الآن ظاهر كلام ابن كثير أن الآخرة هي يوم القيامة، واليوم الآخر، والأولى هي الدنيا، وهذا في الواقع معنًى ذكره جماعة من السلف، النكال: مصدر، ويمكن أن يكون نعتاً لمصدر محذوف، يعني: أخذه أخْذَ نكال.
ونكال الآخرة هو عذاب النار، قال سبحانه: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر:46]، فهذا نكال الآخرة، ونكال الدنيا الغرق، وهذا قال به جمع من السلف، وهو الذي مشى عليه ابن كثير، وقال به قتادة، والحسن.
وبعضهم يقول: نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى ليس الآخرة يوم القيامة، وإنما في أول حياته، وآخرها، نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى عذاب أول عمره، وآخر عمره، وهذا قاله مجاهد، لكن الذي قبله هو المتبادر، - والله تعالى أعلم -.
وبعضهم يقول: المراد بالآخرة والأولى من الكلمتين، فالآخرة حينما قال لهم: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى، والأولى: مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي، هذا يقوله ابن جرير - رحمه الله - وروي ذلك عن ابن عباس، ومجاهد، والشعبي، والضحاك.
وبعضهم يقول: الآخرة: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى، والأولى: هي تكذيبه لموسى ﷺ، يعني: أن الله نكّل به لسوء صنيعه، وقبح مقاله أولاً وآخراً.
والمعنى الذي ذكره ابن كثير - رحمه الله - هو الأقرب وهو المتبادر، وهو الذي سبقه إليه ابن عباس، وطائفة من التابعين كما سمعتم.