الأحد 22 / جمادى الأولى / 1446 - 24 / نوفمبر 2024
(232) الدعاء للمريض في عيادته " أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك "
تاريخ النشر: ٠٥ / محرّم / ١٤٣٦
التحميل: 2064
مرات الإستماع: 1883

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله.

أما بعد: فالحديث الثاني أو الدُّعاء الثاني الذي يُقال للمريض، وقد ذكر المؤلفُ دُعاءين اثنين: فالأول سبق الحديثُ عنه، والثاني هو: ما جاء عن ابن عباسٍ-رضي الله عنهما-، عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: مَن عاد مريضًا لم يحضر أجلُه فقال عنده سبع مرار: أسأل الله العظيم، ربّ العرش العظيم أن يشفيك؛ إلا عافاه الله من ذلك المرض[1].

وفي روايةٍ:    ما من عبدٍ مسلمٍ يعود مريضًا لم يحضر أجلُه، فيقول سبع مرات: أسأل الله العظيم، ربّ العرش العظيم أن يشفيك؛ إلا عُوفي.  

أخرجه الترمذي[2]، وأبو داود، وقال الترمذي: "حسنٌ غريبٌ"، وحسَّنه أيضًا البزار[3]، والحافظُابن حجر[4]، والألباني في بعض كُتبه[5]، وقال عنه المنذري:"إسناده صحيحٌ، أو حسنٌ، أو ما قاربهما"[6]، وكذلك أيضًا قال جمعٌ من أهل العلم بصحّته: كالسيوطي[7]، والشيخ أحمد شاكر[8]، والألباني في بعض مُؤلَّفاته صححه[9]، وحسَّنه في بعضها[10].

وقال ابنُ كثير:"بأنَّه جاء من حديث أبي خالد الدَّالاني يزيد بن عبدالرحمن، وفيه ضعفٌ، لكن رواه النَّسائي من طرقٍ أخرى"[11]، وكذلك أيضًا قال الشَّوكاني:"في إسناده يزيد بن عبدالرحمن، وقد وثَّقه أبو حاتم، وتكلّم فيه غير واحدٍ"[12].

فالحاصل أنَّ هذا الحديثَ حديثٌ صحيحٌ، يقول فيه النبيُّ ﷺ: مَن عاد مريضًا لم يحضر أجلُه فقال عنده سبع مرار، ظاهره أنَّ هذا الدَّاعي أو القائل أو الذي يعود المريضَ أنَّه ولو كان كافرًا، يعني: الزائر العائد للمريض، ولكن في الرِّواية الأخرى قال:    ما من عبدٍ مسلمٍ يعود مريضًا  ، فهذه تُقيد الرِّواية الأخرى؛ فيكون ذلك للمسلم، يعني: أن يكون صادرًا من مسلمٍ.

وقوله ﷺ:مَن عاد مريضًا، وفي الرِّواية الأخرى:   ما من عبدٍ مسلمٍ يعود مريضًا  ، هذا يشمل الرجلَ والمرأة؛ فإنَّ المرأة  إذا قالت ذلك فلا إشكالَ، فإنَّ النساء شقائق الرِّجال.

وقوله ﷺ: مَن عاد مريضًا فإنَّ"مَن" يدخل فيها النِّساء.

وأمَّا قوله:    ما من عبدٍ مسلمٍ   فإنما ذكر العبدَ المسلمَ من باب ذكر الأشرف من الجنسين، ولكن المرأة داخلةٌ في ذلك بلا مريةٍ.

وقوله هنا: مَن عاد مريضًا لم يحضر أجله، فقال عنده سبع مرار، لم يحضر أجلُه هذا المريض، مَن عاد مريضًا لم يُحدد هذا المرض بنوعٍ خاصٍّ؛ فيدلّ على أنَّ ذلك يكون من سائر العِلل والأمراض، لا يختصّ بمرضٍ دون مرضٍ، سواء كان مما يعرف الأطباءُ علاجَه، أو مما لم يعرفوه، أو سواء كان ذلك مما وقف الأطباءُ على عِلَّته، أو كانت عِلَّته خفيَّةً لم تُعرف، يعني: الأطباء أحيانًا يتوقفون يقولون: نحن لا ندري ما هذه الحالة؟ أو ما هذه العِلَّة؟ أو ما هذا المرض؟ أو ما هذا الدَّاء؟ حالة جديدة بالنسبة إلى هذا الطَّبيب، فذلك جميعًا.

