الأحد 20 / جمادى الآخرة / 1446 - 22 / ديسمبر 2024
(06) تتمة الأنواع – ومنها ما يرجع إلى السند قراءة النبي صلى الله عليه وسلم
تاريخ النشر: ٠٤ / رجب / ١٤٢٩
التحميل: 2220
مرات الإستماع: 1742

"النوع الرابع: قراءة النبي ﷺ عقد لها الحاكم في المستدرك بابًا أخرج فيه من طرق قَرَأَ: (مَلِكِ يوم الدين) (الصراط) (لا تجزي نفس) (نُنْشِزهَا) (فرُهُن) (أن يَغُلْ) (أن النفسَ بالنفسِ والعينُ بالعين) (هل تَستطيع ربَّك) (دَرَسْتَ) (من أَنْفَسِكُم) (وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة) (سَكْرى وما هم بسكرى) (من قرات أعين) (والذين آمنوا وأتبعناهم ذريتِهِم) (رفارفُ) (وعباقري)".

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فيقول: النوع الرابع: قراءة النبي ﷺ طبعًا نحن نعلم أن القرآن إنما تُلقي عن النبي ﷺ فجميع القرآن بجميع وجوه القراءة الثابتة إنما هو متلقى عن رسول الله ﷺ، لكن المقصود هنا ما نقله بعض الصحابة أنه سمع النبي ﷺ قرأ هذه الآية، فهذا مما يرويه أهل الحديث، ليس مما ينقله القراء، وإن كان أيضًا في كتب القراءة ينقلون مثل هذه على أنها من قبيل القراءة، ما تلقوه عن شيوخهم إلى النبي ﷺ لكن المقصود أن هذا نقل عن النبي ﷺ مباشرة، يقول: زيد بن ثابت مثلاً : "سمعت النبي ﷺ قرأ كذا" يقول أبو هريرة سمعت النبي ﷺ قرأ كذا، هذا المقصود بقراءة النبي ﷺ وإلا فجميع القرآن كذلك.

يقول: قراءة النبي ﷺ عقد لها الحاكم في المستدرك بابًا، وهذا تجدونه في المجلد الثاني من المستدرك، يقول: بابًا أخرج فيه من طرق قرأ: (مَلِكِ يوم الدين) هذا جاء من حديث أبي هريرة [1] وجاء أيضًا من حديث أم سلمة -رضي الله عنها- في إحدى الروايات، وهنا يقول: (مَلِك).

وورد أيضًا من (مالك) من حديث البراء بن عازب عند الترمذي، وعن أنس أيضًا عند الترمذي مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4][2] وكذلك أيضًا عن أبي هريرة [3] وعن الزهري -رحمه الله- مرسلاً[4] وعن أم الحصين الأحمسية عند الطبراني[5] وأسانيدها لا تخلوا من ضعف.

وهاتان القراءتان: (مَلِكِ يوم الدين) كما هي قراءة الجمهور قراءة متواترة، و مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] أيضًا قراءة متواترة، لكن المقصود ما ذكرت أن هؤلاء الصحابة رووا ذلك عن رسول الله ﷺ فميز بهذا فقط، وإلا فهي قراءات متواترة سبعية.

قال: (الصراط) يعني بالصاد، من حديث أبي هريرة فهو عند الحاكم لا يصح من جهة الإسناد[6] لاحظوا عند الحاكم لكنها قراءة متواترة، بعيدًا عن رواية الحاكم، القراء تلقوا ذلك عن شيوخهم، هكذا في كل طبقة، وهكذا أيضًا بوجوه أخرى صحيحة متواترة، مثل قراءة ذلك بالسين (السراط)؛ فكل ذلك من المتواتر، لكن إسناده عند الحاكم لا يصح، ولا غرابة في هذا، ولا إشكال، وأرجو أن يكون الكلام واضحًا، حينما نقول: ضعيف الإسناد عند الحاكم، هذا لا علاقة له بتصحيح القراءة.

