الثلاثاء 09 / رمضان / 1445 - 19 / مارس 2024
[1] من قوله تعالى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} الآية 1 إلى قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} الآية 3
تاريخ النشر: ٢٠ / صفر / ١٤٢٨
التحميل: 5526
مرات الإستماع: 10887

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المفسر -رحمه الله تعالى:

تفسير سورة التوبة، وهي مدنية.

بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۝ فَسِيحُوا فِي الأرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ [سورة التوبة:1-2].

هذه السورة الكريمة من أواخر ما نزل على رسول الله ﷺ، كما روى البخاري عن البراء قال: آخر آية نزلت: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ [سورة النساء:176] وآخر سورة نزلت براءة[1].

وإنما لا يبسمل في أولها؛ لأن الصحابة لم يكتبوا البسملة في أولها في المصحف الإمام، بل اقتدوا في ذلك بأمير المؤمنين عثمان بن عفان - وأرضاه.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهذه سورة براءة، وسميت بهذا؛ لأنها بُدئت بالبراءة من المشركين، بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، ولها أسماء أخرى وردت أيضاً عن بعض الصحابة ، وبعض هذه الأسماء جاءت بروايات صحيحة، ومما ورد في أسمائها غير براءة أنه يقال لها: سورة التوبة، وذلك لما جاء في آخرها من توبة الله  على الثلاثة الذين خُلفوا عن غزوة تبوك، وهذان الاسمان من أشهر أسمائها، ويقال لها أيضاً: سورة الفاضحة؛ لأنها فضحت المنافقين، فما بقي إلا أن تذكر أسماءهم، وقد ذكرت أوصافهم الدقيقة، فما زال -كما قال ابن عباس : ينزل: ومنهم، ومنهم، ومنهم، يقول: حتى ظننا أنها لا تترك أحداً[2]، وذكرت مقالاتهم، وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي [سورة التوبة:49]، وذكرت أعذارهم الكاذبة.

وكذلك يقال لها: سورة البحوث؛ لأنها بحثت في نفوس المنافقين، واستخرجت مكنوناتهم، وما يخفون من النفاق، وهكذا يقال لها: المبعثرة؛ لأنها بعثرت عن نفوسهم، والمقشقشة؛ لكونها تبرئ من النفاق، والمخزية فهي خزي على المنافقين، أخزتهم فضحتهم، وهكذا المثيرة، أثارت عما في نفوس أهل النفاق، والحافرة والمنكلة والمدمدمة، هذه جملة أسماء هذه السورة.

قال: هذه السورة من أواخر ما نزل على رسول الله ﷺ، وهذا لا شك فيه، ولذلك فإن ما ورد في شأن القتال آخر ما نزل منه كان في هذه السورة، وإن كان بعض الآيات التي تضمنتها مما قد يقال: إنها منسوخة، وغالب ذلك يكون ناسخها من هذه السورة، كقوله تعالى مثلاً: انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً [سورة التوبة:41] كما سيأتي، نسخ بقوله: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً [سورة التوبة:122].

فهذه السورة نزلت بعد اكتمال قوة المسلمين، وكثرة عددهم، فجاءت بهذه الأحكام والآيات، كقوله -تبارك وتعالى- في الآية الخامسة منها وهي آية السيف: فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ [سورة التوبة:5] الآية، فهذه قيل: إنها نسخت مائة وأربعاً وعشرين آية، قالوا: كل آية فيها عفو وصفح وإعراض عن المشركين فهي منسوخة بهذه الآية، وهي آية السيف، وهذا وإن كان فيه نظر إلا أن ذلك يدل على أن هذه السورة قد تضمنت أحكاماً قوية.

والأقرب -والله تعالى أعلم- أن يقال: إن هذه الآيات كآية السيف يعمل بها في أوقات قوة المسلمين وظهورهم وتمكنهم في الأرض، وإذا كانوا في حال من الضعف فإنهم يعملون بآيات العفو والصفح والصبر والإعراض عن المشركين، والكف، كف الأيدي حتى تصير لهم قوة، ولذلك يقال: إنه لا يصح أن يصور حال الإسلام بالآيات التي نزلت بمكة في وقت القلة والضعف والعجز، أو أوائل ما نزل في المدينة كقوله -تبارك وتعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا، أو قوله: وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ، وأشباه ذلك، لا يمكن أن تصوَّر طبيعة الإسلام وحال الإسلام بالآيات المكية: فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ [سورة البقرة:109]، وآيات الكف والإعراض، ولا بأوائل ما نزل في المدينة، وإنما هذه السورة تمثل ما انتهى إليه التشريع فيما يتعلق بالقتال والعلاقة مع المشركين.

