الجمعة 23 / ذو الحجة / 1446 - 20 / يونيو 2025
فَٱلْمُلْقِيَٰتِ ذِكْرًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله تعالى:فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا ۝ فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا ۝ عُذْرًا أَوْ نُذْرًا[سورة المرسلات:4-6] يعني:الملائكة، قاله ابن مسعود، وابن عباس، ومسروق، ومجاهد، وقتادة، والربيع بن أنس، والسّدي، وال ثوري، ولا خلاف هاهنا فإنها تنزل بأمر الله على الرسل، تفرق بين الحق والباطل، والهدى والغيّ، والحلال والحرام، وتلقي إلى الرسل وحياً فيه إعذار إلى الخلق، وإنذارٌ لهم عقابَ الله إن خالفوا أمره.

العاصفات هي الرياح، ونقل عليه بعض أهل العلم الإجماع، ولكن يوجد من خالف فيه، لكن إطلاق الإجماع باعتبار قول الأغلب أسلوب معروف عند بعض المتقدمين، هذه هي العاصفات.

ثم الناشرات، قال: وكذا الناشرات هي الرياح التي تنشر السحاب في آفاق السماء، هذا هو المشهور، قال: كما يشاء الرب ، هذا هو المشهور أن الناشرات هي السحاب، ولكن من أهل العلم من يقول غير ذلك، بعضهم يقول: الناشرات هي المطر، ينشر النبات، وبعضهم يقول: إن الناشرات هم الملائكة، الملائكة تنشر أجنحتها في حال صعودها وهبوطها تطير بأجنحتها، تكون ناشرة لأجنحتها، وينزلون بالوحي أو غير ذلك، فهذا معنى، المعنى الذي قبله أن المراد بها الأمطار؛ لأنها تنشر النبات، وبعضهم يقول: الناشرات ما ينشر من الصحف والأعمال، وذلك في يوم القيامة، وهذا بعيد، وبعضهم يفسر ذلك ببعث الأبدان والأرواح، ينشر الناس، يوم النشور ويوم النشر يعني البعث تنشر فيه الأرواح والأبدان، وابن جرير على طريقته في الآية السابقة كما قال في المرسلات بأن الله لم يخصص شيئاً من هذه المعاني، كذا قال في الناشرات، قال: الله أقسم بالناشرات، وما خص معنى دون معنى، فيدخل في ذلك الرياح، ويدخل في ذلك المطر إذ إنه ينشر النبات، ويدخل فيه الملائكة فهي تنشر أجنحتها، وما إلى ذلك من المعاني التي ذكرها السلف.

إذا أردنا أن نرجح فالأقرب أن الناشرات هي الرياح تنشر السحاب الذي يحمل المطر.

وحمله على العموم أيضاً لا شك أنه غير مستبعد، والله تعالى أعلم.

وقوله تعالى:فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا ۝ فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا ۝ عُذْرًا أَوْ نُذْرًا يعني: الملائكة.

 

الفارقات يعني الملائكة، وبعضهم يقول: جبريل ﷺ، وهذا داخل في الأول، فتخصيص جبريل ﷺ ليس عليه دليل، وإنما نظروا إلى كونه يأتي بالرسالات للأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، فالفارقات هم الملائكة، وبعض أهل العلم يقول: هي الرسالات أو القرآن باعتبار أنها تكون سبباً للفرق بين الناس، انفراق الناس إلى طائفتين.

وابن جرير على طريقته فيما سبق قال:فَالْفَارِقَاتِيعم ذلك جميعاً، فيدخل فيه ما ذكر من الملائكة والرسالات، وما إلى ذلك مما تحتمله الآية.

فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا ۝ فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًاالملقيات ذكراً هنا هم الملائكة، وبعض أهل العلم ينقل على ذلك الإجماع، الملائكة الذين هم الرسل بين الله وخلقه، يلقون الوحي ورسالات الله على الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام.

قال: والحلال والحرام، وتلقي إلى الرسل وحياً فيه إعذار إلى الخلق، وإنذارٌ لهم عقابَ الله إن خالفوا أمره، ... إلى غير ذلك.

الفارقات يمكن أن تفسر بالرسل -عليهم الصلاة والسلام- وبالرسالات، وبعضهم يقول: هي الرياح الفارقات تفرق السحاب، فعلى هذا القول يكون كل ما سبق في الرياح، المرسلات والعاصفات والناشرات والفارقات، هذه الأوصاف الأربعة، لكن لا يمكن أن يفسر ما بعده بالرياح،فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا[سورة المرسلات:5] هم الملائكة قطعاً، ومن قال: إن الثلاثة الأُوَل في الرياح قال: الرابع والخامس في الملائكة، وهذا القول مشهور جداً، أن المرسلات والعاصفات والناشرات هي الرياح، وأن الفارقات والملقيات هم الملائكة، هذا هو المشهور عند السلف ، ولا يخفى وجهه، ومن أهل العلم من يقول غير هذا كالذين يقولون: كل ذلك في الملائكة، المرسلات هم الملائكة، والعاصفات هم الملائكة يعصفون بسرعة حركتهم وانتقالهم، أو يعصفون بأرواح الكفار أو غير ذلك مما ذكر، أو لأنهم موكلون بالرياح يعصفون بها، والناشرات هم الملائكة أيضاً، والفارقات، فيكون كل هذا في الملائكة، وابن جرير يعمم.

فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا ۝ عُذْرًا أَوْ نُذْرًا"عذراً أو نذراً" منصوب فيمكن أن يكون على أنه مفعول لأجله، بمعنى: لأجل الإعذار والإنذار، أو يكون منصوباً بالمصدر،فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا ۝ عُذْرًا أَوْ نُذْرًا، بمعنى: أنه مفعول به، ويمكن أن يكون بدلاً، أي ما هو هذا الذكر الذي تلقيه هؤلاء الملائكة؟فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا هذا الذكر هو إما إعذار وإما أن يكون إنذاراً.

ويمكن أن يكون بمعنى مُعذِرين ومنذِرين، فالمقصود أن الله أخبر عن هؤلاء الملائكة أنهم يلقون الذكر المشتمل على الإعذار والإنذار، مشتمل على هذا وهذا.