السبت 21 / جمادى الأولى / 1446 - 23 / نوفمبر 2024
35- ومن كتاب الاختيارات. القواعد 467-479‏
تاريخ النشر: ٢٦ / ذو الحجة / ١٤٣٣
التحميل: 2356
مرات الإستماع: 2709

الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

"وفي لزوم التمذهب بمذهب، وامتناعِ الانتقال إلى غيره وجهان في مذهب أحمد، وغيره، وفي القول بلزومه: طاعة غير النبي ﷺ في كل أمره ونهيه، وهو خلاف الإجماع، وجوازه فيه ما فيه، ومن أوجب تقليد إمام بعينه استتيب، فإن تاب؛ وإلا قتل، وإن قال: ينبغي، كان جاهلاً ضالاً، ومن كان متبعًا لإمام، فخالفه في بعض المسائل لقوة الدليل، أو لكون أحدهما أعلم وأتقى، فقد أحسن، وفي موضع آخر قال: يجب عليه".

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فالكلام في مسألة التمذهب معروف، ولا بأس أن يتفقه طالب العلم على مذهب معين، فيتدرج في الكتب المصنفة التي كتبها الفقهاء في ذلك المذهب الشائع في بلده، ولكن عليه مع ذلك أن يُعنى بالدليل والقول الراجح، هذا بالنسبة لطالب العلم، أما غير طالب العلم، فإن العامي لا مذهب له أصلاً، وإنما مذهبه مذهب من أفتاه، فالعوام هم تبع لعلمائهم في بلدهم، يسألونهم، فيفتونهم، وهذا هو الواجب عليهم، وليس لهم مذهب، ومن ثم فإن هؤلاء العامة اليوم الذي لربما يقول: أنا شافعي المذهب، أو امرأة تقول: أنا شافعية، ثم تريد أن تتوصل بذلك إلى أمور يفتي علماء البلد بأنها محرمة، تريد أن تتوصل إلى استحلالها مثلاً، والترخص فيها، فهذا لا يُقبل منها، فالعامي لا مذهب له، وإنما مذهبه مذهب من أفتاه.

هذا هو الواجب على العامي، أن يسأل من يثق بدينه وعلمه؛ ثم يعمل بمقتضى ذلك، ولا يخص أحدًا من الناس من أهل العلم يأخذ كل ما يقول: ويقف عنده، إنما ذلك يكون للرسول ﷺ ومن ثم فإن العامي يمكن أن يسأل هذا العالم في هذه المسألة، وهذا العالم في تلك المسألة، وعالمًا ثالث في مسألة ثالثة، ولا بأس أن يسأل عالمًا؛ لأنه لا يوجد عالم في البلد سواه، أن يسأله عن كل ما نابه، ولا بأس أيضًا أن يسأل العالم المعين؛ لأنه يثق به أكثر من غيره، يعني: أنه أرجح في نظره من جهة العلم، ومن جهة الدين والورع مثلاً، فلا بأس، لكن أن يلتزم ديانة بأن يأخذ كل ما قاله فلان، ويترك ما عداه، مهما أوردت عليه الأدلة، فهذا لا يجوز.

والذين يلتزمون مذهبًا من المذاهب لا يجوز لأحد منهم أن يحجر على نفسه، أو على غيره، فيقول: لا يجوز الخروج عن قول فلان من العلماء المتبوعين، فهذا لا يكون إلا للرسول ﷺ وكل يؤخذ من قوله ويترك، والأئمة لهم مقالات معروفة في هذا الباب، ينهون عن تقليدهم، وأنه إذا وجد الدليل، فهو مذهبهم، وأنه إن وجد في كلامهم ما يخالف كلام الرسول ﷺ فإنهم يطالبون الناس أن يضربوا بقولهم عرض الحائط، هذا كثير في كلام الأئمة، فالتعصب لهم، وإلزام الناس أن يأخذوا بكل ما قاله الواحد منهم هذا غلو، ولا يجوز، ولا يرضونه، والجفاء أيضًا بالإعراض عن أقوالهم واستنباطاتهم واجتهاداتهم وعلومهم هذا أيضًا جفاء، ولا يليق بطالب العلم بحال من الأحوال، فالاعتدال في الأمور لا بد منه، فيتفقه الإنسان على مذهب، ليتعرف على الفقه، ثم بعد ذلك هو ينظر أيضًا في أمرين آخرين عن طريق هذا العالم الذي يتلقى عنه، وهو الدليل، والقول الراجح، يعني: قد يكون القول الراجح خلاف المذهب.

الذين يلتزمون مذهبًا معينًا، ويوجبون التمذهب بمذهب معين، ثم يخالفون هذا المذهب، فهذا على حالين، وقد ذكر هذا الشاطبي -رحمه الله- في كتاب الموافقات[1] هؤلاء على حالين: إما أن يكون خروجه عن هذا المذهب في هذه المسألة، وهو يوجب التمذهب، والأخذ بأقوال هذا الإمام أنه خرج عن ذلك لدليل، فهذا هو الواجب، ولا إشكال في ذلك، لكن الإشكال أن يلتزم مذهبًا معينًا، ويوجب الأخذ به، ثم يخرج عن هذا المذهب في مسألة لغير دليل، فهذا لا يجوز، لاحظوا، مع أن التزام التمذهب بمذهب معين يؤخذ عنه كل ما دوّن فيه هذا غير صحيح، كذلك الخروج عنه من غير دليل، هذا أيضًا غير صحيح، لماذا غير صحيح؟

هو غير صحيح؛ لأنه اتباع للهوى، يعني: كيف نعرف علامات المتبع للهوى؟ هذا إنسان يرى وجوب التمذهب بهذا المذهب، طيب، هو تمذهب به، ورأيناه في هذه المسألة خرج عنها إلى مذهب آخر لغير دليل، لماذا خرجت عن المذهب الذي توجب على نفسك أن تتبعه من غير دليل، فهو وجد شيئًا يوافق هواه في قول، في مذهب آخر؛ فأخذ به، وهذا ذكر له الشاطبي -رحمه الله- أمثلة يحسن مراجعتها لطلاب العلم في الموافقات[2] ذكر مثلاً في بلاد الأندلس والمغرب أن الفتيا على مذهب الإمام مالك، وكان لأحد الملوك قصر يُشرف على مستشفى، فكان هذا الملك إذا نظر إلى المرضى تكدر، وانزعج، فعرض على مجلس العلماء هذه المسألة، هل يجوز، يعني: المستشفى وقف، هل يجوز نقل الوقف إلى مكان آخر بديل، أو لا؟ بديل مماثل، أو أفضل، وكان قبل ذلك أصدر قرارًا بفصل أحد هؤلاء من العلماء الذين في هذا المجلس، العلماء هؤلاء بينوا حاله، وأنه لا يصلح للفتيا، ولا يصلح لـ، فأخرجه من ديوان العلماء، فصله، أصدر قرارًا بفصله، ولم يعد يحضر مجلسهم؛ لأنه مفصول، فعرضت المسألة على هذا المجلس، هذا الملك يريد فتوى بنقل المستشفى عن قصره إلى مكان آخر؛ لئلا يتأذى برؤية المرضى، فأجمعوا على أن ذلك لا يصح على مذهب الإمام مالك -رحمه الله- لا يصح التصرف في الوقف، ولا نقل الوقف، يبقى الوقف كما هو، لا ينقل إلى مكان آخر مهما كانت الأسباب، ثم جاء إليه من يقول، طبعًا وقعوا على هذا القرار فتيا، وأعطوه لهذا الملك، فجاءه من يقول: فلان الذي فصل يقول: بأنه يوجد من علماء المشرق من يجيز ذلك، وهم أئمة، ولهم أتباع، ومذاهب معروفة، فلماذا يضيق على الأمير في أمر له فيه سعة على قول بعض الفقهاء، لاحظ! على قول بعض الفقهاء، ولو كانت المسألة لواحد منهم لتطلب قولاً لبعض الفقهاء؛ فيكون مخرجًا له، فلما علم هذا الأمير بذلك أصدر قرارًا بإعادته إلى ديون العلماء، وأعطاه كل الامتيازات التي سلبت منه، ثم عرض المسألة مرة ثانية على مجلسهم، فأعادوا نفس الكلام، لا جديد، ما في معطيات جديدة، فجاء هذا، وتكلم، وخالفهم، وأنه يوجد من علماء المشرق، الكلام الذي سمعتم آنفًا، فكتب رأيه، وهم كتبوا أيضًا إجماعهم السابق، ثم عرضوها عليه، أعطوه، قالوا: إلا واحد متحفظ، فهو عنده أنه يجوز إذا اختلفوا أن حكم الحاكم يرفع الخلاف، اختلفوا الآن، فسوغ لنفسه أن يأخذ بقول هذا.

الشاطبي -رحمه الله- يقول: إن مثل هذا اتباع للهوى، وأنه لا يجوز، وتلاعب بالفتيا[3] فالمقصود مسألة لزوم المذهب إلى آخره، نحن نقول: لا يلتزم مذهبًا لا يخرج عنه بحال من الأحوال، وإن تبين له أن الدليل على خلافه، هذا غير صحيح، وفي المقابل ليس له أن يلتزم مذهبًا، ثم نفاجأ أنه أخذ بغيره من غير موجب، من غير دليل صحيح، فيكون متبعًا للهوى، يكون متبعًا للهوى.

