وقوله تعالى:إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ[سورة المرسلات:22] يعنى: إلى مدة معينة من ستة أشهر أو تسعة أشهر.
يعني مدة الحمل ستة أشهر إلى تسعة أشهر إلى أكثر من هذا، قد يكون الحمل سنتين أو خمس سنوات، وقد يطول ويقصر ببطء النمو، ربيعة حملت به أمه سنتين، وآخر حملت به أمه خمس سنوات، فالحاصل أنه قد يصل الحمل إلى خمس سنوات، وربما أكثر من هذا، ليس معنى هذا أنه يخرج ابن خمس ويمشي ويتحرك بصورة كأنه ابن خمس سنين، فهو صغير مولود، لكن كان النمو بطيئاً، وقد يحصل له شيء من التعثر والتوقف فترة، يسمونه العوام: "العوار"، ثم بعد ذلك يستأنف؛ لذلك ما يفعلونه في المستشفيات إذا جاء الشهر التاسع يجعلون الطلق الصناعي أو العملية هذا كله خطأ، ولا يقرون عليه أصلاً، وإلا خلها تجلس، تجلس تسعة شهور، تجلس تسعة سنين، وما الذي يضر في ذلك؟
ولهذا قال تعالى:فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ[سورة المرسلات:23-24].
الآن فَقَدَرْنَاوفي القراءة الأخرى المتواترة: (فقدَّرنا)، وكثير من أهل العلم يفسر ذلك بمعنى واحد، فيقول: المقصود به التقدير، "قدَرنا" تفسرها القراءة الأخرى "قدّرنا"، فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَأي: فنعم المقدرون، قدَرنا، قدَّرنا مدة الحمل، وقدَّرنا خلقه، وقدَّرنا ولادته، وقدَّرنا ما يتعلق به من طول وقصر وشكل وحسن وبهاء وصحة ومرض، وإيمان وكفر، والشقاوة والسعادة، والرزق والأجل، كل ذلك قدره الله :إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ[سورة القمر:49] على أحد التفسيرات.
وبعض أهل العلم يفرق في المعنى: قدَّرنا من التقدير، وقَدَرنا أي: ملكنا، قدَرنا بمعنى ملكنا، والملْك هو التصرف في الشيء، الله يتصرف في هذا الخلق وينقله من طور إلى طور، ويجعل له أمداً محدوداً.