الأربعاء 25 / جمادى الأولى / 1446 - 27 / نوفمبر 2024
بعض الآثار الواردة عن السلف في الإحسان إلى ضعفة المسلمين
تاريخ النشر: ١١ / ذو القعدة / ١٤٢٧
التحميل: 1659
مرات الإستماع: 2613

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهذه بعض الآثار الواردة عن السلف في باب فضل ضعفة المسلمين والفقراء والخاملين:

كانت لأبي برزة الأسلمي جفنة من ثريد في أول النهار، وأخرى في آخر النهار -في العشي- للأرامل والأيتام والمساكين[1].

وقد قال ابن عمر : لأن أكون عاشر عشرة مساكين يوم القيامة أحب إلي من أن أكون عاشر عشرة أغنياء، فإن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة، إلا من قال هكذا وهكذا، يقول: يتصدق يميناً وشمالاً[2].

وأجنب الأحنف بن قيس -رحمه الله- وهو أمير على خرسان، أجنب في ليلة باردة، فلم يوقظ غلمانه، وكسر ثلجاً واغتسل[3].

ما عندهم ماء، إنما هو الثلج، وكان بإمكانه أن يوقظ هؤلاء المماليك والخدم، فيوقدوا ناراً ويسخنوا له ما يغتسل به، لكنه كسر ثلجاً واغتسل، وهذا من اللطف بالضعفة والخدم.

يقول أبو العالية -رحمه الله: اشترتني امرأة، فأرادت أن تعتقني، فقال بنو عمها: تعتقينه، فيذهب إلى الكوفة فينقطع؟ فأتتْ لي مكاناً في المسجد، فقالت: أنت سائبة -تريد: لا ولاء لأحد عليك- فأوصى بماله كله لها[4].

وهذا الربيع بن خثيم -رحمه الله- جعل يطعم مصاباً خبيصاً، فقيل له: ما يدريه ما أكل؟ قال: ولكن الله يدري[5].

وكان بكر بن عبد الله المزني يقول: إني لأرجو أن أعيش عيش الأغنياء، وأموت موت الفقراء، فكان -رحمه الله- يلبس كسوته، ثم يجيء إلى المساكين، فيجلس معهم ويحدثهم، ويقول: لعلهم يفرحون بذلك[6].

ويقول محمد بن سعد: سألت محمد بن عبد الله الأنصاري عن سبب الديْن الذي ركب محمد بن سيرين حتى حبس به.

ابن سيرين معروف أنه حبس بسبب دين، فسئل محمد بن عبد الله الأنصاري عن هذا، فقال: كان باع من أم محمد بنت عبد الله بن عثمان بن أبي العاص جارية، فرجعت إلى محمد، فشكت أنها تعذبها، فأخذها محمد، وكان قد أنفق ثمنها، فهي التي حبسته[7].

وعن زبيد بن الحارث أنه إذا كانت ليلة مطيرة طاف على عجائز الحي، ويقول: ألكم في السوق حاجة؟[8]

ونزل الزهري مرة بماءٍ، فشكى إليه أهل الماء، قالوا: إن لنا ثماني عشرة امرأة عُمَرية- أي لهن أعمار- أو عُمْرية- ليس لهن خادم، فاستلف ابن شهاب ثمانية عشر ألفاً، وأخدم كل واحدة خادماً بألف[9].

ومات يعلى بن حكيم بالشام، وترك أمه، فكانت تأتي أيوب، قال: فأتاها أيوب ثلاثة أيام يقعد على بابها، وتأتيه فتجتمع، فلم يزل يصلها حتى ماتت[10].

إلى غير ذلك من النماذج المنقولة عنهم في هذا المعنى.

والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

  1. سير أعلام النبلاء (3/ 42).
  2. المصدر السابق (3/ 90).
  3. المصدر السابق (4/ 92).
  4. المصدر السابق (4/ 212).
  5. المصدر السابق (4/ 260).
  6. المصدر السابق (4/ 534).
  7. المصدر السابق (4/ 613).
  8. المصدر السابق (5/ 297).
  9. المصدر السابق (5/ 340).
  10. المصدر السابق (5/ 452).

مواد ذات صلة