وبعض أهل العلم يقول: كان واجباً على النبي ﷺ، وعلى الأمة، فنسخ الوجوب على الأمة، وبقي على النبي ﷺ بما ذكر نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ۝ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ [سورة المزمل:4] جاء التخفيف، وبعض أهل العلم يقول: نسخ في حق النبي ﷺ، وفي حق الأمة، ويستدلون بنفس الآية التي ذكرها ابن كثير هنا وهي قوله: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ [سورة الإسراء:79]، فعلى أحد التفسيرات المشهورة للآية: فتهجد به نافلة أي غير فريضة؛ لأن النبي ﷺ غفر له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، وبيّن ذلك علة هذا التعبد بقيام الليل بالنسبة للنبي ﷺ: عَسَى أَن يَبْعَثَكَ [سورة الإسراء:79] وعسى من الله واجبة، يقولون: الكبير العظيم قد لا يقول: سأفعل لك كذا، يقول: عسى أن أحقق مطلوبك، لو قالها معناها أنه سيحقق لك ما أردت عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا وهو الشفاعة العظمى، والنبي ﷺ كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه، فلما سألته عائشة عن ذلك قال: أفلا أكون عبدًا شكورًا؟[2]، فقد يقال: إن جواب النبي ﷺ: أفلا أكون عبدًا شكورًا عن قيامه الليل، وقد يكون الجواب ليس عن قيامه الليل وإنما عن هذا الاجتهاد العظيم حتى تتفطر قدماه، سألته كيف يفعل ذلك وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدًا شكورًا؟، أما غيره فإنه كما قال الله : وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [سورة هود:114]، فنحن نقوم الليل لأننا بحاجة إلى رفع الدرجات، وزيادة الحسنات، وبحاجة إلى غفران الذنوب.

يقول: وهاهنا بيّن له مقدار ما يقوم فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ۝ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا قال ابن عباس والضحاك والسدي: "يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ يعني يا أيها النائم".

"يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ يعني يا أيها النائم، هذا تفسير باللازم، وليس تفسيراً بالمطابق، وعلى توسع في استعمال لفظة اللازم يعني المطابق أنّ معنى كلمة المزمل يساوي في لغة العرب النائم، هل هذا التفسير في اللغة؟ كل نائم نسميه مزملاً؟ لا، وإنما هو المدثر بثيابه، الملتف بالثياب، المقصود بالثياب ما هو هذا، الغطاء يقال له: ثوب، فإن من يفعل ذلك عادة النائم لاسيما أنه في الليل، فالله يقول له: قُمِ اللَّيْلَ الإنسان متلفف بثيابه، وملتحف، وفي الليل معناها أنه نائم غالباً، قال: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ يعني يا أيها النائم.

"وقال قتادة: "المزمل في ثيابه".

هنا فسرها بالمطابق، المزمل هو الملتف بثيابه، وهكذا المفسرون - رحمهم الله تعالى - من السلف، حيث إنهم يفسرون الآيات تارة بالمطابق، وتارة باللازم كما في التفسير الذي قبله، وتارة بالمثال، وتارة يفسرونها بما يقرب المعنى فقط، وإذا فتشت في أقاويلهم، ونظرت فيها؛ تستطيع - بإذن الله - أن تتخلص مما يقرب من النصف مما يدخل في هذا الباب، العبارات التي فسروا فيها بالمثال، أو بالمطابق، أو باللازم مرة، ومرة بعبارة تقرب المعنى؛ نتخلص من كثير من الخلاف، وإذا نظرنا إلى النصف الثاني من الخلاف في التفسير وهو الخلاف الحقيقي نستطيع أن نجمع نصفه تقريبًا بطريقة أو بأخرى تلتئم فيها الأقوال، وتجتمع تحت الآية، فلا يبقى عندنا من الخلاف الحقيقي إلا القليل، بدلاً من أن يكون الاشتغال بـ قال فلان، وقال فلان، الآن هذه الأشياء التي نقرأ فيها لو تنظرون في أقوال المفسرين التي يُعنى بها من يشقق الأقوال كتفسير زاد المسير مثلًا، وأمثال هذا الكتاب من الكتب التي تُعنى بتكثير الأقوال ربما يتحير القارئ ما هو القول؟، فالتفسير يحتاج إلى ذوق، ويحتاج إلى نفَس، ويحتاج إلى روية وتأنٍّ، ينظر فيها الإنسان لهذه الأقاويل، ويلائم بينها، وينظر المفترق والمتفق، ويحاول أن ينزل الآية على المعاني الصحيحة.