والآيات الأولى الراجح أنها لم تنسخ، وإنما هذا الدين فيه عزائم وفيه رخص، ففي أوقات الضعف يُعمل بالرخص، وفي أوقات القوة يعمل بالعزائم، لكن حينما نصور الإسلام بصورة مبنية على الآيات النازلة بمكة من العفو والصفح والإعراض أو أوائل ما نزل في المدينة، فهذا تشويه لصورة الإسلام ولا شك، والناس في هذا بين طرفين وواسطة، فمن الناس من يمسخ الإسلام مسخاً، ويصور الإسلام بصورة على غير ما أنزله الله ، فيملئون الدنيا بكتاباتهم وكلامهم عن التسامح، وأن هذا الإسلام دين التسامح، وأن القتال شرع للدفاع، وحتى الدفاع ما سلم منهم، فهذا خطأ، ومن الناس من يريد أن يأخذ بآيات العزائم، ويطبقها في حالٍ من تشتت الأمة وضعفها، وكأن الأمة في أقوى مراحلها، هذا غير صحيح، إنما ينبغي النظر في مثل هذه الأمور بحسب حال الأمة، ولا يجوز لأحد أن يفتئت عليها، ولا أن ينوب عنها من آحاد الناس بإقامة مثل هذه الأمور.

وهنا قال: وإنما لم يبسمل في أولها لأن الصحابة لم يكتبوا البسملة في أولها في المصحف الإمام، بل اقتدوا في ذلك بأمير المؤمنين عثمان بن عفان - وأرضاه، هذا جواب حسن؛ لأن الصحابة لم يكتبوها، لكنه يرِد على هذا أيضاً سؤال، لماذا لم يكتبها الصحابة؟

فمن أهل العلم -وقد نقل هذا عن بعض الصحابة كعلي من قال: إن هذه السورة نزلت بالقتال والبراءة من المشركين، فأسقطت فيها البسملة لذلك، وقد قال بعض أهل العلم: إنه كانت من عادة العرب أنهم إذا كتبوا في نقض العهد مع من بينهم وبينه عهد إذا أرادوا أن ينبذوا إليه عهده لم يبسملوا في الخطاب، قالوا: فالبسملة أمان، وهذه السورة جاءت بالبراءة والقتال للمشركين، هكذا قال بعضهم، وبعضهم يقول: إنه نسخ أولها، وكان مما نسخ البسملة.

وجاء في رواية عن ابن عباس -ا- أنه سأل عثمان عن هذا، فكان من حاصل الجواب: أن النبي ﷺ كان إذا نزلت عليه سورة بين لهم، وأنه ﷺ قد توفي ولم يبين لهم ما يتصل بسورة التوبة والأنفال، هل هما سورة واحدة أو هما سورتان، فلما رتبوا السور في القرآن جعلوا براءة بعد الأنفال؛ لأنها شبيهة بها، فمنهم من يقول: إنهما سورة واحدة، ومنهم من يقول: هما سورتان، فجعلوهما هكذا، ولم يجعلوا (بسم الله الرحمن الرحيم) بينهما، وهذا باطل، والرواية التي فيه لا تصح، لا تصح من جهة الإسناد وهي منكرة أيضاً من جهة المعنى.

فالنبي ﷺ بيّن ما يتعلق بالقرآن بياناً شافياً لا إشكال فيه، والصحابة لم يلتبس عليهم شيء من أمر القرآن إطلاقاً، وسورة براءة هي هكذا نزلت على النبي ﷺ، والصحابة كانوا يسمعونها من النبي ﷺ على المنبر وفي الصلاة وفي خارج الصلاة، كما جاء أن ابن مسعود سمع النبي ﷺ يقرأ من سورة براءة، يقرأ آيات من سورة براءة على المنبر، في القصة المعروفة لما سأل متى نزلت هذه السورة، أثناء الخطبة، فالشاهد: أن الصحابة كانوا يسمعون ذلك من النبي ﷺ، ويتلقونه عنه، فيثبتون ما سمعوا وما أُقرئوا، ولا يتصرفون من عند أنفسهم.

