الإثنين 21 / جمادى الآخرة / 1446 - 23 / ديسمبر 2024
‏(06) قول الماتن " والآية التي لها سبب معين إن كانت أمراً أو نهياً فهي متناولة لذلك ‏الشخص ولغيره ... "‏
تاريخ النشر: ٢٠ / شوّال / ١٤٣٤
التحميل: 6572
مرات الإستماع: 5072

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فنواصل الحديث عن قاعدة العبرة بعموم اللفظ والمعنى، لا بخصوص السبب، هذه القاعدة مشهورة، وما دلت عليه القاعدة هو قول الجماهير من العلماء -رحمهم الله-، وهم على هذا، أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

العام الوارد على السبب له ثلاث أحوال:

  • الحالة الأولى: أن يقترن بما يدل على العموم، فيعم إجماعاً -حتى الذين يقولون: إن العبرة بخصوص السبب- ويمثلون لهذا بأمثلة، يعني هذا الرجل الذي نال من امرأة فنزلت فيه الآية: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [سورة هود:114]، في بعض روايات الحديث في بعض ألفاظها أنه سأل هو ألِي هذا خاصة؟ فالنبي ﷺ أجابه بأن هذا لأمته عامة، فهذا عام، كذلك في بعض رواياته أن بعض الصحابة سأل هل هذا له خاصة أو للأمة عامة؟ فأجابه النبي ﷺ أن هذا عامٌ لأمته.

مثلاً: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ [سورة المائدة:38]، هنا هذه نزلت بسببٍ معين، لكن انظر إلى ما في ألفاظ هذه الآية، هنا التعليل جَزَاءً بِمَا كَسَبَا فهذا جزاء السرقة، نَكَالًا مِنَ اللَّهِ، فقطع اليد هنا ذُكرت علته أنه جزاء هذه الجناية السرقة، إذاً هذا معلل، فكل ما يصدق عليه ذلك فلا فرق بين زيد وعمرو.

  • الحالة الثانية: أن يقترن بما يدل على التخصيص، في قوله -تبارك وتعالى- مثلاً: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [سورة الأحزاب:50] فهذا خاص بالإجماع.
  • الحالة الثالثة: هو مالم يقترن بما يدل على التعميم ولا الخصوص، فهذا فيه الكلام، الكلام ليس في النوعين الأوليْن، فالذي وُجِد فيه قرينة تدل على العموم هذا لا إشكال، والذي وجد فيه ما يدل على التخصيص لا إشكال، والكلام فيما لم يرد فيه لا هذا ولا هذا، هذا الذي يقال فيه: العبرة بعموم اللفظ، بهذا التفصيل، بعد هذا أقول: ما الذي يدل على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب هو المختار؟ عندنا أدلة من النقل وأدلة من النظر، يعني أدلة معقولة وأدلة منقولة، فمما يدل على هذا ما رواه البخاري -هذا دليل من النقل (وهو حديث ابن مسعود) فيما ذكرته آنفاً في الرجل الذي أصاب من امرأةٍ قبلة، فأتى النبي ﷺ، -طبعا في بعضها أنه أصاب قبلة[1]، وفي بعضها أكثر من هذا-، فأتى النبيَّ ﷺ فأخبره، فأنزل الله اللفظ صريح: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [سورة هود:114]،  فقال الرجل: يا رسول الله، ألي هذا؟ قال: لجميع أمتي كلِّهم[2] فهذا دليل على أن العبرة بعموم اللفظ.

دليل آخر وهو ما أخرجه البخاري عن علي قال: "إن رسول الله ﷺ طرقه وفاطمةَ -ا- فقال لهم: ألا تصلون؟، -يعني كانا نائمين-، فقال علي: فقلت: يا رسول الله، إن أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف رسول الله ﷺ حينما قال له ذلك، ولم يرجع له بشيء -يعني ما رد عليه-، قال: فسمعته وهو مدبرٌ يضرب فخذه ويقول: وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا [سورة الكهف:54][3]. هذه الآية نزلت في المشركين في مجادلتهم في الوحي، والوحدانية، والبعث، والنشور، ومع ذلك النبي ﷺ أوردها في هذا المقام في قول علي: "إن أنفسنا بيد الله"، فقال: وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا فدل على أن العموم في الألفاظ معتبر، وإن كانت الآية نازلة في أمر آخر، لكن هذا مما يصدق عليه هذا العموم وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا يجادل، كثير الجدل، هذان دليلان من المنقول.

هناك أيضا عمل الصحابة فإنهم أجروا هذه النصوص وهذه الآيات والأحاديث التي وردت على سببٍ خاص، أجروها مجرى العموم، فقطعوا يد كلِّ سارق، ورجموا الزاني المحصن، وجلدوا غير المحصن، وأجروا الأحكام المتنوعة التي نزلت على أسباب معينة، أجروها على كل من وقع له ذلك في مسائل الظهار، وقضايا التحريم -تحريم الزوجة أو الأمة- إلى غير هذا من الصور والأمثلة المتنوعة، فهذا عمل الصحابة .

عندنا دليل من النظر وذلك أن يقال: إن عموم الشريعة يدل على هذا، الشريعة عامة لا تختص بزيد أو عمرو نزلت فيه الآية، هذا لا يختص به، فالشريعة عامة، كل من فعل هذا، كل من وقع له ذلك فالحكم يصدق عليه، عموم الشريعة للمكلفين.

الأمر الثاني: لو قيل بتخصيصها بالمعينين أو بصورة السبب المعين لضاع كثير من الأحكام.

أمر ثالث: وهو أن الأصل في العام أنه باقٍ على عمومه حتى يرِد ما يخصصه، فنجري ذلك مجرى العموم.

أمر رابع: وهو أنه لا يُترك التعبير بالأخص إلى الأعم إلا لموجب، يعني لماذا لم يعبر بعبارة تدل على الخصوص؟ لماذا عبر بالأعم؟ ليشمل ذلك من وقع له ويشمل غيره، هذه أدلة متنوعة على أن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب.