يقول: المزمل هو المزمل في ثيابه، هذا تفسير، الحاصل أنه قيل: إن النبي ﷺ كان يفعل ذلك في أول الوحي - في ابتداء الوحي - بسبب الفرَق والخوف حينما كان يأتيه الملك، وذُكرت أقوالٌ أخرى نشير إليها فقط من أجل لفت النظر للفرق.

بعضهم يقول: يا أيها المزمل بالنبوة، وبعضهم يقول: يا أيها المزمل بالقرآن، يا أيها المزمل بالوحي، وهذه الأقوال كقول بعضهم: يا أيها المزمل بالرسالة، هذه أقوال لا يدلّ عليها ظاهر الكلام، والقرآن يجب حمله على ظاهره المتبادر دون معنى خفي بعيد إلا لدليل يجب الرجوع إليه، وما الذي ألجأ هؤلاء إلى مثل هذا التكلف في الأقوال؟

الذي ألجأهم هو: العجمة تارة، وتارة ما يتوهمونه من النقص في المعاني السابقة، "تدثر"، والله يقول له: قُمِ اللَّيْلَ فيقولون: النبي ﷺ ليس بحاجة إلى هذا، إذاً ما هو المزمل؟ قالوا: المزمل بالرسالة، المزمل بالنبوة، ما كان نائماً - عليه الصلاة والسلام -، قلنا: لا نقص في تلك المعاني، النبي ﷺ بُعث حديثًا، والله يوجهه إلى أمر يعينه على تحمل أعباء الرسالة إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [سورة المزمل:5] فلا غرابة في هذا، ولا إشكال، فأحيانًا يذهب وهم المفسر إلى معنى يرى أنه غير لائق بالنبي ﷺ فيتكلف بحمل الآية على غير ما تحتمله.

"قال ابن عباس، والضحاك، والسدي: "يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ [سورة المزمل:1] يعني يا أيها النائم"، وقال قتادة: "المزمل في ثيابه"، وقوله تعالى: نِصْفَهُ [سورة المزمل:3] بدل من الليل، أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ۝ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ [سورة المزمل:3-4] أي أمرناك أن تقوم نصف الليل بزيادة قليلة، أو نقصان قليل، لا حرج عليك في ذلك".

فالله يقول: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا [سورة المزمل:2] ثم قال: نِصْفَهُ الأصل أن الضمير يرجع إلى أقرب مذكور، هذه القاعدة "نصفه" الهاء هنا هي الضمير هل يرجع إلى الليل بمعنى قم الليل ثم قال: نصفه، فيكون بدلاً من الليل مثل ما تقول: أكلتُ الرغيف نصفه، يكون بدلاً من الرغيف، يعني كأنك تقول: أكلتُ نصف الرغيف، كما تقول: اشتريت المتاع، وبعد ذلك قلت: أجودَه؛ يعني ما اشتريت الأشياء الأخرى، فيكون هذا بدلاً، فالآن قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ۝ نِصْفَهُ الأصل أن الضمير يرجع إلى أقرب مذكور وهو "قليلًا"، ولهذا قال بعض أهل العلم: إن قوله: "نصفه" عائد إلى "قليلًا"، فهو بيان لهذا القليل المستثنى، كأنه يقول: قم الليل إلا نصفه أو أكثر من النصف، يعني ربما يصل إلى الثلثين، يصير كم قام إذا ترك الثلثين؟ قام الثلث، أو زد عليه قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ۝ نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا إذا نقص من النصف صار كم قام؟ قام الثلثين أَوْ زِدْ عَلَيْهِ على النصف، فيكون قد ترك أكثر الليل، ترك لربما الثلثين لم يقمهم، هذا قاله بعض أهل العلم بناء على هذه القاعدة المعروفة وهي أن الضمير يرجع إلى أقرب مذكور، عرفنا لماذا قالوا هذا الكلام، هذا القول مرجوح.

