الإثنين 21 / جمادى الآخرة / 1446 - 23 / ديسمبر 2024
حديث «يا ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير لك..»
تاريخ النشر: ٠٨ / ذو القعدة / ١٤٢٩
التحميل: 1144
مرات الإستماع: 2409

واليد العليا خير من اليد السفلى

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

ففي باب "الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير" أورد المصنف -رحمه الله -:

حديث أبي أُمامة صدي بن عجلان  قال: قال رسول الله ﷺ: يا ابن آدم إنك أنْ تبذلَ الفضل خير لك، وأنْ تمسكَه شر لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى[1]، رواه مسلم.

قوله ﷺ: يا ابن آدم إنك أنْ تبذلَ الفضل خير لك، المقصود بالفضل يعني ما زاد على الحاجة، ما زاد عن حاجته في نفقته على نفسه وعلى أهله وعياله، إنك أنْ تبذلَ الفضل خير لك، وأنْ تمسكَه، وضبطه بعضهم: وإِن تمسكْه، بكسر الهمزة، شر لك، يعني: أنك ستحاسب عليه، وليس المقصود أن الإنسان إذا أبقى عنده ما يزيد على قدر حاجته أنه يأثم، ليس هذا هو المقصود؛ فإن ذلك لا يحرم، والمال طالما أن الإنسان يخرج زكاته فليس بكنز، ولكن الإنسان يُحاسب على ما عنده من المال، ولهذا قال ﷺ: وأنْ تمسكَه شر لك، يعني: مقارنة بإنفاقه، قال: ولا تلام على كفاف، يعني: لا تلام حينما تُبقي عندك ما تقوم به حاجتك، لا تلام على كفاف بمعنى أن الإنسان إذا أبقى عنده ما يقيمه ويقيم أهل بيته فإنه لا يلحقه لوم، ويمكن أن يكون المراد لا تلام على كفاف، يعني: حينما تُنفق ما زاد وتُبقي أو تقتصر على ما تدعو إليه حاجتك فإنك لا تلام في هذه الحالة، لكن إن أبقيت على أكثر من هذا فإنك تُحاسب عليه، لا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول، يعني: حينما قال النبي ﷺ: يا ابن آدم إنك أنْ تبذلَ الفضل خير لك، وجّهه طيب حينما ينفق الإنسان هذا المال ولا يمسك يبدأ بمن يعول، بمعنى أنه ينفق ذلك ابتداء بمن تحت يده؛ لأن ذلك من النفقات الواجبة فيبدأ الإنسان بالواجب ولا يبحث عن البعيد، والنفقة المستحبة ويضيّع من تحت يده، ونحن عرفنا من خلال الأبواب السابقة والأحاديث التي تضمنتها أن الإنسان يؤجر على نفقته على نفسه وعلى أهله وعياله، فالمقصود أن هذه الجملة تبين لنا وجه الإنفاق، وبمن يبدأ الإنسان، وأنه يقدم من يجب عليه نفقته وابدأ بمن تعول، ثم قال: واليد العليا خير من اليد السفلى، وهذه الجملة مضت وسبق الكلام عليها، وقلنا: إن اليد العليا على قول عامة أهل العلم اليد المعطية، اليد المنفقة خير من اليد السفلى، وهي اليد الآخذة، ولا شك أن من كان محسناً إلى غيره أنه أفضل ممن كان مفتقراً إلى الناس ويأخذ أموالهم ويفتقر إليهم.

فأسأل الله أن ينفعني وإياكم بما سمعنا، ويجعلنا وإياكم هداة مهتدين.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

  1. رواه مسلم، كتاب الزكاة، باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى، وأن اليد العليا هي المنفقة وأن السفلى هي الآخذة، برقم (1036).

مواد ذات صلة