وتجد بعض العامة أحيانًا يقولون: نحن نأخذ بقول فلان من العلماء، عالم معاصر مثلاً، نحن نثق بفلان، إلى آخره، فإذا جاءت مسألة تخالف الهوى قالوا: لا، هو متشدد، والآن هذه بضاعة تروج، ويقال: يوجد في مشارق الأرض، ومغاربها علماء يفتون بخلاف هذا، وينبغي أن نوسع الأفق، ونأخذ بأقوالهم، ومن متى العامي يتخير؟ ومن متى العامي ينظر في فتاوى العلماء، ثم بعد ذلك يتخير ما يعتقد أنه الراجح، والواقع أنه يتخير ما يوافق هواه، فهذا لا يصح بحال من الأحوال، واضح؟

"وليس للإنسان في مسائل النزاع أن يعتقد أحد القولين فيما له، والقول الآخر فيما عليه باتفاق المسلمين".

نعم، يعني: مثلاً إذا كان جارًا، يعني: بينه وبين آخرين، اشتركوا في مزرعة أو أرض، ولم تقسم، يعني: شركة مشاعة، واضح؟ فهم مشتركون، أو في دار غير مقسومة مشتركون في تملكها، فهو إذا كان جارًا اعتقد أن الشفعة حق وثابتة، وأنه يعمل بمقتضاها، الشفعة، يعني: الجار أحق بصقبه[4] بمعنى الآن أنا مشترك مع واحد في مزرعة غير مقسومة، ملك مشاع، مزرعة، عشرة آلاف متر بيننا، ليست مقسومة، يعنى هذا الجزء لفلان، وهذا الجزء لفلان، لا، مشاع، الشريك هذا أراد أن يبيع حصته، هنا الجار أحق بصقبه يعني: أنا الشريك الآخر أحق أني أشتريها، الواجب أن يعرض عليّ ذلك قبل؛ لئلا يأتيني شريك لا أرغب في معاملته، ومشاركته، واضح؟

ففي هذه الحال يقال: كما قال النبي ﷺ: الجار أحق بصقبه فله حق أن يعترض، وينقض البيع لو باعها على طرف آخر دون أن يرجع إلى هذا الشريك، فهذا الإنسان قد يعتقد أن الشفعة حق متى؟ إذا كان الأمر له.

وإذا كان الأمر يتعلق بغيره، رد حديث الشفعة، أو إذا كان هو له هوى، كان مشتري، واضح؟ مشتري من رجل له شريك، فجاء الشريك الآخر، وقال: أنا أحق، أنا أطالب بالشفعة، حقي في الشفعة، فالمشتري، الآن هنا يقول: لا، هذا غير صحيح، هو مذهب طبعًا لبعض الفقهاء كما هو معروف، كلام الأحناف في هذه المسألة؛ قضية الشفعة، فهو الآن صار حنفيًّا حينما صار مشتريًا، واضح؟ هو لا يريد أن الشريك الآخر يعترض، فيقول: الشفعة لا تثبت لك، ولا حق لك فيها، وحينما كان المشتري طرفًا آخر، وهو يريد الشفعة، قال: لا، أنا أقول بقول الجمهور، وأعتقد هذا، والحديث واضح، وصريح، لاحظ! يتقلب، ويتلون.

وقد ذكر الشاطبي -رحمه الله- أيضًا لهذا النوع أمثلة في الموافقات، ذكر أن بعضهم إذا كان له قريب، أو من يحابيه، أو من، حتى أنه ذكر أن بعضهم يقول: هلا أعلمتني أنك أنت، يعني: صاحب الحق، أو صاحب الشفعة، أو صاحب، حتى أقضي لك بمذهب فلان[5] هو أنه طالما أنه يقضي بمذهب فلان لا إشكال عنده، فالمسألة عندهم، ولذلك ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في رسائله وكتبه في نقد التقليد، والتمذهب بالصيغة المذمومة، ليس مطلق التمذهب، ذكر أشياء منها أن عامة ما في كتب المتأخرين من المتون التي تدرس وتحفظ أنها ليست على قول الإمام، لا مالك، ولا الشافعي، ولا أحمد، وذكر أيضًا: أن الواحد من هؤلاء لربما يفتخر، أو يفتخر أصحابه أنه يفتي على المذهبين والثلاثة، يعني: حسب حال المستفتي، يجي له هذا المستفتي العامي، يقول له: أنت مذهبك ما هو؟ يقول: أنا شافعي، يقول: يجوز لا حرج، ويأتي آخر، ويقول: أنا حنبلي، فيقول: له: ما يجوز. هذا موجود.

فالشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- كان ينتقد هؤلاء، يقول: الواجب أن يفتي بمقتضى الدليل، بما ترجح عنده، لا يقول: لهذا، يجوز، في نفس المسألة، والثاني يقول له: لا يجوز، فهذا تلاعب، فالحكم عند الله واحد، والحق عند الله واحد، وكونه قال بهذا بعض العلماء لا يسوغ الأخذ به مطلقًا، ولهذا كان بعض الناس في القرن الماضي، أو في أواخر القرن الماضي يقولون، يعني مثلاً: في القوانين الإنجليزية لما احتلت الهند من قبل بريطانيا، فكتب بعض أهل الهند لبعض العلماء في المشرق، كلهم في المشرق، لكن أقصد هنا قريب يعني، في البلاد المجاورة، يسألون عن الحال، والعمل، والمخرج، نحيت الشريعة، وحكمت القوانين الإنجليزية، فكان يقول لهم: إن القوانين الإنجليزية قريبة من الشريعة بحيث أنه يمكن أن تخرج على قول بعض الفقهاء، ولو كان شاذًا، طيب، وإن كانت يمكن تخرج على قول بعض الفقهاء، يعني: أنها تسوغ؟ تبقى طاغوتًا.

وآخر كان يقول: عن القوانين التي في بلده يقول: الأمر في ذلك يسير؛ لأن هذه القوانين يمكن أن تخرج على قول بعض الفقهاء، يعني: كل مفردة نجد لها قائل، هذا معنى: من تتبع الرخص فقد اجتمع فيه الشر كله، وهذا لا تبرأ به الذمة بحال من الأحوال، ولذلك ذكرت لكم في مناسبة ما قاله الشاطبي -رحمه الله- بالنسبة للعامي: إذا وقف على قولين، واستويا في نظره، يعني: من ناحية الحجة، ومن ناحية رجاحة العالم في ديانته، وعلمه، ماذا يفعل؟ هذا يقول: يجوز، وهذا يقول: لا يجوز؟ يقول: ينظر في الهوى، أين يتجه؟ فيأخذ بعكس الهوى[6] لماذا؟ قال: لأن الشريعة قد ركبت تركيبًا على خلاف داعية الهوى في النفوس؛ لأنها قد وضعت لإخراج المكلف من عبودية هواه، واليوم فقهاء التيسير كما يسمونهم، يقولون: للناس، يطبطبون على أكتافهم، ويقولون: لا حرج، لا بأس عليكم، ولا يكاد يقول: لا يجوز، هذا تضييع للدين؛ الشريعة جاءت لإخراج المكلفين من داعية الهوى، من عبودية الهوى إلى عبودية الله وحده، ولذلك فإن الأصل في التكاليف أنها مخالفة لأهواء النفوس، هذا الأصل، فكيف تطوع، وتحور لتكون موافقة لأهواء الناس بفتاوى باردة، هذا لا تبرأ به الذمة، وهو مسلك منحرف، وليس ذلك مفهوم، ومعنى أن الدين يسر.

على كل حال، هذا مثال، وقل مثل ذلك في أمثلة أخرى، مسألة زراعة الأعضاء مثلاً، فيها خلاف بين أهل العلم معروف، بعضهم يقول: تجوز بشروط، وبعضهم يقول: لا تجوز، فإذا كانت الزراعة له أخذ بقول من يجيزها، وإذا كانت لغيره قال: لا، كيف يتصرف في ملك الله، هو لا يملكها حتى يتصرف فيها ببيع، أو بهبة، إنما يهب الإنسان ما يملك، أو يبيع ما يملك، كيف يعطيه كليته، هذه ملك لله، وهي أمانة عنده، لا يجوز له أن يتصرف فيها، وإذا كانت القضية تتعلق به، أو بولده قال: لا بأس، هذا أفتى به بعض أهل العلم، ومجمعات فقهية، ولا إشكال في هذا، هذا اتباع للهوى، الحق عند الله واحد، فيجب على الإنسان أن يتحرى، فإن كان عالمًا أن يبذل جهده، ويستفرغ وسعه في تطلبه، ويكون معذورًا، إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر، وإن كان عاميًا فالواجب أن يسأل من يثق بدينه وعلمه، والعامي غير مؤهل أنه يحكم على العلماء، ويقول: فلان متساهل، وفلان متشدد؛ لأنه لا يملك الآلة التي يستطيع فيها أن يزن هذه الأدلة، وطرق الاستنباط التي بنو عليها الفتوى حتى يقول: هؤلاء زادوا، وهؤلاء نقصوا، هو لا يملك هذه الأهلية أصلاً، فما عليه إلا أن يسأل.

