الأحد 22 / جمادى الأولى / 1446 - 24 / نوفمبر 2024
(153) الأذكار بعد السلام من الصلاة "وقفات مع سورة الناس"
تاريخ النشر: ٠٧ / رجب / ١٤٣٥
التحميل: 2212
مرات الإستماع: 2317

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله.

أما بعد: فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته،

في هذه الليلة أختم الحديثَ عن الكلام على حديث عقبة بن عامر : أنَّ النبيَّ ﷺ أمره أن يقرأ بالمعوّذات دُبر كل صلاةٍ[1]، فتحدّثنا عن سورة الإخلاص، وسورة الفلق، وفي هذا المجلس نتحدّث عن سورة الناس.

فهذه السّورة أيضًا تتحدّث عن الاستعاذة، ولكن المستعاذ منه شيءٌ واحدٌ، وقد مضى أنَّ سورةَ الفلق اشتملت على الاستعاذة من أربعة أمورٍ، أعمّ الأمور: مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ [الفلق:2]، ثم يليه: وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ [الفلق:3] الليل أو القمر، وما يكون فيهما من الشُّرور والآفات، ثم بعد ذلك ذُكِر أمران خاصَّان، وهما: شرّ الحاسد، وشرّ النَّفاثات في العُقَد.

وسورة الفلق جاء المستعاذ به بصفةٍ واحدةٍ، واسمٍ واحدٍ، وهو ربّ الفلق، والمستعاذ منه أربعة أشياء، أمَّا هذه السّورة -سورة الناس- فقد جاءت الاستعاذة بثلاثة أسماء، هي من أعظم الأسماء وأكثرها دلالةً على الصِّفات والكمالات: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1]، فلا يخرج شيءٌ عن ربوبيَّته -تبارك وتعالى-، والثاني: إِلَهِ النَّاسِ [الناس:3]، فهو المألوه وحده ، فالربوبيَّة والإلهية هما أعظم الصِّفات، ثم ذكر الصِّفة الثالثة أيضًا التي لا يخرج عنها مخلوقٌ، وهي الملك: مَلِكِ النَّاسِ [الناس:2]، فجاءت الاستعاذةُ بهذه الأسماء الثلاثة: بربِّ الناس، وملكهم، ومالكهم: مَلِكِ النَّاسِ وإلههم، من شيءٍ واحدٍ؛ وهو الوسواس الخنَّاس.

لاحظوا هناك في سورة الفلق أربعة أمورٍ أُستعيذ منها، وما ذُكِرَ إلا اسمٌ واحدٌ، وهو ربّ الفلق، وذُكرت أربعة أشياء خفيَّة: من الشُّرور مطلقًا، والشُّرور التي تنتشر في الليل، وأيضًا السِّحر والسَّواحر، والحسد.

وهنا جاءت الاستعاذةُ مما يُوسوس في صدور الناس، سواء قلنا بأنَّه الشَّيطان الذي هو أصل الشُّرور كلّها، ومادّتها، الذي من فتنته وشرِّه أنَّه يُوسوس في صدور الناس، فيُحسِّن لهم الشَّر، ويُريهم إياه في صورةٍ مقبولةٍ حسنةٍ، ويدفعهم ويؤزّهم إلى مُقارفته وفعله، ويُثبطهم عن الخير، ويُقبّحه في نفوسهم وأنظارهم، فيُريهم الأمورَ على غير حقيقتها، وهو دائمًا يُوسوس ويخنس -يعني: يتأخَّر- إذا ذكر العبدُ ربَّه واستعاذ بالله -تبارك وتعالى- منه، فهذا لا شكَّ أنَّه لا يمكن أن يُدفع إلا بالاستعاذة، ولا يُعتصم منه إلا بالله -تبارك وتعالى.

فالشَّياطين من الإنس يمكن أن يُصانعوا: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت:34]، فهنا تمكن مُصانعته: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، أمَّا شيطان الجنِّ فلا تمكن مُصانعته، وإنما الطَّريق إلى الخلاص منه ومن شرِّه إنما هو في الاستعاذة بالله -تبارك وتعالى- منه.

فهنا يُستعاذ بالله : بربوبيَّته، وإلهيته، وملكه من هذا الموسوس في صدور الناس، الخلق كلّهم داخلون في الربوبية والإلهية والملك، وكل دابَّةٍ هو آخذٌ بناصيتها -تبارك وتعالى-، وقد خلقهم لأجل أُلوهيَّته: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، خلقهم من أجل العبادة، وهذا مُتعلق الإلهية.

