الأحد 20 / جمادى الآخرة / 1446 - 22 / ديسمبر 2024
[5] الاستعاذة والبسملة
تاريخ النشر: ١٤ / شعبان / ١٤٢٥
التحميل: 13331
مرات الإستماع: 7780

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المفسر -رحمه الله تعالى- في تفسير الاستعاذة: "والاستعاذة هي الالتجاء إلى الله تعالى والالتصاق بجانبه من شر كل ذي شر، والعياذة تكون لدفع الشر، واللياذ يكون لطلب جلب الخير".

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فمعنى الاستعاذة أي طلب العوذ؛ لأن السين والتاء للطلب، تقول: الاستغفار يعني طلب المغفرة، وتقول: الاستعطاف يعني طلب العطف، والاستعاذة أي طلب العوذ، والعوذ يأتي بمعنى الإجارة أن يمنعك وأن يعصمك وأن يجيرك من الشيطان الرجيم.

وبعض أهل العلم كما أشار الحافظ ابن كثير -رحمه الله- هنا يفرق بين العوذ واللوذ، فيقول: العوذ هو طلب الإجارة من المكاره، واللوذ هو الالتجاء لأجل تحصيل المطلوبات والمحبوبات، ويذكرون في هذا قول الشاعر:

يا من ألوذ به فيما أؤمله ومن أعوذ به مما أحاذره
بعض أهل العلم يقول: العوذ يكون في هذا وفي هذا، قد يكون الغالب في الاستعمال والمتبادر عند الإطلاق في الاستعاذة أنها طلب العوذ بالإجارة من المكاره، أي مما يخافه الإنسان ويطلب الخلاص منه، والله أعلم.

"ومعنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أي أستجير بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي، أو يصدني عن فعل ما أمرت به، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه، فإن الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلا الله، ولهذا أمر تعالى بمصانعة شيطان الإنس ومداراته بإسداء الجميل إليه ليرده طبعه عما هو فيه من الأذى، وأمر بالاستعاذة به من شيطان الجن؛ لأنه لا يقبل رشوة ولا يؤثر فيه جميل لأنه شرِّير بالطبع، ولا يكفه عنك إلا الذي خلقه.

وهذا المعنى في ثلاث آيات من القرآن لا أعلم لهن رابعة، قوله في الأعراف: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [سورة الأعراف: 199]، فهذا فيما يتعلق بمعاملة الأعداء من البشر، ثم قال:  وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [سورة الأعراف: 200]، وقال تعالى في سورة قد أفلح المؤمنون: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ۝ وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ۝ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ [سورة المؤمنون: 96-98]، وقال تعالى في سورة حم السجدة: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ۝ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ۝ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [سورة فصلت: 34-36]".

هذه فائدة كان قد ذكرها قبلُ وهي في كيفية التعامل مع شياطين الإنس، والتعامل مع شياطين الجن، وهي من اللطائف التي في هذا الكتاب.

"الشيطان في لغة العرب مشتق من شطن إذا بعد، فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر، وبعيد بفسقه عن كل خير، وقيل: مشتق من شاط؛ لأنه مخلوق من نار".

هذا الشيطان الذي نستعيذ منه المشهور أن مادته مشتقة من شطن كما ذكر أولاً، تقول شطن بمعنى بعد، وتقول شطنت البئر بمعنى أنها بعد قعرها حتى لا تصلها الدلاء، وتقول: شطنت ديار زيد، بمعنى بعدت.

وقال الشاعر:

نأتْ بسعاد عنك نوىً شطون فبانت والفؤاد بها حزين
قوله: نأتْ بسعاد عنك نوىً شطون يعني صارت ديارها بعيدة لا يوصل إليها إلا بمشقة.

وقيل: للشيطان ذلك لأنه بعيدٌ عن الخير وعن طاعة الله ، وبعيد عن الإيمان والهدىوكل معروف، وبعيد عن رحمة الله ، فكل ألوان البعد هو موصوفٌ بها، وهذا المعنى الأول هو المشهور عند العلماء وهو أنه مأخوذٌ من شطن.

والمعنى الثاني الذي ذكره هنا هو أنه مأخوذ من شاط يشيط فهو شيطان، واللفظة دالة على الامتلاء عموماً، تقول: غضبان على وزن فعلان، وظمآن وعطشان وجوعان، وما إلى ذلك من الألفاظ التي تدل على الامتلاء.

فإذا قيل: إنه من شاط يشيط، بمعنى عتا وتمرد، فازداد عتوه وتمرده، وخروجه عن طاعة الله ، وإفساده للخلق بما يلقيه إليهم من الوساوس، ويزين لهم من الشرور، تقول: استشاط فلانٌ غضباً، أي امتلأ غضباً وبلغ به الغضب مبلغه، وتقول: اشتط فلان في هذا الأمر.

وهذا المعنى الثاني -شاط يشيط- يطلق عند العرب على كل عاتٍ متمردٍ سواء من الإنس أو من الجن، ومنه البيت المشهور المعروف:

أيام يدعونني الشيطان من غضبٍ وكنّ يهوينني إذ كنت شيطانا
أي يوم أن كان عاتياً متمرداًفي أيام شبابه.

