"وقوله: أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ [سورة عبس:42] أي: الكفرة قلوبهم، الفجرة في أعمالهم، كما قال تعالى: وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِراً كَفَّاراً [سورة نوح:27].
آخر تفسير سورة "عبس" ولله الحمد والمنة."
يعني هذه وجوه الكفار، مع أن بعض السلف قالوا في قوله تعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ قالوا: وجوه أهل البدع تسوّد، وقال الله تعالى: أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ وهناك قال: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ [سورة آل عمران:106]، فدل على أن المراد بذلك الكفار، لكن يكون للإنسان من التغير بحسب حاله من الإيما،ن والفجور، والطاعة، والمعصية، يكون له من الإشراق، ووضاءة الوجه بحسب ما معه من الإيمان والعمل الصالح، فالناس يتفاوتون في هذا كله، كما ترى هذا التفاوت بينهم في الدنيا في أعمالهم، وكما قال ابن القيم - رحمه الله -: يكون سيرهم على الصراط في الآخرة كسيرهم على الصراط في الدنيا، وقالوا أيضاً: للعبد موقفان بين يدي الله ، الأول في الصلاة، والثاني للحساب، فمن حسن موقفه في الصلاة حسن موقفه عند الحساب، والله يقول: إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [سورة التحريم:7]، فهذه أعمالهم، إنما هي أعمالكم أحصيها، ثم أوفيكم إياها[1].
- رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2577).