ونحن في هذه الدروس لا نُعنى بذكر الخلاف، وإنما أقصد التمرين، وتربية الملكة، ومن أجل أن يتسع الصدر، فقالوا هذا الكلام بناء على هذه النظرة.

الضمير يرجع إلى أقرب مذكور، والآخرون - وهو القول المشهور والذي نظن أنه هو الراجح - قالوا: إن المعنى قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ۝ نِصْفَهُ الضمير عائد إلى الليل، وقاعدة الضمير يرجع إلى أقرب مذكور؟ قالوا: هنا عندنا مستثنى، ومستثنى منه.

قوله: إِلَّا قَلِيلًا من هنا قال بعض أهل العلم: إن قوله: نِصْفَهُ يرجع إلى قَلِيلًا يعني قم الليل إلا نصفه، أو زد عليه على النصف، يعني في المتروك ما تقومه، أو انقص منه قليلًا، أو زد عليه، فالحديث كله عن النصف الذي لا يقام بناءً على هذا الأصل أن الضمير يرجع إلى أقرب مذكور، والقول الآخر الذي نظن أنه أرجح هو أن قوله: نِصْفَهُ عائد إلى الليل، كيف تعدينا "قليلًا" وخالفنا القاعدة؟ نقول أمامنا هنا شيئان: عندنا مستثنى ومستثنى منه، المستثنى "قليلًا"، والمستثنى منه "الليل"، والأصل هو المستثنى منه، فهو المحدَّث عنه، تقول مثلًا: اشتريت المتاع إلا مكيِّفًا فاستحسنتُه، يعني استحسنت المتاع، فالمستثنى منه هو الأصل، وهو المحدث عنه؛ ولهذا الضمير يرجع إليه، "نصفه" يرجع إلى المستثنى منه الذي هو "الليل"، يتغير المعنى أو ما يتغير؟ يكون المعنى هكذا، وهو اختيار ابن كثير كما رأيتم.

عبارة ابن كثير يقول: نصفه بدل من الليل قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ۝ نِصْفَهُ كأنه قال: قم نصف الليل أو انقص من النصف قليلًا، إذا نقص من النصف قليلًا لربما يصل إلى الثلث، يعني كأنه قال: قم نصف الليل، أو ثلث الليل، أو زد عليه أي على النصف، يعني كأنه قال: قم نصف الليل، أو أدنى؛ كثلث الليل، أو أكثر كثلثي الليل، يقول له: قم النصف، أو دونه، أو أكثر منه، هذا هو المعنى - والله تعالى أعلم -.

وهنا يرد سؤال هل هناك فرق من جهة النتيجة؟ على هذا المعنى قم نصف الليل، أو أقل، أو أكثر، وعلى المعنى الثاني قم الليل إلا نصفه، أو أقل، أو أكثر، من حيث النتيجة النهائية هل هناك فرق؟ لا، النتيجة النهائية يكون المؤدَّى فيها واحداً، بمعنى أنه يقوم النصف، أو أكثر، أو أقل على كلا المعنيين.

وهناك سؤال آخر: ألم يقل الله : قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ۝ نِصْفَهُ هل النصف يعتبر قليلًا؟ أليس القليل يقابله الكثير، والنبي ﷺ قال: الثلث، والثلث كثير[3]، فالنصف يعدل الطرف الآخر من غير زيادة، ولا نقصان، هذا الأصل، فكيف يكون قليلاً مقابل النصف الآخر؟، بعض أهل العلم نظروا فيه إلى جانب معنوي قالوا: إن النصف المعمور بالعبادة لا يقاس بالنصف المهجور، فهذا النصف الذي قامه يعتبر عظيماً كثيرًا، والنصف الذي ترك القيام فيه يعتبر ضئيلاً، فالأوقات العامرة بطاعة الله تعتبر عظيمة، ومفخمة، وكبيرة، هذا جواب ذكره بعض أهل العلم، قالوا: لا يقاس النصف المعمور بالنصف المتروك أو المهجور، فقالوا: هذا معنى القلة، والكثرة، فالبركات والأجور التي تحصل لمن عمر وقته بطاعة الله ، أو ساعة من زمانه؛ تجعل هذه الأوقات لا تقاس بغيرها، صلى ساعة، ونام ساعة، فالساعة هذه التي أقامها أعظم، هذا جواب.