وقال الشاعر يمدح سليمان -عليه الصلاة والسلام:

أيما شاطنٍ عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأكبال
وقيل مشتق من شاط؛ لأنه مخلوق من نار، ومنهم من يقول: كلاهما صحيح في المعنى ولكن الأول أصح، وقال سيبويه: العرب تقول: تشيطن فلان إذا فعل فِعل الشياطين ولو كان من شاط لقالوا: تشيَّط".

هذا الكلام من سيبويه –رحمه الله- تعليل لماذا كان الأول أصح من جهة تصريف الكلمة، فيقول: العرب تقول: تشيطن إذا فعل فِعل الشياطين ولو كان من شاط لقالوا: تشيط"، فيقال: شاط فهو متشيط، لكن شطن فهو شاطن، وشيطان للمبالغة والدلالة على الامتلاء كما سبق معنا.

"فالشيطان مشتق من البعد على الصحيح، ولهذا يسمون كل من تمرد من جني وإنسي وحيوان شيطاناً، قال الله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا [سورة الأنعام:112].

وفي مسند الإمام أحمد عن أبي ذر قال: قال رسول الله ﷺ: يا أبا ذر تعوذ بالله من شياطين الإنس والجن، فقلت: أو للإنس شياطين؟ قال: نعم[1].

وفي صحيح مسلم عن أبي ذر أيضاً قال: قال رسول الله ﷺ: يقطع الصلاة َالمرأة ُوالحمار والكلب الأسود، فقلت: يا رسول الله، ما بال الكلب الأسود من الأحمر والأصفر؟ فقال: (الكلب الأسود شيطان)[2].

وروى ابن جرير أن عمر بن الخطاب ركب بِرْذَوْناً فجعل يتبختر به فجعل يضربه، فلا يزداد إلا تبختراً، فنزل عنه وقال: "ما حملتموني إلا على شيطان، ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي"[3] [إسناده صحيح]".

إذا قال الإنسان: أعوذ بالله من الشيطان، فـ "أل" هذه هل هي للعهد، فأنت تستعيذ بالله من الشيطان المعهود الذي هو إبليس مثلاً، أم أنها للجنس بمعنى أنك إذا قلت: أعوذ بالله من الشيطان أي من كل شيطان؟

يحتمل هذا وهذا، فبعض أهل العلم يقول: هي للجنس، فأنت تستعيذ بالله من كل الشياطين، ومعلومٌ أن الذي يوسوس ليس هو  إبليس فقط، وإنما إبليس وجنوده، أعوذ بالله من الشيطان أي من كل شيطان.

"والرجيم فعيل بمعنى مفعول، أي أنه مرجوم مطرود عن الخير كله".

باعتبار أن رجيم مصدر، فأصل المادة إذا أرجعناها إلى الفعل من رجم، وتقول: رجماً فهو رجيم، والمصدر يطلق ويراد به الفاعل تارةً، ويراد به المفعول تارةً أخرى، وبهذا فإن لفظة رجيم يمكن أن تكون بمعنى مرجوم، والمعنى الذي ذكره هنا فعيل بمعنى مفعول، يعني مرجوم، فإن شئت فقل: هو مرجومٌ بالشهب، كما قال تعالى: وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ ۝ دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ۝ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ [سورة الصافات:8-10].

والله أخبر عن النجوم أنه جعلها رجوماً للشياطين، فالشيطان يرجم بالشهب، ويرجم أيضاً بالذم والسب واللعن وما أشبه ذلك من كل قبيح يوصف به ويضاف إليه، وأيضاً هو مرجوم بمعنى مبعد ومطرود عن رحمة الله .

وقد يكون بمعنى فاعل، أي رجيم بمعنى راجم؛ لأنه يرجُم الناس بالوساوس والخواطر السيئة ويرجمهم بما يزين لهم من المنكر والباطل، لكن المعنى الأول هو المشهور، ولو قال قائل: إنه يحمل على المعنيين جميعاً فليس ذلك ببعيد والله أعلم، فهو مرجومبالاعتبار الأول وهو راجمٌ بالاعتبار الثاني، والقرآن يعبر به بالألفاظ القليلة الدالة على المعاني الكثيرة، والقاعدة أن اللفظ إذا احتمل معنيين فأكثر من غير ممانعة من حمله على أحدها فإنه يحمل على الجميع والله أعلم.

"والرجيم فعيل بمعنى مفعول، أي أنه مرجوم مطرود عن الخير كله كما قال تعالى: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ  [سورة الملك:5]، وقال تعالى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ۝ وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ ۝ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ ۝ دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ۝ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ [سورة الصافات:6-10].

وقال تعالى: وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ۝ وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ ۝ إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ [سورة الحجر:16-18] إلى غير ذلك من الآيات وقيل: رجيم بمعنى راجم لأنه يرجم الناس بالوساوس والربائث، والأول أشهر وأصح.

 بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [سورة الفاتحة:1] افتتح بها الصحابة كتاب الله، واتفق العلماء على أنها بعض آية من سورة النمل، ثم اختلفوا هل هي آية مستقلة في أول كل سورة، أو من أول كل سورة كتبت في أولها، أو أنها بعض آية من كل سورة".

المذاهب التي أشار إليها هي:

الأول: أنها أول آية من كل سورة -إضافة إلى كونها بعض آية من سورة النمل-سوى سورة براءة.