الآن العوام حينما يرسلون رسالة بالجوال، يسأل ما حكم كذا؟ مع ذكر الأدلة، والمراجع، عامي يسأل عن الأدلة، والمراجع، بلوى!

"ومن كان له عند إنسان حق، ومنعه إياه؛ جاز له الأخذ من ماله بغير إذنه إذا كان سبب الحق ظاهرًا، لا يحتاج إلى إثبات، وإن كان الحق خفيًّا يحتاج إلى إثبات؛ لم يجز".

نعم، هذا تفصيل ذكره شيخ الإسلام، والعلماء تكلموا في مسائل تتعلق بالظفر، ونحوه، فيما لو وجد ماله بعينه عند غاصبه، أو عند الإنسان الذي اشتراه منه، فلم يوفّ بالثمن، فأفلس، فوجد ماله عنده بعينه، بعين المال نفسه، ونحو ذلك فيمن غصب له مال، غصب له أرض، غصب له دار، أو نحو ذلك، إذا استطاع أن يأخذ هذا، هل يجوز له أن يأخذه؟

بعض الناس يقول: أنا أعمل محاسبًا في شركة، ولي مستحقات رفضوا أن يعطوني إياها، وهي ثابتة لي، هل يجوز أن آخذ بطريقة، أو بأخرى؛ لأستوفي حقي، أو لا يجوز؟ العلماء في هذا منهم من يقول: لا يجوز، ومنهم من يقول: يجوز إذا أمنت المفسدة، بحيث لا يتهم أنه سارق لو وقف عليه.

شيخ الإسلام يفصل في هذه المسألة، يقول: إذا كان سبب الحق ظاهرًا لا يحتاج إلى إثبات، مثل ماذا؟ نفقة الرجل على امرأته واجبة، وهذا لا يحتاج إلى إثبات، فلو أن الرجل لم ينفق، هل يجوز لها أن تأخذ دون أن يشعر؟ تأخذ من جيبه، من ماله، دون أن يشعر؟ الآن الحق ثابت، فلها أن تأخذ ما يكفيها، كما أفتى النبي ﷺ امرأة أبي سفيان، وهي هند بنت عتبة، أن تأخذ ما يكفيها مع بينها[7] كذلك نفقة الأولاد، نفقة الأقارب، هؤلاء الأولاد يقولون: أبونا لا ينفق علينا، هل يجوز لنا أن نأخذ، أو لا يجوز، نأخذ بقدر الكفاية، شيخ الإسلام يقول: إذا كان السبب ظاهرًا؛ فلا بأس.

الضيف، النبي ﷺ قال: من نزل على قوم فليقروه، فله أن يعقبهم بمثل قراه[8] ضيف نزل بهم، ولم يوجد أحد في هذه القرية، أو في هذه البلدة من يطعمه، ويستضيفه عنده، فهل يجوز له أن يأخذ، وجد شيئًا، وجد طعامًا، وجد فاكهة، وجد سخلة، فأخذها، وذبحها، وأكلها، يجوز، أو ما يجوز؟ يجوز، يجب عليهم أن يقروه، وإن لم يقروه؛ فله حق ثابت، له أن يأخذ مثل قراه، مثل قراه، يعني: يتفاوت الناس بحسب مرتبتهم، وبحسب، فمن الناس من يكون قراه خبزة، ومنهم من يكون دجاجة، ومنهم من يكون شاة.

لكن يقول: وإن كان الحق خفيًّا، يحتاج إلى إثبات؛ لم يجز، خفي يحتاج إلى إثبات، هذا الإنسان يقول: أنا عملت عنده ساعات زائدة، وما أعطاني، يجوز أني آخذ، أو ما يجوز؟ نقول: هذا يحتاج إلى إثبات، ما الذي يثبت أنك عملت عنده ساعات زائدة؟ وما الذي يثبت أنه ما أعطاك؟ ففي مثل هذه الحالة نقول: له: ما تأخذ، واضح؟

وهكذا قد يقول هذا الإنسان: أنا أقرضته ألف ريال، وما أعادها، وأستطيع أن آخذ من ماله، ففي هذه الحالة نقول له: ما الذي يثبت أنك أقرضته؟ وما الذي يثبت أنه لم يرجع هذا؟ لو جلستم أمام القاضي؛ لقال: البينة على المدعي، واليمين على من أنكر، فهذا يحتاج إلى إثبات، نقول: ما تأخذ.

لكن لو أنه أعاره كتابه، هذا الكتاب، وعليه اسمه، وهذا الإنسان يأخذ الكتب، ولا يردها، ودخل البيت، ووجد الكتاب في المجلس، فوضعه في حقيبته، يجوز، أو ما يجوز في هذه الحالة؟ لا إشكال في هذا.

امرأة أعارت امرأة أخرى حليًّا، عندها ما يثبت أنه لها، وتلك إذا أخذت شيئًا لا ترجعه، فجاءت، ووجدت الحلي لما زارتها في بيتها، وجدت الحلي على الطاولة، فأخذته، ووضعته في جيبها، إن لم يكن يلحقها تهمة في هذا، تتهم بالسرقة، أو نحو ذلك، فمثل هذا إذا عندها ما يثبت أنه لها؛ فلها أن تأخذه إذا وجدته بعينه، وهكذا -والله أعلم-.

"والعدل في كل زمان ومكان وطائفة بحسبها، فيكون الشاهد في كل قوم من كان ذا عدل فيهم، وإن كان لو كان في غيرهم؛ لكان عدله على وجه آخر، وبهذا يمكن الحكم بين الناس".

نعم، هذا هو المخرج في كون حياة الناس تجري على حال من الاستقامة في قيام مصالحهم، وتبادل منافعهم، وتعاطيهم الحقوق، وتبادلهم المصالح، فلو أنه طلب في الشهود مثلاً ما يطلب في زمن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- زمن عمر، وأردت أن تطبق هذا في عصرنا الذي نعيشه، لا سيما في بعض البلاد التي هي غربة، الإسلام في غربة، وقلت: نحن ما نقبل شاهدًا حليقًا؛ لأن حلق اللحية حرام، وهو فسق ظاهر، هذا لا تقبل شهادته، والذي يدخن لا تقبل شهادته، وقلت: الذي يسبل ثوبه لا نقبل شهادته، وكل البلد يدخنون، ويحلقون لحاهم، ويسبلون ثيابهم، فما معنى هذا؟ ضياع الحقوق.

فهناك إنما يكون العدول بحسب، يطلب من شروط العدالة بحسب الإمكان، بحسب الزمان والمكان، وإلا ضاعت حقوق الناس، لو جاء إنسان، وقال: أنا لا أقبل إلا شاهدًا ممن يتحقق فيه أداء الواجبات، وترك المحرمات، مع التباعد عن خوارم المروءة، وما أشبه ذلك، فمعنى هذا أن حقوق الناس ستضيع، وهذه مشكلة، لكن يعتبر في شهود كل طائفة ألا يشهد عليهم إلا من يكون قائمًا، يعني: الأمثل فالأمثل باختصار، الأمثل فالأمثل قدر الإمكان، وإلا في بعض البلاد معروف انتشار الكذب، والحيل، وضعف المروءات، وضعف الدين، ولربما كثير من هؤلاء أصلاً لا يصلي، ولا يعرف الصلاة، ولا يعرف الله فماذا تفعل؟

حاول بعض القضاة أن يرد كل من يأتي من تلك البلاد، لا يقبل شهادته، فاعترض هؤلاء، وقالوا: كيف ترد شهادتنا هكذا بالجملة؟ فقال: لأن هؤلاء لا يتورعون من الكذب، ولا من ألوان الحيل، فبينما هم كذلك إذ ينشر في صحيفة من الصحف أن طلاب كلية الطب هناك يقومون بمظاهرات يطالبون فيها بإتاحة الغش لهم رسميًّا؛ أسوة ببقية الكليات في البلد، يعني: باقي الكليات الغش غير ممنوع لا إشكال فيه، إلا الطب، فطلاب الطب يقومون بمظاهرة، يقولون: نريد إتاحة المجال لنا بالغش؛ أسوة ببقية الكليات، لماذا نستثنى؟ هذا مهندس يسقط البنيان على، وهذا مفتي، وهذا، إلا الطب، خراب العالم من ثلاثة: نصف فقيه، ونصف طبيب، ونصف مهندس، هذا خراب العمران، وهذا خراب الأبدان، وهذا خراب الأديان، فكان هذا شاهد لهذا القاضي في نظره أنه لا يقبل شهادة هؤلاء، لكن الواقع أنه يقبل الأمثل فالأمثل، قد يقال هذا في بلد آخر، يعني: لا يقبل شهادتهم في غير بلدهم مثلاً، لكن إذا كان في بلدهم سيرد شهادة الجميع؛ فتضيع الحقوق، لكن يقبل الأمثل فالأمثل.

"ويتوجه أن تقبل شهادة المعروفين بالصدق، وإن لم يكونوا ملتزمين للحدود عند الضرورة مثل: الجند، وجفاة البدو، وأهل القرية التي لا يوجد فيهم عدل".