وأول هذه السورة الكريمة نزل على رسول الله ﷺ...

الأقوال التي تقول بأن السورة نزلت من غير البسملة؛ لأنها نزلت بالسيف، أو لأنها نزلت بالبراءة من المشركين أو إلى آخره، هذا كله باعتبار أنهم تلقوها من النبي ﷺ من غير البسملة، كل هذه الأقوال ترجع إلى هذا طبعاً، إلا على الأثر المروي عن ابن عباس -ا- أنه سأل عثمان، فيكون الصحابة بهذا الاعتبار هم الذين تركوا البسملة، ولكن هذا باطل، فالحاصل أن السورة نزلت هكذا، لكن هذه التعليلات التي سمعتم من قائلٍ بأنها جاءت بالسيف، وابن كثير -رحمه الله- أعرض عن هذا، قال: كتبها الصحابة هكذا.

وأول هذه السورة الكريمة نزل على رسول الله ﷺ لما رجع من غزوة تبوك وهمَّ بالحج، ثم ذكر أن المشركين يحضرون عامهم هذا الموسم على عادتهم في ذلك، وأنهم يطوفون بالبيت عراة فكره مخالطتهم، فبعث أبا بكر الصديق أميرًا على الحج هذه السنة، ليقيم للناس مناسكهم، ويُعلِم المشركين ألا يحجوا بعد عامهم هذا، وأن ينادي في الناس بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فلما قفل أتبعه بعلي بن أبي طالب ليكون مبلغًا عن رسول الله ﷺ، لكونه عَصَبَة له، كما سيأتي بيانه.

يعني أن صدر سورة براءة نزل بعدما انطلق أبو بكر في السنة التاسعة إلى الحج، فنزل على النبي ﷺ فبعث به علياً ينادي بهذه الآيات، وبعضهم يقول: إن الذي نزل من صدرها ثلاثون آية، والسورة لم تنزل جملة واحدة قطعاً، وكثير من الآيات التي فيها تحدثت عن غزوة تبوك وما وقع من المنافقين في أثنائها، وما حصل منهم من الأعذار الكاذبة بعدها، وما حصل منهم قبل الغزوة، فالله يقول: لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ [سورة التوبة:117]، وقال: وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ [سورة التوبة:118]، هذا كان بعد غزوة تبوك، بعد الغزوة، وقال: يَحْلِفُونَ بِاللّهِ [سورة التوبة:74]، وذكر الأعذار الكاذبة التي جاءوا بها للنبي ﷺ بعدما رجع من غزوة تبوك.

فقوله: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أي: هذه براءة، أي: تبرؤٌ من الله ورسوله.

مما نزل في أثنائها -في أثناء غزوة تبوك- في القصة المعروفة لما استهزءوا، استهزأ مجموعة من المنافقين بالقرّاء، فنزلت الآيات: وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُُونَ ۝ لاَ تَعْتَذِرُواْ [سورة التوبة:65، 66]، هذه نزلت في أثناء غزوة تبوك، بدليل حديث ابن عمر لما نزلت هذه الآيات، يقول: فكأني أنظر إلى أحد هؤلاء متعلقاً بخطام ناقة النبي ﷺ والحجارة تنكأ قدميه، وهو يقول: إنما كنا نخوض ونعلب، والنبي ﷺ لا يزيد أن يقرأ هذه الآية، ولا يلتفت إليه، فهذا في أثناء الغزوة.

فقوله: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أي: هذه براءة، أي: تبرؤٌ من الله ورسوله، إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الأرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.

قوله: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، قال: أي هذه براءة، فتكون "براءة" بهذا الاعتبار خبراً لمبتدأ محذوف، المبتدأ "هذه"؛ لأنه لا يجوز الابتداء بالنكرة، فبراءة نكرة، مثل سورة النور، سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا [سورة النور:1]، فكيف ابتدأ بالنكرة، ومعروف عند النحاة أنه لا يجوز الابتداء بها إلا إذا أفادت، كما قال ابن مالك:

ولا يجوز الابتدا بالنكرة ما لم تُفد كعندَ زيدٍ نَمِرَة

وذكر الحالات التي يجوز فيها الابتداء، مثل إذا كان الخبر جارا ومجرورا ومتقدما عليها، نحو عند زيدٍ نَمرةٌ، الأصل: نمرة عند زيد.