وكذلك أيضًا هذه العبادة لا تتحقق إلا بدفع وساوس الشَّيطان وخواطره وصدّه وتزيينه للباطل من نفوسهم، فهو يريد أن يقطع عليهم الطريقَ إلا الله -تبارك وتعالى-؛ ولهذا حذّر ربُّنا منه، فقال: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6]، فهو يعمل جاهدًا بلا توقفٍ من أجل إضلال الخلق، ويأتي لكل أحدٍ بحسب الطريق التي تصلح لمثله، فمَن استجاب له من حزبه وأتباعه يكونون معه في السَّعير -أعاذنا الله وإياكم من ذلك-.

هذا الوسواس -أيّها الأحبّة- يكون من الشَّياطين، سواء كان الشيطانُ الأكبر الذي هو إبليس، أو كان من الشَّياطين المردة الكبار، أو من غيرهم من الشَّياطين الذين هم دونه، كلّ هؤلاء يُوسوسون، فإنَّ هذه الوسوسة هي فعل الشَّياطين، كما أنَّها أيضًا تكون من شياطين الإنس كما سيأتي؛ فإنَّ الله -تبارك وتعالى- ذكر النَّوعين: مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ [الناس:6]، فهذا يحتمل: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ۝ مَلِكِ النَّاسِ ۝ إِلَهِ النَّاسِ ۝ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ۝ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ [الناس:1-5]، فالوسواس وصفه بأنَّه خنَّاس، يعني: يخنس كثيرًا، فإذا ذكرتَ الله تلاشى وتراجع؛ فيضمر ويضعف.

فالطَّريق هو الاستعاذة وكثرة الذكر، هنا وصفه بأنَّه خنَّاس، الذي يُوسوس في صدور الناس، فهو موسوسٌ، والوسوسة هي الصَّوت الخفي؛ ولهذا يُقال لصوت الحُلي الذي تلبسه المرأة فيصدر من حركتها صوتٌ: وسوسة الحُلي، وهو الصَّوت الخفي، فهذا يُلقي خواطره ووساوسه في قلب الإنسان بطريقٍ خفيٍّ لا يشعر بها، ولا يأتيهم مُواجهةً، وإنما بطرقٍ تخفى على أكثر الخلق.

فقوله: مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ يحتمل أن يكون مُتعلِّقًا بما قبله: يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، ومَن هؤلاء الناس الذين يُوسوس الشَّيطانُ الخنَّاسُ في صدورهم؟

على فئتين: من الجنِّ والناس، فالشَّيطان على هذا يُوسوس في قلوب البشر الإنس، ويُوسوس أيضًا في قلوب الجنِّ، فيُزيّن لهم الباطل والمنكر؛ ولهذا ينحرف منهم مَن ينحرف، ويكفر مَن يكفر، والانحراف فيهم أكثر من الإنس؛ لخفَّتهم، فهم خُلِقُوا مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ [الرحمن:15]، فالظُّلم فيهم أكثر، والكذب فيهم أكثر، فهذا يحتمل، ثم فسّره بما بعده، مَن هؤلاء؟ هما إمَّا من الجنِّ، وإمَّا من الإنس، يعني: مَن تقع عليهم الوسوسة، مَن يُبتلون بوسوسته، وهذا معنى ذكره طائفةٌ من أهل العلم.

والمعنى الثاني: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ۝ مَلِكِ النَّاسِ ۝ إِلَهِ النَّاسِ ۝ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ۝ الَّذِي يُوَسْوِسُ هو فِي صُدُورِ النَّاسِ، هو هذا الموسوس تارةً يكون من الجنَّة، وتارةً يكون من الناس، يعني: أنَّ الذين يلقون الوسواس هم على فئتين:

الفئة الأولى: وهم الشَّياطين من الجنِّ.

والفئة الثانية: الشَّياطين من الإنس: الَّذِي يُوَسْوِسُ، فهذا الموسوس إمَّا جنّي، وإمَّا إنسيّ، وهذا الذي اختاره الشيخُ تقي الدين ابن تيمية -رحمه الله-: أنَّ الاستعاذةَ من شرِّ الموسوس واقعة من شرِّ شياطين الإنس وشياطين الجنِّ[2].

ومما يحتجّ به هؤلاء أصحاب هذا القول، يقولون: بأنَّ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ هم الإنس فقط، وليسوا الجنّ، حتى يُقال: إنَّ الناسَ هم إمَّا جنّ، وإمَّا إنس، فيقولون: لا يُقال للجنِّ: "ناسٌ" إلا بقيدٍ، يُقال: أناسٌ من الجنِّ.