الجواب الثاني: أجاب بعضهم بجواب ليس بالقوي وهو: أن نصفه لا يقابل النصف الآخر، فيكون مساويًا بطبيعة الحال، وإنما يكون بمقابل المجموع، هو يقول: قُمِ اللَّيْلَ ذكر الليل كاملًا إِلَّا قَلِيلًا ۝ نِصْفَهُ أي قم نصف الليل، أو زد عليه إلى الثلثين، وأكثر، أو انقص منه قليلًا، فهذا بمقابل المجموع، ذكر الليل، وذكر أكثر من النصف قالوا: يكون ذلك قليلاً بالنظر إلى مجموع الليل مع الثلثين، وهذا جواب ليس فيه قوة، فيه ضعف، وتكلف، فالله يخيره يقول له: قم نصف الليل أو أكثر من النصف أو أقل، هذا هو المعنى، وبعض أهل العلم يقول: المراد قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ۝ نِصْفَهُ يعني أو نصفه، يقولون: إن "نصفه" لا ترجع إلى الليل أو إلى القليل، وإنما ذلك على سبيل التخيير فكأن هنا "أو" حذفت، تقول مثلًا: احضر الفجر الظهر العصر العشاء، يعني أو الظهر، أو العصر، أو العشاء، فيكون المعنى على هذا القول قم الليل إلا قليلًا أو نصفه، وعلى هذا ما في إشكال، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا يعني قم أكثر الليل، أو نصفه، أو انقص منه قليلًا، أو زد عليه، فأنت مخير بين هذه الأمور، وهذا خلاف الظاهر، إذاً المعنى المستقر عندنا الآن أنت مخير بين قيام أكثر الليل، أو النصف، أو أقل من النصف، هذا المعنى، والعلم عند الله .

"وقوله تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [سورة المزمل:4] أي اقرأه على تمهل، فإنه يكون عونًا على الفهم".

وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا اقرأه على تمهل، وتؤدة؛ حرفًا حرفًا، بإبانة الحروف، ومراعاة الوقوف، وهذا هو الترتيل دون أن يكون هذّاً، فيكون همّ الإنسان ختم السورة؛ ولهذا قال النبي ﷺ: لا يفقه القرآن من قرأه بأقل من ثلاث[4] لا يفقه؛ لأنه يهذُّه هذّاً بهذه الطريقة، فهنا قال الله : وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا  قالها هنا في سياق أمره بقيام الليل، فيكون الأمر بالترتيل أعلق بالموضوع الذي سيقت من أجله وهو قضية قيام الليل وصلاة الليل، وعلى هذا فهو أمر بصلاة الليل مع ترتيل القراءة فيها، ويؤخذ من عموم اللفظ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا أن الترتيل مطلوب على كل الأحوال في التلاوة في الصلاة، وخارج الصلاة، وفي قراءة صلاة الليل، وفي غير صلاة الليل، تقرأ قراءة مترسلة مع إبانة الحروف، ومراعاة الوقوف؛ كما كان النبي ﷺ يقرأ حرفًا حرفًا، وقد ثبت عن أربعة أنهم ختموا القرآن في ركعة في ليلة: عثمان ، وسعيد بن جبير، وتميم الداري، وأبو حنيفة، ويوجد غير هؤلاء في أعصار أخرى، لكن هؤلاء الذين اشتهر، ونقل ذلك عنهم، ومثل هذا لا يحتج به، كان أمرًا عارضًا.

وأصل الترتيل هو التنضيد، وتحسين الكلام.

"وكذلك كان يقرأ - صلوات الله وسلامه عليه - قالت عائشة - ا -: "كان يقرأ السورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها"[5]".

تطول بسبب هذا الترتيل، قراءة الجزء عند البعض كم تستغرق؟ لربما تصل إلى ربع الساعة هذّاً، فالحاصل أن بعضهم لربما ختم القرآن في قعدة واحدة، يراجع فيختم في مجلس واحد، لا يقوم حتى يختم، هذا موجود عند المهرة في الحفظ، فالحاصل أنه إذا رتل فإن ذلك يطول، ومراتب القراءة معروفة من حدر، وترتيل وما إلى ذلك، حيث إنه كلما كانت عنايته أكثر كلما تطلب ذلك مزيدًا من الوقت.

