الثلاثاء 25 / جمادى الآخرة / 1447 - 16 / ديسمبر 2025
أَرَءَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰٓ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

ثم قال تعالى: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ۝ عَبْدًا إِذَا صَلَّى نزلت في أبي جهل - لعنه الله - تَوَعَّدَ النَّبِيَّ ﷺ عَلَى الصَّلَاةِ عِنْدَ البيت، فوعظه تَعَالَى بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أَوَّلًا، فَقَالَ:أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَىأَيْ: فَمَا ظَنُّكَ إِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي تَنْهَاهُ عَلَى الطَّرِيقِ المستقيمة في فعله، أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى بقوله، وَأَنْتَ تَزْجُرُهُ وَتَتَوَعَّدُهُ عَلَى صِلَاتِهِ، وَلِهَذَا قَالَ: أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىأَيْ: أَمَا عَلِمَ هَذَا النَّاهِي لِهَذَا الْمُهْتَدِي أَنَّ اللَّهَ يَرَاهُ وَيَسْمَعُ كَلَامَهُ، وَسَيُجَازِيهِ عَلَى فِعْلِهِ أَتَمَّ الْجَزَاءِ؟.

يعني الكلام الآن صرفه على هذا التصريف، فأوله:أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ۝ عَبْدًا إِذَا صَلَّى هذه نزلت في أبي جهل وهذا أيضًا يصدق على كل من كان بهذه الصفة، إذ إن الناس على مراتب، فمنهم من يكون على الإيمان والعمل الصالح، ويأمر بذلك، يعني يدعو إليه، فهذه أعلى المراتب، وينهى عما يخالفه.

يليه في المرتبة من كان على الإيمان، ولكنه لا يدعو إليه، ولا ينهى عن خلافه، لا ينهى عن المنكر، لا ينهى عن الشرك والكفر، لا يدعو إلى الإيمان والمعروف.

ثم بعد ذلك تأتي المرتبة الثالثة وهي: من كان على المنكر والضلال، لكنه لا يدعو إلى ضلاله وباطله، ولا ينهى من كان على الهدى.

تأتي مرتبة بعدها وهي شر المراتب: أن يكون الإنسان على ضلالة، ثم هو يدعو إليها، وينهى من كان مهتديًا، عن الهدى، فهذا يكون بمنزلة الشياطين، بل هو شيطان، هذا فعل الشياطين، والشياطين يكونون من الإنس والجن، كما هو معروف، فكل ضال يدعو إلى الضلالة، أو ينهى عن المعروف والفضيلة، وينفر الناس منها فهو شيطان، فهنا: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ۝ عَبْدًا إِذَا صَلَّى الذي ينهى هو أبو جهل، ينهى النبي ﷺ: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى هنا هذا في النبي ﷺ، يعني هذا الذي تنهاه:أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى ۝ أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى فهو يدعو إلى خشية الله وطاعته، ولم يصدر منه ما يوجب نهيه.

ثم يقول: أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىهذا في الذي ينهى، فصار الكلام بينهما في صفة المنهي وهو النبي  ﷺ، ثم رجع إلى صفة ذاك الذي ينهى.