الخميس 18 / رمضان / 1445 - 28 / مارس 2024
الحديث على آيات الباب
تاريخ النشر: ٠٣ / جمادى الأولى / ١٤٢٨
التحميل: 1379
مرات الإستماع: 2061

مقدمة باب إكرام أهل بيت رسول الله

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهذا باب جديد من هذا الكتاب المبارك، وهو: باب إكرام أهل بيت رسول الله ﷺ، وبيان فضلهم.

وأهل بيت النبي ﷺ هذا الإطلاق تارة يطلق ويراد به معنى ضيق، وهم كما جاء في حديث الكساء: علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، والله قال في سورة الأحزاب: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ [الأحزاب:33].

فالنبي ﷺ وضع هؤلاء جميعاً، وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فطهرهم تطهيرا[1]، وهذا أضيق إطلاقات أهل البيت.

ويطلق بإطلاق أوسع منه: وهم الذين مُنعوا من الصدقة، يعني من الزكاة، ولا تحل لهم أيضاً الصدقة.

وهم أهل أربعة أبيات: آل علي، وآل عباس، وآل جعفر، وآل عقيل.

أربعة أبيات، هذا الإطلاق الثاني أوسع من الأول.

والإطلاق الثالث: يشمل أيضاً زوجات النبي ﷺ، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- في سورة الأحزاب حينما أدب أمهات المؤمنين، وقال: يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا [الأحزاب:32]. إلى آخر الآيات، ثم قال بعده: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب:33].

فهذه في زوجات النبي ﷺ، والخطاب كان لهن من أوله إلى آخره، فأزواج النبي ﷺ داخلات في أهل بيته في هذا الإطلاق.

وعلى كل حال إذا قيل: باب إكرام أهل بيت رسول الله ﷺ يدخل فيه زوجاته، ويدخل فيه هؤلاء جميعاً.

قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ...}

يقول: قال الله تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب:33].

الرجس هو: النجس، ويقال ذلك للنجاسات الحسية، ولكل دنس حسي يمكن أن يلوث ثياب الإنسان أو بدنه، وكذلك يقال لكل دنس يلوث عرضه.

والرجس هنا لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ، أي: كل ما يلوث العرض، وكل ما يغض من مكانة الإنسان، ويسيء إلى سمعته ونحو ذلك، فهذا كله من الرجس.

والإرادة هنا في هذه الآية هي إرادة شرعية، وليست إرادة كونية إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ، أي: إرادة شرعية بهذه التشريعات التي شرعها، والآداب التي فصلها وبينها.

ومعنى كون هذه الإرادة شرعية أن ذلك لا يلزم منه أن تتحقق العصمة، وألا يقع منهم خطأ، ولا يقع منهم مخالفة، فإنهم كغيرهم من البشر يخطئون ويذنبون، ومنهم من يوفق للتوبة، ومنهم من قد يستمر على إساءته، والموفق من وفقه الله -تبارك وتعالى.

وليست هذه الإرادة إرادة كونية كما يزعم بعض الغلاة الذين يقولون: إنهم من المعصومين، وإنه لا يتطرق إليهم خلل، ولا خطل ولا خطأ، فهذا منشأ قولهم في هذه المسألة.

قوله تعالى: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}

وقال تعالى: وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحـج:32]. الشعائر -أيها الإخوان- هي: كل الأمور الظاهرة، يعني: هذه الشريعة فيها شعائر، وفيها أمانات، فالشعائر مثل: الأذان، مثل أعمال الحج الظاهرة، مثل صلاة الجماعة، مثل الأعمال الدينية، إطلاق اللحية -مثلاً-، هذا الحجاب، هذا كله من شعائر الله .

والأمانات مثل: الوضوء، مثل الصيام، هذه أمور النيات هذه لا يعلم عنها إلا الله -تبارك وتعالى.

فلو أن الإنسان صلى من غير طهارة لم يعلم به أحد، لو أنه كان مفطراً في رمضان لم يعلم به أحد، فهذه أمانات.

فشعائر الدين الذي يعظمها فإن ذلك يكون نابعاً، وناتجاً من تقوى راسخة في قلبه.

ومن تعظيم شعائر الله: تعظيم البُدن والهدي الذي يساق إلى الكعبة.

ومن تعظيم شعائر الله : تعظيم أهل بيت الله رسول الله ﷺ، ومن يمد إليه بصلة.

فهؤلاء أهل البيت -المؤمنون منهم- نحبهم محبتين:

المحبة الأولى: محبة لإيمانهم.

والمحبة الثانية: هي محبة لقربهم من رسول الله ﷺ.

هذه عقيدة أهل السنة والجماعة في أهل بيت رسول الله ﷺ.

هذا، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم إلى ما يحب ويرضى، وأن يرزقنا وإياكم محبة رسوله ﷺ، ومحبة آل بيته الطيبين، ومحبة من أحبه الله ورسوله ﷺ.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

  1. أخرجه الترمذي، أبواب تفسير القرآن عن رسول الله ﷺ، باب: ومن سورة الأحزاب (5/ 351)، رقم: (3205).

مواد ذات صلة