قال -رحمه الله-: والآية التي لها سبب معين، إن كانت أمراً أو نهياً فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته، وإن كانت خبراً بمدح أو ذم فهي متناولة لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته، ومعرفة سبب النزول تعين على فهم الآية.

يمكن أن نجعل هنا عنواناً: (أهمية معرفة سبب النزول).

قال: ومعرفة سبب النزول تعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبَّب، ولهذا كان أصح قولي الفقهاء أنه إذا لم يُعرف ما نواه الحالف رُجع إلى سبب يمينه وما هيجها وأثارها.

يعني الآن هو يتحدث عن فائدة معرفة سبب النزول، أو أهمية معرفة سبب النزول، وهذه الأهمية تعرف بمعرفة فوائد الوقوف على أسباب النزول، وهذه الفوائد متنوعة، وشيخ الإسلام -رحمه الله- ذكر نظيراً لهذا في مسألة فقهية، وهي أن الحالف إذا لم يَعرف، قيل له: ماذا تقصد بهذه العبارة المجملة؟ قال: والله أنا ما أدري، ما أستطيع أن أحدد شيئاً، نقول: ما الذي بعثك على هذا؟ يعني لو واحد قال: والله لا أطعم، هذا ظاهره الإضراب عن الطعام والشراب مطلقاً، ما يأكل ولا يشرب، الشرب داخل فيه، بدليل قوله: فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي [سورة البقرة:249]، وهو مشروب، فقال: يطعمه، فدل على أن الشراب مطعوم، لو قال قائل: والله لا أطعم، ثم قال: أنا شربت ماء هل أكون حانثاً؟

أقول: حينما قلت هذا هل تقصد أن الشراب يدخل فيه أو ما تقصد؟

يقول: والله ما أدري، ما ظننت تسألني هذه الأسئلة، نقول له: ما الذي بعثك على هذا؟ ما الذي جعلك تقول هذا الكلام؟

قال: أنا كنت لا أجد رغبة للطعام، وألح عليّ فلان أن آكله فقلت: والله لا أطعم.

 نقول: إذا هو أكل؟

قال: نعم.

نقول: الشرب إذاً ما تحنث، هذا الذي هيجك على هذا القول وحملك عليه هو مسألة معينة في قضية أكل قُدم إليك ورفضت أن تأكل.

لو قال: والله لا أجلس، هل يظل طول عمره واقفاً؟ يقال: أنت حلفت الآن ما تجلس تبقى واقفاً إلى يوم القيامة، نقول ماذا تقصد؟

قال: أقصد أن فلاناً قام لي من مكانه لأجلس فيه، فرفضت وحلفت أن لا أجلس.

نقول: إذاً أنت حلفت أن لا تجلس في مكانه.

قال: نعم، أنا جلست في مكان آخر في المجلس، هل أحنث وأنا قلت: والله لا أجلس، وجلست؟

نقول: لا، ما تحنث؛ لأنه واضح أن السبب أن هذا قام لك فأردت أنك لا تجلس في مكانه، وإن كان ظاهر اللفظ الإطلاق -لا أجلس، فنسأل ما الذي حملك على هذا القول فنعرف.

إذاً معرفة السبب تورث العلم بالمسبَّب، فاستطعنا أن نجيب سؤاله، وأن نُفتي هذا الإنسان بهذا الحكم بعدما عرفنا السبب، فكذلك عندنا أسباب نزول القرآن، وأسباب ورود الحديث.

من أهمية أسباب النزول ما يلي:

  • أولاً: أن نعرف الحكمة الباعثة على تشريع الحكم، لماذا شرع الله هذا الحكم، مثلاً: الصدقة بين يدي النجوى، إذا جاء أحدٌ يناجي النبي ﷺ يتصدق؛ لأنهم أكثروا على النبي ﷺ، أكثروا من مناجاته ﷺ في أمورٍ لا تقتضي الضرورة أن تكون بمناجاة، يمكن أن يَسأل أمام الناس، يتكلم أمام الناس، لا يحتاج إلى نجوى، ولكن هذا الحكم نسخ، فعرفنا الحكمة الباعثة على تشريع هذا الحكم عندما عرفنا سبب النزول.
  • ثانياً: تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب، لابد أن يعرف ما هو السبب.
  • ثالثاً: أنه قد يكون اللفظ عاما -اللفظ الوارد على سبب-، ويقوم الدليل على تخصيصه، يأتي دليلٌ يخرِّج بعض أفراد هذا العام، فهذا سبب النزول أو صورة السبب قطعية الدخول في العام، فلا نخرجها للتخصيص، فهذا مهمٌ جداً بمعرفة سبب النزول، عامٌ تحته أفراد، بعض هذه الأفراد هي سبب النزول، جاء دليلٌ مخصصٌ يخرج بعض الأفراد، نقول له: انتبه، هنا عندنا صورة سبب، هذه لا يُخرج شيء منها، الأفراد التي هي السبب، أو الفرد الذي هو السبب -قد لا يُقصد شخص معين- صورة السبب هذه لا تخرج بهذا التخصيص، فإخراجها من العموم ممتنع، وهي قطعية الدخول في العام؛ لأن الأفراد الداخلة تحت العام على ثلاث مراتب في القوة.

فعموم الأفراد هذه أدنى المراتب؛ لأن دخولها ظني في الأصل، والمرتبة الثانية الوسط التي يسمونها: التخصيص بالمجاورة، بالمناسبات، والثالثة -وهي أقوى الأفراد الداخلة تحت العام-: هي صورة السبب، هذه أقوى ما يدخل من الأفراد تحت العموم.