نعم، هنا يقول: يتوجه أن تقبل شهادة المعروفين بالصدق، وإن لم يكونوا ملتزمين للحدود عند الضرورة، يعني: من أجل ألا تضيع الحقوق، وذكر أمثلة لهؤلاء، مثل: الجند؛ الجند حينما يذكر الفقهاء، أو يتكلمون فيما يتعلق بإمامة الجندي، هل يقدم للإمامة، أو لا؟ هل يصلى خلفه؟ هل تقبل شهادته، أو لا؟ وذلك؛ لأنه في ذلك الزمان مظنة للظلم، وهو عندهم في ذلك الوقت من أعوان الظلمة، فيقول بعض الفقهاء: لا يقدم للإمامة، ولا تقبل شهادته، إلى آخره، ولكن الواقع أنهم لا يستوون، واضح؟ وهم حينما يقولون: الجند، لا يقصدون من كان برتبة جندي، إنما يقصدون بأي رتبة كان، فالواقع أن هؤلاء يتفاوتون غاية التفاوت، واختلف الحال في عصرنا هذا أيضًا، فالشاهد أنهم في السابق لربما يسوقون أهل القرية، يحشدون أهل القرية لأي سبب؛ جريمة وقعت، أو أي قضية، ويظلمونهم، ويحملونهم ما لا يطيقون، وأمور، وأشياء كانت تقع كثيرًا في تلك العصور، أما الآن فعمله محدود، وقد لا يستطيع أن يتجاوزه، أو أن يعتدي على غيره في الغالب، فيتفاوتون، فمن كان فيهم من هو منضبط، وصاحب ديانة، ويخاف من الله فهذا كغيره، ومن كان معتديًا ظالمًا؛ فله حكم أمثاله.

فالشاهد أن هنا يقول: مثل: الجند، وجفاة البدو، بمعنى أن هؤلاء الجفاة لا علم لهم، ولا ورع في الغالب، ومن ثم فإنهم قد لا يتنزهون، ولا يترفعون عن شهادة الزور من باب الحمية، أو كما يقال: الفزعة لواحد منهم، فيقعون في مثل هذه الأشياء من غير مراعاة لحدود الله -تبارك وتعالى-.

قال: وأهل القرية الذين لا يوجد فيهم عدل -كما سبق- إذا كان بلد هم أصلاً فيهم ضعف في التدين، والجهل عليهم هو الغالب، والتحلل من الدين، فمثل هؤلاء ماذا يصنع بهم؟ تقبل شهادتهم، الأمثل فالأمثل، من أجل إثبات الحقوق، وهذا للأسف تجده في بلاد واسعة شاسعة كثيرًا، وبعض الذين ذهبوا إلى مخيمات اللاجئين السوريين نسأل الله أن يفرج عنهم، بعضهم يقول: في رمضان الذين يصومون في المخيم أعداد، أفراد، مخيمات في تركيا، أفراد، والبقية لا يصومون، الذين يصلون قلة أفراد، الفرض ما هو التراويح! أفراد، والبقية لا يصلون، فهذا الذي يحصل لهم، نسأل الله أن يرفع عنهم الضر، ولعل ذلك يكون من قبيل التمحيص لهم، فقد ضللوا، وأفسدت الذمم عقودًا متطاولة، وليس ذلك، يعني: أن الجميع بهذه المثابة، يوجد صلحاء، وأخيار، ودعاة، وعلماء، لكن نتكلم عن مخيم في جهة معينة، بعض من زاروه من أهل البلد، من نفس الدعاة السوريين، كانوا ينقلون هذه الصورة عما شاهدوا، وهم من أهل البلد، وهم أعرف بالبلد، وهؤلاء لا يمثلون الناس، قد يكون هؤلاء الناس ممن ذهبوا أولاً، وكانوا أصلاً إنما همهم السلامة، وليس عندهم استعداد أن يقدموا أي تضحيات مثلاً، قد يكون هؤلاء فئة لا يمثلون البقية، لكن أقول: لا شك هذا الإفساد لهذه العقود المتطاولة له آثاره، ولهذا يتأخر النصر.

"وينبغي أن نقول: في الشهود ما نقول: في المحدثين، وهو أنه من الشهود من تقبل شهادته في نوع دون نوع، أو شخص دون شخص، كما أن المحدثين كذلك".

نعم، يعني: الآن شهادة أهل الذمة مثلاً، تقبل في حالة معينة، متى؟ الوصية في السفر، في قضايا مالية، فهنا حتى لا يضيع الحق، وقد ذكر الله كما هو معلوم هذا في سورة المائدة، فهنا نقبل شهادة أهل الذمة في هذه الحال إن لم يوجد غيرهم من المسلمين أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ [المائدة:106].

كذلك شهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال، مثل شهادة القوابل، يعني: اللاتي يتولين توليد المرأة، فهؤلاء تقبل شهادتهن، هذا الذي أسقطته المرأة مثلاً هل هو مخلق، وإلا غير مخلق؟ من أجل أن يرتب عليه حكم أن المرأة وضعت الحمل، فانتهت عدتها، أو لا، العدة تنقضي بوضع الحمل، سواء كان تامًا، أو ناقصًا، فلو أنها أسقطت بضعة لحم لم تُخلق، يعني: قبل واحد وثمانين يوم، فهل تنقضي عدتها، وإلا نقول: تجلس ثلاثة قروء، نقول: تبقى ثلاثة قروء، لكن لو أن القوابل أخبرن عنها بأن الذي سقط هو مخلق، يعني: عليه تشكيل إنسان، فهنا نقول: بأن العدة قد انقضت، عدة الطلاق، وهكذا فيما يتعلق بعدة الوفاة، فإنها تنقضي، فإن كان غير مخلق نقول: تبقى أربعة أشهر، وعشرة أيام، وإلا فإن أُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4].

هذه الأمور التي ما يطلع عليها الرجال، لو وقع مشكلة، لو وقع جراح، لو وقع اشتباك بين النساء في مجمع نساء، في صالة أفراح، أين الرجال الذي يثبتون على هذه الشجاج، وأمور في قضايا إنما يقبل فيها شهادة الرجال في الأصل، في هذه الجنايات، قتل، امرأة قتلت، فهنا ما الذي يؤخذ به؟ يترك، يضيع الحق؟ نقول: ما في رجال؟ لا، تؤخذ شهادة النساء في مجامع النساء حيث لا يوجد رجال، وقل مثل ذلك كما ذكرنا سابقًا في بعض المناسبات شهادة الأطفال قبل أن يتفرقوا، فإنهم تؤخذ شهادتهم في الأماكن التي لا يوجد فيها غيرهم، في أمور يطلع عليها الصبيان، وهكذا، في أمثلة متنوعة.

وهنا في الأصل ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أشياء مفيدة في هذا الباب، إلا أنه ذكر أن قبول الشهادة، يقول: كما نقول: في المحدثين، وهنا يقول: من شهد على إقرار كذب مع علمه بالحال، أو تكرر منه النظر، لاحظ! الذين ترد شهادتهم، أو تكرر منه النظر إلى الأجنبيات، تكرر منه النظر إلى الأجنبيات، طيب، والذي يطالع المواقع الإباحية، ومدمن؟ تقبل شهادته؟ ما تقبل، نعم؟ يقول: والقعود في مجالس تنتهك فيها الحرمات الشرعية، يجلس في مجالس فيها تخليط، فيها معاصي، هؤلاء ناس يشربون شيشة، وهؤلاء ناس يأكلون حشيش، وهؤلاء ناس يأكلون قات، وجالس معهم، وتنتهك فيها حرمات الله يقول: قدح ذلك في عدالته، يقول: ومن ترك الجماعة، فليس عدلاً، ولو قلنا: هي سنة، يعني: على القول بأنها غير واجبة، يقول: ليس بعدل.

ولهذا الشاطبي في المقاصد التابعة في الأعمال التي لا تنافي الإخلاص يقول: من واظب على صلاة الجماعة بناء على القول بأنها ليست بواجبة، وهي واجبة على الراجح، يقول: من واظب على صلاة الجماعة؛ طاعة لله؛ ولإثبات عدالته؛ ولتقبل شهادته؛ لأنها ما تقبل إلا بهذا، هل يجوز، أو ينافي الإخلاص؟ يقول: يجوز؛ لأن هذا مطلب شرعي، يجب على الإنسان أن يكون على حال من الاستقامة، وكمال المروءة، وما إلى ذلك مما تثبت به عدالته، وتقبل به شهادته.

أنا اخترت بعض الأمثلة؛ لأنها مفيدة، يقول: وتحرم محاكاة الناس على وجه السخرية المضحكة، هو يتكلم على الذين ترد شهادتهم الآن، محاكاة الناس على وجه السخرية، يقلد الأصوات، أو يقلد الحركات، أو يقلد المشية، أو يقلد النظر، محاكاة الناس على وجه السخرية المضحكة، ويعزر فاعلها هو، ومن يأمره بها؛ لأنه أذى، يعني: يقول له: قلد فلانًا، يقول: يعزر هو، والذي يأمره.

