الثلاثاء 04 / ربيع الآخر / 1446 - 08 / أكتوبر 2024
حديث «لا تلبسوا الحرير..» إلى "نهانا النبي ﷺ أن نشرب في آنية الذهب.."
تاريخ النشر: ٢٦ / ربيع الآخر / ١٤٣١
التحميل: 1207
مرات الإستماع: 3933

لا تلبسوا الحرير

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقد ذكر المصنف باباً آخر يتعلق باللباس، وهو باب تحريم لباس الحرير على الرجال، وتحريم جلوسهم عليه، واستنادهم إليه.

تحريم لباس الحرير على الرجال: يعني أن النساء يباح لهن أن يلبسن الحرير، وتحريم جلوسهم عليه، واستنادهم عليه؛ لأن ذلك بحكم اللباس كما سبق، وهكذا اللحاف الذي يلتحف به الإنسان، الفراش لا يكون من حرير بالنسبة للرجال، أما النساء فلا بأس.

وذكر حديث عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله ﷺ: لا تلبسوا الحرير، فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة،[1]متفق عليه.

لا تلبسوا الحرير فهذا نهي، والنهي للتحريم، فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة هذا أشد بل يدل على أنه من الكبائر؛ لأنه رتب عليه هذه العقوبة الخاصة.

من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، من أهل العلم من فهم أن المراد أنه لا يدخل الجنة؛ لأن الله قال: وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ [الحج: 23]، هذا لباس أهل الجنة، فإذا لم يلبس الحرير معناه لم يدخل الجنة، هذا قال به بعض أهل العلم، بل جاء مدرجًا في بعض روايات الحديث عند النسائي مثلاً[2].

ومن أهل العلم من يقول -كالحافظ ابن حجر-: إن المراد بذلك أنه يُحرم هذا اللباس في الجنة، وهنا يرد سؤال: أن الجنة فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، وليس فيها ممنوع، فيها غاية النعيم والرغد، وطيب العيش، فإذا حرم من لباس الحرير فهذا نقص في النعيم؟، قالوا: إن الله يصيره إلى حال لا تطلب نفسه هذا اللباس، مثل ما ورد أن من شرب الخمر في الدنيا، ومات، ولم يتب فإنه لا يشرب من خمر الجنة[3].

قالوا: هذه عقوبة، فبعضهم فهم منها أنه لا يدخل الجنة، وبعضهم قال: إنه يعاقب فإذا دخل الجنة فإنه يحرم من هذا الشراب، بحيث لا تطلبه نفسه، فيكون ذلك ولا شك من نقص النعيم؛ لأن النعيم يتفاوت في الجنة، فأهل الدرجات العلى ليسوا كمن دونهم، لكن كل أحد يشعر أنه في غاية اللذة والنعيم والمتعة.

يلبس الحرير من لا خلاق له
وذكر أيضًا حديثًا آخر لعمر قال: سمعت رسول الله ﷺ: يقول: إنما يلبس الحرير من لا خلاق له[4].

لا خلاق له: يعني لا نصيب له، وهذا يحتج به من يقول: إنه لا يدخل الجنة، لكن لا يدخل الجنة أبدًا؟، إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء [النساء: 48].

الشرك هو الذي يمنع من دخول الجنة، يقولون: يُحبس عن الجنة، ويمنع من دخولها، حتى يعذب، وينقى ويصفى، ثم بعد ذلك يدخلها.

وفي رواية للبخاري: من لا خلاق له في الآخرة[5]، يعني: هنا يوضح إنما يلبس الحرير من لا خلاق له، لا نصيب في الدنيا أو في الآخرة؟ الرواية الأخرى تقول: في الآخرة.

من لبس الحرير في الدنيا

وذكر حديث أنس قال: قال رسول الله ﷺ: من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة[1]، متفق عليه.

إن هذين حرام على ذكور أمتي
وذكر حديث علي قال: رأيت رسول الله ﷺ أخذ حريرًا، فجعله في يمينه، وذهبًا فجعله في شماله، ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي[1]، رواه أبو داود بإسناد حسن.

يعني: مفهوم المخالفة هو حلال لإناثها.

حُرم لباس الحرير والذهب
وأورد أيضاً حديث أبي موسى الأشعري أن رسول الله ﷺ قال: حُرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي، وأحل لإناثهم[2]، وهذا يوضح المفهوم السابق.

منطوق هذا الحديث (أحل لإناثهم) يوضح المفهوم السابق من المسكوت عنه. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

نهانا النبي ﷺ أن نشرب في آنية الذهب
الحديث الأخير هو:
حديث حذيفة قال: "نهانا النبي ﷺ أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها.." وهذا مضى الكلام عليه وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه[1]، رواه البخاري.

الحرير معروف، والديباج: فسر بأنه ما كان لُحمته وسَداه من الإبريسم، وهذا فيه تنصيص على الجلوس أيضًا على الحرير والديباج.

فهذا كله داخل في باب اللباس، والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

  1. أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب افتراش الحرير (7/ 150)، رقم: (5837).

مواد ذات صلة