وظاهره أنَّ هذا المرضَ سواء كان من الأمراض العضوية، أو كان من الأمراض الأخرى الروحانية كما يُقال، به عِلَّة، مريض، فهذا مريضٌ؛ لأنَّ المرضَ هو اختلالٌ، اعتلالُ مزاج البدن، هذا هو الذي يُقال له: المرض.

فالنبي ﷺ هنا أطلق: مَن عاد مريضًا، وقيَّده بهذا القيد: لم يحضر أجله، مفهوم المخالفة أنَّه إن كان قد حضر أجلُه فإنَّ مثل هذا القول لا يكون مُنتجًا لهذا الذي قاله النبيُّ ﷺ وهو العافية؛ أن يكون سببًا للعافية، فهذا قيّدٌ مُعتبرٌ يدلّ على أنَّ المريضَ الذي قد حضر أجله –يعني: أنَّ هذا مرض الموت- لا يُفيده ذلك في تأخير الأجل، ولكن هل تنعدم الفائدة من مثل هذا الدُّعاء؟

الجواب: أنَّ ذلك لا ينعدم: لا بالنسبة للمقول له، ولا بالنسبة لقائله؛ فإنَّ الدُّعاء لا يضيع عند الله -تبارك وتعالى-، وقد وعد بالإجابة؛ فقال الله :وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[غافر:60]،وقال: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي[البقرة:186]، قيل: بالدُّعاء، وقيل: بالتوحيد والعبادة والامتثال،وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ[البقرة:186].

فالمقصود أنَّ الدعاء لا يضيع عند الله، وقد أخبر النبيُّ ﷺ أنَّ الدَّاعي يكون له إحدى ثلاث خصالٍ ولا بدَّ: فإمَّا أن يُعجّل له ما سأل، وإمَّا أن يدّخر له ذلك في الآخرة، وإمَّا أن يكون ذلك سببًا في دفع مكروه مثلما دعا؛ أن يدفع عنه من المكروه مثله[13]، وهذا المكروه قد لا يشعر الإنسانُ به، قد يكون هذا الإنسانُ قُدِّر عليه بالصُّحف التي بأيدي الملائكة أنَّ مصيبةً تقع له، ولكن يُدْفَع عنه بسبب دُعاءٍ آخر دعا به لنفسه، أو لغيره، لكن الدُّعاء الذي يكون لغيره لا يُحرم منه هذا المدعو له، فيكون ذلك يُعوّضه الله منه ما شاء من الأجر ورفع الدَّرجات، وما إلى ذلك.

فلم يُعجّل مُقتضاه بالبُرء، ولكنَّه يحصل له: إمَّا دفع مكاره وعِلل أخرى وأمراض قد تتفاقم، ومعلومٌ أنَّ المريضَ إذا ضعفت عافيتُه وتراجعت صحَّته فإنَّ ذلك يكون مدعاةً لكثيرٍ من الأمراض تتتابع؛ فيدخل المستشفى بسبب عِلَّةٍ مُعينةٍ، ثم بعد ذلك ينجرّ الحالُ إلى عِلَّةٍ أخرى، وثالثة، ورابعة، وهكذا، ولربما أصابه شيءٌ من العِلل بسبب البيئة التي هو فيها؛ فإنَّ المستشفى لا يخلو من أمورٍ بسبب اجتماع المرضى، ويكون هذا قلَّت مناعتُه لربما؛ فينتابه من الأمراض ما لا يكون في حُسبانه.

إذن يدفع عنه البلاء، وقد يخفف عنه المرض، وقد يكون هذا المرض مُتفاقمًا، لكن بمثل هذا الدُّعاء والرُّقَى يُخفف عنه مثل هذا المرض، وقد يكون ذلك أيضًا مُسهِّلاً له الأحوال التي يُلابسها من هذه العلاجات، ولربما تكون في غاية الصُّعوبة والمشقّة والألم، فيُخفف عنه ذلك؛ ولذلك تجد بعض المرضى لا يجد كبير عناءٍ مع هذه الأنواع من الأدوية والعلاجات القوية لبعض الأمراض الشَّديدة، وتجد آخر يُعاني غاية المعاناة؛ أوهنته هذه الأمراض، وأوهنته أيضًا هذه الطُّرق في علاجه.

فالمقصود أنَّ هذا قد يُخفف عنه، وقد يكون أيضًا يُخفف عنه الموت وسكرات الموت، ويسهل عليه المرض، ويسهل عليه أيضًا الموت.