  • رابعاً: الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال، أحياناً يكون المعنى مبهماً، يعني ما نفهم المراد إلا بمعرفة سبب النزول، كقوله تعالى: وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا [سورة البقرة:189] حينما تسمع هذا إتيان البيوت من ظهورها ما مناسبته؟ وما علاقته؟ ومن الذي يأتي بيته من ظهره يتسور حتى يدخل البيت فيحتاج أن يقال لهم: لا؟ ادخلوا من الباب، فالسبب أن من العرب من كانوا إذا أهلُّوا بالنسك يمتنعون عن دخول البيوت من الأبواب، ويرون أن هذا من محظورات الإحرام، فإذا احتاج إلى الدخول فيكون من ظهر البيت، فيقال لهم: هذا ليس من البر، ولا يُتقرب به، ولا معنى له، ولا قيمة، فالبر هو التقوى، فإذا عُرف هذا انحل الإشكال وفُهم المراد.

فأحياناً قد لا تُفهم الآية إلا بمعرفة سبب النزول، وأحياناً قد يزول الإشكال ويبقى المعنى فيه التباس؛ كقوله عن الصفا والمروة: فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [سورة البقرة:158]، وعروة بن الزبير لمّا سأل عائشة -ا- فَهِم أن القضية محل اختيار، وليست بإيجاب وإلزام، من شاء سعى بين الصفا والمروة، فنفي الحرج لا يدل على الوجوب، عائشة -ا- ذكرت له أن ذلك لو كان هو المراد لقال: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، ويبقى أن عروة بن الزبير هو عربي قح، وفهم هذا الفهم، إذاً هذا الفهم ليس من العجمة، وإنما قد يفهمه العربي، وأن هذه العبارة من حيث هي قد يفهم منها أن السعي بين الصفا والمروة ليس بلازم، ولهذا فهم بعض السلف أن السعي بين الصفا والمروة لا يجب من هذه الآية، وقالوا بهذا القول، يعني هناك من يقول: إن السعي بين الصفا والمروة لا يجب، فهؤلاء ليسوا بأعاجم، لكن إذا عُرِف سبب النزول زال اللبس.

فسبب النزول: حاصل الروايات أن الصفا والمروة كان عليها أصنام، فكانوا يتقربون إلى هذه الأصنام بالطواف بها، والسعي بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام تحرجوا من السعي بين الصفا والمروة خشية أن يكون ذلك من أعمال الجاهلية، فبين لهم أن الصفا والمروة من شعائر الله، وليست من شعائر الجاهلية، وأنَّ مَن حج البيت أو اعتمر فلا حرج عليه -فلا جناح عليه- أن يطوف بهما، يسعى بين الجبلين، هذه من شعائر الله ليست من أعمال الجاهلية.

فإذا عُرف السبب انحل الإشكال، فإن قوله تعالى: فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا لرفع الحرج عمن تحرجوا من السعي بين الصفا والمروة ظناً منهم أنها من أعمال الجاهلية وليست من دين الإسلام في شيء، فقال لهم: لا حرج، هذه من شعائر الله، الحرج مرفوع، لا يكون ذلك تعظيماً لآثار الجاهلية وشعائر أهل الجاهلية.

فهنا يزول الإشكال، وأحياناً لا يكون من قبيل إزالة الإشكال، ولكنه يزيد المعنى وضوحاً، مثل قوله تعالى: وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [سورة النور:33]، المعنى واضح لا تكرهوا فتياتكم على البغاء -الزنا بأجرة- إن أردن تحصنا، لكن قد يقول قائل: لا تكرهوا: لا تسمح لها أصلاً فضلاً عن الإكراه، لكن سبب النزول أن عبد الله بن أبيّ كان عنده جاريتان فأسلمتا فكان يكرههما على البغاء فنزلت الآية تنهى عن هذا، الآن اتضح أكثر، لكن المعنى كان ظاهراً من غير سبب النزول.

وقد يكون المعنى في غاية الوضوح، وسبب النزول لا يزيده وضوحاً، فمثل ما قلنا: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [سورة هود:114] سبب النزول هذا رجل قبّل امرأةً وجاء إلى النبي ﷺ، لم يضف ذلك لنا معنى جديداً، وإنما المعنى ظاهر.

  • خامساً: من فوائد معرفة سبب النزول: دفع توهم الحصر.
  • سادساً: وهي معرفة اسم المبهم، وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ [سورة النساء:100] من يخرج مبهم، من هو؟ هذه المبهمات ألف فيها العلماء مؤلفات، ومن أشهرها كتاب السهيلي، وهناك كتب أخرى إضافات على السهيلي، وإضافات على الإضافات على السهيلي، هذه المبهمات التي لربما يبقى الواحد فيها يبحث عن مبهمٍ مدةٍ طويلة قد تمتد على أربعة عشر عاماً كما جاء في بعض الروايات عن بعض التابعين، يبحث عن هذا الذي خرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله من هو؟

عامة هذه المبهمات لا فائدة فيها، مبهمات في المواقع –الأمكنة-، في أسماء الأشخاص، في أمور أخرى، وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى [سورة القصص:20]، من هو؟ ما اسمه؟ ما الفائدة؟ وهكذا: وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ [سورة هود:44]، فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ [سورة الكهف:16] أين الكهف؟ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ [سورة الكهف:18] ما اسم الكلب؟ ما أسماء أصحاب الكهف؟ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ [سورة الكهف:13] ما ذكر أسماءهم، ما أسماء هؤلاء؟ لا فائدة في ذلك.