وهل فتىً فيكم فما خِلٌّ لنا ورجلٌ من الكِرام عندنا

هل فتىً فيكم؟ يعني في سياق الاستفهام، وكذلك أيضاً: رجل من الكرام، إذا كانت موصوفة، فهنا بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وسُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا هذه نكرة موصوفة، وُصفت، فهنا يحتمل على كلام ابن كثير أن تكون خبراً لمبتدأ محذوف، فما يكون ابتداء بالنكرة بهذا الاعتبار، ليست مبتدأ، وإذا قيل بأنها مبتدأ نقول: إنه جاز الابتداء بها لأنها نكرة موصوفة، براءة حاصلة أو كائنة من الله ورسوله، ويكون الخبر إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ، هذا لا إشكال فيه.

قال: أي تبرؤٌ من الله ورسوله، تقول: برئتُ من كذا إذا أزلته عن نفسك ودفعته وقطعت ما بينك وبينه من سبب، تقول: أنا أتبرأ من فعل فلان، أنا أتبرأ من فلان، أتبرأ من كذا، يعني أزلت عن نفسك أنك لم تفعله لم تتصف به لم ترضه، وقطعت ما بينك وبينه من سبب، بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، والتنكير هنا يفيد التعظيم.

إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الأرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، هذه الآية لذوي العهود المطلقة غير المؤقتة.

قوله: إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، هذه البراءة إلى الذين عاهدتهم، العهد: هو العقد في الأصل، العقد المؤكد الموثق باليمين، هذا الأصل، قال: إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الأرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَسِيحُوا فِي الأرْضِ، السياحة هنا بمعنى السير، سيروا في الأرض أربعة أشهر لا يتعرض لكم أحد، اختاروا لأنفسكم.

هذه الآية لذوي العهود المطلقة غير المؤقتة، أو من له عهد دون أربعة أشهر، فيكمل له أربعة أشهر، فأما من كان له عهد مؤقَّت فأجله إلى مدته مهما كان؛ لقوله تعالى: فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ الآية. ولِمَا سيأتي في الحديث: ومن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد فعهده إلى مدته[3]، ورُوي عن الكلبي ومحمد بن كعب القُرَظِيّ، وغير واحد.

الآن هذه الآية بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ۝ فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ، هذه إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم إلى أصحاب العهود، فصار عندنا: أصحاب عهود، وعندنا: غير معاهدين، غير المعاهدين من ليس بينهم وبين المسلمين عهد، قال الله فيهم: فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ [سورة التوبة:5]، هؤلاء الذين ليس لهم عهد، والذين لهم عهد هنا قال: بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ۝ فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مع قوله: إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ [سورة التوبة:7]، وفي الآية فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ [سورة التوبة:4]. 

فالذي بينهم وبين النبي ﷺ بالسبر والتقسيم العقليين- لا يخلو من الحالات الآتية: إما أن يكون لهم عهد أقل من أربعة أشهر، فهؤلاء يكمل لهم إلى أربعة أشهر؛ لأن من لا عهد لهم يكون إلى نهاية الأشهر الحرم على خلاف سيأتي، فهؤلاء الذين لهم عهد أقل من أربعة أشهر يكمل لهم أربعة أشهر، والذين لهم عهد أطول من أربعة أشهر مؤقت محدد يعني منتهاه فهؤلاء يتم لهم عهدهم، يعني بين المسلمين وبينهم عهد لمدة سنة مثلاً، فيوفى بهذا العهد فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ، والذين لهم عهود مطلقة مفتوحة غير محددة بوقت -إن وجد- فهؤلاء يكون عهدهم أربعة أشهر فقط، وهذا وجه حسن في الجمع بين الآيات، واختاره جمع من المحققين. 