يقول: تَجْزِي نَفْسٌ كما في حديث ابن عباس عن أُبي؛ وابن عباس أخذ القراءة عن أُبي بن كعب- يقول: "أن النبي ﷺ أقرأه وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا [البقرة:48]  بالتاء"[7] في تجزي وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ [البقرة:48] بالياء.

يقول: نُنْشِزهَا بالزاي نُنْشِزهَا، فهذا جاء عن خارجة بن زيد عن أبيه[8] وهي قراءة سبعية متواترة قرأ بها نافع، وابن كثير، وأبو عمرو بالراء، وقرأ الباقون بالزاي نُنْشِزهَا"[9] كلها صحيحة ثابتة متواترة (ننشرها) ونُنْشِزهَا لكن الذين قرأوا بالراء نظروا إلى المعنى قالوا: (ننشرها) يعني نحييها، والذين قرأوا بالزاي، قالوا: العظام الإحياء يكون للإنسان بكامله، وليس فقط للعظام، فقرأوا نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا [البقرة:259] واضح.

يقول: (فرُهُن) نحن نقرأ فَرِهَانٌ [البقرة:283] هنا (فرُهُن) وهذه قراءة سبعية قرأ بها ابن كثير، وأبو عمرو[10] (فرُهُن مقبوضة) وهذه عند الحاكم زيد بن ثابت عن النبي ﷺ[11].

 وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ [آل عمران:161] والغلول هو الأخذ من الغنيمة قبل أن تقسم وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ بعضهم يذكرون في هذا سببًا، يقولون: إنه فقد شيء من الغنيمة، فقال قائل: لعل رسول الله ﷺ أخذها، فلو صح هذا على كل حال بصرف النظر ليس الحديث عنه، لكن وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ [آل عمران:161] هذه قراءة متواترة، والقراءة الثانية: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن (يُغَل) معنى يغل: أنه يؤخذ من مال الغنيمة دونه، يعني من وراءه، دون علمه، دون إذنه وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن (يُغَل)، هذه القراءة أَنْ يَغُلَّ جاءت عن ابن عباس -رضي الله عنهما- يرويها عن النبي ﷺ على كل حال هي قراءة سبعية، وقرأ بها ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، والباقون قرأوا (يُغَل) [12].

لكن هذه القراءة عند الحاكم أَن يَغُلَّ الذهبي -رحمه الله- يقول عن إسنادها: بأنه واهن، لا يصح بحال، والأمر كما قلت لكم: الإسناد عند الحاكم ضعيف[13]؛ لكن القراءة ثابتة متواترة؛ لأنها ليس المعول في أخذها هو إسناد الحاكم إطلاقًا.

يقول: أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ [المائدة:45] (وَالْعَيْنُ بِالْعَيْنِ) نحن كيف نقرأها؟ أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ [المائدة:45] معطوفة على ماذا؟ على النفس.

فهذه القراءة هنا (وَالْعَيْنُ بِالْعَيْنِ) جاءت مرفوعة، فهذه يرويها أنس عن النبي ﷺ وهي أيضًا عند الترمذي وأبي داود، وأحمد بإسناد[14] صحيح، وهي قراءة سبعية: (وَالْعَيْنُ بِالْعَيْنِ) قراءة الكسائي[15] ولعل من أقرب، وأوضح ما تخرج به من الناحية العربية أن يقال: هذا على الاستئناف (وَالْعَيْنُ بِالْعَيْنِ) وبعضهم يقول غير هذا على كل حال، واضح.

(هل تَستطيعُ ربَّك) هذا جاء عن معاذ وهو عند الترمذي والطبراني[16] لكن إسناده لا يصح عندهم، لكنها قراءة سبعية، قراءة الكسائي: (هل تَستطيعُ ربَّك)[17] ما معنى (هل تَستطيع ربَّك)؟

يعني: هل تقدر أن تسأل ربك أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ [المائدة:112]؟ وعلى القراءة الأخرى قراءة الجمهور التي نقرأ بها هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ}[المائدة:112] هذه خرجت بعدة تخريجات، وفيها إشكال معروف، ولكن من أقرب هذه التوجيهات: أن المراد هل يفعل؟ يعني لو شكوا في قدرة الله هؤلاء! هم خلاصة أصحاب المسيح، أعني: الحواريين، فهل يشكون في قدرة الله أَنه يستطيع أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ يعني: يكفرون بهذا، إذًا ما المراد؟

هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ هذا طبعًا استطراد لكن الشيء بالشيء يذكر إذا ورد إشكال هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ يعني: هل يفعل؟ هذا من أقرب ما توجه به القراءة، يعني: أنا أقول لك الآن: هل تستطيع أن تعيرني كتابك؟ أنت تستطيع، أليس كذلك؟! لكن هل تفعل؟ هل تستطيع تذهب معي إلى المكان الفلاني؟ تستطيع، لكن هل تفعل؟ فـ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ يعني: هل يفعل؟

 دَرَسْتَ وكذلك وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ [الأنعام:105] هذه فيها أكثر من قراءة متواترة لكن هنا دَرَسْتَ هذه قراءة سبعية، والحديث يرويه أٌبي بن كعب عن النبي ﷺ[18] وهي قراءة أهل المدينة، وأهل الكوفة[19].

وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ [الأنعام:105] يعني هذا القرآن الذي جئت به تلقيته، ودرسته، وأخذته بالدراسة مع أنه أمي -عليه الصلاة والسلام- لكنهم كانوا يقولون: إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ}[النحل:103] فيقولون: دَرَسْتَ.

(مِنْ أَنْفَسِكُم) نحن نقرأ: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ [التوبة:128] يعني ليس من الملائكة، وليس من جنس آخر، وإنما هو من جنسكم، تفهمون عنه، وتلقون عنه، وتقتدون به، فهنا (مِنْ أَنْفَسِكُم) فهذه يرويها ابن عباس عن النبي ﷺ[20] وليست من القراءة المتواترة (مِنْ أَنْفَسِكُم) يعني: من أشرفكم، وأعلاكم قدرًا ومنزلة، ومن أعظمكم حسبًا ونسبًا، ومن أطيبكم معدِنًا.

 (وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة)[21] فهذا يرويه ابن عباس -رضي الله عنهما- لكن الذهبي يقول: فيه هارون ابن حاتم واهن.

(سَكْرى وما هم بسَكْرى) عدلوها عندكم سكارى هذه القراءة التي نقرأ بها سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى [الحج: 2] ولكن هذه القراءة (سَكرى وما هم بسَكرى) هي قراءة سبعية قرأ بها حمزة، والكسائي[22] (سَكرى وما هم بسَكرى) وهذا ثابت في الصحيحين عن عمران بن حصين يرويه عن النبي ﷺ، وهو في البخاري أيضًا عن أبي سعيد الخدري[23].

 (مِّن قُرَّات أَعْيُنٍ) هذه يرويها أبو هريرة : فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم (مِّن قُرَّات أَعْيُنٍ)[24] القراءة المعروفة المتواترة: مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السجدة:17]

 (والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتِهِم) فهذه عن علي عن النبي ﷺ[25] وهي سبعية قرأ بها أبو عمرو[26].

(رفارف) (وعباقِري) هذه عن أبي بكرة عند الحاكم[27] ولكن إسناده ضعيف، (رفارف) هذه رأيتها مضبوطة في بعض الكتب بالتنوين (رفارفٍ) (وعَباقِري) بكسر القاف، مع أن التي عند الحاكم في المستدرك لا أدري هل هذا من اختلاف النسخ، الذي في المستدرك: رَفْرَفٍ ووَعَبْقَرِيٍّ كما هي القراءة المتواترة، وهنا يعزو للمستدرك، يعزو للحاكم.

فالشاهد: أن الذي في المستدرك رَفْرَفٍ وَعَبْقَرِيٍّ، وفي بعضها ضبطه هكذا: (رفارفَ) وهذا هو المعروف (رفارفَ) على وزن فواعل ممنوع من الصرف؛ فيجر بالفتحة نيابة عن الكسر (رفارفَ).