فعامة ما يذكر من المبهمات لا فائدة فيه، إنما كان المقصود هو ذكر العظة والعبرة، يعني مثل إنسانٍ تريد أن تعظه في السرعة، مثلاً تقول له: هناك أحد الأشخاص كان يسير بسيارته بسرعة، فحصل له انقلاب، وسقط من سيارته ثم انقلبت عليه، ثم جاءت سيارة أخرى مسرعة خلفه كانت تمشي فصدمته، ثم صدمت سيارته فمات ومات الناس الذين في السيارة الأخرى الخ.. هذا بدلاً من أن يأخذ العبرة والعظة يقول: من هو؟ ومن الذين في السيارة الثانية؟ وكم واحد كان فيها؟ وما نوع السيارة التي صار فيها الانقلاب؟ والسيارة الثانية ما نوعها؟ وما موديلها؟ وما لونها؟ وفي أي طريق؟ وفي أي موضع من الطريق الفلاني؟

هناك ناس فعلاً تقطع الموضوع الذي ذكرتَ لهم العبرة فيه، ثم يبدأ يوجه إليك هذه الأسئلة، تقول له: يا أخي ما هو هذا موضع العبرة! وأحياناً يكون هناك أكثر من واحد يتجادلون هل السيارة كذا أو كذا؟ وهل السيارة الفلانية تنقلب أو ما تنقلب إذا حصل لها مثلاً الشيء الفلاني؟ وتجد جدلاً، وتجلس تتفرج، وتضيع العبرة، وتتعجب كيف ذهبت أذهان هؤلاء الناس عما سُقتَ لهم هذا الخبر من أجله، وصاروا يتجادلون في أمور جانبية، هذا يحصل ورأيته، وتكرر كثيراً، ولا فائدة فيه.

فالمبهمات إما لبيان منقبةٍ أو لدفع تهمة، دفع تهمةٍ مثل من قال الله فيه: وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي [سورة الأحقاف:17] فمروان على المنبر عندما أراد أن يأخذ البيعة ليزيد بعد معاوية ، قال: سُنَّة أبي بكر وعمر على منبر المدينة، فقام إليه عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وقال: تجعلونها في أولادكم سنة هرقل وقيصر، فقال مروان للحرس: خذوه، فدخل في بيت عائشة -ا. فقال مروان: هذا الذي قال الله فيه: وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا فقالت عائشة -ا- من وراء الحجاب: والله ما نزلت فينا، وما نزل فينا من القرآن غير عُذري -يعني براءتها-، ولو شئت أن أسمي من نزلت فيه لسميته[4]، فهنا لدفع تهمة، إذاً معرفة المبهم فيها فائدة دفع التهم، المقصود بهذا أنها لم تنزل في عبد الرحمن بن أبي بكر كما قال مروان على المنبر، فمثل هذا يفيد، لكن الفائدة محدودة قليلة بحالات محصورة، وإلا فالغالب أن هذا من العلم الذي لا ينفع، لكن أولع به طوائف من الناس صاروا يبحثون عن هذه الأشياء ويتتبعونها.

هذه فوائد معرفة سبب النزول.

وقولهم نزلت هذه الآية في كذا...

يصلح أن يكون عنواناً أيضاً في هذه المسألة، (قولهم نزلت هذه الآية في كذا).

 فسبب النزول على نوعين: صريح وغير صريح، غير الصريح أن يقول الراوي: نزلت هذه الآية في كذا، فهذا غالباً يراد به التفسير، لا يقصد سبب النزول، يقول غالباً؛ لأنه لا يلزم بهذا، قد يقصد سبب النزول، وإذا تتبعت الروايات أحياناً تجد في الرواية يصرح بالسبب، وأحياناً يقول: نزلت، وأحياناً تجد في نفس الرواية في سياقها في أولها يقول: نزلت هذه الآية في كذا، ثم تتبّع السياق في آخرها يقول: فأنزل الله.

وقولهم نزلت هذه الآية في كذا يراد به تارة أنه سبب النزول، ويراد به تارة أن هذا داخل في الآية وإن لم يكن السبب، كما تقول: عَنى بهذه الآية كذا.

وقد تنازع العلماء في قول الصاحب: نزلت هذه الآية في كذا، وهل يجري مجرى المسند كما لو ذكر السبب الذي أنزلت لأجله؟

الآن هذا الخلاف الذي يذكره في قولهم: نزلت هذه الآية في كذا، يعني في السبب غير الصريح، أما السبب الصريح فالعبارة هنا هل يجري مجرى المسند كما لو ذكر السبب الذي أنزلت لأجله؟ يعني كما لو ذكر الصريح، الصريح يجري مجرى المسند يعني المرفوع إلى النبي ﷺ، يعني هل سبب النزول له حكم الرفع إلى النبي ﷺ؟ حديث نبوي، بأي اعتبار هو حديث نبوي؟ الصحابي يذكر قضية معينة نزلت هذه الآية في كذا، ويتحدث عن قضية تتصل برسول الله ﷺ نزول الوحي عليه، هذا حديث.

يقول: جاء رجل فسأل النبي ﷺ، حصل كذا فنزل قوله تعالى، نزل على النبي ﷺ فهذا يحكي أحوال النبي ﷺ وما صدر عنه، فله حكم الرفع، وليس من قبيل الموقوف الذي هو كلام الصحابي، هذا الصريح لا إشكال في أن له حكم الرفع.

لكن غير الصريح إذا قال: نزلت هذه الآية في كذا، قلنا: الغالب أن هذا يراد به التفسير، تفسير صحابي أن هذا مما يدخل في الآية، وإذا كان هذا مما يدخل في التفسير هل يلحق بالمسند (أي المرفوع) أو يجعل من الموقوفات من الآثار المروية عن الصحابة؟ الخلاف في هذا.

وقد تنازع العلماء في قول الصاحب: نزلت هذه الآية في كذا، وهل يجري مجرى المسند كما لو ذكر السبب الذي أنزلت لأجله، أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند؟ فالبخاري يدخله في المسند، وغيره لا يدخله في المسند.

وأكثر المسانيد على هذا الاصطلاح، كمسند أحمد وغيره، بخلاف ما إذا ذكر سبباً نزلت عقبه فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند.