الثاني: أنها ليست آية من كل سورة وإنما تكون في بداية كل سورة لا على أنها من آيات السورة وإنما تكون للفصل بين السور.

وبعضهم يقول: هي آيةٌ من سورة الفاتحة فحسب، وبعضهم يقول: لا هذا ولا هذا، أي أنها ليست آية مستقلةً أصلاً، لا للفصل بين السور ولا من الفاتحة، وليست بآية من كل سورة، وإنما هي بعض آية من سورة النمل التي قال الله فيها: إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [سورة النمل:30].

والبحث في هذا طويل ومعروف ومشهور، ومن طلبه وجده في الكتب المطولة، وهناك مصنفات خاصة بالبسملة مستقلة، وبعضها مخطوط، وتجدون هذا في كتب التفسير، لا سيما كتب أحكام القرآن، وبعضهم يطيل فيه جداً، وتجدونه في شروح الحديث والفقه، فالمسألة ليست خفية على أحد وإنما هي من المسائل المشهورة، والخلاف فيها كبير وكثير ومشهور، ومذاهب الأئمة فيها معروفة، وإن كانت هذه المذاهب تحتاج إلى تحرير سواء فيها أو في غيرها من كثير من المسائل، إلا أن هذه المسألة من أبرز المسائل التي إذا نظرت فيها عرفت أن هذه المذاهب لا ينبغي أن تؤخذ إلا من كتب أصحابها، وإلا فإنك تجد أشياء تنسب إلى الأئمة لم يقولوا بها في مثل هذه المسألة وفي غيرها وذلك إذا أخذت ذلك من الكتب الأخرى.

وأما المنقول عن الصحابة والتابعين فهو يحتاج أيضاً إلى تحرير وإلى مراجعة في صحته وثبوته، ذلك أنه من أعجب الأشياء المنتشرة أنك تجد المسألة ينسب فيها أحد الأقوال إلى الخلفاء الأربعة وينسب القول الآخر الذي يخالفه تماماً إلى الخلفاء الأربعة كذلك!

فالحاصل أن هذه المسألة نموذج على ما ذكرت من شدة الحاجة إلى التحقق من نسبة الأقوال إلى قائليها، سواء من الصحابة أو من غيرهم ممن جاء بعدهم من أصحاب المذاهب أو غيرهم أجمعين.

"وممن حكي عنه أنها آية من كل سورة إلا براءة: ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأبو هريرة وعلي .

ومن التابعين: عطاء وطاوس وسعيد بن جبير ومكحول والزهري، وبه يقول عبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد بن حنبل في رواية عنه، وإسحاق بن راهويه وأبو عبيد القاسم بن سلام -رحمهم الله".

هذا هو القول الأول، وهو أنها آية من كل سورة إلا براءة، أي أنها معدودة من كل سورة وليست للفصل بين السور.

وهؤلاء يستدلون بأدلة، لكن ليس هنا مقام ذكر الأدلة والجواب عنها وإلا فلن ننتهي، لكن من أشهر أدلتهم حديث أنس في سورة الكوثر: "بينما رسول الله ﷺ بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءةً، ثم أفاق وهو يضحك، فقال: أنزلت علي آنفاً سورة، ثم قرأ: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ۝ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [سورة الكوثر:1][4].

وكذلك ما جاء في وصف قراءته ﷺ كما في حديث أم سلمة[5]، وكذلك في حديث أنس من أن قراءته ﷺ كانت مداً يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم[6].

هذه من أدلتهم الصحيحة الثابتة لكنها ليست صريحة في الدلالة على أن البسملة آية من كل سورة، فحديث أنس في سورة الكوثر مثلاً يبين أنه قرأ النبي ﷺ البسملة كما نبسمل في أوائل السور، فقد تكون مستقلةً تقال بين يدي قراءة السورة للفصل بين السور. 

فالمقصود أن هذا الدليل ليس بقاطع على أن البسملة آية من كل سورة، بل يوجد ما يدل على خلاف ذلك، فسورة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [سورة الإخلاص:1] يقول العلماء: إنها بالإجماع أربع آيات من غير البسملة، وسورة الكوثر يقولون بالإجماع: إنها ثلاث آيات، فالبسملة تكون رابعة على هذا، ويقولون: إنها أقصر سورة، والإعجاز يتحقق بأقصر سورة هي ثلاث آيات.

ثم إن أثر ابن عباس الثابت عنه صريح في أنها ليست آية في كل سورة حيث قال: كان النبي ﷺ لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم[7].

وأصرح من هذا كله قول النبي ﷺ في سورة تبارك: إن سورةً ثلاثون آية شفعت لصاحبها حتى غفر له[8] وسورة تبارك ثلاثون آية من غير البسملة.

ومما يدل على أنها ليست آية في كل سورة ما ثبت عن النبي ﷺ من حديث أبي هريرة أنه كان يفتتح القراءة بـالْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [سورة الفاتحة:2][9].

فالمقصود أن هذه الأدلة وغيرها تدل على أن ما فهمه أصحاب هذا القول من مثل حديث أنس لما قرأ النبي ﷺ سورة الكوثر، وقرأ البسملة أن هذا الفهم ليس بقاطع أنها منها أبداً، كما أنه توجد أدلة أخرى يفهم منها خلاف ذلك، وإنما غاية ما في الأمر أن النبي ﷺ قرأ البسملة عند قراءته لسورة الكوثر، ولا يلزم أنه قرأها بناءً على أنها الآية الأولى من سورة الكوثر إطلاقاً، وعلى كل حال هذا هو القول الأول.