على كل حال (رفارفَ) (وعباقِري) وفي تلخيص المستدرك: رَفْرَفٍ (وعباقِري) يعني: الأولى مفردة رَفْرَفٍ (وعباقِري)، لكن على كل حال يوجد من قرأ بهذا بعض النحاة غير مشهور، وليس من القراء، قراءها هكذا (رفارف) و(وعباقِري) وخرجها أيضًا؛ لأن بعضهم اعترض على هذا الجمع، فعلى كل حال هذه القراءة لا تثبت من جهة الإسناد أصلاً، وليست من المتواترة.

"(النوع الخامس، والسادس) الرواة، والحفاظ: اشتهر بحفظ القرآن من الصحابة: عثمان، وعلي، وأُبَي، وزيد، وعبد الله، وأبو الدرداء، ومعاذ، وأبو زيد الأنصاري، ثم أبو هريرة، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن السائب.

ومن التابعين: يزيد بن القعقاع، وعبد الرحمن الأعرج، ومجاهد، وسعيد، وعكرمة، وعطاء، والحسن، وعلقمة، والأسود، وزِرْ بن حُبيش، وَعَبَيْدَة، ومسروق، وإليهم ترجع السبعة".

(النوع الخامس، والسادس الرواة، والحفاظ) يعني أن الرواة هو الخامس، والحفاظ هو السادس، وهذا يمكن أن يجعل في نوعٍ واحد.

يقول: اشتهر بحفظ القرآن من الصحابة: عثمان، وعلي إلى آخره. الصحابة الذين حفظوا القرآن في عهد النبي ﷺ جماعة، وحفظه آخرون بعد وفاة النبي ﷺ هذا بالنسبة للحفظ كاملاً، أما حفظ سور متفرقة، أو أجزاء متفرقة من القرآن، فالصحابة كانوا يحفظون على تفاوت، فتجد السورة الواحدة يحفظها جماعة كثيرة، لكن الكلام هنا فيمن يحفظ القرآن كاملاً، فالقرآن نقل إلينا بطريق التواتر، وأصحاب النبي ﷺ كثير حج معه أكثر من مئة ألف، فالسورة الواحدة يحفظها جمع كثير، ولكن الذين حفظوا القرآن كاملاً في عهد النبي ﷺ هم جماعة، ولكن ليسوا بقدر أولئك الذين يحفظون السورة المعينة، فإن هذا أكثر بلا شك.

انظروا إلى الأحاديث الواردة في هذا المعنى في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- مرفوعًا، النبي ﷺ يقول: خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله ابن مسعود، وسالم، -سالم مولى أبي حذيفة- ومعاذ، وأٌبي بن كعب[28] . هؤلاء أربعة.

وفي الصحيحين عن قتادة قال سألت أنس بن مالك : "من جمع القرآن على عهد رسول الله ﷺ؟ هذا سؤال صريح، فقال: أربعة، كلهم من الأنصار لاحظ! النبي ﷺ في الحديث السابق يقول: خذوا القرآن من أربعة وأنس يقول: "الذين جمعوا في عهد النبي ﷺ أربعة كلهم من الأنصار..." لكن هل هذه الصيغة من كلام أنس تدل على الحصر؟

الجواب: لا، لا تدل على الحصر، وهذا جواب على إشكالٍ مضمن فيما ذكرته من الرواية السابقة، وفيما سيأتي أيضًا عن أنس أيضًا، فأنس يقول: "الأربعة كلهم من الأنصار: أٌبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد"[29] هؤلاء كلهم من الأنصار.

الذي ذكرهم النبي ﷺ ابن مسعود، هل هو من الأنصار؟

لا، هذلي، فهو من المهاجرين، وسالم مولى أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وهو كان غلام لامرأة من الأنصار فأعتق، ومعاذ من الأنصار، وأٌبي بن كعب من الأنصار، فليس كل أولئك الذين ذكرهم النبي ﷺ من الأنصار.

في الصحيح عن أنس قال: "مات النبي ﷺ ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء" لاحظ الحديث السابق هل فيها أبو الدرداء؟

لا، أبو الدرداء، وهذا يدل على أنه في الحديث السابق لم يقصد الحصر، أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد"[30].

