وقوله تعالى:وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْقال العوفي عن ابن عباس: جمعت، وقال ابن زيد: وهذه كقوله تعالى:يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ[سورة المائدة:109]، وقال مجاهد:أُقِّتَت أجلت.
وقال الثوري عن منصور عن إبراهيم:أُقِّتَتأُوعِدت، وكأنه يجعلها كقوله:وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ[سورة الزمر:69].
الآن:وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْالهمزة هنا بمعنى الواو، أي: وُقتت، والواو إذا كانت مضمومة ضمة أصلية جاز قلبها إلى الهمزة، فتقول: أقتت ووقتت، ومعنى أقتت: اللهجعل لها ميقاتاً يحصل به الفصل بينها وبين أعدائها، أعداء الرسل-عليهم الصلاة والسلام-، وذلك في يوم الفصل، فهذا أشهر ما فسر به هذا، وهو الأقرب إلى السياق والظاهر، والله تعالى أعلم،وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ، قيل فيه: جُمعت، وقيل فيه وُعدت، لكن تفسيره بوعدت، أي: جُعل لها ميعاد وميقات محدد يفصل به بينها وبين أعدائها أنْ ناصَبُوهم العداوة وحاربوهم،قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ[سورة سبأ:30]، فهذا الميعاد هو يوم القيامة، فيجعل ذلك ميقاتاً يفصل الله بينهم وبين خصومهم، وبعضهم يقول: أرسلت لأوقات معلومة، يعني: في الدنيا، لكن الله يتحدث عن أهوال القيامة، فكيف يقال: أرسلوا لأوقات معلومة؟، فالأظهر -والله أعلم- أن المراد أقتت يعني: جُعل لها ميقات في الفصل بينها وبين أقوامها، ويكونون شهداء على الناس في ذلك اليوم، وكأنه لما فسر قول الثوري عن منصور عن إبراهيم: أقتت أوعدت، كأنه يجعلها من قوله تعالى:وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ[سورة الزمر:69]، فابن كثير -رحمه الله- ربط بين هذا وبين قول إبراهيم: أقتت أي: أوعدت، يعني: أوعدت بأن يجعل الله لها ميقاتاً يفصل به بينها وبين خصومها، كما في هذه الآية أخبرنا الله أن ذلك سيقع:وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم، فهذا وعد من الله بأن ذلك كائن.