الجمعة 19 / رمضان / 1445 - 29 / مارس 2024
حديث "يا رسول الله أني لأحب هذا.."
تاريخ النشر: ٠٥ / رجب / ١٤٢٨
التحميل: 1291
مرات الإستماع: 2708

يا رسول الله إني لأحب هذا

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهذا هو الحديث الأخير في باب فضل الحب في الله والحث عليه وإعلام الرجل من يحبه أنه يحبه وماذا يقول له إذا أعلمه، وهو:

حديث أنس أن رجلاً كان عند النبي ﷺ فمر رجل به فقال: يا رسول الله، إني لأحب هذا، فقال له النبي ﷺ: أأعلمتَه؟ قال: لا، قال: أعلِمْه، فلحقه فقال: إني أحبك في الله، فقال: أحبك الله الذي أحببتني له[1]، رواه أبو داود بإسناد صحيح.

الحديث الذي قبله وهو قول النبي ﷺ: إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه[2]، هذا أمر، وهنا أيضاً لما أخبر هذا الرجل النبي ﷺ أنه يحب هذا قال له: أأعلمته؟ قال: لا، قال: أعلِمْه، والأصل أن الأمر للوجوب، فهل هذا محمول على الوجوب أن الإنسان إذا أحب أحداً في الله يجب عليه أن يعلمه؟، أو أن هذا الأمر للندب؟، الأقرب -والله أعلم- أن هذا الأمر للندب، وعلة ذلك كما ذكرت من قبل هو أن يوجد التآلف بين المسلمين، والمحبة، وتقارب القلوب وما أشبه، فهذا مطلوب شرعاً، ويمكن أن يكون ذلك للوجوب، أأعلمته؟ لو كان بينه وبينه شحناء أو خصومة فيكون ذلك من أسباب زوالها ودفعها، ومعلوم أن الشحناء التي تكون بين المسلمين من غير موجب شرعي أن ذلك أمر لا يرضاه الله ، وإذا رفعت أعمال هؤلاء يقال: انظرا هذين حتى يصطلحا[3].

فالمؤمن يعمل ويجهد على أن يكون قلبه نقيًّا سليماً من كل غش وحسد وبغضاء وشحناء على إخوانه المسلمين، ويحمل نحوهم المشاعر الطيبة، ويعالج ذلك بألوان العلاجات التي وصفها الشارع، وهكذا كل سبب يتوصل فيه إلى هذا المطلوب دون أن يكون ذلك متضمناً لمحظور شرعي فإنه يكون مطلوباً.

فهنا النبي ﷺ قال: أعلمْه، فلحقه فقال: إني أحبك في الله، فقال الرجل: أحبك الله الذي أحببتني له.

وهناك فائدة وهي أن من قيل له ذلك: أُحبك في الله، يقول: أحبك الله الذي أحببتني له.

ولعل هذا يكفي، وإن شاء الله تعالى في المرة القادمة نقرأ لكم بعض الآثار الواردة عن السلف في هذا المعنى، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

  1. أخرجه أبو داود، باب إخبار الرجل الرجل بمحبته إياه، (7/ 445)، رقم: (5124)، وحسنه الألباني في المشكاة، رقم: (15).
  2. أخرجه أبو داود، باب إخبار الرجل الرجل بمحبته إياه، (4/ 332)، رقم: (2139)، رقم: (418)، وصححه الألباني في السلسلة.
  3. أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن الشحناء والتهاجر (4/ 1987)، (2565).

مواد ذات صلة