وهكذا ما ينقل عادة في مثل هذا المقام عن الحاكم النيسابوري، كل هذا المقصود به غير الصريح، هل يدخل في المسند أو لا يدخل فيه؟ هل له حكم الرفع أو ليس له حكم الرفع؟

عامة أهل العلم لا يجعلون له حكم الرفع، وإنما يكون من قبيل قول الصحابي، وتفسير الصحابي من قبيل الأثر الموقوف على الصحابي، وإن كان ذلك صُدِر من تابعي فهذا يكون من قبيل الآثار المقطوعة من كلام التابعي.

يقول: قال مجاهد: نزلت هذه الآية في كذا، فيكون أثراً من كلام التابعي، بخلاف ما لو أن التابعي مثلاً ذكر سبب نزول، مثل: قال مجاهد: سبب نزول هذه الآية كذا، أو ذكر واقعة ثم قال: فأنزل الله، وما ذكر الواسطة، ما ذكر الصحابي، هذا له حكم الرفع ويكون من قبيل المرسل.

وإذا عرف هذا فقول أحدهم: نزلت في كذا لا ينافي قول الآخر: نزلت في كذا إذا كان اللفظ يتناولهما كما ذكرناه في التفسير بالمثال.

نزلت في كذا، والثاني يقول: نزلت في كذا، يعني كل هذا مما يدخل في معناها، فهم يفسرون فلا تعارض، يعني ليست أسباب نزول متعددة -سيأتي الكلام على أسباب النزول إذا تعددت بعد قليل إن شاء الله-، فما نحتاج أن نقول: والله فلان يقول: نزلت في كذا، وفلان يقول: نزلت في كذا، أو نقول: السبب الأول كذا، والسبب الثاني كذا، لا، هذا تفسير، الآن هو سيذكر إذا تعددت أسباب النزول الصريحة، ما العمل؟ أمّا نزلت في كذا ونزلت في كذا فهذا تفسير، كل هذا مما يدخل في معناها.

وإذا ذكر أحدهم لها سبباً نزلت لأجله، وذكر الآخر سبباً، فقد يمكن صدقهما.

الآن هو يتكلم عن مسألة ثانية غير الأولى، الأولى: غير الصريح -يعني التفسير-، الثانية إذا ذكر سبباً صريحاً، والثاني ذكر سبباً صريحاً فما العمل؟

وإذا ذكر أحدهم لها سبباً نزلت لأجله، وذكر الآخر سبباً فقد يمكن صدقهما بأن تكون نزلت عقب تلك الأسباب، أو تكون نزلت مرتين مرة لهذا السبب ومرة لهذا السبب.

هذه المسألة وهي إذا تعددت الأسباب المروية في النزول فماذا نعمل؟ القاعدة في هذا أنه إذا تعددت الروايات في أسباب النزول نُظر أولاً إلى الصحة والثبوت، فأبقينا الصحيح ونترك الروايات الضعيفة، ثم إلى اللفظ فأبقينا وأثبتنا الصريح، واستبعدنا غير الصريح؛ لأن هذا تفسير.

إذا تعددت المرويات في سبب النزول نُظر إلى الثبوت فاخترنا الصحيح، ثم إلى اللفظ فأبقينا الصريح، ثم إلى الزمان فإن تقارب حملنا ذلك على أنها نازلة بعد الواقعتين أو السببين أو الثلاثة، يعني حصلت في وقت متقارب.

وإن تباعد حُكم بتعدد النزول، أنها نزلت أكثر من مرة، مرة بسبب هذا ومرة بسبب هذا، في هذه الجزئية الأخيرة بعض العلماء يقول: ما نحكم بتعدد النزول، وإنما نقول بالترجيح بأحد طرق الترجيح، وطرق الترجيح كثيرة كأن يكون أحد الرواة حاضراً القصة، كحديث ابن مسعود كنتُ مع النبي ﷺ في حرث من حروث المدينة وهو يتوكأ على عسيب، لما سأله اليهود صف لنا ربك، أو سألوه عن الروح، فالشاهد أنه هنا حاضر القصة، أو تكون مثلاً إحدى الروايات في الصحيح أو في الصحيحين والأخرى في غيره، يعني الأصح يُثبت ويرجح على غيره، لكن ترجيح إحدى الروايات وإهدار الأخرى هذا لا شك أنه يفوت روايات صحيحة، ولهذا كان الجمع أولى من القول بالترجيح؛ لأن الجمع إبقاء لجميع الروايات الصحيحة، فالأقرب أن يقال بتعدد النزول، ولا نلجأ إلى الترجيح إذا كان الزمان متباعداً، وهذا له صور متعددة.

الآن لو أردنا أن نأخذ هذه الخطوات بالأمثلة والتطبيق نطبق على هذا، النظر في الثبوت، ثم العبارة، فإن تقارب الزمان وإلا حمل على تعدد النزول.

خذ مثالاً على ما كانت الرواية فيه صريحة، لكن منها الصحيح ومنها الضعيف، كيف نتعامل معها؟

هذه خمس روايات في سبب نزول سورة الضحى صريحة:

الرواية الأولى: في الصحيحين من حديث جندب بن سفيان قال: "اشتكى رسول الله ﷺ، فلم يقم ليلتين أو ثلاثاً فجاءت امرأة فقالت: يا محمد، إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قَرَبك منذ ليلتين أو ثلاثة، فأنزل الله: وَالضُّحَى ۝ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى [سورة الضحى:1-2]"[5]، هذه الرواية صحيحة وصريحة، ذكر واقعة وعقّبها بقوله: فأنزل الله، فهذا صريح في سبب النزول؛ فهذه الرواية نبقيها.