ومن هنا فإنَّه ينبغي التَّفطن إلى هذا المعنى، كثيرٌ من الناس قد يبذلون كلَّ مُستطاعٍ إذا كان لهم مريضٌ: من الرقية، وأنواع العلاج، والدُّعاء، والصَّدقة، يبذلون الأموالَ الطَّائلة في كل سبيلٍ من سُبُل الخير، ثم يموت هذا المريض، مع كثرة الدعاء، والإلحاح في الدعاء، فهل خيّب اللهُ رجاء هؤلاء؟ هل خاب سعيُهم؟

كلا، ولكنَّه قد حضر أجلُه، ولا بدَّ من الأجل، ولا بدَّ من الموت، فهل هذا يعني أنَّ الصَّدقة لا تنفع، وأنَّ الدُّعاء لا ينفع، وأنَّ الرقية لا تنفع؟

الجواب: إنَّ ذلك ينفع بإذن الله ؛ ولهذا شُرع لنا التَّداوي، وشُرع لنا الدُّعاء، وشُرعت لنا الصَّدقة، والتَّداوي بالصَّدقة، ولكن إن لم يتحقق مُقتضى ذلك بالنسبة لهذا المريض؛ فإنَّ هؤلاء جميعًا يحصل لهم من الأجور، ورفع الدَّرجات، وتكفير السَّيئات في هذه المصيبة من أوَّلها في وقوع المرض، وما يقع له من الهمّ والحزن والتَّألم لحاله، وما يقع له هو أيضًا من رفع الدَّرجات، وحطّ السيئات.

وقد ذكرنا في الليلة الماضية أنَّ الأمراضَ على الراجح والمصائب تُكفّر السَّيئات، وتكون سببًا لرفعة الدَّرجات، وسببًا للأجور أيضًا، فمثل هذا ينبغي التَّفطن له، وأنَّ الله لا يخيب سعي السَّاعين، والباذلين، والمحسنين، والدَّاعين، ولكنَّه قد يدَّخر لهم ذلك في الآخرة، فلا يُقال: خيَّب رجاءهم! ما الفائدة من دُعائهم؟! لكنَّه قد لا يكون حضر الأجل، وفي الصُّحف التي بأيدي الملائكة: أنَّ هذا الإنسان يموت إذا بلغ السنَّ المعين، فيكون الدعاءُ والصَّدقة وصلة الرحم وما إلى ذلك من الأسباب سببًا لشفائه، فيطول العمر.

لكن الذي في علم الله وفي اللوح المحفوظ لا يتغير، إنما كما قال الله :يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ[الرعد:39]، يعني: يمحو ما يشاء ويُثبت –يعني- مما في أيدي الملائكة من الصُّحف، فإنَّ التقدير أنواع:

فهناك التَّقدير الأزلي: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء[14]، هذا لا يتبدّل، ولا يتغير، ولا يتحوّل بحالٍ من الأحوال، فالذي في علم الله لا يحصل له التَّغيير، الذي في اللوح المحفوظ لا يحصل له التَّغيير، هو كما قضاه الله .

وهناك تقديرٌ آخر في صُحف الملائكة، فهذا يحصل به المحو والإثبات، هناك تقديرٌ يُسمَّى: بالتَّقدير العُمْري، وهو الذي جاء في حديث الصَّادق المصدوق؛ حديث ابن مسعودٍ لما ذكر مراحل الجنين، ثم بعد ذلك: إذا بلغ أربعة أشهرٍ يُبعث إليه الملكُ، فيُؤمَر بأربع كلمات: برزقه، وأجله، وعمله: شقي، أم سعيد[15]. فهذا يُقال له: التَّقدير العُمْري، يعني: عمر هذا الإنسان؛ ما الذي يُقضى له؟ ما الذي يكون بتقدير الله -تبارك وتعالى- له مما يطّلع عليه الملك؟

وهناك تقديرٌ يُقال له: التَّقدير الحولي، قال الله عن ليلة القدر: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ[الدخان:4]، فهذا تقدير السَّنة: الأرزاق، والآجال، وما إلى ذلك،هذا في السَّنة، فهذا التَّقدير الذي تطّلع عليه الملائكة، الذي بأيدي الملائكة، الصُّحف التي بأيدي الملائكة يحصل بها التَّغيير؛ فيكون عمرُ هذا الإنسان بالصُّحف التي في أيدي الملائكة يبلغ الخمسين، ويكون في علم الله أنَّ هذا الإنسان يدعو، أو يَصِلُ الرحم، أو نحو ذلك؛ فيمدّ له في العمر إلى الستين.