الآن المجموع في الروايتين عن أنس كم؟

المجموع من غير تكرار: خمسة، إذا أضفت إلى الأربعة السابقين أبا الدرداء؛ صاروا خمسة، فإذا أضفت إليهما ما في حديث النبي ﷺ سالم مولى أبي حذيفة كم صار؟ ستة.

وأضفت إليهم أيضًا ابن مسعود صاروا سبعة، لعل مراد أنس في هذا الحديث أربعة كلهم من الأنصار: أنه أراد أن يذكر من جمعوه من الأنصار، ربما، وإن كان هذا قد لا يخلوا من إشكال، لكن يمكن أن يكون في حينها قد ذهل، لم يتذكر إلا هؤلاء؛ لأنه في الحديث السابق ذكر أربعة، وزاد هنا أبا الدرداء وإلا فعثمان بن عفان كان من الحفاظ، وآخرون.

عبد الله بن عمر بن العاص كما في الصحيحين يقول: "جمعت القرآن، فقرأت به في كل ليلة" القصة المعروفة كان يقوم به الليل، فقال له النبي ﷺ اقرأوا القرآن في أربعين، في بعض الروايات في شهر[31] فكان ممن حفظ القرآن، جمع القرآن على عهد النبي ﷺ.

بل إن بعض أهل العلم كابن كثير -رحمه الله- ذكر أن أبا بكر الصديق كان قد حفظ القرآن في عهد النبي ﷺ واحتج على هذا بأن النبي ﷺ قدمه على المهاجرين، والأنصار ليصلي بالناس، لكن هذا هل يقطع به؟

الجواب لا؛ لأنه قدمه لربما إشارة إلى الولاية؛ لأن أهل الولايات هم الذين يصلون بالناس كما هي السنة، الأمراء، والقادة، السنة هو الذين يصلي بالناس، وأن كان يصلي خلفه من هو أقرأ منه، كما أن الإنسان في بيته هو الأحق بالإمامة.

وعلى كل حال، أبو هريرة وابن عباس، وعبد الله بن السائب هؤلاء أخذوا عن أٌبَي -رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم-.

قوله هنا: عثمان، وعلي، وأُبَي، وزيد يعني: ابن ثابت، وعبد الله يعني: ابن مسعود، وأبو الدرداء، ومعاذ، وأبو زيد الأنصاري، هذا أحد عمومة أنس بن مالك بعضهم يقول: اسمه لا يعرف، يعرف بكنيته، وبعضهم يقول: هو ثابت بن قيس، وبعضهم يقول: معاذ، وبعضهم يقول: أوس، وبعضهم يقول: هو قيس بن السكن المشهور، أبو زيد الأنصاري، وهذا هو الأشهر عند العلماء أن أبا زيد هو قيس بن السكن.

وعلى كل حال يقول: ثم أبو هريرة، وعبد الله بن عباس، لماذا؟

لأنهم أخذوا عن أُبَي بعد ذلك، وعبد الله بن السائب، وهو من صغار الصحابة، توفي سنة سبعين للهجرة.

يقول: ومن التابعين: يزيد بن القعقاع، وهو أبو جعفر أحد العشرة، وهو متقدم جدًا قرأ على أبي هريرة، وابن عباس -رضي الله عنهما- قيل: إنه توفي سنة مئة وسبع وعشرينن عن نيف وتسعين سنة -رحمه الله- وأخباره عجيبة في العبادة والبذل، كان يقوم الليل، وإذا جاء في النهار يُقْرِئ ينام، فكان يقول خذوا الحصى وضعوه في يدي؛ من أجل أن يتنبه، ويستيقظ، ضعوا الحصى في يدي، يعني: ضموا يدي على الحصى، يضعون فيها حصباء، حجارة، ويقول: ضموا يدي على الحصى من أجل أن أتنبه، ثم قال: رأيت أني أنام مع ذلك، فخذوا بخصلة من لحيتي يعني حركوا لحيتي لعلي أصحو فلربما مر به بعضهم تكلم فيه، وقال: هذا شيخ فيه غفلة، أو يأخذون بلحيته يقول: إن في خلق فلان شيئًا يعني: كأنه يعيبه بهذا، فيقول: دعونا نقرأ خلف القبر، يذهبون إلى مكان لا يراهم؛ حتى لا يقول عنه: أنه مغفل، وكل من مر عليه قال: ما هذا الشيخ[32] -رحمه الله-.