"وقال مالكٌ وأبو حنيفة وأصحابهما: ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور".

مالك وأبو حنيفة يقولان: ليست البسملة آيةً من الفاتحة ولا من غيرها من السور، وهذا يضيفونه إلى طائفة كثيرةٍ من القُرَّاء، من قراء مكة والمدينة والشام، وهو منسوب إلى الأوزاعي ورواية عن الإمام أحمد -رحمه الله، ويقولون: إنها ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها مع إقرارهم أنها جزء من آية من سورة النمل.

ويلاحظ أن هذا قول لطائفة من القراء، كما أن القول الأول أيضاً منسوب إلى طائفة من القراء، ولذلك فإن مثل هذا أظنه يرجع إلى القراءة فهي ثابتة على أنها آية من كل سورة سوى براءة في بعض القراءات، وفي بعضها ليست كذلك، لا في الفاتحة ولا في غيرها، ولذلك كما هو معلوم أن من أوجُه القراءات الصحيحة الثابتة المتواترة إسقاط البسملة أصلاً، فيصلون السورة بالسورة من غير بسملة، فلو أعيد هذا إلى القراءة أظن أن هذا سيحل الإشكال من أصله، فمن قرأ بقراءةٍ البسملةُ آيةٌ فيها من كل سورة سوى براءة فإنه لا يتركها أبداً، وتكون في عداد آيات السورة، ومن قرأ بقراءة فيها الإسقاط فله أن يسقط ويصل السور من غير بسملة، ويترك ذلك عند قراءته للسور في الأذكار كالمعوذات وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ1 سورة الإخلاص، وكذلك إذا قرأ في الصلاة لا يبسمل، بمعنى أنه لا يجب عليه أن يبسمل إذا قرأ بقراءة أخرى في الصلاة، وهذا يُحلُّ به الإشكال.

قال صاحب المراقي:

وبعضهم إلى القراءة نظر وذاك للوفاق رأيٌ معتبر
الخلاف شهرته أكثر في سورة الفاتحة، هل البسملة آية منها أم لا؟وليست شهرة الخلاف في السور الأخرى بقدر ما هي بسورة الفاتحة، مع أنه خلاف موجود في هذا وفي هذا كما هو مشاهد، وكما قلت آنفاً: يمكن أن يرجع هذا إلى القراءة، لكن الذين يختلفون لا يلزم أنهم يقولون: إن هذا يرجع إلى القراءة وإلا لكان الموضوع قد انتهى ولصار الاختلاف اختلاف تنوع أما الآن فالخلاف خلاف تضاد.

وأما لماذا أسقطت البسملة من سورة براءة؟ فالعلماء يتكلمون عنه ويلتمسون فيه بعض التعليلات لكن لا يقطع بشيء منها، فبعضهم يقول: لأنها نزلت بالبراءة فلا يحسن أن تُبتدأ بـ بسم الله الرحمن الرحيم، وبعضهم يقول: إن الصحابة وقع عندهم تردد هل هي سورة مستقلة أم هي من الأنفال؛ لأنها تشبهها إلى حدٍ كبير، وبعضهم يقول غير هذا، والله أعلم.

"وقال داود: هي آية مستقلة في أول كل سورة لا منها، وهذه رواية عن الإمام أحمد بن حنبل".

هذا القول قول داود الظاهري، يقول فيه: "وهذه رواية عن الإمام أحمد بن حنبل"، بل هو مذهب الإمام، بل هو المنصوص عنه صراحة أنها كما قال هنا: آية مستقلة في أول كل سورة لا منها، أي أنها تنزل للفصل فقط بين السور وليست في عداد السورة، وهذا هو مذهب عبد الله بن المبارك -رحمه الله- واختاره جمعٌ من الأئمة من المتقدمين والمتأخرين كابن قدامة صاحب المغني، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وتلميذه ابن القيم، وحتى ابن جرير هذا ظاهر المنقول عنه، وكذلك الإمام ابن خزيمة.

لكنه لم يذكر القول المشهور الذي هو من أشهر ما يذكر عند ذكر الخلاف في البسملة، وهو هل هي آية من الفاتحة أم لا؟ فهذا مذهب ومن أشهر المذاهب في هذه المسألة لم يذكره هنا، فالقول بأنها آية من الفاتحة وليست آية من كل سورة هذا منسوب إلى كثير من القراء، بل نسبه بعضهم إلى أكثر القراء، وينسب إلى جمعٍ من الأئمة من السلف وهذا يحتاج إلى تحرير أيضاً في نسبته وصحته عنهم، وقد نُسب إلى سعيد بن جبير، والشافعي -رحمه الله، وهي قراءة نافع أصلاً -قراءة أهل مكة- والشافعي  -رحمه الله- كان من أهل مكة، ورواية عن أحمد، وهو قول ينسب لإسحاق بن راهويه-رحمه الله- ولأبي عبيد القاسم بن سلام، ولأبي ثور، وجمع كثير جداً.