ونحن مأمورون بتعاطي الأسباب، كما أنَّ الإنسان يدفع قدر الله بقدر الله: بالأكل إذا جاع، فالجوع قدر، فيدفعه بالأكل، وإذا أصابه العطشُ يدفعه بقدر الله؛ فيشرب، فيندفع عنه العطشُ.

وهذا الإنسان يعلم الأسبابَ في ذهابه ومجيئه، وركوبه وانتقاله وسفره، كلّ هذا من الأسباب،لا يتَّكل على القدر.

فالمقصود أنَّ هؤلاء الذين يبذلون في سبيل علاج هذا المريض من دعاءٍ وصدقات ونحو ذلك لا يضيع، وسعيُهم لايخيب.

فينبغي على العبد أن يُحسن الظنَّ بالله -تبارك وتعالى-، ولا يقول: عملنا، ودعونا، وتصدّقنا، ثم لم نرجع من ذلك بشيءٍ! كلا، هذا سُوء ظنٍّ بالله -جلَّ جلاله، وتقدَّست أسماؤه.

فالشَّاهد: أنَّ هذا الذي يعود المريض ويقول سبع مرات، وهذا العدد غير مُدركٍ، يعني: التَّعليل؛ لأنَّ هذا في علم الغيب، لكن العدد هذا في السبع جاء في أشياء كثيرة: في الرُّقى، والعلاج، وغيرهما: مَن تصبَّح بسبع تمراتٍ[16]، وكذلك أيضًا النبي ﷺ قال: صبُّوا عليَّ من سبع قِرَبٍ[17]، من سبعة آبارٍ من آبار المدينة في مرض موته .

كذلك أيضًا فيما يتعلق بالرُّقَى؛ في قراءة بعض هذه الرُّقَى سبع مرات، ومثل هذا الدُّعاء أيضًا سبع مرات، والله -تبارك وتعالى- أنزل القرآنَ على سبعة أحرفٍ.

وكذلك خلق سبع سماوات، وسبع أرضين، فهذا العدد له ...، والصَّغير المولود يُعقّ عنه يوم سابعه، ويُسمَّى في يوم سابعه، ويُختن في سابعه[18].

وقد ذكر ابنُ القيم[19]-رحمه الله- تعليلاً لهذا فيما يتعلق بالمولود: أنَّ السبعة إذا دارت فإنَّ هذه تُعتبر ما بعدها انتقال جديد، فإذا جاوز هذه الأيام السبعة يكون جاوز مرحلةً، ثم بعد ذلك ينتقل إلى غيرها، فيُرجا له السَّلامة، فيُختن ويُسمَّى في اليوم السَّابع، إلى غير ذلك. وإن كان في موضوع الختان ذكر أشياء أخرى؛ فذلك أنَّه أقلّ في الإيلام إذا كان في اليوم السابع، وإذا كان فيما بعده فإنَّه يكون أعظم إيلامًا.

الشَّاهد: يقول سبع مرات: أسأل الله العظيم، بعضهم قال:"سبع مرات" نظرًا للأعضاء السَّبعة التي يسجد عليها الإنسانُ. ولكن هذا يحتاج إلى دليلٍ.

يقول: أسأل الله العظيم، العظيم في ذاته وصفاته، فالله هو العلي العظيم.

ربّ العرش العظيم، والعرش هو أعظم المخلوقات كما هو معلومٌ.

وبعضهم ضبطه بنصب "العظيم": ربّ العرش العظيم يعود إلى الله ، يعني: الله هو العظيم، أو ربّ العرش العظيمِ يعني: العرش العظيمِ؛ العظيم صفةٌ للعرش، والعرش لا شكَّ أنَّه موصوفٌ بالعظمة، والله -تبارك وتعالى- موصوفٌ بالعظمة، فكلّ ذلك لا إشكالَ فيه.

والعرش في كلام العرب يُقال لسرير الملك، وهذا العرش تحمله ملائكةُ الرحمن، وهو كالسَّقف للعالم كما ذكر ذلك أهلُ العلم: كشيخ الإسلام[20]، وغيره.

فيقول: أسأل الله العظيم، ربّ العرش العظيم أن يشفيك يقول النبيُّ ﷺ أنَّه إذا قال ذلك سبع مراتٍ لمن لم يحضر أجلُه، قال: إلا عافاه الله من ذلك المرض، وفي الرِّواية الأخرى: إلا عُوفي.