الرواية الثانية: عند الطبراني وابن أبي شيبة عن حفص بن ميسرة عن أمه عن أمها (وكانت خادمَ رسول الله ﷺ): أن جَرْواً دخل البيت (الجرو هو الكلب الصغير) دخل تحت السرير (سرير النبيﷺ) ومات هذا الجرو، فمكث رسول الله ﷺ أياماً لا ينزل عليه الوحي فقال: يا خولة، ما حدث في بيت رسول الله؟ جبريل لا يأتيني، فهل حدث في بيت رسول الله حدث؟، فقلت: والله ما أتى علينا يوم خير من يومنا، فأخذ برده فلبسه وخرج، فقلتُ: لو هيأتِ البيت وكنستِه (تُكلم نفسَها)، فأهويتُ بالمكنسة تحت السرير فإذا شيء ثقيل فلم أزل حتى أخرجته، فإذا بجرو ميت، فأخذته بيدي فألقيته خلف الدار، فجاء نبي الله ﷺ ترعد لحييه، يعني حالة الوحي، وما كان يعتريه عند ذلك، وكان إذا أتاه أتته الرعدة، فقال: يا خولة دثريني، فأنزل الله: وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى[6].

الآن هذه الرواية صريحة -فأنزل الله-، لكن الرواية ضعيفة لا تصح، فماذا نصنع بهذه الرواية؟ تستبعد. نجد كثيراً في كتب التفسير روايات، هكذا نتعامل معها، وبعد ذلك نستخرج سبب النزول، ونقول: هذا هو الصحيح.

رواية ثالثة: عند ابن جرير عن ابن عباس قال: "لما نزل عليه القرآن أبطأ عنه جبريل أياماً فعُيّر بذلك، فقال المشركون: ودَعَه ربه وقلاه، فأنزل الله: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى [سورة الضحى:3]"[7]، هذه الرواية عند ابن جرير غير صحيحة لا تثبت، أن المشركين عيَّروا النبي ﷺ بذلك، فنزلت الآية، نستبعد هذه الرواية.

إذاً ما هي الرواية الصحيحة في سبب النزول؟ هي واحدة، أن المرأة هي التي قالت له ذلك، وهو مخرج في الصحيحين.

صورة أخرى صحت فيها بعض الروايات دون بعض، والصحيح منه الصريح ومنه غير الصريح، الأول الكل صريح، لكن فيه صحيح وضعيف، هنا صحيح وضعيف، وصريح وغير صريح.

في قوله تعالى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [سورة البقرة:115]، قد يفهم منها أحد أنه يحق للإنسان أن يستقبل أي جهةٍ ويصلي، ويحتج بهذه الآية، وهذا مثال على فوائد معرفة سبب النزول، أيضاً أنها قد تزيل بعض اللبس والإشكال، فعندنا روايات هنا:

الرواية الأولى: عند ابن جرير عن ابن عباس -ا- قال: كان أول ما نسخ من القرآن القبلة، وذلك أن رسول الله ﷺ لما هاجر من المدينة، وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول الله ﷺ بضعة عشر شهراً، فكان النبي ﷺ يحب قِبلة إبراهيم ، وكان يدعو وينظر إلى السماء، فأنزل الله -تبارك وتعالى-: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [سورة البقرة:144]؛ فارتاب من ذلك اليهود وقالوا: مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا فأنزل الله : قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ [سورة البقرة:142]، وقال: فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ، هذه الرواية صريحة، وأيضاً صحيحة، نبقي هذه الرواية.

الرواية الثانية: عند الترمذي وابن ماجه عن عامر بن ربيعة قال: كنا مع النبي ﷺ في سفرٍ في ليلةٍ مظلمةٍ فلم ندرِ أين القبلة، فصلى كل رجل منَّا على حياله، يعني على حسب اجتهاده، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي ﷺ فنزل: فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ [8]، هذا إسناده حسن، وهو صريح، فنبقي هذه الرواية؛ صار عندنا روايتان صريحتان صحيحتان في سبب النزول.

الرواية الثالثة: عند ابن جرير عن قتادة أن النبي ﷺ قال: إن أخاكم النجاشي قد مات فصلوا عليه، فقالوا: نصلي على رجلٍ ليس بمسلم؟ قال فنزلت: وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ [سورة آل عمران:199]، قال قتادة: فقالوا: إنه كان لا يصلي إلى القبلة فأنزل الله: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [9]، صريحة، لكنها ضعيفة، هذا مرسل عن قتادة، ماذا نفعل بهذه الرواية؟ تُستبعد.

الرواية الرابعة: عند ابن جرير عن مجاهد، قال: لما نزلت: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [سورة غافر:60] قالوا: إلى أين؟ فنزلت: فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ[10]، مرسل، وهذه ضعيفة.

الآن هذه الروايات بقي منها اثنتان، الأولى: أن هذا بسبب اعتراض اليهود مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا لمّا نسخت القبلة، والثانية: أنها في الاجتهاد في القبلة في السفر؛ فأخطئوها، فتكون الصلاة صحيحة ولا تعاد، وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ أي الإنسان إذا اجتهد في القبلة من غير تفريط.

 والعلماء يختلفون هل يصح الاجتهاد في البلد أو لا يصح؟ واحد يقول: جئنا شققا مفروشة، سكنا بيتاً جديداً، وتبين لنا أننا نصلي إلى جهة أخرى، طيب هل سألتم؟ يقول: ما سألنا، أو يقول: سألنا العامل الذي في الشقق المفروشة، طيب هل العامل هذا يصلي؟ هل هو مسلم؟ قال: لا، ليس بمسلم، كيف تسأله عن القبلة؟! هذا تفريط. فبعض العلماء يقول: لا يجتهد في البلد مطلقاً، فمن اجتهد في البلد فعليه الإعادة؛ لأن هذا مفرط؛ لأن هذا كان يستطيع أن يسأل، يستطع أن يخرج يرى المحاريب، يرى المساجد، بخلاف من كان في مكانٍ لا يجد فيه طريقة يعرف بها القبلة فاجتهد. وبعض العلماء يقول: يصح الاجتهاد، الإنسان أحياناً يجتهد ويتقي الله ما استطاع، ما يحتاج أن يخرج يرى المحاريب، هو في بيته كان متأكداً تماماً، بيت جديد واستدار رأسه كما يقال، ويدخل مع الباب، متأكد أن الباب من هنا، وتبين له أن تصوره مقلوب، وأن القبلة ليست من هنا وأن المدخل أصلاً لو نظر فإنه لا يعطي هذه النتيجة، ويقع الخطأ من هذا، فبعض العلماء يقول: يصح الاجتهاد في البلد إذا لم يفرط، المهم ليس هذا، المهم عندنا الآن أن الآية نزلت في سببين.