فهذا قولٌ وجيهٌ وقويٌّ كما ترون، والله يقول: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ [الأنعام:112]، فهنا صرَّحت الآيةُ بشياطين الإنس، وشياطين الجنِّ، والنبي ﷺ قال: الكلب الأسود شيطانٌ[3].

فهذا و"الشَّيطان" يُقال لكلِّ مَن تعدَّى ضرره وفساده، وخرج عن جنسه ونُظرائه، فصار بعيدًا عن الخير، وما إلى ذلك، فهو يُقال لكل عاتٍ: شيطان.

وبعضهم يقول: إنَّه مأخوذٌ من "شطنت البئر"، يعني: بعد غورها، فلا تصل إليها الدِّلاء، فهو بعيدٌ عن الخير، بعيدٌ عن رحمة الله. والأول أشهر في تسمية الشَّيطان.

فالمقصود أنَّ الشيطانَ يكون في الإنس، ويكون في الجنِّ، ويكون أيضًا في غيرهم كالحيوان.

فهنا جاءت الحاجةُ إلى استعاذة العبد بهاتين السُّورتين؛ لأنَّ ذلك إنما يُراد به إضلاله، فتفسد عليه دُنياه وآخرته.

ومن هنا قال الحافظُ ابن القيم -رحمه الله-: بأنَّ حاجةَ العبد إلى الاستعاذة بهاتين السُّورتين أعظم من حاجته إلى النَّفَس والطَّعام والشَّراب واللِّباس[4]؛ لماذا؟ لأنَّه إذا أفسد الشياطينُ عليه أمرَه ذهبت دُنياه، وذهبت آخرتُه -نسأل الله العافية-، وهذا أمرٌ مُشاهَدٌ، يعني: الإنسان حينما يقبل وسواس الشَّيطان في أموره الدُّنيوية، وفي أعماله ومُزاولاته، إلى آخره، لن يدَّخر الشيطانُ وسعًا في إفساد حياته، وإتلاف وتنغيص عيشه، وتحويله إلى لونٍ من الألم والمرارة والمعاناة.

هذا الشيطانُ قد يتلاعب به؛ فيُصوِّر له أشياء لا حقيقةَ لها، يتخيَّلها، لا حقيقةَ لها، وقد يتلاعب به إذا تمادى؛ فيصل إلى حدِّ أنَّه يتوهم أشياء يراها، وهو لا يراها، وليس به سحرٌ، ولا مسٌّ، ولا عينٌ، أحيانًا يتلاعب به فيُصوّر له الآخرين أنَّهم يُعادونه، وأنهم يتربَّصون به الدَّوائر، وما إلى ذلك، فيتحاشاهم، ويتحاشى أقربَ الناس إليه، بل لربما يُصوّر له الطَّعام الذي يأكله بصورٍ، إذا أراد أن يتعاطى ذلك أو يتناوله بأمورٍ مُستقبحةٍ ومُستهجنةٍ؛ فتعافه نفسُه، وربما صوّر لبعضهم أنَّه يُعاني من أشياء، فيأتي لأحدهم ويُصوّر له أنَّ في رأسه، أو في دماغه، أو في بطنه، أو في جوفه حيَّة، أو نحو ذلك.

وبعضهم يتصوّر أنَّ في رأسه جهازًا يُبرمج حركةَ هذا الإنسان وذهابه ومجيئه، وما إلى ذلك، يأتيه في طهارته، وصلاته، وفي عبادته، فيُكبر ألف مرةٍ، وقد سمعتُ من بعضهم: أنَّه يقف عنده مَن يقول له: كبَّرتَ؟ ثم يُعيد، ثم يُعيد، ثم يُعيد، ويأتي بعضهم ويضع المسجل ويُكبر، ثم يسمع، ثم يُعيد، ويأتي في الطَّهارة، ويُعيد من صلاة العصر إلى اثني عشر في الليل، وهو يتوضّأ للعصر، وقد حدَّثني بعضُهم أنَّه ترك الصَّلاةَ، وبعضهم ترك الطَّهارة، وبعضُهم ترك غسل الجنابة، وبعضهم ترك ذلك شهرًا، وبعضهم ترك ذلك سنةً، وهذا الذي يُريد الشَّيطان منه، يتلاعب به، ويتوهم بعضُهم أنَّ الثيابَ نجسة، فلا يُجدي معه غسلٌ، ولا بأعظم المنظِّفات، وهو لا زالَ يسأل: هل تنظَّف هذا الثوب وإلا ما تنظَّف؟ فيُعيد السؤال بصورٍ كثيرةٍ جدًّا، ولا تستطيع معه أن تصل إلى نتيجةٍ.