وهنا: يعود مريضًا، ولم يُقيد ذلك بالمسلم؛ فلو عاد مريضًا من غير المسلمين، وقال هذا؛ فظاهره أنَّ ذلك يتحقق فيه.

الشاهد: أنَّه يدعو بهذا الدُّعاء سبع مرات فيكون مُقتضاه، والنبي لا ينطق عن الهوى، قال: إلا عافاه الله ، عافاه إلا أن يكون قد حضر أجلُه؛ فتحصل له تلك الأمور الأخرى: من تهوين المرض، ودفع عِللٍ أخرى، ورفع درجات، وما إلى ذلك من مُعافاة الباطن من الوساوس والخواطر، والحزن والغمّ الذي يعتري المريض عادةً.

ولذلك تجد بعض الأمراض -نسأل الله العافية للجميع- لربما يُعطى كثيرٌ من المرضى من الأدوية النَّفسية القوية التي تجعل هؤلاء في حالٍ أشبه ما يكون في غاية الوعي، يعني: تجد هذا الإنسان في حالٍ يكون أشبه بالتَّخدير، بحيث لا يشعر باكتئابٍ وحزنٍ بسبب المرض، بينما تجد آخر عنده من التَّسلي، والراحة، والروح، والطُّمأنينة ما لا يُقادر قدره.

فهذا الحديث فيه استحباب الدُّعاء للمريض بهذا الدُّعاء، وتكرير ذلك سبع مرات، وإلا إذا جاء الأجلُ فإنَّه لا يُردّ:

وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كلَّ تميمةٍ لا تنفع[21]

فمثل هذا ينبغي أن يتحرَّاه المؤمن، ويدعو به لمن يعوده من المرضى، إذا دخلتَ على مريضٍ فقل له ذلك، فلعل الله أن يجعل ذلك سببًا لبُرئه.

هذا، وأسأل الله -تبارك وتعالى- أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، ويجعلنا وإياكم هُداةً مُهتدين.

والله أعلم، وصلَّى الله على نبينا محمدٍ، وآله وصحبه.

 

 

  1. أخرجه أبو داود: كتاب الجنائز، باب الدُّعاء للمريض عند العِيادة، برقم (3106).
  2. أخرجه الترمذي: أبواب الطبِّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، برقم (2083).
  3. "مسند البزار = البحر الزخار" (11/321)، برقم (5130).
  4. انظر: "نتائج الأفكار" (4/187).
  5. "تخريج الكلم الطيب" (ص131)، (150).
  6. "الترغيب والترهيب" للمنذري (4/167)، برقم (5281).
  7. انظر: "الجامع الصغير وزيادته"، برقم (8087).
  8. في تحقيقه على "مسند أحمد" ت: شاكر (2/538)، برقم (2137).
  9. "صحيح الجامع"، برقم (5766)، وبرقم (6388).
  10. "تخريج الكلم الطيب" (ص131)، (150).
  11. "إرشاد الفقيه" (217/1).
  12. "تحفة الذاكرين بعدّة الحصن الحصين" (ص332).
  13. أخرجه أحمد في "المسند"، برقم (11133)، وجوَّد إسناده مُحققوه.
  14. أخرجه مسلم: كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى -عليهما السلام-، برقم (2653)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-.
  15. متفق عليه:أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، برقم (3208)، ومسلم: كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمِّه، وكتابة: رزقه، وأجله، وعمله، وشقاوته، وسعادته، برقم (2643).
  16. أخرجه مسلم: كتاب الأشربة، باب فضل تمر المدينة، برقم (2047).
  17. أخرجه أحمد في "المسند"، برقم (25179)، وقال مُحققوه: "حديثٌ صحيحٌ، وهذا إسنادٌ اختلف فيه على عبدالرزاق".
  18. أخرجه أبو داود: كتاب الضَّحايا، بابٌ في العقيقة، برقم (2838)، والنَّسائي: كتاب العقيقة، باب متى يعقّ؟، برقم (4220)، وأحمد في "المسند"، برقم (20193)، وقال محققوه: "إسناده صحيحٌ، رجاله ثقات؛ رجال الشيخين"، وصححه الألباني في "إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل" (4/385)، برقم (1165).
  19. انظر: "تحفة المودود بأحكام المولود" (ص184).
  20. انظر: "جمهرة أشعار العرب" (ص536)، و"الفاضل" (ص51)، و"العقد الفريد" (3/210).
  21. انظر: "جمهرة أشعار العرب" (ص536)، و"الفاضل" (ص51)، و"العقد الفريد" (3/210).

مواد ذات صلة