يقول: ومن دخل قاعات البغايا، بعض الناس يقول: ندخل، وننظر من باب الاطلاع، من دخل قاعات البغايا؛ فتح على نفسه باب الشر، وصار من أهل التهم عند الناس؛ لأنه اشتهر عمن اعتاد دخولها وقوعه في مقدمات الجماع المحرم، أو فيه، هذه بعض الأمثلة التي نحتاج إليها، بعض الناس الذين يسافرون، بعض الطلاب المبتعثين قد يقول: أنا أذهب من باب الاطلاع، ننظر ماذا عندهم؟ ماذا في الداخل؟ ما الذي يجري؟

"إذا ادعى أحدهما صحةَ التصرف، والأخير بطلانه، فالقول قول مدعي الصحة؛ لأن الأصل السلامة".

نعم، الآن هذا مشتري وبائع، اختلفوا، المشتري أو البائع أراد أن يبطل هذه البيعة، أراد أن يردها، فادعى أمرًا يدل على بطلان البيع، والثاني قال: لا، البيع صحيح، مستوفي للشروط، فإذا ما عندنا إثبات؛ فالأصل صحة البيع، إذا ادعى أحدهما صحة التصرف، والأخير بطلانه، فالقول قول مدعي الصحة؛ لأن الأصل السلامة، هذا إنسان باع لآخر أرضًا، ومضت سنوات، باعها بخمسة عشر ألفًا، ثم صار تساوي الآن لما ارتفعت الأراضي خلال عشر سنوات تساوي أربعة ملايين، فجاءه الناس قالوا: أين؟ هذه المزارع تحولت إلى مخططات سكنية الآن، وأرضك تساوي أقل شيء قبل أن تخطط تساوي أربعة ملايين على حالها الموجودة الآن، وأنت بايعها بخمسة عشر ألفًا؟! فذهب، وادعى، وقال: أنا حينما بعتها كنت قبل البلوغ، كنت صغيرًا، وبيع هذا الصغير في شيء له قيمة لا ينفذ، واضح؟ الثاني خالفه، المشتري، قال: لا، أبدًا، هو ما باعني إلا وهو بالغ، رجل كبير، كيف يقول: قبل البلوغ؟ فالأصل في العقود الصحة، فلا نقبل قوله من غير إثبات، ودليل، مجرد دعوى لا نقبلها؛ لأن الأصل صحة العقد، واضح؟

وهكذا لو أنه ادعى أمرًا لا يصح معه العقد، والآخر ادعى أنه صحيح مستوفي للشروط، فإنما القول لمن قال بالصحة، لو قال: إنه باعني هذه قبل أن يتملكها، قال لي: أنت تريد هذه الأرض بهذه القيمة، وأوقع العقد، وهي في ملك فلان، فذهب إليه، وقال: أنا سأشتريها منك، وباعها لي، أوقع البيع قبل أن يتملكها، باع ما لا يملك، أين الذي يثبت هذا الكلام؟ والثاني قال: أبدًا ما هو صحيح، هذه ملكي، وهذه أرضي، وأنا بعته ما أملك، فالقول قول مدعي الصحة، واضح؟

لو أنه قال: أنا بعته هذا العقار، أو هذه السيارة في حالات كانت تلم بي، يعني: يصيبه شيء في عقله، بحيث أنه يكون غيري سوي، جنون عارض، وبيع المجنون لا يصح، قال: أنا بعته في تلك الحالة، الثاني قال: أبدًا، جاءني رجل سوي كامل العقل يتكلم بأحسن منطق، ما به بأس، ولم ألاحظ عليه شيء، فالقول قول من؟ مدعي الصحة، واضح؟ وهكذا في أمثلة كثيرة جدًا.

"والرجوع عن الدعوى مقبول، والرجوع عن الإقرار غير مقبول".

الرجوع عن الدعوى مقبول، والرجوع عن الإقرار غير مقبول، الآن الدعوى، لو أنه ادعى أن الأرض التي عند فلان له، هذه دعوى، ثم لما ذاك صاحب الأرض جاء بمحامي، واستعد، وأخذ الموضوع بمأخذ الجد، وكان ذلك يتوقع أنه سيأخذها باردة، أو أنه جاء، ووضع معداته فيها، وقال: هذه أرضي، فجاء صاحب الأرض، ورفع دعوى، ووضع محاميًا، فلما رأى الجد؛ انسحب، وترك الدعوى التي قدمها أن هذه أرضه، يصح الرجوع عن الدعوى، واضح؟ ادعى أن هذه الساعة له، واضح؟ فلما رأى أن الموضوع جد، وجيء بورقة إثبات أنها مشتراة بكذا باسم فلان؛ تراجع، يصح الرجوع عن الدعوى، واضح؟

أما الإقرار، يقول: فالرجوع عن الإقرار غير مقبول، واضح؟ الآن أقر هو بأن هذه الأرض لفلان، فشهد عليه شهود، وفلان يقول: هذه أرضي، وهذا أقر قال: نعم هي أرضه، واضح؟ ثم بعد ذلك قال: لا، أنا أتراجع، فهذا رجوع عن الإقرار، وليس برجوع عن الدعوى، واضح؟ فلان يقول: أنا أقرضته مائة ألف، فأقر بهذا قال: نعم، هو أقرضني مائة ألف، ولم أوفه إياها، والمقرض عنده شهود، سمعوا هذا الكلام من هذا بإقراره، ثم بعد ذلك تراجع، وقال: لا، لا، ما في له عندي أي شيء، أنت أقررت بهذا، ويوجد شهود، فقال: أنا أرجع عن الإقرار، فهذا الرجوع عن الإقرار غير مقبول، والمقصود بالإقرار: الإقرار الذي لم يتعلق به حق لله، ولا حق، الإقرار الذي لا يجوز الرجوع عنه هو الإقرار الذي يتعلق به حق لله، أو حق للآدمي، لكن إذا كان إقرارًا لا يتعلق به حق لأحد؛ لا لله، ولا للآدمي؛ يجوز الرجوع عنه، واضح؟

لو أنه قال عن نفسه: بأنه في القضية الفلانية كذب، أو أنه لم يحضر؛ لأنه كان مريضًا، هذا إقرار، ثم بعد ذلك تراجع، وقال: لم أكن مريضًا، واضح؟ هنا قاله في قضية لا يتعلق بها حق لآدمي، ولا حق لله، ففي هذه الحال لا بأس بالرجوع عن الإقرار، لو قال: بأن هذه لي، ولا يعرف لها مالك، قال: هذه لي، ثم بعد ذلك قال: لا، ليست لي، واضح؟ ليست لي، فهذا يصح الرجوع عنه، لكن إذا تعلق به حق آدمي، أقر له بذلك؛ فلا يصح الرجوع، حق لله لا يصح الرجوع.

لو أنه أقر أنه هو الذي سرق، ثم تراجع من غير إكراه، يعني: ما أقر بإكراه، الإكراه له حكم آخر، بمحض اختياره أقر أنه سرق بسرقة بلغت النصاب، ومستوفية لشروط القطع، وأقر بهذا، ثم بعد ذلك قال: لا، أنا ما سرقت، هذا لي، ما سرقته، فهنا لا يقبل رجوع عن هذا الإقرار، واضح؟

لو أنه ذهب إلى الحاكم، وأقر على نفسه، وشهد على نفسه أنه زنى، حق لله، واضح، وتبين أنه بكامل قواه العقلية، يقام عليه الحد، فلو قال: لا، أنا أتراجع عن هذا الإقرار، فمن أهل العلم من يقول: يجوز له أخذًا من بعض الروايات في قصة ماعز، ما هو أن النبي ﷺ قال: لعلك باشرت، لعلك قبلت[9] لا لا، في بعضها أن الرجل فر لما بدأوا يرجمونه بالحجارة، وأنهم تبعوه، وأن النبي ﷺ قال: هلا تركتموه[10] واضح؟ فمن أهل العلم من يقول: يجوز له أن يرجع عن إقراره؛ لأن الشارع في مثل هذا يدرأ بالشبهات، وعلى كل حال، لكن على كلام شيخ الإسلام هنا: أنه إذا تعلق به حق لله، أو حق للآدمي لا يصح الرجوع عنه، الإقرار، وما لا يتعلق به حق يصح الرجوع عنه، يعني: لو قال مثلاً، أقر بأنه نجح في الاختبار، أو أقر أنه رسب في الاختبار، أو أنه قبل في الجامعة الفلانية، أو أنه ما قبل، أو أنه، ثم قال: أنا أتراجع عن هذا، ما حصل، فهذا كذب، لكن لا يتعلق به حق لله كالحد، ولا حق للآدمي كماله وعرضه، ونحو ذلك.

"ومن الفتاوى المصرية: النية المجردة عن العمل يثاب عليها، والعمل المجرد عن النية لا يثاب عليه، ومن نوى الخير، وعمل منه مقدوره، وعجز عن إكماله؛ كان له أجر عامل".

