الإثنين 10 / ربيع الآخر / 1446 - 14 / أكتوبر 2024
شرح مقدمة الباب إلى حديث «هذا جبريل يقرأ عليك السلام»
تاريخ النشر: ٠٧ / جمادى الآخرة / ١٤٣١
التحميل: 967
مرات الإستماع: 1368

مقدمة باب كيفية السلام

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهذا باب كيفية السلام، قال المصنف -رحمه الله- أعني النووي: يستحب أن يقول المبتدئ بالسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فيأتي بضمير الجمع، يعني: حتى لو كان المُسَلَّم عليه واحدًا، السلام عليكم بدلًا من أن يقول: السلام عليك، قال: وإن كان المسلَّم عليه واحدًا، ويقول المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فيأتي بواو العطف في قوله: وعليكم، يأتي بواو العطف، يعني: أن سلامه معطوف على سلامهم، فهو جواب على قولهم.

والله -تبارك وتعالى- يقول: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86].

فمن أهل العلم من قال: إنه لا يقول المسلِّم ابتداءً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ليترك للجواب أو للمجيب محلا للزيادة، ولكن هذا لا دليل عليه، وبعضهم يقول: إن المجيب يمكن أن يزيد، فيقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته، هكذا قال بعضهم.

أمّا في الابتداء فليس له أن يزيد قطعًا، ليس له أن يزيد على قوله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فيقول: ومغفرته مثلًا، ليس له ذلك.

وقد جاء النهي عن هذا، والمنع منه عن عمر بن الخطاب .

وجاء أيضًا عن ابن عمر، وعن غيرهم، وقالوا: إن السلام انتهى عند وبركاته، يعني: في الابتداء لا يزيد، أنكروا على من ابتدأهم بقوله: السلام عليكم، إلى أن قال: ومغفرته، هكذا قالوا، وبعض أهل العلم حاول أن يوجه ما جاء في السّنة من الزيادة -زيادة المغفرة، فنظر، فوجد ذلك في الجواب، يعني: لما قال المسلِّم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كان الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته، فقالوا: هذا لا بأس به في الجواب، وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86].

قالوا: فما جاء من نهي هؤلاء الصحابة عن الزيادة، قالوا: هذا في الابتداء، وما جاء من ذلك في السنة بزيادة ومغفرته عند من صححها كالألباني -رحمه الله- قال: إن ذلك يكون في الجواب.

جاء رجل إلى النبي ﷺ
وعن عمران بن الحصين -رضى الله عنهما- قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: السلام عليكم، فرد عليه، ثم جلس، فقال النبي ﷺ: عشرٌ، ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس، فقال: عشرون، ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه، فجلس فقال: ثلاثون[1]رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن.

وهذا يدل على أن المبتدئ بالسلام له أن يأتي به على أكمل وجه، فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأن هذا هو الأفضل.

هذا جبريل يَقرأ عليك السلام
وعن عائشة -رضى الله عنها- قالت: قال لي رسول الله ﷺ: هذا جبريل يَقرأ عليك السلام، قالت: قلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته[1].متفق عليه.
وهكذا وقع في بعض روايات الصحيحين: وبركاته، وفي بعضها بحذفها، وزيادة الثقة مقبولة.

هذا جبريل يَقرأ عليكِ السلام يعني: يسلم عليكِ، وما ذَكر هنا ماذا قال، هل قال: يقول: السلام عليكِ، أو السلام عليكِ ورحمة الله، أو نحو ذلك؟

فإذا قيل عمومًا: فلان يَقرأ عليك السلام، فإنك تجيب، تستطيع أن تقول: و، وتستطيع أن تزيد تقول: ورحمة الله، وتستطيع أن تقول: وبركاته.

وسبق الكلام على أن قول القائل في تبليغ السلام إن كان ذلك منقولًا بالمشافهة، يقول: فلان يَقرأ عليك السلام، وإن كان مكتوبًا يريد منك أن تقرأه، يقول: فلان يُقرئك السلام، وهكذا تقول: اقرأ ، وإذا كان مكتوبًا تقول: أَقرِئه السلام، يعني: ليقرأ السلام، دعه يقرأ السلام المكتوب.

والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

  1. أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة (4/ 112)، رقم: (3217)، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة ، باب في فضل عائشة -ا- (4/ 1895)، رقم: (2447)

مواد ذات صلة