الإثنين 08 / ربيع الأوّل / 1447 - 01 / سبتمبر 2025
أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال الله تعالى:أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ۝ ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى وهذا تهديد ووعيد أكيد منه تعالى للكافر به المتبختر في مشيته، أي: يحق لك أن تمشي هكذا وقد كفرت بخالقك وبارئك، كما يقال في مثل هذا على سبيل التهكم والتهديد كقوله تعالى:ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ[سورة الدخان:49].

هذه الكلمةأَوْلَى لَكَ فَأَوْلَىتدل على التخويف والتهديد، قد تقال لمن أشرف على الهلكة؛ من أجل أن يحترز، وتقال لمن وقع في الهلكة فيزجر عن الوقوع، أو يؤنب على وقوعه فيها، فيقال له:أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى،تقال لهذا، وتقال لهذا، وهي تدل على التخويف والوعيد والتهديد، وغالباً ما تذكر مكررةأَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ۝ ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى.

وهي تدل على حثٍّ، أو تُشعر أو تحث على التأمل والنظر والتفكر في العاقبة وما يصير إليه الإنسانأَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى، قف وتفكر وتأمل ولا تكن مسترسلاً مع غيك وغفلتك وإعراضك، ولهذا قال بعده:أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى، هلا تفكر ونظر ويله!.

وكقوله تعالى:كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ[سورة المرسلات:46]، وكقوله تعالى: فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ[سورة الزمر:15]، وكقوله :اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ[سورة فصلت:40]، إلى غير ذلك.

الأقاويل فيها غير هذا كثير، يعني بعضهم يقول:أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى، أولى لك يعني العذاب والنكال والعاقبة السيئة، وبعضهم يقول:أَوْلَى لَكَبمعنى وَلِيَكَ، يعني: ولِيَكَ ما تكره، وهذا -والله أعلم-فيه بُعد، أو ولِيَك الويل، أو أولاك الله ما تخافه وما تكرهه وتخشاه وما أشبه ذلك على أن اللام زائدة –أي في "أولى لك"-، وبعض الألفاظ إذا سمعها الإنسان لأول وهلة فهم المراد بها، وإذا أراد أن يفكك هذه اللفظة صارت مشكلة، وهذا له نظائر كثيرة في القرآن، والمقصود بهذه الكلمةأَوْلَى لَكَ فَأَوْلَىأن العرب تستعمل ذلك في الوعيد والتخويف والتهديد، فيفهم ذلك العربي بمجرد الخطاب به، فإذا أردت أن تشق الشعرة والشعيرة ففي هذه المقامات يشكل عليك كثير من الألفاظ.

وروى أبو عبد الرحمن النسائي عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس -ا-:أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ۝ ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى؟ قال: قاله رسول الله ﷺ لأبي جهل ثم أنزله الله .

روى ابن أبي حاتم عن قتادة قوله:أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ۝ ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى وعيد على أثر وعيد كما تسمعون، وزعموا أن عدو الله أبا جهل أخذ نبيُّ الله بمجامع ثيابه، ثم قال: أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ۝ ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى، فقال عدو الله أبو جهل: أتُوعِدُني يا محمد؟

يمكن أن تكون أتَوَعَّدُني من الوعيد بمعنى الوعد بالمكروه.

فقال عدو الله أبو جهل: أتُوعِدني يا محمد؟ والله لا تستطيع أنت ولا ربك شيئاً، وإني لأعز من مشى بين جبليها.