وابن جرير -رحمه الله- يذكر هذا ويزيد عليه أن الذين بينهم وبين النبي ﷺ عهد محدد أكثر من أربعة أشهر ولكنهم نقصوا هذا العهد فإنه يكون أربعة أشهر، وهذا لا إشكال فيه؛ لأن الله  قال: ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ، فيصير الذين يكونون إلى أربعة: من له عهد دون أربعة أشهر، ومن له عهد مفتوح فهذا إلى أربعة أشهر، ومن له عهد محدد أكثر من أربعة أشهر ولكنه نقص ولم يكن عهده على الوفاء والتمام فهذا يجعل له أربعة أشهر، بقيت طائفة واحدة ممن لهم عهد وهم: من كان لهم عهد أكثر من أربعة أشهر ولم يخلوا به فهؤلاء فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ.

وقال أبو معشر المدني: حدثنا محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا: بعث رسول الله ﷺ أبا بكر أميراً على الموسم سنة تسع، وبعث علي بن أبي طالب بثلاثين آية أو أربعين آية من "براءة" فقرأها على الناس، يؤجل المشركين أربعة أشهر يسيحون في الأرض، فقرأها عليهم يوم عرفة، أجَّلهم عشرين من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وشهر ربيع الأول، وعشراً من ربيع الآخر.

يعني الآن على هذا تكون الأربعة الأشهر مبتدَأة من يوم النحر؛ لأنه قال: وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ، على الخلاف كما سيأتي في يوم الحج الأكبر هل يوم النحر أو يوم عرفة؟ فتكون الأربعة الأشهر مبتدَأة من ذلك اليوم، فتنتهي في العاشر من ربيع الآخر، أربعة أشهر، فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.

ومن أهل العلم من قال: إن المقصود منذ نزول الآيات، وهذا بعيد؛ لأن الله أعلمهم بهذا، وقال لهم: وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ، فهم منذ سمعوها يكون قد أمهلهم هذه المدة، لا من وقت نزولها وهم لا يعلمون هذا، فتكون منتهية بهذا الاعتبار. فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وسيأتي الكلام على فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ [سورة التوبة:5].

وقرأها عليهم في منازلهم، وقال: لا يحجنّ بعد عامنا هذا مشرك، ولا يطوفن بالبيت عريان[4].

ولهذا قال تعالى: وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [سورة التوبة:3].

يقول تعالى: وإعلامٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وتَقَدُّمٌ وإنذار إلى الناس، يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ وهو يوم النحر الذي هو أفضل أيام المناسك وأظهرها وأكثرها جمعاً.

وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، أذان أيضاً نكرة، ويقال فيه -كما قيل في "براءة": يحتمل أن يكون خبراً لمبتدأ محذوف، أي: هذا أذان، ويحتمل أن يكون مبتدأ وابتُدِئ به لعلة من العلل المسوّغة كما سبق الكلام على "براءة"، والواو هنا وَأَذَانٌ عاطفة على جملة براءة، بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، أي: إعلام، الأذان: هو الإعلام، يؤذنهم أي: يعلمهم بالبراءة منهم ومن عهودهم.

هنا قال: إِلَى النَّاسِ، وبَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ مِن: لابتداء الغاية، أي: براءة واصلة مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ، وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ، قال: وهو يوم النحر الذي هو أفضل أيام المناسك، وهذا عليه عامة أهل العلم، قال به كثير من الصحابة فمن بعدهم، واختاره من المفسرين ابن جرير والقرطبي، وورد في ذلك أحاديث صحيحة عن النبي ﷺ، من هذه الأحاديث المرفوعة -إضافة إلى كثير من الآثار- حديث رجل من أصحاب النبي ﷺ قال: خطبنا رسول الله ﷺ يوم النحر على ناقة حمراء مخضرمة، فقال: هذا يوم الحج الأكبر[5]. أخرجه الإمام أحمد والنسائي في الكبرى، ورجاله ثقات.

وكذلك حديث ابن عمر: "أن النبي ﷺ وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج فقال: أي يوم هذا؟، قالوا: يوم النحر، قال: هذا يوم الحج الأكبر، أخرجه البخاري تعليقاً، ووصله أبو داود في المناسك باب يوم الحج الأكبر، وابن ماجه، والحديث ثابت صحيح.