نعم، النية المجردة عن العمل يثاب عليها، ولهذا ينوي الإنسان الخير دائمًا، كما يقول: الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله-: الإنسان ينوي الخير دائمًا؛ إن تيسر له فعله، وإن لم يتيسر كتب له[11] ينوي أنه يعتمر، ينوي أنه يحج السنة القادمة، فإن لم يتيسر كتب له الأجر على هذه النية؛ ولهذا قال النبي ﷺ: من مات ولم يغز، ولم يحدث به نفسه، مات على شعبة من نفاق[12] لم يحدث نفسه، وكذلك أيضًا لما ذكر النبي ﷺ: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا، وعلما، فهو يتقي فيه ربه، ويصل رحمه، ويعمل لله فيه بحقه، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علما، ولم يرزقه مالا، فهو صادق النية، ويقول: لو أن لي مالا؛ لعملت بعمل فلان، فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالا، ولم يرزقه علما، فهو يتخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعمل فيه بحق، فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالا، ولا علما فهو يقول: لو أن لي مالا؛ لعملت فيه بعمل فلان، فهو نيته، ووزرهما سواء[13].

والنبي ﷺ قال: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار فقلت: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول، قال: إنه كان حريصًا على قتل صاحبه[14].

وفي الشر، في المعصية إنما يؤاخذ الإنسان ليس على مجرد الهم، وإنما على العزم المصمم؛ لأنه ينزل منزلة الفعل، واضح؟ وتدل عليه هذه الأدلة.

فالنبي ﷺ أخبر أصحابه: إن بالمدينة رجالا ما قطعتم واديا، ولا سلكتم طريقا، إلا شركوكم في الأجر، حبسهم العذر[15] فيمن تخلفوا في المدينة لعذر وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ [التوبة:92] فهؤلاء يكونون كأولئك في الأجر، كالذين غزوا مع رسول الله ﷺ.

فالنية المجردة عن العمل يثاب عليها، والعمل المجرد عن النية لا يثاب عليه، هذا يقوله: كثير من أهل العلم، ولو قيل بأن المسألة هذه فيها تفصيل، وأن الإنسان قد يثاب بلا نية عل بعض الأعمال، لكن بشرط ألا تكون له نية فاسدة، بعض أهل العلم يقولون: ما لا يقع إلا على وجه واحد؛ فإنه يثاب عليه، ولا يحتاج إلى نية، يعني: لا يقع إلا على وجه واحد، ماذا يقصدون؟

يقصدون لا يقع إلا على وجه العبادة، قالوا: مثل الذكر، وقراءة القرآن، ما يمكن أن يكون غير عبادة، نقول: ينبغي أن يقيد بقيد: ما لم يكن له قصد فاسد: كالرياء والسمعة، واضح؟ بهذا القيد، فإن من أهل العلم من يقول: النية تفرق بين العادة والعبادة، كما تقرق أيضًا بين أنواع العبادات، هذه صلاة ظهر، وهذه عصر، وهذه سنة راتبة، والعادة والعبادة، هذا اغتسل للطهارة غسل جنابة مثلاً، وهذا اغتسل للتبرد، فالنية هي التي تفرق.

يقولون: أما ما لا يقع إلا على وجه واحد، كقراءة القرآن والذكر فإنه لا يحتاج إلى نية، أما ما يقع على الوجهين، تبرد، وغسل شرعي، يقولون: يحتاج إلى نية، أو أنواع العبادات، هذه صلاة فرض، أو صلاة نفل، يحتاج إلى نية، يقع على أكثر من وجه؛ ليتميز، والواقع أن هذا الذي لا يقع إلا على وجه واحد يحتاج إلى قيد -كما سبق- ما هذا القيد؟ أن يقال: ألا يكون له قصد فاسد، كالرياء والسمعة، لكن لا يحتاج إلى نية لتمييزه عن العادة مثلاً، لكن يبقى القسم الذي يشير إليه شيخ الإسلام، وهو أنه عمل عملاً لم يكن له فيه نية، هل يؤجر، أو العمل المجرد لا يؤجر عليه إلا بنية؟ كثير من الفقهاء يقولون: لا يؤجر إلا بنية، والأقرب أنه قد يؤجر بلا نية، ما الدليل على هذا؟ أدلة، وليس بدليل واحد.

النبي ﷺ قال: وفي بضع أحدكم صدقة قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟[16] الآن هذا يريد الاستمتاع، يؤجر، أو ما يؤجر؟ يؤجر، أيأتي أحدنا شهوته؟ ما قال: إن قصد العفاف، وأن يتقي الله، وأن يكف عن الحرام، ما قال هذا، فيؤجر.

وكذلك أيضًا أخبر النبي ﷺ: ذا أنفق المسلم نفقة على أهله، وهو يحتسبها، كانت له صدقة[17] وما أطعمت نفسك فهو لك صدقة[18] وهكذا أخبر النبي ﷺ أنه: ما من مسلم يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة[19] بل حتى ذكر النبي ﷺ في بعض الأحاديث: وما سرق منه له صدقة[20] وليس له فيه نية، واضح؟ ما ذكر النية ما قيده بالنية.

المرأة التي جاءت لعائشة -رضي الله عنها- وأعطتها ثلاث تمرات معها بنتين، فأعطت كل بنت تمرة، ثم رفعت التمرة الثالثة لتأكلها، فهتفت بها كل بنت تريد أن، فقسمتها بينهما، فقال النبي ﷺ: إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار[21] بمحض عاطفتها، أين النية هنا؟

المرأة البغي من بني إسرائيل لما سقت الكلب، ما ذكر أنها احتسبت، وتريد ما عند الله، تذكرت عطشها، وقالت: هذا عطش مثلي فسأسقيه، امرأة بغي سقت أخس الحيوانات بأخس الأشياء، أعزكم الله حذاءها، بخفها فغفر الله لها به[22] هذا عمل، أليس كذلك، ليس بترك، هذا عمل، وأجرت عليه هذا الأجر العظيم، ولم يذكر فيه النية، فيؤجر الإنسان على أعمال طيبة، الكلمة الطيبة صدقة، أليس كذلك؟ النبي ﷺ أما أخبر أن تبسمك في وجه أخيك صدقة[23] من حيث هو، لو ما استحضر أنه يريد ما عند الله بهذه الابتسامة، أليس التبسم صدقة يؤجر عليها الإنسان؟ الكلمة الطيبة[24] إماطة الأذى عن الطريق أليست صدقة؟ ما احتسب الأجر، رأى أذى، وقال: ما أريد يؤذي الناس هذا، فأبعده، هكذا كانت تربيته، رأى أذى فأزاله، يؤجر، أو ما يؤجر؟ يؤجر، إلا إذا قصد الرياء والسمعة، فهذا شأن آخر، الرياء والسمعة هذه تفسد الأعمال بأنواعها.

وقل مثل ذلك فيما لو أن هذا الإنسان دل آخر قد أضل الطريق، أو حمل معه متاعه، كما ذكر النبي ﷺ في صنوف البر، وذكر النبي ﷺ: أربعين خصلة أعلاهن منيحة العنز[25] يعني: يعطي جاره الفقير هذه البهيمة من أجل أن ينتفع بالحليب، قد لا يستحضر تلك اللحظة الأجر، لكن بمجرد ما رأى هذا الفقير أعطاه، رأى إنسانًا في حال من العطش، فسقاه، في حال من الجوع، فأطعمه، إلى آخره، يؤجر، أو ما يؤجر على هذا؟ يؤجر.

ولذلك الأقرب -والله أعلم- أن مثل هذه الأعمال لا تتوقف على النية، فإن وجدت النية، فهذا أكمل، لكن العبادات تتوقف على النية، العبادات أقصد العبادات المحضة، وإلا كل هذه عبادات، يعني: مثل الصلاة، والصيام، يعني: لو أنه نائم من الفجر إلى المغرب، يسهر الليل، وينام في النهار، ولا نوى الصوم، وما أكل، ولا شرب، لا يعتبر ذلك من الصوم في قليل، ولا كثير، فهنا لا بد من النية، نوى أن يصوم، لعله، واضح؟

قال: والعمل المجرد عن النية لا يثاب عليه، ومن نوى الخير، وعمل منه مقدوره، وعجز عن إكماله؛ كان له أجر عامل، عجز، ما هو ترك من غير عجز، فإن الذي ترك كما أخبر النبي ﷺ عن مثل هذه الأمة، واليهود، والنصارى، فهؤلاء عملوا إلى منتصف النهار، يعني: اليهود، والنصارى إلى العصر، وهذه الأمة إلى، يعني: مثلهم بمن استأجر أجيرًا، فعمل له إلى منتصف النهار، قال له: أكمل إلى آخر النهار؛ تستوفي أجرك، قال: لا، فلا يستحق شيئًا، وجاء مثل النصارى أكملوا إلى العصر، وأبوا أن يواصلوا، فجاءت هذه الأمة، وعملوا آخر النهار؛ فأخذوا أجرهم وافيًا[26].

فهنا هذا عجز عن إكماله، كان له أجر عامل، مثل ماذا؟ هذا إنسان صام، وفي منتصف النهار أغمي عليه، وتعب، وما استطاع يكمل، فأفطر، يكتب له أجر الصوم، أو ما يكتب؟ صام يوم الخميس، صام يوم عرفة، فلما جاء الظهر تعب، صام في السفر؛ فشق عليه مشقة كبيرة؛ فأفطر، يكتب له الأجر، أو ما يكتب؟ يكتب.