الآن هل الوقت متقارب، فنقول: نزلت بعد الواقعتين؟، أو نقول: الزمان متباعد فنقول: نزلت مرتين، مرة بسبب اعتراض اليهود، ومرة بسبب الاجتهاد في السفر؟

نقول: ما عندنا شيء في هذا، فإن كان الزمان متقارباً فنقول: الآية نزلت بعدهما، حصل من اليهود اعتراض، وحصل من الصحابة اجتهاد فنزلت الآية، وإن كان الزمان متباعداً فنقول: الآية نزلت مرتين، وهل تنزل الآية مرتين؟ الجواب: نعم، كما قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-، تذكيراً بالحكم السابق، وأن الحكم اللاحق أو المسألة اللاحقة بنفس الحكم السابق، ولا إشكال في هذا، والقرآن نزل على سبعة أحرف، كان في مكة ينزل على حرف واحد، فلما هاجر النبي ﷺ نزلت بقية الأحرف الستة، ومنها ما هو في القرآن المكي، معناه أنه نزل مرة أخرى بأحرفٍ أخرى، فلا إشكال في هذا.

صورة ثالثة: ما صحت فيه الروايات وكانت صريحة مع تقارب النزول، الصورة هذه نعرف أن النزول فيها متقارب، التي قبلها لا نعرف هل النزول متقارب أو متباعد فنقول: يحتمل إن كان وإن كان، وهنا نعرف أن النزول متقارب، نعرف هذا بقرينة، نعرف هذا بمعنًى كما في هذا المثال، وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ [سورة النور:6]، آية اللعان، الروايات الواردة فيها عند البخاري حديث سهل بن سعد أن عويمراً أتى عاصم بن عدي، الشاهد أن عويمر العجلاني سأل النبي ﷺ في النهاية -حتى أختصر الرواية- عن هذه القضية: قذْف الرجل امرأته، رجل وجد مع امرأته رجلاً، أيقتله فتقتلونه؟! أم كيف يصنع؟! فقال رسول الله ﷺ: قد أنزل القرآن فيك وفي صاحبتك[11]، فأمرهما رسول الله ﷺ بالملاعنة.

الآن في هذه القصة سبب النزول عويمر العجلاني، عندنا رواية أخرى عند البخاري عن ابن عباس -ا- أن ذلك في هلال بن أمية، قذف امرأته عند النبي ﷺ بشريك بن سحماء، فقال النبي ﷺ: البينة أو حدٌّ في ظهرك، فقال: يا رسول الله، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً ينطلق يلتمس البينة؟ فجعل النبي ﷺ يقول: البينة أو حد في ظهرك إلى أن قال: "فليُنزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد"، فنزل جبريل وأنزل عليه: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ[12]، هنا بصرف النظر عن الكلام في هذه الروايات، هل هذه الآية نزلت في عويمر العجلاني؟ أو أنه وقع وهم لبعض الرواة؟ أو أن ذلك نزل في عويمر ونزل في هلال؟ نحن نفترض هذا، والمقصود المثال

والشأنُ لا يُعترَضُ المثالُ إذ قد كَفى الفرضُ والاحتمالُ

هذا المثال الآن، إذا قلنا: نزلت في هذا، ونزلت في هذا، هل يمكن أن يقول النبي ﷺ للأول لعويمر أن يطالبه بالبينة، أو يكون عليه حد، ثم بعد ذلك تنزل الآية في عويمر، ثم يأتي هلال فيقول له النبي ﷺ: البينة أو حد في ظهرك؟ ما يمكن، كيف يقول له: البينة أو حد في ظهرك والآية نزلت في اللعان وله مخرج؟! فيكون هذا محمولاً على أن الواقعتين حصلتا في وقت متقارب فجاء هذا وجاء هذا فنزلت الآية، لابد أن يقال هذا هذا إذا ما قلنا: إن إحدى الروايات وقع فيها وهم من بعض الرواة، هذا مثال.

مثال آخر: نستطيع أن نحكم من جهة المعنى بأن الوقائع هذه حصلت في وقت متقارب، قصة التحريم: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [سورة التحريم:1]، أكثر الروايات في الصحيحين وغيرهما أنها نزلت في قصة العسل على اختلاف التفاصيل، لكن صح أيضاً أنها نزلت بسبب تحريمه ﷺ الجارية، فهل يمكن أن يقال: إن النبي ﷺ حرم على نفسه مباحاً وهو العسل، فعاتبه الله بقوله: لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ثم يتكرر منه تحريم الحلال مرة أخرى فيحرم الجارية فتنزل ثانية: لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ؟ هذا لا يمكن، فالنبي ﷺ أتقى الأمة لله، وتحريم الحلال لا يجوز، فبعدما نزلت الآية لا يمكن أن يقع ذلك من رسول الله ﷺ، فنقول: إن الواقعتين حصلتا في زمن متقارب فنزلت الآية، مع أن بعض أهل العلم يلجئون إلى الترجيح، لا يقولون بتكرار النزول، فيرجحون قصة تحريم العسل، يقولون: هذه في الصحيحين، وأكثر الروايات في هذا، فيرجحون ذلك.

مثال على صورة أخرى: النزول متباعد والروايات صحيحة وصريحة، في قوله: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [سورة الإسراء:85]، هذه نزلت بسبب سؤال المشركين في مكة، ونزلت بسبب سؤال اليهود في المدينة، هذه في مكة وهذه في المدينة، وسيأتي ذكر الروايات في مكان آخر.