"وفي صحيح البخاري عن أنس أنه سئل عن قراءة رسول الله ﷺ فقال: كانت مدًا، ثم قرأ "بسم الله الرحمن الرحيم" يمد بسم الله، ويمد الرحمن، ويمد الرحيم[6]، وقال ابن جريج عن ابن أبي مُليكة عن أم سلمة - ا - أنها سئلت عن قراءة رسول الله ﷺ فقالت: "كان يقطِّع قراءته آية آية بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ۝ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ۝ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ [سورة الفاتحة:1-4]"[7] رواه أحمد وأبو داود والترمذي.

وقد قدمنا في أول التفسير الأحاديث الدالة على استحباب الترتيل، وتحسين الصوت بالقراءة كما جاء في الحديث: زينوا القرآن بأصواتكم[8]، وليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن[9]، ولقد أوتي هذا مزماراً من مزامير آل داود يعني أبا موسى، فقال أبو موسى: "لو كنت أعلم أنك كنت تسمع قراءتي لحبّرته لك تحبيرًا"[10]، وعن ابن مسعود أنه قال: "لا تنثروه نثر الرمل، ولا تهذوه هذّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب؛ ولا يكن هم أحدكم آخر السورة"[11] رواه البغوي، وروى البخاري عن أبي وائل قال: جاء رجل إلى ابن مسعود فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة فقال: هذّاً كهذّ الشعر، لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله ﷺ يقرن بينهن، فذكر عشرين سورة من المفصل سورتين في كل ركعة"[12]

عظمة القرآن:

وقوله تعالى: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [سورة المزمل:5] قال الحسن، وقتادة: "أي العمل به"، وقيل: "ثقيلًا وقت نزوله"".

الآن يقول: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا قال الحسن، وقتادة: "أي العمل به"، هذا القول الثقيل على هذا المعنى - يعني العمل به - أي أنه يتضمن التكاليف الشاقة، والأعباء الجسام التي تتطلب منك مزيدًا من الجهد لأجل البلاغ، والعمل بما فيه، والتحمل، والصبر على ما يعتورك من آفات في هذا الطريق، وعوارض تدعو الإنسان عادة إلى الإخلاد، وترك التشمير؛ فينقطع، فإن نظرت إلى ما سيواجهه من الطعون، والتهم، والأذى؛ فإن ذلك يحتاج إلى صبر، وإذا نظرت إلى ما فيه من التكاليف الشاقة فكذلك تحتاج إلى صبر من أجل الامتثال، وكذلك هو ثقيل في وقت نزوله على النبي ﷺ حيث كان يتفصد جبينه ﷺ عرقًا في الليلة الشاتية في اليوم الشاتي لثقله في وقت النزول، وكان ﷺ كما في الأحاديث الواردة التي تصف نزول الوحي عليه كان يتربد لذلك وجهه، ولربما كان على الراحلة فبركت حتى تضع جِرانها على الأرض من شدّة الثقل، ولمّا نزل عليه ﷺ وركبته على فخذ زيدٍ يقول زيد: كادت فخذي أن تُرَضَّ، فهو قول ثقيل في وقت النزول يجد النبي ﷺ مشقة كما في حديث الحارث بن هشام لما سأل النبي ﷺ عن الوحي كيف يأتيه، وهو قول ثقيل من حيث إن له تبعات، ويتضمن تكاليف، ومَن جاء به سيلقى أذى من الناس فيحتاج إلى مزيد من الصبر، هذا هو المعنى الذي دلت عليه هذه الآية، وأقاويل السلف تدور في الغالب حول هذه المعاني التي ذكرتها، فأجملتها، ولخصتها فيما سمعتم، ولا منافاة، إلا أن بعضهم قال: إن القول الثقيل بمعنى الكريم، تقول: فلان ثقلان عليّ، ثقلان على نفسي أي كريم، لكن هذا ليس بالظاهر المتبادر، والقرآن لا يجوز حمله على غير ظاهره المتبادر إلا لدليل يجب الرجوع إليه، فهذا فيه تكلف، ثقيل بمعنى كريم هذا فيه إشكال.