وورد أيضاً عن جماعة من الصحابة أحاديث، ومن ذلك حديث أبي هريرة، قال: بعثني أبو بكر فيمن يؤذن يوم النحر بمنى: لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، يؤذن يوم النحر، والله يقول: وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ، فكان يؤذن في يوم النحر، ثم قال: وإنما قيل الأكبر -يعني يوم الحج الأكبر- في مقابل الحج الأصغر وهو العمرة، وفي أحاديث أخرى منها حديث عبد الله بن أبي أوفى أن النبي ﷺ قال: يوم النحر يوم الحج الأكبر، وهذا فيه ضعف. 

فعلى كل حال من جهة النظر يوم النحر فيه عامة أعمال الحج، فيه رمي الجمار، وفي ليلته الوقوف بعرفة، وفيه نحر الهدي، وفيه أيضاً الطواف، وفيه التلبية والتكبير والحلق، كل هذا في ذلك اليوم، هذا قال به كثير من الصحابة والتابعين وكثير من أهل العلم، مثل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله، وممن قال به من الصحابة علي وعبد الله بن أبي أوفى والمغيرة بن شعبة، وأبو موسى الأشعري، وابن عمر، وهو مروي عن ابن عباس وقال به خلق لا يحصيهم إلا الله من التابعين فمن بعدهم، والله أعلم.

يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ وهو يوم النحر الذي هو أفضل أيام المناسك.

أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ أي: بريء منهم أيضاً.

رسولُهُ مرفوع يعني أن الله بريء ورسوله بريء من المشركين، أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ، وسبب كتابة النحو أن زياد بن أبيه كان أميراً على العراق فطلب من أبي الأسود الدؤلي أن يكتب له، قيل: في كتابة النحو، يقال: إن أبا الأسود الدؤلي هو أول من كتب النحو، وإن علي بن أبي طالب قال له: الكلام: اسم وفعل حرف جاء لمعنى، فالاسم كذا، وانح نحو هذا، فقيل له: النحو، وتشكيل المصاحف يقال: إن زياد بن أبيه طلب ذلك من أبي الأسود الدؤلي لأن المصاحف لم تكن مشكولة ولا منقوطة، فامتنع من هذا، يقال: إنه جعل رجلاً يقرأ -حيث يسمع- في طريقه، فقرأ بجر "رسوله" في قوله: وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فصار المعنى بهذا الاعتبار أن الله بريء من رسوله ﷺ، ففزع أبو الأسود الدؤلي وذهب إلى زياد، فوافق أن يكتب المصحف مشكولاً، هكذا ذُكر، وجاءت قراءة بالجر، لكنها غير متواترة، ولا أحد يحمل ذلك على المعنى الباطل إطلاقاً، ولا يتصور هذا من مسلم، لكن القراءة تلك الشاذة بعضهم قال: إن الإعراب، أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، "المشركين" مجرور وَرَسُولِهُ قالوا: جر للمجاورة، وبعضهم قال غير هذا.

ثم دعاهم إلى التوبة إليه فقال: فَإِنْ تُبْتُمْ أي: مما أنتم فيه من الشرك والضلال فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ أي: استمررتم على ما أنتم عليه فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ بل هو قادر، وأنتم في قبضته، وتحت قهره ومشيئته، وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ أي: في الدنيا بالخزي والنَّكال، وفي الآخرة بالمقامع والأغلال.

هنا أطلق البشارة على خلاف المعنى المشهور، وهو الإخبار بما يسر، فهنا ذكرها في الإخبار بما يسوء، فالغالب المعروف المشهور أن البشارة تقال في الإخبار بما يسر، وهذا وإن كان هو الغالب إلا أن إطلاقها في الإخبار بما يسوء صحيح، وليس بمجاز، ومعروف في كلام العرب، ومنه هذه الآية: وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، كما قال الشاعر:

وخيلٍ قد دلفتُ لها بخيلٍ تحيةُ بينِهم ضربٌ وجيعُ

فعبر بالتحية عن الضرب الوجيع، كما قال الآخر:

يبشرني الغرابُ ببيْنِ أهلي فقلتُ له ثكِلْتُك مِن بشيرِ

وقول الآخر:

وبشرتَني يا زيدُ أنّ أحبتي جفوْني وأنّ الودَّ موعدُه الحشرُ

وبشرتني، فسمى ذلك بشارة، وهذا موجود في كلام العرب، وعلى كل حال قيل للبشارة بشارة؛ لأنه يظهر أثر ذلك في بشرة الإنسان، إذا بشرتَه ظهر ذلك على وجهه.