وعبد الرحمن الأعرج، ويُكْنى بأبي داود المدني، أخذ القراءة أيضًا عن ابن عباس، وأبي هريرة -رضي الله عنهما- وسافر إلى الإسكندرية، وتوفي بها سنة مائة وسبعة عشر للهجرة.

ومجاهد: هو الإمام المشهور المفسر المعروف، قرأ على ابن عباس، وقرأ عليه ابن كثير، وأبو عمرو، وابن محيصن توفي سنة مئة وثلاثة، وقد جاوز الثمانين، وهو الذي يقول: عرضت القرآن على ابن عباس في بعض الروايات يقول: عرضت ثلاثين مرة، طبعًا هذه عرض قراءة، وفي بعض الروايات غير هذا؛ فيحمل بعض ذلك على التفسير، وبعض ذلك يحمل على القراءة، طبعًا مجاهد متوفى سنة مائة وثلاثة.

يقول: وسعيد يعني من؟ سعيد بن الجبير بن هشام الأسدي مولاهم قرأ على ابن عباس، وقرأ عليه أبو عمرو، قتله الحجاج بواسط في شعبان سنة خمس وتسعين للهجرة.

يقول: وعكرمة، عكرمة مولى ابن عباس، -رحمه الله- أصله من البربر، مات سنة مائة وأربعة للهجرة.

وعطاء، يعني: ابن أبي رباح، أبو رباح اسمه أسلم، وهو من تلاميذ ابن عباس، توفي سنة مائة وأربعة عشر للهجرة.

والحسن يعني: البصري، ابن أبي حسن البصري، قرأ على أبي موسى الأشعري وممن أخذ عنه أبو عمرو بن العلاء، وأبو عمرو بن العلاء قرأ على الحسن، الحسن توفي سنة مائة وعشرة.

وعلقمة يعني: ابن قيس بن عبد الله بن مالك النخعي، الإمام المعروف، العابد، الزاهد، الثقة، الفقيه، وهو خال لإبراهيم النخعي، وعم الأسود النخعي، قرأ على ابن مسعود، وقرأ عليه يحيى بن وثاب، وغيره، توفي سنة اثنين وستين للهجرة.

يقول: والأسود يعني: ابن يزيد النخعي، قرأ على ابن مسعود، وقرأ عليه ابن وثاب، وغيره، توفي سنة خمسة وسبعين للهجرة.

وزِرْ بن حُبيش بن حُباشة الأسدي الكوفي توفي سنة اثنين وثمانين، وقد عمر بلغ يعني مائة وسبعة وعشرين سنة.

وَعَبَيْدَة، يعني: بن عمر السلماني المرادي، أبو عمرو الكوفي توفي سنة اثنين وسبعين، أو قبلها.

يقول: ومسروق يعني: ابن الأجدع بن مالك الكوفي، توفي سنة ثلاث وستين للهجرة، وإليهم ترجع السبعة.

وصلى الله على محمد، وآله وسلم.