وبعضهم يقول: ثقيل على ظاهره، لكنه ثقيل على المنافقين، والكافرين؛ لما فيه من تبكيتهم، وفضحهم، وبيان دخائل نفوسهم، وتهديدهم، ووعيدهم، فهو يتضمن هذه الأمور فهو ثقيل عليهم، وهذا لا ينافي القول أو الأقاويل التي ذكرها أكثر السلف، فهو ثقيل بهذا الاعتبار على المنافقين، والكافرين، وكذلك أيضًا بعضهم يقول: سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ثقيل بمعنى رزين، تقول: فلان ثقيل بمعنى رزين ليس فيه خفة، من الرزانة، وهذا فيه بُعد، والعلم عند الله ، وبعضهم يقول غير هذا.

إذاً ثقيل هنا يقول: أي العمل به، وقيل: ثقيل وقت نزوله من عظمته، هل بين القولين منافاة؟

الجواب: لا يحتاج ترجيحاً، هما قولان مختلفان، هل هذا اختلاف تنوع أو اختلاف تضاد؟ اختلاف تنوع إذا نظرنا إلى ما يئول إليه، وهو يمكن فيه أن نجمع الأقوال، لكنه في حقيقته اختلاف تضاد؛ فإن تفسيره بأنه ثقيل وقت النزول غير تفسيره بأنه ثقيل لما فيه من التكاليف الشاقة، أو أنه ثقيل بالنظر إلى المنافقين، والكافرين، فهذا من الخلاف الحقيقي، اختلاف التضاد الذي يمكن أن نجمع الأقوال فيه دون أن نحتاج إلى الترجيح.

"قال زيد بن ثابت : "أُنزل على رسول الله ﷺ وفخذه على فخذي فكادت تَرُضُّ فخذي"، وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو قال: سألت النبي ﷺ فقلتُ: يا رسول الله هل تُحِس بالوحي؟ فقال رسول الله ﷺ: أسمع صلاصل، ثم أسكت عند ذلك، فما من مرة يوحى إليّ إلا ظننت أن نفسي تقبض[13] تفرد به أحمد.

يعني هو صوت مثل صوت السلسلة، أو صوت متدارَك لا يتبينه، يعني هذا في أول الأمر، ثم بعد ذلك قال: ثم يفصم عني فأعي ما قال، أو كما قال - عليه الصلاة والسلام -.

وهذا لا شك أنه داخل في معنى قوله: "ثقيلًا" أي وقت نزوله على النبي ﷺ.

"وفي أول صحيح البخاري عن عائشة - ا - أن الحارث بن هشام سأل رسول الله ﷺ: كيف يأتيك الوحي؟ فقال: أحيانًا يأتيني في مثل صلصلة الجرس - وهو أشده عليّ -، فيَفصِم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلًا فيكلمني؛ فأعي ما يقول[14]".

هذا سهل ما يشق على النبي ﷺ إذا جاءه بصورة رجل، لكن حينما يأتيه بمثل هذه الصورة فيسمع صلصلة، ولربما الناس حوله، وهذا يجمع فيه بين الروايات؛ فيسمع الناس حوله دويًّا كدوي النحل.

"قالت عائشة: "ولقد رأيته ينزل عليه الوحي ﷺ في اليوم الشديد البرد؛ فيَفصِم عنه وإنّ جبينه ليتفصد عرقًا"[15] هذا لفظه، وروى الإمام أحمد عن عائشة - ا - قالت: "إنْ كان ليوحى إلى رسول الله ﷺ وهو على راحلته فتضرب بجِرانها"[16] والجِران هو باطن العنق، واختار ابن جريج أنه ثقيل من الوجهين معًا، كما قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: "كما ثقل في الدنيا ثقل يوم القيامة في الموازين".

قولاً ثقيلاً يعني يثقل، كما أنه لم ينكر أنه ثقيل في الدنيا بهذا الاعتبار، كما أنه كذلك أيضًا ثقيل في الميزان، من قرأ حرفاً لا أقول: ألف لام ميم حرف، ويقال لصاحب القرآن يوم القيامة: اقرأ وارقَ فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها[17]، وكذلك قوله ﷺ: الماهر بالقرآن مع السفرة[18]، وفي زيادة صحيحة ثابتة: "الماهر بالقرآن وهو يحفظه - أو وهو حافظ له - مع السفرة الكرام البررة".