إذا كان ما صام أصلاً، يعني: يجري عليه عمله السابق إذا مرض، أو سافر، فكيف بمن شرع بالعمل، فأصابه المرض، أو عذر؟ إنسان صام، فبعد الظهر طرأ طارئ، واحتاج للسفر، فأفطر، يؤجر، أو ما يؤجر؟ يعطى أجر الصائم، أليس كذلك؟ فعرض له هذا العارض.

وقل مثل ذلك في أمثلة كثيرة، نوى الخير، وعمل منه مقدوره، وعجز عن إكماله، شرع في بناء مسجد، ثم بعد ذلك لما انتصف البناء؛ خسرت تجارته، وذهب ماله، وما استطاع أن يكمله، يكتب له أجر من بنى المسجد كاملاً، كان له أجر عامل، فهذا الذي نوى الخير، لكن لو أنه ما عجز، إنسان صام إلى منتصف النهار، ثم بعد ذلك أفطر من غير عذر، ليس له شيء، لكن لو كان فطره لمصلحة راجحة، دعاه إنسان، وما عذره، فرأى أن المصلحة أن يجيبه إلى دعوته، فأفطر من أجله، فلا إشكال.

بعض الناس يقول: إنه صام، ثم بعد ذلك امرأته طلبت منه أن يعاشرها، وأنها قد تخشى على نفسها، وما إلى ذلك، فيسأل يقول: يجوز أن أفطر؟ فأفطر لهذه المصلحة الراجحة، ما الحكم؟ يكتب له أجره، وهكذا في أمثلة كثيرة.

لكن إن كان لغير عذر، فهذا لا يقال: إنه يؤجر -والله أعلم- هذا في العمل الذي يبنى آخره على أوله مثل: الصوم، لكن العمل الذي لا يبنى آخره، مثل: قراءة القرآن يؤجر على ما قرأ، فإذا أراد قطع القراءة من غير عذر؛ انتهى، لكن الذي يبنى آخره على أوله.

الاعتكاف يؤجر عليه، فإذا قلنا: إنه لا يشترط فيه يوم، وليلة، فإنه يؤجر على القدر الذي بقي؛ إن كان مكثًا طويلاً، يصدق عليه أنه اعتكاف فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه [الزلزلة:7] وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:8].

"أعمال القلوب المجردة أفضل من أعمال الجوارح المجردة".

طبعًا هذا من حيث الجنس، وإلا فإن بعض أعمال الجوارح قد تفضل بعض أعمال القلوب، لكن الكلام هنا في الأعمال المجردة من هذا وهذا، كما جاء عن بعض السلف: بأن قوة المؤمن في قلبه وأن ضعفه في بدنه، يعني: في الغالب، وأن قوة المنافق في بدنه، وضعفه في قلبه[27] فأعمال القلوب المجردة أفضل من أعمال الجوارح المجردة، أعمال القلوب المجردة مثل ماذا؟ الخوف، والرجاء، والتوكل، والمحبة، والتوبة، هذه كلها من أعمال القلوب، كمراقبة الله هذه أعمال قلوب مجردة. أعمال جوارح مجردة، يعني: أنه يعمل عملاً، وقلبه، يعني: اللسان يتحرك بالذكر، لكن القلب في مكان آخر تمامًا، يقرأ قرآن بعينيه، أو بلسانه، ولكنه بمنأى عن هذه القراءة، لا يستحضر منها قليلاً، ولا كثيرًا.

فهنا يقول: أعمال القلوب المجردة أفضل من أعمال الجوارح المجردة، يعني: التي لا يحصل معها حضور القلب، هذا المقصود، فالأصل في أعمال الجوارح مما يطلب به التعبد أن القلب يكون حاضرًا معه، والإنسان ليس له من صلاته إلا ما عقل، فقد يصلى الإنسان، وهو وراء الإمام، ولا يدري ما صلى، لو قيل له: هذه الركعة الأولى، أو الثانية؟ قال: ما أعرف، يطالع الذي بجانبه، لو قيل له: ماذا قرأ في الركعة الأولى، وماذا قرأ في الركعة الثانية؟ قال: ما أعرف، طيب هو قرأ لمن؟ يقول: أنا والله ما كأني صليت، لا أعرف هذه الأولى، أو الرابعة، أنا أنظر الذي بجانبي، وأتبعه، هذا يحصل، أو ما يحصل؟

 يصلي الإنسان صلاة لا يعقل منها قليلاً، ولا كثيرًا، فهذا عمل جوارح مجرد، فعندنا عمل قلبي مجرد، أيهما أفضل؟ هو جنس أعمال القلوب أفضل من جنس أعمال الجوارح، هذه قاعدة، والأصل في أعمال الجوارح أن يكون معها حضور القلب، فإذا صلى يكون خاشعًا، مستحضرًا أنه يقف بين يدي الله ، يستحضر ما يقوله وما يفعله في هذه الصلاة، وما يقرأه، والأذكار، فهذا لا بد منه، لكنه صلى صلاة جوفاء تمامًا، فعمل القلب المجرد أشرف من هذا، إذا كان جنس أعمال القلوب في الأصل أشرف من جنس أعمال الجوارح؛ فكيف بما تجرد من أعمال الجوارح تمامًا عن حضور القلب، لعله، واضح؟

"جرت عادة الشارع أن يقدر المقدرات بأوعيتها".

يعني: الآن جرت عادة الشارع أن يقدر المقدرات بأوعيتها، يعني: كلام الشارع يحمل على عرفه، ومعهوده، وعادته، فجرت عادة الشارع أن يقدر المقدرات بأوعيتها، فقال: إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث[28] بلغ الماء قلتين، بعض الفقهاء قال: المقصود: قُلة الجبل، قلة الجبل؟ هذا ليس معهود الشارع، ما يقدر بالعادة الماء بالأوعية، وإلى آخره بقلل الجبال، وإنما القلة المعروفة، الوعاء المعروف "كان النبي ﷺ يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع"[29] فهنا المد المعروف، والصاع المعروف، ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة[30] يعني: زكاة، الوسق المعروف، الوسق مقدار محدد، يبلغ ستين صاعًا، فهنا نحمله على هذا، واضح؟ فلا نحمله على معنى آخر لم تجر عادة الشارع بتعاطيه واستعماله مثلاً، فكلام الشارع محمول على معهوده، وكل متكلم فإن كلامه يحمل على عادته، ومعهوده، وما غلب في كلامه وقصده.

"إن الله حرم الخبائث لما قام بها من وصف الخبث، كما أنه أباح الطيبات لما فيها من وصف الطيب".

نعم، حرم الخبائث لما قام بها من وصف الخبث، إلى آخره، هذا طبعًا بناء على مذهب أهل السنة والجماعة، وهو أن للأعيان أوصافًا حقيقية تدركها العقول، أو قد تدركها العقول، بخلاف من قال: إن الأعيان، والأشياء، والأوصاف، والذوات، والمعاني، لا حسن لها ولا قبح في ذاتها، الآن تناقض الأشاعرة والمعتزلة، الكل يحكم العقل، لكن الأشاعرة يتناقضون كثيرًا، المعتزلة يقولون: إن التحسين والتقبيح مبناهما على العقل، فما حسنه العقل فهو حسن، وما قبحه العقل فهو قبيح، طيب أهل السنة يقولون: في قسم ثالث، ما هذا القسم الثالث؟ قالوا: في أشياء لا يدرك العقل حسنها ولا قبحها[31] فهنا ننتظر كلام الشارع، ننتظر الوحي، واضح؟

الأشاعرة مساكين، دائمًا يناظرون المعتزلة، ثم يخفقون، فهذه من القضايا التي تناقضوا فيها، وأخفقوا فيها، وهم يزعمون أنهم أتباع للعقل، وأنهم، ترحمهم أحيانًا، قالوا: العقل ما له أي علاقة بباب التحسين والتقبيح، لماذا؟ قالوا: لأن ذلك يرجع إلى النقل، فقط الوحي. ما شاء الله! متى تعظمون الوحي؟ واضح؟ طيب، ثم ماذا؟ قالوا: لو أن الوحي قال: بأن الكذب، والظلم، والزنا، والسرقة حسن لصارت حسنة؛ لأنه لا قبح لها ذاتي، والعقل لا يدرك هذا، قالوا: ولو أن الوحي قال: بأن الصدق، والأمانة، والوفاء، والعفاف قبيحة لصارت قبيحة، هذا مبناه على النقل فقط، نقول: لهم: هذا خطأ، هذا مناقض لما استقر في عقول العقلاء، فلا زال العقلاء في كل عصر يدركون حسن العدل، والصدق، والأمانة، والعفاف، فهذه لها قبح أو حسن ذاتي، تدركه العقول، والشارع لا يمكن أن يأتي بما يناقض العقول، وهناك أشياء تتوقف العقول؛ لأنها لا تدركها، فهنا نقول: الوحي هو الذي بين، لما أمر بها عرفنا أنها حسنة، لما نهى عنها عرفنا أنها سيئة، واضح الفرق؟ باب التحسين والتقبيح العقليين، هذا مذهب أهل السنة.