"فأما الجهر بها في الصلاة فمن رأى أنها ليست من الفاتحة فلا يجهر بها، وكذا من قال: إنها آية في أولها، وأما من قال بأنها من أوائل السور فاختلفوا".

مسألة الجهر بالبسملة في الصلاة:

من رأى أنها ليست من الفاتحة ولا من غير الفاتحة فهذا قطعاً لا يجهر بها، لكن يبقى الكلام في من قال: إنها آية من الفاتحة أو أنها آية من كل سورة، فمن يقول: إنها آية للفصل بين السور، أو أنها آية من كل سورة أو غير ذلك لا يلزم منه القول بالجهر؛ لأننا إذا رجعنا إلى الأدلة المنقولة عن النبي ﷺ فنجد أن الثابت عنه ﷺ وعن خلفائه الراشدين هو ترك الجهر بالبسملة، يعني لو كان الإنسان يتخير القول بأنها آية من الفاتحة أو آية من كل سورة بناءً على ما ثبت في بعض أوجه القراءات، فهل نقول: السنة له أن يجهر؟

قد لا يقال له ذلك؛ لأن النبي ﷺ لم يكن يجهر بقراءة البسملة.

قوله: "فأما الجهر بها في الصلاة فمن رأى أنها ليست من الفاتحة فلا يجهر بها، وكذا من قال: إنها آية في أولها"، في ظني أن هذه العبارة تحتاج إلى تحرير ومراجعة وضبط؛ لأنها عبارة فيها إشكال، والله أعلم.

"وأما من قال بأنها من أوائل السور فاختلفوا، فذهب الشافعي -رحمه الله- إلى أنه يجهر بها مع الفاتحة والسورة، وهو مذهب طوائف من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين سلفاً وخلفاً".

إذا كانت القضية تتعلق بالقراءة خارج الصلاة فالأمر في هذا واسع، واختار كثيرٌ من القراء أنه يجهر بها إن جهر بالقراءة ويسر بها إن أسرَّ، وهذا واضح ولا إشكال فيه، والنبي ﷺ لما قرأ سورة الكوثر قرأ بسم الله الرحمن الرحيم، فهذا الكلام خارج الصلاة.

لكن حينما نقول: الجهر بها في الصلاة فهذه قضية عبادة، والنبي ﷺ كان يصلي بأصحابه، فالذين يقولون: إنه يجهر بها في الصلاة يستدلون بأدلة ومنها قراءة النبي ﷺ سورة الكوثر، حيث قرأ بسم الله الرحمن الرحيم فأسمع أصحابه، فيقال: هذا يستدل به للقراءة خارج الصلاة بحيث إذا جهر بالقراءة جهر بالبسملة، وإن أسر بالقراءة أسر بالبسملة، بل لا إشكال حتى إن جهر بالقراءة أن يسر بالبسملة إنما الإشكال في القراءة في الصلاة؛ لأن هذه قضية تتعلق بصفة الصلاة.

فالذين يقولون يجهر يستدلون بمثل حديث أنس[10]، ويستدلون بحديث أنس الآخر في وصف قراءة النبي ﷺ، كانت قراءته مداً يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم[11]، وبحديث أم سلمة: "كان يقطع قراءته.."[12].

والحاصل أن هذا الوصف لقراءة النبي ﷺ لا يلزم منه أن يكون الجهر بالبسملة داخل الصلاة، أي أن ذلك ليس بقاطعٍ على أن النبي ﷺ كان يجهر بقراءة البسملة في الصلاة، وإذا وصلنا إلى هذا القدر فعندئذٍ نحتاج إلى دليلٍ آخر أوضح من هذا وأقوى منه في الدلالة على أنه يجهر بها، والحقيقة أنه توجد أدلة واضحة وصريحة في الجهر بها لكن لا يصح من هذه الأدلة شيء، فجميع الأدلة الصريحة الواردة في الجهر بالبسملة لا يصح منها شيء.

والعلماء أطالوا في الكلام عليها، وفي بيان عللها ووجوه ضعفها، فهي لم يصح منها شيء، ولو كانت صحيحة لارتفع بها الخلاف، أو كان سيقال على الأقل: إن النبي ﷺ كان أحياناً يجهر وأحياناً لا يجهر مثلاً، فأقول: لو صحت تلك الأدلة لقيل بهذا أو هذا، لكنه لم يصح منها شيء، مع وجود أدلةٍ أخرى تدل على أنه لم يكن يجهر، وهي أدلة صحيحة صريحة، مثل حديث أنس في الصحيحين: "صليت خلف النبي ﷺ وأبي بكر وعمر، فما كانوا يجهرون بـ"بسم الله الرحمن الرحيم"[13]، وكذلك حديث عبد الله بن مغفل [14].

فالمقصود أن عندنا أدلة صحيحة ثابتة صريحة في عدم الجهر، وأما في الجهر فأدلة صحيحة غير صريحة، أو أدلة صريحة غير صحيحة، ولذلك كان الأقرب في هذه المسألة هو أنه لا يسن الجهر بها، لكنه لو فعل ذلك ليعلّم الناس، أو لدفع مفسدة، كأن يكون بين أناسٍ يرون الجهر بها ولا يفهمون، وإذا لم يجهر ربما أعاد بعضهم صلاته أو شك في صحتها، وربما أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، ففي هذه الحالة يجهر بها دفعاً لهذه المفسدة، فجمع القلوب وتأليفها في هذا معتبر.

