الأحد 22 / جمادى الأولى / 1446 - 24 / نوفمبر 2024
الحديث على آيات الباب
تاريخ النشر: ١٠ / صفر / ١٤٢٧
التحميل: 1630
مرات الإستماع: 2153

مقدمة باب التعاون على البر والتقوى

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

باب التعاون على البر والتقوى.

البر: اسم جامع يشمل كل ما يحبه الله من الأقوال والأعمال، الظاهرة والباطنة، والعبادات البدنية، والمالية، وما يتعلق منها باللسان، كل ذلك من البر.

وكل طاعة، ومعروف، وصلة، وإحسان فهو من البر.

والتقوى تشبهه في المعنى، كل ما يُتوقى به عذاب الله من فعل الطاعات وترك المعاصي فهو من التقوى.

ومن أهل العلم من يفرق بين البر والتقوى إذا ذكرا معاً، فيقول: البر: كل ما عرف من طاعة الله .

والتقوى: كل ما تتقى به عقوبته من المعاصي، والذنوب، والجرائم، والشرك وما إلى ذلك، فهذه هي التقوى.

فإذا ذكرت مع البر يكون البر: فعل الطاعات، والتقوى: ترك المعاصي، والأمور التي يكرهها الله .

قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}

والله يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2].

وهذا عام، التعاون على البر والتقوى في كل شأن من الشؤون التي يتوصل بها إلى معروف وخير، يحصل فيه نفع عام، أو نفع خاص.

التعاون على البر والتقوى في كل شأن من الشؤون التي يتوصل بها إلى معروف وخير، يحصل فيه نفع عام، أو نفع خاص.

فهذه الآية عامة فاذة، لا يخرج شيء من البر، والتقوى إلا هو داخل فيها: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2].

تعاون الناس على إقامة المشروعات التي ينفعون بها الفقراء والمحتاجين هذا من التعاون على البر، والتقوى.

على تعليم العلم لمن يحتاج إليه هذا من التعاون على البر والتقوى، وهكذا في كل شأن من شئونهم.

وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2].

قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ...}

وقال تعالى: وَالْعَصْرِ [العصر:1] أقسم بالعصر، قيل هو: الزمان المعروف بين الظهر، والمغرب.

وقيل العصر هو: الدهر، أقسم الله به، وقيل: عصر النبي ﷺ، أي زمان النبي ﷺ لشرفه، فقد أقسم الله بمكة: وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ [التين:3].

وأقسم بالزمان الذي عاش فيه النبي ﷺ، وقيل غير ذلك.

والأقرب -والله تعالى أعلم- أن الله أقسم بالعصر الذي هو وقت شريف، كما أقسم بالفجر، وَالْفَجْرِ ۝ وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:1-2].

فالعصر، والفجر وقتان شريفان، وقد جاء عن النبي ﷺ فيما يتعلق بالحلف وتعظيمه إذا كان بعد العصر[1].

وكذلك أيضاً في قوله تعالى: تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ [المائدة:106]، قالوا: صلاة العصر؛ لأن الحلف بعد صلاة العصر أعظم وأشد، وعلى كل حال هو وقت لذكر الله .

وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر:1-2] كل إنسان، فإنه في خسارة محققة، ثم استثنى الله : إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:3].

بعض العلماء قال: هذه يدخل فيها المسلم والكافر، يعني: أن الإنسان في خسر؛ لأنه يفرط، وتضيع عليه بعض الأوقات، وقد يشتغل ببعض الأعمال المفضولة، والأقرب -والله أعلم- أن المقصود بالإنسان سوى من استثنى الله -تبارك وتعالى.

فالإنسان المعرض عن الله الذي لم يهتدِ بهداه هو خاسر.

ويخرج من هؤلاء -وهم القلة- الذين دخلوا في الإيمان، وعبّدوا نفوسهم لله فهم: الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:3].

قال الشافعي -رحمه الله- كلامًا معناه: إن الناس أو أكثرهم في غفلة عن تدبر هذه السورة، وكان يقول: "لو لم ينزل على الناس إلا هذه السورة لكفتهم"، لأنها قد جمعت الإيمان، والعمل الصالح، وجمعت أيضاً الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، التواصي على الحق، والتواصي على الصبر، وأسباب الثبات على الدين، وما أشبه ذلك مما لا يخفى.

والله تعالى أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

  1. عن أبي هريرة ، عن النبي ﷺ قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعة لقد أعطى بها أكثر مما أعطى وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم، ورجل منع فضل ماءٍ فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك أخرجه البخاري، كتاب المساقاة، باب من رأى أن صاحب الحوض والقربة أحق بمائه (3/ 112)، رقم: (2369).

مواد ذات صلة