السبت 13 / ربيع الأوّل / 1447 - 06 / سبتمبر 2025
أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِىٍّ يُمْنَىٰ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

لا يترك الإنسان هملاً:

وقوله تعالى:أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى قال السدي: يعني: لا يبعث.

وقال مجاهد، والشافعي، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: يعني لا يُؤمر ولا يُنهى.

والظاهر أن الآية تعم الحاليْن، أي: ليس يترك في هذه الدنيا مهملا لا يُؤمر ولا يُنهى، ولا يترك في قبره سدى لا يبعث، بل هو مأمور منهي في الدنيا، محشور إلى الله في الدار الآخرة.

الله يقول:أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى،أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ[سورة المؤمنون:115]، وكذلك ما ذكر الله قبل ذلك، أو ما ذكر بعده من أنه خلقه من نطفة ثم من علقة، ثم جعله في هذه الأطوار حتى صار إلى هذا الخلق المركب السوي، المركب هذا التركيب العجيب فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ[سورة التين:4]، فهذا يدل على أنه لا يمكن أن يكون الإنسان قد خلق عبثاً من غير حكمة أرادها الله ، وهي أن يُؤمر ويُنهى ويُبتلى كما سيأتي إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ۝ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا[سورة الإنسان:2-3]، ثم يبعث إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا[سورة الإنسان:4]، فيجازى على عمله الصالح أو عمله السيئ، فالإنسان لا يترك سدى أي مهملاً في الدنيا من غير خطاب، من غير أمر ونهي وتكليف، كما أنه أيضاً لا يكون أمره في الآخرة كذلك سدى؛ لأنه لابد أن يكون إلى دار النعيم أو إلى دار الجحيم، والله أعلم.

والمقصود هنا إثبات المعاد، والرد على من أنكره من أهل الزيغ والجهل والعناد؛ ولهذا قال مستدلا على الإعادة بالبداءة فقال:أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَىأي: أما كان الإنسان نطفة ضعيفة من ماء مهين، يمنى: يراق من الأصلاب في الأرحام؟.

النطفة هي الماء القليل الذي يكون في الوعاء، ويمنى أي يراق، ولذلك قيل في سبب تسمية "مِنى" لماذا سميت بذلك؟ أحد الأقاويل في وجه تسميتها: إن ذلك لما يُمنى فهيا من الدماء، أي يراق فيها من الدماء –الهدي-، فهو كان من هذه النطفة يعني الماء القليل، يقولون: نطَفَت القربةُ، هذا ينطِف ماءً، فيخرج منه هذا الماء القليل، ويراق في الأرحام، أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى أي: يراق.