"فجهر بها من الصحابة أبو هريرة وابن عمر وابن عباس ومعاوية -".

طبعاً هذا يحتاج إلى تحرير، يعني مثل ما نقل عن معاوية أنه لما جاء إلى المدينة صلى ولم يجهر بها، فأنكر عليه المهاجرون والأنصار، فصلى بهم بعد ذلك وجهر، فقالوا: كيف ينكر عليه المهاجرون والأنصار في مسجد رسول الله ﷺ وهم الذين تلقوا قراءته عنه وعرفوا الصلاة منه، فيدل على أن النبي ﷺ كان يجهر، فنقول هذا الحديث أصلاً لا يصح، فهو لم يثبت عن معاوية، كما أن هناك أدلة أخرى صريحة لكنها في غاية الضعف، وبالمناسبة فإن الشيعة والرافضة يرون الجهر بالبسملة، وبعض ما دخل في هذا من الأحاديث هو بسبب كذب هؤلاء فهم أكذب الطوائف.

لكن يبقى أن القائل: إن السنة هي الجهر بالبسملة لا يشك في صحة صلاة من أسر بها، والقائل: إن السنة هي الإسرار لا يشك في صحة صلاة من جهر بها، فغاية ما في الأمر هو ما السنة في ذلك؟، لكن المسألة تكون أكثر تأثيراً في إسقاط قراءتها بالكلية على أنها ليست من الفاتحة، فالإشكال هاهنا.

"وحكاه ابن عبد البر والبيهقي عن عمر وعلي -ا- ونقله الخطيب عن الخلفاء الأربعة".

هذا كله لا يثبت لا عن عمر ولا عن الخلفاء الأربعة -.

"ونقله الخطيب عن الخلفاء الأربعة، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وهو غريب".

طالب العلم إذا رأى مثل هذا في مسألة فإنه يتوقف ويهاب، إذ كيف يقول الخلفاء الأربعة بهذا، والنبي ﷺ يقول: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين[15] ثم يأتي من يقول: الجهر بها ليس من السنة؟!

فالجواب أن يقال: إن هذا لا يثبت عنهم أصلاً، ولذلك حتى في التفسير تجد من يقول: قال ابن عباس ومجاهد وفلان وفلان، وأكثر هذا لا يثبت عنهم.

"ومن التابعين عن سعيد بن جبير وعكرمة وأبي قلابة والزهري وعلي بن الحسن وابنه محمد وسعيد بن المسيب وعطاء وطاوس ومجاهد وسالم ومحمد بن كعب القرظي وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وأبي وائل وابن سيرين ومحمد بن المنكدر وعلي بن عبد الله بن عباس وابنه محمد ونافع مولى ابن عمر وزيد بن أسلم وعمر بن عبد العزيز والأزرق بن قيس وحبيب بن أبي ثابت وأبي الشعثاء ومكحول وعبد الله بن معقل بن مقرن، زاد البيهقي: وعبد الله بن صفوان ومحمد ابن الحنفية، زاد ابن عبد البر: وعمرو ابن دينار، والحجة في ذلك أنها بعض الفاتحة، فيجهر بها كسائر أبعاضها".

يقول: "والحجة في ذلك أنها بعض الفاتحة"، وقال قبلُ: "فأما الجهر بها في الصلاة فمن رأى أنها ليست من الفاتحة فلا يجهر بها وكذا من قال: إنها آية في أولها" وقد سبق أن قلت: إن هذه العبارة تحتاج إلى تحرير، وعلى كل حال حتى على القول بأنها من الفاتحة فالمرجع في ذلك هو رسول الله ﷺ، فقد كان يقرأ ولا يجهر، والله يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ21 سورة الأحزاب.

"وأيضاً فقد روى النسائي في سننه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم في مستدركه عن أبي هريرة -: أنه صلى فجهر في قراءته بالبسملة، وقال بعد أن فرغ: إني لأشبهكم صلاة برسول الله ﷺ"[16] [وصححه الدارقطني والخطيب والبيهقي وغيرهم]".

وضعفه جمع من أهل العلم، وعلى فرض صحته قالوا: ربما فعل ذلك أبو هريرة تعليماً لهم فقط، لا أن النبي ﷺ كان يجهر، وربما سمع النبي ﷺ يقرؤها يُسمع أصحابه كما كان يُسمعهم في الصلاة السرية بعض الآيات أي أن ذلك كان للتعليم، ففهِم أن السنة في ذلك الجهر، فيكون فهماً من أبي هريرة -.

فالمقصود أن قوله: "إني لأشبهكم صلاة برسول الله ﷺ" لا يلزم منه أن النبي ﷺ كان يجهر بالبسملة وهذا على فرض صحته.

"وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك أنه سئل عن قراءة النبي ﷺ فقال: كانت قراءته مداً، ثم قرأ بـ بسم الله الرحمن الرحيم، يمد بسم الله ويمد الرحمن ويمد الرحيم"[17].

