الخميس 16 / شوّال / 1445 - 25 / أبريل 2024
حديث «ما من رجل مسلم يموت..»
تاريخ النشر: ٢٤ / ذو القعدة / ١٤٢٨
التحميل: 1342
مرات الإستماع: 4860

ما من رجل مسلم يموت

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

ففي باب الرجاء أورد المصنف -رحمه الله: حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً، لا يشركون بالله شيئًا، إلا شفعهم الله فيه[1]رواه مسلم.

قوله ﷺ: ما من رجل مسلم يموت، وهذا يشمل في ظاهره من العموم: من كان على طاعة، أو كان مخلِّطًا، وصاحب معصية، فإن هؤلاء يشفعون فيه.

لا يشركون بالله شيئًا يعني: أن هؤلاء قد حققوا التوحيد تحقيقًا كاملاً، وقد جاء في حديث عن رسول الله ﷺ أنه قال: ما من مسلم يموت، فيصلي عليه ثلاثة صفوف إلا أَوجَبَ[2]، وفي رواية: إلا دخل الجنة، وأوْجبَ بمعنى: دخل الجنة، وأيضًا يشهد له حديث آخر، حديث مالك بن هبيرة هذا الذي ذكرته آنفًا، يشهد له حديث أبي أمامة، حديث مالك بن هبيرة عند أحمد، والترمذي، وحديث أبي أمامة رواه الطبراني، ولكن في إسناده ضعف، فيه ابن لهيعة، ولكن يشهد للحديث السابق، وهو: أن النبي ﷺ صلى ومعه سبعة نفر، فقسمهم ثلاثة صفوف، فجعل ثلاثة صفًّا، واثنين صفًّا، واثنين صفًّا[3]، وهذا يشهد لمعنى الحديث السابق: "ثلاثة صفوف"، فإذا كان العدد لا يبلغون الأربعين، فإنهم يقسمون، ولا يطلب في ذلك تكميل الصف في المسجد، يقسمون بحيث يكونون ثلاثة صفوف، وإذا كانوا يصلون في مكان في فضاء، مثل: الذين يصلون في المقبرة مثلاً، لا يصفون صفًّا واحدًا، ولو كانوا عددًا قليلاً، فلو كانوا ستة مثلاً: اثنان صف، واثنان صف، واثنان صف؛ لظاهر هذا الحديث، فيصلي عليه ثلاثة صفوف إلا أَوْجبَ، وهذا من سعة رحمة الله ، وفضله على عباده المؤمنين.

وهذه الشفاعة التي تحصل: أن الله يشفعهم فيه، أو أنه يدخل الجنة، هذا موقوف على تحقيق الشروط، وانتفاء الموانع، ونحن دائمًا نقول: المسلم ما يركن إلى أحاديث الرجاء فقط، ويترك أحاديث الوعيد؛ لأنه لا يدري هل يحصل ذلك في حقه، أو يوجد مانع، فيتخلف مقتضى هذا الوعد بسبب مانع قام به، وإنما يجتهد في طاعة الله ، وقد يموت في مكان لا يصلى عليه، وقد يفقد، تشاهدون بعض من ماتوا في بعض الحوادث القريبة، أُعلن أن عددًا من هؤلاء قد فقدوا، لا يدرى أين هم؛ لعلهم تحللوا بالنار، وصاروا رمادًا، ما وجدوا شيئًا يدل على بقاياهم، وهل هذا شيء بعيد؟، هؤلاء ذهبوا إلى أعمالهم في الصباح، ثم بعد ذلك لم يوجد لهم أثر، والذين غرقوا في البحر، ركبوا مركبًا، أو عبّارة، أو نحو ذلك، ثم أكلتهم الحيتان، وذهبوا، وأكثرهم لم يوجد، ولم يعرف له خبر، فالإنسان لا يدري أصلاً: هل سيُصلَّى، أو لا يُصلَّى عليه، هل يصلي عليه هذا العدد، أو لا يصلي عليه، وإنما يقبل على الله ، ويتوب إليه، ويجتهد في العمل الصالح، ويبادر بالتوبة، فنحن فقراء -أيها الأحبة- والله غني، ونحن محتاجون إلى رحمته، وألطافه، وهو غني عنا، وعن توبتنا، وعن أعمالنا جميعًا، فما أحوجنا إلى الإنابة، والمبادرة، والله إذا تقرب إليه العبد شبرًا تقرب الله إليه ذراعًا، وإذا جاء العبد يمشي أتاه الله هرولة[4]، كما مضى في بعض الأحاديث السابقة، فأسأل الله -تبارك وتعالى- أن يلطف بنا، وأن يرحمنا، وأن يصلح قلوبنا، وأعمالنا، وأن يقينا شر أنفسنا، وأن يغفر لنا، ولوالدينا، ولإخواننا المسلمين، اللهم ارحم موتانا، واشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، واجعل آخرتنا خيرًا من دنيانا، وصلى الله على نبينا محمد، وآله، وصحبه.

  1. أخرجه مسلم، كتاب الجنائز، باب من صلى عليه أربعون شفعوا فيه، رقم: (948).
  2. أخرجه أحمد، رقم: (16724)، وأبو داود، كتاب الجنائز، باب في الصفوف على الجنازة، رقم: (3166)، والترمذي، أبواب الجنائز عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء في الصلاة على الجنازة والشفاعة للميت، رقم: (1028)، وقال: حديث مالك بن هبيرة حديث حسن، وابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء فيمن صلى عليه جماعة من المسلمين، رقم: (1490)، وضعفه الألباني في: ضعيف الجامع الصغير وزيادته: (ص: 754)، رقم: (5220).
  3. أخرجه الطبراني في الكبير، رقم: (7785).
  4. أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُآل [عمران:28]، رقم: (7405)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب الحث على ذكر الله تعالى، رقم: (2675).

مواد ذات صلة