هنا يقول: إن الله حرم الخبائث لما قام بها من وصف الخبث، هذا صحيح، كالميتة، والخنزير، والخمر، والفواحش، يقول: كما أنه أباح الطيبات لما فيها من وصف الطيب، طيب لو تحولت، فإن العلة تكون قد زالت، الآن الميتة لماذا الأعيان النجسة، الميتة خبيثة نجسة، الخمر نجاستها معنوية، وبعض العلماء يقول: نجاستها حسية، فما الحكم لو استحالت، صارت الميتة ملحًا خالصًا، وصارت الخمر من غير عمل الإنسان، وهي في الدن تحولت إلى خل، تطهر، أو ما تطهر على القول بأنها نجسة العين، يجوز استعمالها؟ يجوز، يجوز بيعها؟ يجوز، تحولت إلى خل، والميتة تحولت إلى ملح، هل هي نجسة؟ الجواب: لا، لأنها استحالت، فبالاستحالة تطهر، تحولت إلى شيء آخر، هذه النجاسات وضعت تحت الأشجار، كالأسمدة -أعزكم الله- ثم بعد ذلك تحولت، نما منها هذا الشجر، وصارت ثمارًا، هل الثمار نجس، وإلا طاهر؟ رطب، نخلة طويلة، طاهر، وإلا نجس؟ طاهر، استحالت النجاسة، تحولت إلى شيء آخر، فهنا يقول: إنما حرم الله الخبائث لما قام بها من وصف الخبث، يعني: إذا ذهب عنها هذا، تحولت الميتة إلى رماد، تحولت النجاسة إلى بخار، تبخرت، انتهت، ثم نزلت مطرًا، واضح؟ أو عمل لها تنقية، هذه المياه النجسة، تصفية بعمليات، ثم صارت نقية ليس فيها شيء من أوصاف النجاسة، تطهر، أو ما تطهر؟ تطهر، لا لون، ولا طعم، ولا رائحة.

"ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال".

نعم، هذه قاعدة ليست محل اتفاق بين أهل العلم، لكنها صحيحة، ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال، هذا هو القيد المهم في هذه القاعدة، ينزل منزلة العموم في المقال، هذه نص عليها الإمام الشافعي -رحمه الله-[32] وجمع كثير من أهل العلم، وإن خالف فيها بعض الشافعية، ومعلوم أن الأحناف لا يقولون بهذه القاعدة أيضًا، لكنها قاعدة صحيحة، هذه قاعدة صحيحة: ترك الاستفصال في حكاية الحال، يعني: في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال، يعني: كأن الشارع عبر بلفظ عام، هو جواب على سؤال، شيخ الإسلام ذكر هذا ردًا على من احتج بحديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- لما سئل النبي ﷺ عن الفأرة تقع في السمن، فقال: إن كان جامدًا؛ فألقوها، وما حولها، وإن كان مائعًا فلا تقربوه[33] الحديث فيه كلام من حيث صحته، لكن المقصود المثال إن كان جامدًا؛ فألقوه وما حوله، هنا ما قال: كثير، أو قليل؛ فدل على أن ترك الاستفصال، ما قال: هو كثير، أو قليل، دل على أنه سواء كان كثيرًا، أو قليلاً فالحكم واحد، ما نفرق بين القليل، والكثير، لماذا؟ لأن ترك الاستفصال، ما استفصل، ما قال: هل هو كثير، وإلا قليل؟ ما سأل المستفتي لما حكى له ذلك الحال.

قال: فأرة وقعت في سمن، هذه حكاية حال، فالجواب: لم يحصل فيه استفصال من السائل، إذًا نحمل ذلك على العموم، واضح؟ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما قال له: هو قليل، أو كثير، إذًا سواء كان قليلاً، أو كثيرًا ننزله منزلة العموم في المقال، لاحظ! ينزل منزلة العموم في المقال.

ابن غيلان الثقفي لما أسلم على عشر نسوة، عنده عشر، والإنسان لا يجوز أن يبقى معه أكثر من أربع في وقت واحد، طيب، هذا أسلم فسأل النبي ﷺ فقال له: أمسك منهن أربعًا، وفارق سائرهن[34] يعني: ما زاد على الأربع، هنا ما سأله النبي ﷺ وقال له: هل تزوجتهن في عقد واحد؟ بحيث أنه ما يكون هنا أولوية، نقول: أمسك الأولات، والباقي عقدهن باطل اللاتي بعد الأربع، لو قال: أنا تزوجت فلانة أولاً، ثم فلانة، ثم فلانة، ثم فلانة، الأربع، ثم فلانة الخامسة ثم، نقول: ثم هذه الخامسة فما بعدها أصلاً العقد غير صحيح، وفارق من الخامسة فما فوق، هنا ما سأله النبي ﷺ هل هذا بوقت واحد، أو بأوقات متفاوتة؟ لم يستفصل، فهنا ننزله منزلة العموم في المقال، فماذا نقول؟ نقول: إنه يختار أربعًا منهن، ويفارق الباقي؛ لأن النبي ﷺ لم يستفصل، فدل على أنه مخير، فينزل ذلك منزلة العموم، واضح؟

ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال، وهذا له أمثلة كثيرة، إن شئتم - الوقت أدركنا - ذكرنا أمثلة لذلك، لكن لعل ما ذكر يوضح المراد، وهي قاعدة مشهورة.

  1. انظر: راجع الموافقات، للشاطبي (5/97 - 99).
  2. انظر: المصدر السابق (5/87).
  3. انظر: المصدر السابق (5/91).
  4. أخرجه البخاري، كتاب الحيل، باب في الهبة والشفعة، برقم (6977).
  5. انظر: الموافقات، للشاطبي (5/86).
  6. راجع: الموافقات، للشاطبي (5/81).
  7. أخرجه البخاري، كتاب البيوع، باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم: في البيوع، والإجارة، والمكيال، والوزن، وسننهم على نياتهم ومذاهبهم المشهورة، برقم (2211).
  8. أخرجه أبو داود في سننه، كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4604)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح، برقم (163).
  9. أخرجه البخاري، كتاب الحدود، باب: هل يقول الإمام للمقر: لعلك لمست أو غمزت، برقم (6824).
  10. أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الحدود، باب رجم ماعز بن مالك، برقم (4419)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح، برقم (3565).
  11. انظر: شرح القواعد السعدية، لابن سعدي (66).
  12. أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب ذم من مات، ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو، برقم (1910).
  13. أخرجه الترمذي في سننه، أبواب الزهد، باب ما جاء مثل الدنيا مثل أربعة نفر، برقم (2325)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح، برقم (5287).
  14. أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات:9]، برقم (31).
  15. أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب الجهاد، باب من حبسه العذر عن الجهاد، برقم (2765) وصححه الألباني في مشكاة المصابيح، برقم (3815).
  16. أخرجه مسلم، كتاب الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، برقم (1006).
  17. أخرجه البخاري، كتاب النفقات، باب فضل النفقة على الأهل، برقم (5351)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد، والوالدين ولو كانوا مشركين، برقم (1002).
  18. أخرجه الطبراني في معجمه، برقم (17390)، وصححه الألباني في صحيح، برقم (5534).
  19. أخرجه البخاري، كتاب المزارعة، باب فضل الزرع والغرس إذا أكل منه، برقم (2320)، ومسلم، كتاب المساقاة، باب فضل الغرس والزرع، برقم (1553).
  20. أخرجه مسلم، كتاب المساقاة، باب فضل الغرس والزرع، برقم (1552).
  21. أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الإحسان إلى البنات، برقم (2630).
  22. أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار، برقم (3467)، ومسلم، كتاب السلام، باب فضل ساقي البهائم المحترمة وإطعامها، برقم (2245).
  23. أخرجه الترمذي في سننه، أبواب البر والصلة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، باب ما جاء في صنائع المعروف، برقم (1956)، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (2903).
  24. أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من أخذ بالركاب ونحوه، برقم (2989)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، برقم (1009).
  25. أخرجه البخاري، كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليه، باب فضل المنيحة، برقم (2631).
  26. أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، برقم (3459).
  27. انظر: الزهد والورع والعبادة، لابن تيمية (189).
  28. أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة، باب ما ينجس الماء، برقم (63)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح، برقم (477).
  29. أخرجه مسلم، كتاب الحيض، باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة، وغسل الرجل والمرأة في إناء واحد في حالة واحدة، وغسل أحدهما بفضل الآخر، برقم (325).
  30. أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب زكاة الورق، برقم (1447)، ومسلم، كتاب الزكاة، برقم (979).
  31. انظر: جلاء العينين في محاكمة الأحمدين، للآلوسي (1/288).
  32. انظر: نهاية المطلب في دراية المذهب، للشافعي (المقدمة/240).
  33. أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأطعمة، باب في الفأرة تقع في السمن، برقم (3842)، وقال الألباني في التعليقات الحسان: إنه شاذ، برقم (1390).
  34. أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الطلاق، جامع الطلاق، برقم (2179)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح، برقم (3176).

مواد ذات صلة