الأربعاء 26 / ربيع الآخر / 1446 - 30 / أكتوبر 2024
حديث «فلعلكم تفترقون؟..»
تاريخ النشر: ١٦ / ربيع الأوّل / ١٤٣١
التحميل: 1213
مرات الإستماع: 3287

اجتمعوا على طعامكم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهذا باب ما يقوله ويفعله من يأكل ولا يشبع.

وذكر المصنف -رحمه الله- حديث وحشي بن حرب ، وذكرتُ في الليلة الماضية أنه كان مملوكاً للمطعم بن عدي في مكة، وقيل غير ذلك، وهو مشهور، اشتهر بقتل حمزة وبقتل مسيلمة الكذاب.

عن وحشي بن حرب  ،ن أصحاب رسول الله ﷺ قالوا: يا رسول الله، إنا نأكل ولا نشبع، قال: فلعلكم تفترقون؟ قالوا: نعم، قال: فاجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله، يبارك لكم فيه[1]رواه أبو داود.

هذان أمران ذكرهما النبي ﷺ لتحصل البركة، الأول: يتعلق باللسان، وهو التسمية.

والثاني: يتعلق بالفعل والحال، وهو الاجتماع على الطعام.

لعلكم تفترقون؟ قالوا: نعم، قال: فاجتمعوا على طعامكم، بمعنى: كان الناس في أسفارهم، ومغازيهم لربما كل واحد معه شيء من طعام يأكل منه في رحله، فيأكل الواحد منهم ولا يشبع.

فأرشدهم النبي ﷺ إلى هذا، فيجتمعون، فيضعون أزوادهم، ويأكلون، كذلك لو أن طعامهم كان متحداً، فأخذ كل واحد منهم قدراً من هذا الطعام، ثم انطلق يأكل وحده، فإن هذا لا يحصل معه الشبع، ولا البركة.

لكن هل ينطبق هذا على الناس لو أنهم جلسوا على مائدة واحدة، ولكن صار كل واحد منهم يأخذ نصيبه في إناء يخصه، وهم جلوس على المائدة، كما هو حال الناس غالباً اليوم، هل هذا يقال: إنه من التفرق على الطعام، وإنه يكون سبباً لنزع البركة؟

الظاهر أنه ليس ذلك، وأن هذا يحصل به الاجتماع، وهم على مائدة واحدة.

قال: فاجتمعوا على طعامكم، فهؤلاء يكونون بهذه الصورة التي ذكرت قد اجتمعوا على طعامهم.

قال: واذكروا اسم الله فإذا ذكروا اسم الله حصلت البركة أيضاً، وكُف الشيطان، فلا يأكل معهم، يبارك لكم فيه، وهذا الحديث في إسناده ضعف، قد أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه وغيرهم، لكن له ما يشهد لمعناه سواء في الشق الأول، أو في الشق الثاني.

ومن هنا نخرج بفائدة، وهي: أن تحصيل البركة في الطعام أمر يحصل للإنسان بجملة من الأمور، منها: ما ذكر في هذا الحديث، ومن ثم فإن الطعام وإن قلّ يبارك فيه، فيأكل الإنسان، ويكتفي، ولو كان ذلك يسيراً، ولربما اشتكى الناس من كثرة ما يوضع على الموائد من ألوان الأطعمة، ومع ذلك هم يأكلون بينها، -بين هذه الأكلات، ومع ذلك لا يشبعون، مما يسبب لهم ألوان الأوجاع والأمراض، بسبب اختلال طرائقهم في الطعام، وأكله وتعاطيه.

فالمقصود أن الإنسان إذا راعى ما جاء عن رسول الله ﷺ فإنه تحصل له البركة، ويكتفي بالقليل، ومثل ذلك أيضاً في الأطعمة المباركة، مثل الزيتون، وزيت الزيتون، ومثل التين، وما إلى ذلك.

والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

مواد ذات صلة