هنا نقول: تكرَّرَ النزول، أن الجواب هو الجواب لا جديد، هو الجواب الأول، فهنا شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: أو تكون نزلت مرتين، مرة لهذا السبب، ومرة لهذا السبب. فشيخ الإسلام يؤيد هذا، ما يلجأ إلى الترجيح؛ لأن هذا طريق للجمع بين الروايات.

خذ مثالاً على ما يقال فيه: إن النزول قد تكرر لأن الزمان تباعد، ما أخرجه الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس، فأعجب ذلك المؤمنين؛ -لأن الروم أهل كتاب، هم أقرب إلينا من المشركين؛ فنفرح لهم على انتصارهم على المشركين، نفرح لانتصار الأقرب ولو كان مشركاً، فكيف بالمسلم ولو اختلفنا معه؟ هذا معيار عند جميع العقلاء فضلاً عن دلالة الشرع عليه، إذا تجردت النفوس من الأهواء، فرحوا بانتصار أهل الكتاب نصارى ينسبون الصاحب والولد لله فكيف بالمسلم؟ فهنا يقول: فأعجب ذلك المؤمنين، فنزلت: غُلِبَتِ الرُّومُ ۝ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ۝ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ  ۝ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ [سورة الروم:2-5]، قال: ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس[13]، هذه عند الترمذي، وهي رواية صحيحة وصريحة؛ لأن هذا كان يوم بدر.

عندنا رواية أخرى عند الترمذي عن ابن عباس قال: (غُلبت وغَلبت) يعني فيها قراءتان الم * غُلِبَتِ الرُّومُ الم * غَلَبَتِ الرُّومُ يعني كأن التي نزلت يوم بدر: الم * غَلَبَتِ الرُّومُ والتي نزلت في مكة قبل الهجرة غُلِبَتِ الرُّومُ كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم -لاحظ الارتباط في الاعتقاد والولاء مع أنهم ما يستفيدون شيئاً من انتصار الفرس- لأنهم وإياهم أهل أوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس؛ لأنهم أهل كتاب، فذكروه لأبي بكر -هذا قبل الهجرة- فذكره أبو بكر لرسول الله ﷺ فقال: أما إنهم سيَغلبون[14] -يعني الروم، فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً -والقصة معروفة في هذا في سياقها-، قال: ثم ظهرت الروم بعدُ، فذلك قوله تعالى: غُلِبَتِ الرُّومُ ۝ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ۝ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ۝ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ [سورة الروم:2-5]، قال سفيان: سمعت أنهم ظهروا عليهم يوم بدر.

لاحظ الم * غُلِبَتِ الرُّومُ هذه نازلة في مكة غَلَبَتِ الرُّومُ هذه نازلة في المدينة، فيقال: النزول تكرر مرتين، الروايتان صحيحتان.

مثال آخر: وهو قوله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ [سورة الإسراء:85] أخرج الشيخان من حديث ابن مسعود قال: "كنت أمشي مع رسول الله ﷺ في حرثٍ في المدينة وهو متكئ على عسيب، فمر بقومٍ من اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسألوه عن الروح، فسألوه، فقام متوكئاً على العسيب وأنا خلفه، فظننت أنه يوحى إليه فقال: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [سورة الإسراء:85] هذا في المدينة[15].

عند الترمذي عن ابن عباس -ا- قال: قالت قريش ليهود: أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح، قال: فسألوه عن الروح فأنزل الله: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ، الرواية أيضا صحيحة.

فهنا يقال: نزلت الآية مرة في مكة لسؤال المشركين، ومرة في المدينة لسؤال اليهود.

قال: وهذان الصنفان اللذان ذكرناهما في تنوع التفسير تارة لتنوع الأسماء والصفات، وتارة لذكر بعض أنواع المسمى وأقسامه كالتمثيلات هما الغالب في تفسير سلف الأمة الذي يُظن أنه مختلف.

 

 

  1. أخرجه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلاة كفارة، برقم (526)، ومسلم، كتاب التوبة، باب قوله تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، برقم (2763).
  2. أخرجه مسلم، كتاب التوبة، باب قوله تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، برقم (2763).
  3. أخرجه البخاري، كتاب التهجد، باب تحريض النبي ﷺ على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب، برقم (1127)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب ما روي فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح، برقم (775).
  4. أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ [سورة الأحقاف:17]، برقم (4827).
  5. أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى [سورة الضحى:3]، برقم (4950)، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب ما لقي النبي ﷺ من أذى المشركين والمنافقين، برقم (1797).
  6. أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، برقم (636)، وقال الألباني: "منكر"، في السلسلة الضعيفة برقم (6136).
  7. جامع البيان في تأويل القرآن، للطبري (24 /486).
  8. أخرجه الترمذي، أبواب الطهارة عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء في الرجل يصلي لغير القبلة في الغيم، برقم (345)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب من يصلي لغير القبلة وهو لا يعلم، برقم (1020)، وحسنه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، برقم (291).
  9. أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (2/ 533)، برقم (1844).
  10. أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (2/ 534)، برقم (1847).
  11. أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ، فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ [النور:6]، برقم (4745)، ومسلم في أول كتاب اللعان، برقم (1492).
  12. أخرجه البخاري، كتاب الشهادات، باب إذا ادعى أو قذف فله أن يلتمس البينة، وينطلق لطلب البينة، برقم (2671).
  13. أخرجه الترمذي، كتاب تفسير القرآن عن رسول الله ﷺ، باب ومن سورة الروم، برقم (3192).
  14. أخرجه الترمذي، كتاب تفسير القرآن عن رسول الله ﷺ، باب ومن سورة الروم، برقم (3193)، والإمام أحمد في المسند، برقم (2495)، وقال محققوه: "إِسناده صحيح على شرط الشيخين، أبو إِسحاق: هو إِبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاري"، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة، برقم (3354).
  15. أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ [الصافات:171]، برقم (7456)، ومسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب سؤال اليهود النبي ﷺ عن الروح وقوله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ الآية، برقم (2794).

مواد ذات صلة