روى البخاري -رحمه الله- أن أبا هريرة قال: بعثني أبو بكر في تلك الحَجَّة في المُؤذِّنين، بعثهم يوم النحر يُؤذِّنون بمنى: ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، قال حميد: ثم أردف النبيُّ ﷺ بعلي بن أبي طالب، فأمره أن يُؤَذِّن ببراءة، قال أبو هريرة: فأذَّنَ معنا عليٌّ في أهل منى يوم النحر ببراءة وألا يحج بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان[6].

ورواه البخاري أيضاً أن أبا هريرة قال: بعثني أبو بكر فيمن يُؤذِّن يوم النحر بمنى: لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عُريان، ويوم الحج الأكبر يوم النحر، وإنما قيل: "الأكبر"، من أجل قول الناس: "الحج الأصغر"، فَنَبَذَ أبو بكر إلى الناس في ذلك العام، فلم يحج عام حجة الوداع الذي حج فيه رسول الله ﷺ مشركٌ[7].

وهذا لفظ البخاري في كتاب "الجهاد".

وروى محمد بن إسحاق عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي قال: لما نزلت "براءة" على رسول الله ﷺ، وقد كان بعث أبا بكر ليقيم الحج للناس، فقيل: يا رسول الله، لو بعثت إلى أبي بكر، فقال: لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي، ثم دعا عليًّا فقال: اخرج بهذه القصة من صدر براءة، وأذن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى: أنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يَطُوف بالبيت عريان، ومن كان له عند رسول الله ﷺ عهد فهو له إلى مدته، فخرج علي على ناقة رسول الله ﷺ العضباء، حتى أدرك أبا بكر في الطريق فلما رآه أبو بكر قال: أمير أو مأمور؟ قال: بل مأمور، ثم مضيا، فأقام أبو بكر للناس الحج، والعرب إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم من الحج التي كانوا عليها في الجاهلية حتى إذا كان يوم النحر، قام علي بن أبي طالب فأذن في الناس بالذي أمره رسول الله ﷺ، فقال: يا أيها الناس، إنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عهد عند رسول الله ﷺ فهو إلى مدته.

من له عهد فهو إلى مدته، وهذا موافق لقوله: فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ، فهذا ما يدخل في فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.

فلم يحج بعد ذلك العام مشرك، ولم يطف بالبيت عريان، ثم قدما على رسول الله ﷺ. فكان هذا من براءة فيمن كان من أهل الشرك من أهل العهد العام، وأهل المدة إلى الأجل المسمى.

يقول: فكان هذا من براءة فيمن كان من أهل الشرك من أهل العهد العام، وأهل المدة إلى الأجل المسمى، يعني يريد أن يقول: إن الذين لا عهد لهم فالإمهال في حقهم إلى نهاية الأشهر الحرم.

  1. رواه البخاري، كتاب التفسير، باب تفسير سورة براءة، برقم (4377).
  2. رواه البخاري، كتاب التفسير، باب تفسير سورة الحشر، برقم (4600)، ومسلم، كتاب التفسير، باب في سورة براءة والأنفال والحشر، برقم (3031).
  3. رواه الترمذي، باب ما جاء في كراهية الطواف عريانا، برقم (871)، وأحمد في المسند، برقم (594)، وقال محققوه: "حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين"، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (7670).
  4. رواه البخاري، كتاب المغازي، باب حج أبي بكر بالناس في سنة تسع، برقم (4105).
  5. رواه البخاري، كتاب التفسير، باب تفسير سورة براءة، برقم (4380)، ومسلم، كتاب الحج، باب لا يحج البيت مشرك ولا يطوف بالبيت عريان وبيان يوم الحج الأكبر، برقم (1347)، وأبو داود، كتاب المناسك، باب يوم الحج الأكبر، برقم (1945).
  6. رواه البخاري، كتاب التفسير، باب تفسير سورة التوبة، برقم (4378)، ومسلم، كتاب الحج، باب لا يحج البيت مشرك ولا يطوف بالبيت عريان وبيان يوم الحج الأكبر، برقم (1347).
  7. رواه البخاري، كتاب فرض الخمس، باب كيف ينبذ إلى أهل العهد، برقم (3006).

مواد ذات صلة