يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ، هؤلاء الذين يسألون على نوعين، النوع الأول: من يسأل استبعاداً، واستهزاءً، وتكذيباً، وكفراً، هذا كان سؤال الكفار، يقولون: متى هي؟ متى تقوم الساعة؟ ويستعجلونه بها - عليه الصلاة والسلام -، يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا [الشورى: 18]، فهذا نوع من سؤال السائلين، والنوع الثاني: هو سؤال أهل الإيمان، متى الساعة؟ من أجل أن نستعد، وأن نعمل لها، فالأول مذموم، والثاني غير مذموم، إلا أن جوابه غير معلوم لدى من يوجَّه إليه السؤال، وفي حديث جبريل: متى الساعة؟ لو كان السؤال مذموماً لما وجهه للنبي ﷺ، قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل[1].
يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا [النازعات: 42]، يعني: منتهى قيام الساعة، مثل رسو السفينة، لمّا ينتهي سيرها، وإبحارها ترسو على الشاطئ، أو في الميناء، فهذا منتهى إبحارها، أو سيرها، أَيَّانَ مُرْسَاهَا يعني: منتهى قيام الساعة، كرسو السفينة، كما يقوله الفرَّاء.
فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا [النازعات: 43]، ابن جرير – رحمه الله – يقول: وكان النبي ﷺ يكثر ذكر الساعة حتى نزلت الآية، وبعضهم يقول: يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا، أيّ شيء أعلمك بوقت وقوعها؟ كأنه يقول: ما شأنك وهذا؟ هذا السؤال لا يوجه إليك، ليس علمها إليك، وإنما إلى الله .
- أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي ﷺ عن الإيمان، والإسلام، والإحسان، وعلم الساعة (1/19)، رقم: (50).