  1. رواه البخاري، كتاب الشهادات، باب إذا ادعى أو قذف فله أن يلتمس البينة، وينطلق لطلب البينة، برقم (2671).
  2. رواه البخاري، كتاب التهجد، باب: قيام النبي ﷺ الليل حتى ترِم قدماه، برقم (1130)، ومسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة، برقم (2820).
  3. رواه البخاري، كتاب الوصايا، باب الوصية بالثلث، برقم (2744)، ومسلم، كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث، برقم (1628).
  4. رواه أبو داود بلفظ: لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث، كتاب الصلاة، باب في كم يقرأ القرآن ؟، برقم (1390)، والترمذي، كتاب القراءات عن رسول الله ﷺ، برقم (2949)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في كم يُستحب يُختم القرآن، برقم (1347)، قال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (5/138)، برقم (1260): "إسناده صحيح على شرط الشيخين".
  5. رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز النافلة قائماً وقاعداً وفعل بعض الركعة قائماً وبعضها قاعداً برقم (733).
  6. رواه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب مد القراءة، برقم (5046).
  7. رواه أبو داود، أول كتاب الحروف والقراءات، برقم (4001)، وأحمد في المسند، برقم (26583)، وقال محققوه: "صحيح لغيره، وهذا سند رجاله ثقات رجال الشيخين"، والحاكم في المستدرك، برقم (2910)، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وله شاهد بإسناد صحيح على شرطهما عن أبي هريرة"، والدارقطني في سننه، برقم (37)، وقال: "إسناده صحيح وكلهم ثقات"، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (5000).
  8. رواه أبو داود، كتاب سجود القرآن، باب استحباب الترتيل في القراءة، برقم (1468)، والنسائي، كتاب صفة الصلاة، باب تزيين القرآن بالصوت، برقم (1015)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في حسن الصوت بالقرآن، برقم (1342)، وأحمد في المسند، برقم (18494)، وقال محققوه: "إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن عوسجة، فقد روى له البخاري في "الأدب" وروى له أصحاب السنن، وهو ثقة، الأعمش: هو سليمان بن مهران، وطلحة: هو ابن مصرف"، وصححه الألباني في الجامع الصحيح، برقم (3580)
  9. رواه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله - تعالى -: وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ۝ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [سورة الملك:13-14]، برقم (7527).
  10. رواه البيهقي في السنن الكبرى، برقم (4484)، واللفظ له، ورواه البخاري عن أبي موسى الأشعري أن النبي ﷺ قال له: يا أبا موسى لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود كتاب فضائل القرآن، باب حسن الصوت بالقراءة للقرآن، برقم (5048)، ومسلم بلفظ: لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن، برقم (793).
  11. رواه البيهقي في شعب الإيمان، برقم (1884).
  12. رواه البخاري، كتاب الأذان، باب الجمع بين السورتين في الركعة، برقم (775)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب ترتيل القراءة واجتناب الهذِّ - وهو الإفراط في السرعة - وإباحة سورتين فأكثر في ركعة، برقم (822).
  13. رواه أحمد في المسند، برقم (7071)، وقال محققوه: "إسناده ضعيف"، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع، برقم (857).
  14. رواه مسلم، كتاب الفضائل، باب عرق النبي ﷺ في البرد وحين يأتيه الوحي، برقم (2333).
  15. رواه النسائي، كتاب صفة الصلاة، باب جامع ما جاء في القرآن، برقم (934)، والإمام أحمد في المسند، برقم (26198)، وقال محققوه: "إسناده صحيح على شرط الشيخين"، وهو في صحيح الجامع، برقم (214).
  16. رواه أحمد في المسند، برقم (24868)، وقال محققوه: "حديث صحيح وهذا سند حسن".
  17. رواه الترمذي، كتاب فضائل القرآن عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء فيمن قرأ حرفا من القرآن ما له من الأجر، برقم (2914)، وأحمد في المسند، برقم (6799)، وقال محققوه: "صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم وهو ابن أبي النجود، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين، عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو الثوري، وزِرّ: هو ابن حبيش"، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (8122).
  18. رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل الماهر بالقرآن والذي يتتعتع فيه، برقم (798).