وهذا يستدل به من يقول بالجهر، ويستدل به من يقول: إن البسملة آية من الفاتحة، مع أن هذا ليس فيه دليل على أنها آية من الفاتحة كما هو واضح وإلا فالحديث ثابت وصحيح، وفيه وصفٌ لقراءته ﷺ ولا يعني أنه كان يجهر بها في الصلاة؛ فالحديث ليس فيه ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يفعل ذلك في صلاته.

"وفي مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود وصحيح ابن خزيمة ومستدرك الحاكم عن أم سلمة -ا- قالت: كان رسول الله ﷺ يقطِّع قراءته: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ۝ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ۝ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [سورة الفاتحة:1-4]، وقال الدارقطني: إسناده صحيح"[18].

هذا الحديث ثابت من حديث أم سلمة، لكنه لا يعني أن النبي ﷺ كان يجهر بها في الصلاة فليس فيه ذكر للصلاة أبداً، وهكذا نجد أن الأدلة الصحيحة غير صريحة، وهذا يستدل به من يقول: إن البسملة آية من الفاتحة، وهذا أيضاً ليس صريحاً.

"وروى الإمام أبو عبد الله الشافعي والحاكم في مستدركه عن أنس أن معاوية صلى بالمدينة فترك البسملة، فأنكر عليه من حضره من المهاجرين ذلك، فلما صلى المرة الثانية بسمل"[19].

قوله: "فلما صلى المرة الثانية بسمل"، يعني جهر، لكن هذا لا يصح.

"وفي هذه الأحاديث والآثار التي أوردناها كفاية ومقنع في الاحتجاج لهذا القول عما عداها فأما المعارضات والروايات الغريبة وتطريقها وتعليلها وتضعيفها وتقريرها فله موضع آخر.

وذهب آخرون إلى أنه لا يُجهر بالبسملة في الصلاة، وهذا هو الثابت عن الخلفاء الأربعة وعبد الله بن مغفل وطوائف من سلف التابعين والخلف، وهو مذهب أبي حنيفة والثوري وأحمد بن حنبل".

في كتابٍ واحد بل في صفحة واحدة ينسب إلى الخلفاء الراشدين أولاً أنهم يرون الجهر بالبسملة، أو أنهم كانوا يجهرون بها، ثم في نفس الصفحة يأتي القول الآخر، وهو مضاد ومناقض للقول الأول تماماً وهو أنهم ما كانوا يجهرون بها.

"وعند الإمام مالك أنه لا يقرأ البسملة بالكلية لا جهراً ولا سراً".

هذا بناءً على مذهبه من أنها ليست آية مستقلة أصلاً لا من السورة ولا من غير السورة، لكن هذا القول يبقى فيه إشكال، وإن كان يمكن أن يقال به على بعض الأوجه في القراءة، أما أن يقال: إنها ليست آية بإطلاق فهذا فيه إشكال كبير؛ لأن الأدلة على أنها آية واضحة.

"واحتجوا بما في صحيح مسلم عن عائشة -ا- قالت: "كان رسول الله ﷺ يفتتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بـ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"[20].

هذا يستدل به على أن النبي ﷺ لم يكن يجهر بالبسملة، لكن لا يلزم من ذلك أن النبي   ﷺ لم يكن يبسمل سراً، إنما فيما يُسمعهم كان يفتتح القراءة بالحمد لله رب العالمين.

ويلاحظ أنه إذا جمعت هذه الأدلة جميعاً فإننا نخرج منها بنتيجة وهي أن النبي ﷺ لم يكن يجهر لكن لا يعني هذا أنه لا يبسمل، فالبسملة ثابتة وعدم الجهر بها هو السنة، ومن أسقطها فهذا يصح على بعض أوجه القراءة المتواترة، والقول بالجهر بها في الصلاة يحتاج إلى دليل آخر.

"وبما في الصحيحين عن أنس بن مالك قال: صليت خلف النبي ﷺ وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يفتتحون بـ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"[21]، ولمسلم: ولا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها"[22] ونحوه في السنن عن عبد الله بن مغفل -".

هذه أدلة صريحة وصحيحة في عدم الجهر لا يوجد مثلها عند القائلين بالجهر.

"فهذه مآخذ الأئمة -رحمهم الله- في هذه المسألة، وهي قريبة؛ لأنهم أجمعوا على صحة صلاة من جهر بالبسملة ومن أسر، ولله الحمد والمنة".

قوله: "وهي قريبة"، يعني أن ذلك لا يترتب عليه كبير أثر من صحة الصلاة وعدم ذلك، فالقضية في العمل المسنون هل هو الجهر أو الإسرار؟

وبعض أهل العلم لما رأى أدلة هؤلاء وأدلة هؤلاء قال: إن الإنسان مخير بالجهر وعدم الجهر، وهذا قول ابن حزم الذي خالف فيه شيخه داود.

"وروى الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن رديف النبي ﷺ قال: "عثر بالنبي ﷺ فقلت: تعس الشيطان، فقال النبي ﷺ: لا تقل تعس الشيطان، فإنك إذا قلت: تعس الشيطان تعاظم وقال: بقوتي صرعته وإذا قلت: بسم الله تصاغر حتى يصير مثل الذباب[23].

وقد روى النسائي في اليوم والليلة وابن مردويه في تفسيره عن أسامة بن عمير قال: كنت رديف النبي ﷺ فذكره، وقال: لا تقل هكذا فإنه يتعاظم حتى يكون كالبيت، ولكن قل: بسم الله فإنه يصغر حتى يكون كالذبابة[24]، فهذا من تأثير بركة بسم الله.