  1. أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب التفسير، من كتاب قراءات النبي -صلى الله عليه وسلم- مما لم يخرجاه وقد صح سنده، برقم (2910).
  2. أخرجه الترمذي في سننه، برقم (2928)، وضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي. انظر: ضعيف الترمذي (354).
  3. أخرجه الترمذي في سننه، برقم (2953)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح، برقم (823).
  4. أخرجه الترمذي في سننه، برقم (2928)، وقال الألباني: ضعيف الإسناد. انظر: ضعيف سنن الترمذي (354).
  5. أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، برقم (383)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: ضعيف. انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، للهيثمي (2/290).
  6. أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب التفسير، من كتاب قراءات النبي -صلى الله عليه وسلم- مما لم يخرجاه وقد صح سنده، برقم (2912)، قال الذهبي في مختصر التلخيص: لم يصح، فيه إبراهيم بن سليمان الكاتب متكلم فيه. انظر مختصر التلخيص، للذهبي (2/696).
  7. أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب التفسير، من كتاب قراءات النبي -صلى الله عليه وسلم- مما لم يخرجاه وقد صح سنده، برقم (2916)، قال المحقق: صحيح. انظر: مستدرك الحاكم (2/254).
  8. أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب التفسير، من كتاب قراءات النبي -صلى الله عليه وسلم- مما لم يخرجاه وقد صح سنده، برقم (2918)، قال المحقق: إسماعيل بن قيس من ولد زيد بن ثابت ضعفوه. انظر: مستدرك الحاكم (2/255).
  9. انظر: كتاب السبعة في القراءات، لأحمد التميمي (189).
  10. انظر: المصدر السابق (194).
  11. أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب التفسير، من كتاب قراءات النبي -صلى الله عليه وسلم- مما لم يخرجاه وقد صح سنده، برقم (2922)، قال المحقق: إسماعيل ضعفوه. انظر: المستدرك على الصحيحين، للحاكم (2/256).
  12. انظر: أحكام القرآن، للجصاص (2/53). ودراسات لأسلوب القرآن الكريم، لمحمد عبد الخالق عضيمة (8/620).
  13. أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب التفسير، من كتاب قراءات النبي -صلى الله عليه وسلم- مما لم يخرجاه وقد صح سنده، برقم (2921)، وقال المحقق: قال الذهبي: بل هو واهٍ. انظر: المستدرك على الصحيحين، للحاكم (1/256).
  14. أخرجه أبو داود في سننه، برقم (3977)، والترمذي في سننه برقم (2929) وأحمد في مسنده، برقم (13249). قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير أبي علي بن يزيد وهو ثقة. انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، للهيثمي (7/321).
  15. انظر: معاني القراءات، للأزهري (1/330).
  16. أخرجه الترمذي في سننه، برقم (2930)، والطبراني في المعجم الكبير، برقم (128)، وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي، برقم (3111).
  17. انظر: كتاب السبعة في القراءات، لأحمد التميمي (249).
  18. أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب التفسير، من كتاب قراءات النبي -صلى الله عليه وسلم- مما لم يخرجاه وقد صح سنده، برقم (2937)، قال المحقق: صحيح. انظر: المستدرك على الصحيحين، للحاكم (2/ 260).
  19. انظر: معاني القرآن، للنحاس (2/467).
  20. انظر: الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي (1/265).
  21. أخرجه الترمذي في سننه، أبواب تفسير القرآن عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، باب: ومن سورة الكهف، برقم (3149)، وصححه الألباني في التعليقات الحسان، برقم (6187).
  22. انظر: الحجة للقراء السبعة، لأبي علي الفارسي (5/266).
  23. أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} [الحج: 2]، برقم (4741).
  24. أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب الزهد، باب صفة الجنة، برقم (4328).
  25. أخرجه أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس -رضي الله عنهما- انظر: حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم الأصبهاني (4/302)، وصححه الألباني في السلسلة الضعيفة، (12/642).
  26. انظر: معاني القراءات، للأزهري (3/33).
  27. أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب التفسير، برقم (3045)، قال الذهبي: منقطع، وعاصم الجحدري لم يدرك أبا بكرة. انظر: مختصر استدراك الحافظ الذهبي على مستدرك أبي عبد الله الحاكم، للذهبي (2/728).
  28. أخرجه البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب مناقب أبي بن كعب -رضي الله عنه-، برقم (3808)، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة -رضي الله عنهم-، باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه -رضي الله عنهما-، برقم (2464).
  29. أخرجه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب القراء من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، برقم (5003)، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة -رضي الله تعالى عنه-، باب من فضائل أبي بن كعب، وجماعة من الأنصار -رضي الله تعالى عنهم-، برقم (2465).
  30. أخرجه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب القراء من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، برقم (5004).
  31. أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها، باب في كم يستحب يختم القرآن، برقم (1346)، وصححه الألباني في التعليقات الحسان، برقم (753).
  32. انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي (5/288، 289).

مواد ذات صلة