الثلاثاء 08 / ذو القعدة / 1446 - 06 / مايو 2025
لِكُلِّ ٱمْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وقوله تعالى: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ أي: هو في شُغُل شاغل عن غيره.

روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: تحشرون حفاة عراة مشاة غُرلاً قال: فقالت زوجته: يا رسول الله، ننظر، أوْ يرى بعضنا عورة بعض؟ قال: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ أو قال: ما أشغله عن النظر[1].

وعن ابن عباس عن النبي ﷺ قال: تُحشَرون حُفاة عُرَاة غُرْلا، فقالت امرأة: أيبصر - أو: يرى - بعضنا عورة بعض؟ قال: يا فلانة، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [2] ثم قال الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح."

لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ هذا يبين لك لماذا يشتغل كل أحد بنفسه، ويفر من أقرب الناس إليه، قال: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ.

فقوله: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ، كما يقول ابن قتيبة: يصرفه عن قرابته، له شأن، التنكير في "الشأن" هنا يدل على التهويل، والتعظيم، شأن كبير يُغْنِيهِ يصرفه عن قرابته، وعن الاشتغال بهم، أو الوقوف معهم، أو مجرد الاستماع إليهم، والعرب تقول: أغنِ عني وجهَك، يعني: اصرفه عني، فيكون هذا من معناه، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ يصرفه عن غيره، ويغنيه أيضاً، يعني فيه ما يكفيه، نزل به ما يكفيه مما لا يحتمل معه بلاءً من غيره، أن يدفع عن أحد، أو يسمع من أحد، أو يعطي أحداً شيئاً من حسناته، لكن إذا بدأ الحساب، والمقاصّة بين الخلق، وبدأت خزائن أعماله - لاسيما إذا كانت قليلة - تستخرج الحسنات، وينتثلها من وقعت عليهم مظالمه، فعند ذلك يرى الحسرات بعينه، يقتص الناس منه، يأخذون من الحسنات، فإذا فنيت حسناته ألقوا عليه من سيئاتهم، هذا الذي ما يقف مع أبيه، ولا أمه، ولا أولاده من أجل أن يعطيهم حسنة واحدة، يجد هذه الحسنات تؤخذ من بين يديه وهو يشاهد بسبب مظالم ظلمها هؤلاء في الدنيا، إما في عرضهم - تكلم فيهم -، أو كان ذلك في أموالهم، أو غير ذلك. 

  1. تفسير ابن أبي حاتم (10/ 3400)، برقم (19129)، تحقيق: أسعد محمد الطيب، مكتبة نزار مصطفى الباز - المملكة العربية السعودية، ط3، سنة النشر:1419هـ.
  2. رواه البخاري، كتاب الرقائق، باب كيف الحشر، برقم (6527)، والترمذي، كتاب تفسير القرآن عن رسول الله ﷺ، باب ومن سورة عبس، برقم (3332).