وبعضهم في الطَّلاق يتوهم أنَّه طلَّق: نطق، ما نطق؟ ثم يقول قطعًا للشَّك باليقين: نطقتُ بها.

أنا أقول لهؤلاء: لو جئتَ بأكبر مُكبر صوت في البلد، ونطقتَ بالطَّلاق، وأعلنته أمام الخلائق، وأمام الأوَّلين والآخرين، لا يقع طلاقُك، ومع ذلك يرجع ويسأل ثانيةً وثالثةً، ثم يقول: أنا أكلتُ حبوبًا، لعلي حينما نطقتُ به كان كذا. ثم يأتيه ويقول: لعلَّ الشيخ ما فهم السّؤال. وهكذا بلا نهايةٍ -نسأل الله العافية-.

هذا كلّه من عمل الشَّيطان، ومَن يستجيب لخواطره ووساوسه يتلاعب به، ويُخوّفه من أشياء لا حقيقةَ لها، ويُنغِّص عليه لحظتَه التي يعيشها سالـمًا مُعافًى، ويتخوَّف من أمراضٍ في المستقبل، ويبدأ يتوهم أمراضًا، أو نحو ذلك، فربما يُضخم الحبَّةَ فتكون قُبَّةً، فتتحوّل الأشياء البسيطة إلى أمراض مُعضلة، وهو ليس به بأسٌ، أو يُذكِّره بأمورٍ مفيدةٍ سابقةٍ تُحزنه، فإن لم يستطع جاءه في المنام فأراه ما يكره، هذا فضلاً عن تزيينه للباطل وللمنكر وللمعصية، فإذا أراد أن يتوب صرفه عن التوبة، وقال: أنت تتلاعب بالتوبة. ثم صرفه أيضًا عن الاستقامة، وقال: إنَّ حالك حال المنافقين، تظهر في حال أهل الصَّلاح، وأنت تعصي الله في السر! هذا نفاقٌ. مع أنَّ هذا ليس بنفاقٍ، حتى يصرفه عن طاعة الله بالكُلية، فهنا يحتاج إلى استعاذةٍ.

وأنا لا أُريد أن أُطول في هذا المجلس، انتهى الوقتُ، والكلام في هذا يطول، لكن خذوها مني كلمةً مُختصرةً: هذا الشَّيطان إن فتحتَ له نافذةً كثُقب الإبرة، دخل عليك من بابٍ كالأفق، لا يزال بك: يتلاعب ويقذف حجرًا بعد حجرٍ، كلَّما ألقى لك خاطرةً تبعتها، ثم الثالثة، ثم الرابعة، حتى يمتلئ القلبُ من ذلك، إن كانت تزيينًا بالمنكر فهي خطوات الشَّيطان، وإن كانت من المخاوف التي يُلقيها في قلب العبد؛ فيتعاظم ذلك، فيُصبح هذا الإنسان يشعر أنَّ الجنَّ والإنس يكيدون له، وإذا كان ما يتعلّق بالعلل والأمراض ونحو ذلك يتصور أنَّه قد نزلت به الأدواء التي يعيا الأطباءُ بعلاجها، فهنا يحتاج العبدُ إلى الاستعاذة، ولا طريقَ إلا الاستعاذة منه، ومن شرِّه، فهو عدوٌّ يأتيك في صلاتك يُفسدها عليك، وإذا تكلَّمتَ قال: كلامك جميل، وممتاز، ومُرتّب، وفصيح، وبليغ، وقد أوتيتَ جوامع الكلام، فيُفسد عليك نيَّتك.

إذا جئت تصوم، أو تقرأ القرآن، أو تذكر الله جاءك، وإن سجدتَ وأطلتَ السُّجود جاءك، وإن رفعتَ يديك تدعو جاءك، فلا يترك سبيلاً إلا جاءك منه، ومن كل طريقٍ يستطيعها، إذًا ما الحل؟

الحل هو الاعتصام والالتجاء بالله منه، وألا تلتفت أبدًا لخواطره ووساوسه، انصرف عن هذا بالكُليّة.

والله أعلم، وصلَّى الله على نبينا محمدٍ، وآله وصحبه.

  1. أخرجه بهذا اللَّفظ أبو داود: تفريع أبواب الوتر، بابٌ في الاستغفار، برقم (1523)، وصححه الألباني.
  2. "منهاج السنة النبوية" (5/187).
  3. أخرجه مسلم: كتاب الصَّلاة، باب قدر ما يستر المصلِّي، برقم (510).
  4. "بدائع الفوائد" (2/199).

مواد ذات صلة