الخميس 18 / رمضان / 1445 - 28 / مارس 2024
حديث «تطعم الطعام..» إلى "أمرنا رسول الله ﷺ بسبع.."
تاريخ النشر: ٠١ / جمادى الآخرة / ١٤٣١
التحميل: 1008
مرات الإستماع: 1547

تَقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

ففي باب فضل السلام والأمر بإفشائه أورد المصنف -رحمه الله-:

حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضى الله عنهما- أن رجلًا سأل رسول الله ﷺ أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتَقرأ السلام على من عرفت، ومن لم تعرف[1]متفق عليه.

أي الإسلام خير؟ يعني: أفضل، يعني: أي أعمال الإسلام وشرائع الإسلام أفضل؟ فقال ﷺ: تطعم الطعام وذلك لكثرة الحاجة إليه، ولضرورة النفوس إلى ذلك.

قال: وتَقرأ السلام على من عرفت، ومن لم تعرف يعني: وتلقي السلام على من عرفت، ومن لم تعرف، يقال: تَقرأ السلام، فلان يَقرأ عليك السلام، هذا الصحيح، ولا يقال: فلان يُقرئك السلام، وإنما يقال: فلان يَقرأ عليك السلام، بمعنى: يسلم عليك، وإنما يقال: فلان يُقرئك السلام، إذا كان ذلك مكتوبًا، يريد منك أن تقرأه، وكثير من الناس يقولون: فلان يُقرئك، ويخطئون في هذا المعنى.

يقول: على من عرفت، ومن لم تعرف يعني: أن السلام حق للمسلمين، وليس السلام للمعرفة، وقد صح عن النبي ﷺ في أشراط الساعة الصغرى أنه ذكر هذا من علاماتها، أن يكون السلام للمعرفة[2].

يعني: لا يسلم الإنسان إلا على من يعرفه فقط، وذلك لا شك أنه تقصير.

لما خلق الله تعالى آدم
وذكر حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: لما خلق الله تعالى آدم ﷺ قال: اذهب فسلم على أولئك -نفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك، وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم ، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله[3].

 كيف قالها؟ قد يكون الله -تبارك وتعالى- علمه ذلك، قال له: قل لهم: السلام عليكم، وقد يكون ألهمه الله ذلك، أو فهمه من قوله: فسلم على أولئك.

فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله متفق عليه.

والله يقول: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86].

أمرنا رسول الله ﷺ بسبع
وذكر حديث أبي عمارة، البراء بن عازب -رضى الله عنها- قال: أمرنا رسول الله ﷺ بسبع: بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار المقسم[4].

يعني: بسبع خصال، وقد مضى هذا الحديث في تعظيم حرمات المسلمين.

بعيادة المريض، وتكلمنا على هذا المعنى.

واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار المُقسِم. متفق عليه، هذا لفظ إحدى روايات البخاري.

أمرنا، الأصل أن الأمر للوجوب، ولكن الجمهور هنا يقولون: إنه أطلق الأمر هنا على جملة من الأمور، منها: ما هو واجب، ومنها: ما هو مستحب.

بعيادة المريض، أيًّا كان المرض، ولو كان يسيرًا، ولو كان من وجع الضرس؛ لأن ذلك يقال له: مرض، إن كان ذلك لا يشق عليه، ولا يتأذى به، يعني: لا يتأذى بالزيارة.

واتباع الجنائز، الأصل في ذلك أنها تتبع من بيتها، إن كانت في البيت إلى أن تغسل، ثم بعد ذلك إلى الصلاة عليها، ثم بعد ذلك إلى المقبرة، هكذا دلت النصوص.

ومن تتبع الروايات وجد فيها هذا واضحًا، لكن اليوم أصبحت الجنازة لا تؤخذ من البيت، وإنما من المستشفى غالبًا، ثم تغسل في مكان خاص، في مغاسل الموتى، وصار الناس يتبعون الجنائز بعد الصلاة عليها، يصلون ثم يتبعونها، وقد لا يتحقق لهم الاتباع بالصورة المعهودة المعروفة، من مشي خلف الجنازة مباشرة، أو أمامها، فيشق ذلك عليهم، لما تعلمون من اختلاف الأحوال والمواصلات، ولكن يُرجى لمن بلغ معها إلى المقبرة أنه يكون قد حقق ذلك، وفضل الله واسع.

قال: وتشميت العاطس، يعني: قول يرحمك الله، لمن قال: الحمد لله، فإن لم يقل، ولو عرف من عادته أنه يقول، لكن لم نسمع منه ذلك، فإنه لا يشمت.

قال: ونصر الضعيف يعني: بتقويته، وإعزازه وجبر كسره.

قال: وعون المظلوم يعني: على ظالمه، ليأخذ حقه، ويقتص.

وإفشاء السلام بمعنى: نشر السلام أن يكون ذلك فاشيًا، كثيرًا، وكلما ابتعد الناس عن مثل هذه الآداب، وعن مشكاة الوحي والنبوة كلما قل ذلك فيهم، حتى إنك تجد في بعض البلاد لربما يُستغرب السلام، أن تسلم على من لا تعرف، تلقي ، يمر من عندك الناس من المسلمين، ولا أحد يلقي السلام، ولا يعرف ذلك، وهذا لا شك أنه تقصير.

قال: وإبرار المُقسِم يعني: إذا حلف المسلم على أمر أنْ تعينه على إبرار القسم، فلا يحنث، لو حلف عليك بشيء، اجلس تطعم من هذا الطعام، تقبل ضيافته، ونحو ذلك، فإنه من حقه عليك أن تبر قسمه، وقد يبالغ بعضهم، فيحلف بحلف لا يحل له بحال من الأحوال بالطلاق مثلًا، ثم المحلوف عليه قد لا يبر بذلك ويدعه ولا يبالي، فهذا يحصل كثيرًا، والناس يسألون عنه، فهذا على كل حال من حق المسلم على أخيه، وفي رواية أخرى: وإبرار القسم[5]يعني: أن لا يحنث، أن يمضه.

والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

  1. أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب: إفشاء السلام من الإسلام (1/ 15)، رقم: (28)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان تفاضل الإسلام، وأي أموره أفضل (1/ 65)، رقم: (39).
  2. أخرجه أحمد (6/ 179)، رقم: (3664).
  3. أخرجه البخاري، كتاب الاستئذان، باب بدء السلام (8/ 50)، رقم: (6227)، ومسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، بابيدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير (4/ 2183)، رقم: (2841).
  4. أخرجه البخاري، كتاب الاستئذان، باب إفشاء السلام (8/ 52)، رقم: (6235)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء، وخاتم الذهب والحرير على الرجل، وإباحته للنساء، وإباحة العلَم ونحوه للرجل ما لم يزد على أربع أصابع (3/ 1635)، رقم: (2066).
  5. أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب الأمر باتباع الجنائز (2/ 71)، رقم: (1239)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء، وخاتم الذهب والحرير على الرجل، وإباحته للنساء، وإباحة العلَم ونحوه للرجل ما لم يزد على أربع أصابع (3/ 1635)، رقم: (2066).

مواد ذات صلة