ولهذا تستحب في أول كل عمل وقول، فتستحب في أول الخطبة لما جاء، وتستحب البسملة عند دخول الخلاء لما ورد من الحديث في ذلك[25]، وتستحب في أول الوضوء لما جاء في مسند الإمام أحمد والسنن من رواية أبي هريرة وسعيد بن زيد وأبي سعيد مرفوعاً: لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه[26] وهو حديث حسن.

وهكذا تستحب عند الأكل لما في صحيح مسلم أن رسول الله ﷺ قال لربيبه عمر بن أبي سلمة -: قل بسم الله وكل بيمينك وكل مما يليك[27]".

عمر بن أبي سلمة هذا هو ولد أم سلمة؛ وذلك أنه لما مات زوجها وتزوجها النبي ﷺ كان معها هذا الولد.

"ومن العلماء من أوجبها والحالة هذه".

على كل حال قراءة البسملة أو قول البسملة في افتتاح كل أمر عند الأكل ثبت فيه هذا الحديث: سم الله يا غلام ومسألة الوضوء: لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه.

والخلاف في هذا مشهور ومعروف، ومن أهل العلم من يضعف الحديث، ومنهم من حسَّنه، فيقولها الإنسان من باب الاحتياط على الأقل؛ لقوة الخلاف في هذا، والحديث محتمل، فيحرص الإنسان ألا يترك البسملة، وأما حديث: كل أمرٍ لا يبدأ فيه بـ بسم الله، فمثل هذا الحديث لا يصح.

"وكذلك تستحب عند الجماع؛ لما في الصحيحين عن ابن عباس -ا- أن رسول الله  ﷺ قال: لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً[28]
ومن هاهنا ينكشف لك أن القولين عند النحاة في تقدير المتعلق بـ الباء في قولك: بسم الله.."

قوله: "ومن هاهنا ينكشف لك أن القولين عند النحاة في تقدير المتعلق بـ الباء في قولك: بسم الله"، هنا يبدو أنه يوجد اختصار في الكلام بمعنى أنه حذف منه شيئاً، ثم قال بعده هذا، والخلاصة أنه ذكر أشياء متعددة كحديث: سم الله يا غلام ولا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه بمعنى أنه يريد أن يقول: إن البسملة يصح أن يكون المتعلق فيها كوناً عاماً، ويصح أن يكون خاصاً في كل شيء بحسبه، ويصح أن يكون اسماً ويصح أن يكون فعلاً، فعندنا أشياء معينة مخصوصة مثل قوله تعالى: وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْراهَا [سورة هود:41]، فهنا اسم مصدر خاص، أي أن جريها كائنٌ وواقعٌ بسم الله.

ومثل قول النبي ﷺ: يا غلام سم الله وكل بيمينك يصح أن يقال في قوله: سم الله: إن التقدير فيه بسم الله آكل، أو بسم الله أبدأ، فهو لم يحدد فيه شيئاً وإنما أمره أن يقول البسملة في بداية الأكل.

وجاء أيضاً قوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [سورة العلق:1] فذكر الفعل وقدمه، وكل هذا لا إشكال فيه، فالتنقير في مثل هذا أظنه لا يجدي كثيراً، فيمكن أن يكون المتعلق أو المقدر اسماً، فتقول: بسم الله أي: أكلي بسم الله، أو بسم الله قراءتي، أو بسم الله ابتدائي، أو ابتدائي بسم الله، ويمكن أن يكون مقدماً أو مؤخراً، ويمكن أن يكون فعلاً خاصاً أو عاماً نحو: أقرأ بسم الله، آكل بسم الله، أمشي بسم الله، أدخل بسم الله، أو بسم الله أدخل، أو دخولي بسم الله، أو تجعله فعلاً عاماً فتقول: أبدأ بسم الله، أي أبدأ في الأكل أو الشرب أو الدخول أو النوم.. الخ.

وبعض أهل العلم يستحسن أن يكون التقدير خاصاً؛ لأنه أعلق وألصق بالمراد، وبعضهم يستحسن أن يكون عاماً لتصلح البسملة في كل شيء، وبعضهم يقول: الأفضل أن يكون اسماً؛ لأن الاسم أدل على الثبوت، وبعضهم يقول: أن يكون فعلاً؛ لأن الفعل يدل على التجدد، وبعضهم يقول: يؤخر؛ لئلا يتقدم شيء على اسم الله ولأن ذلك أبرك، وعلى كل حال فأمر هذه المسألة سهل، فالمطلوب منك أن تقول: بسم الله ودع عنك هذه التقديرات يقدرها من شاء كيف شاء.

إنه لمن المؤسف أن ننقّر عن أمور لا داعي ولا حاجة لتنقيرها لوضوحها، ففي حديث النبي –ﷺ- مثلاً: (لا يدخل الجنة قاطع)[29] تجد إنساناً له رحم لا يعرفونه ولا يعرفهم ومع ذلك ينقِّر في هذه المسألة ويتكلف غاية التكلف في معرفة هل المقدر اسم أم فعل وهل هو مؤخر أم مقدم؟حتى ينوي هذا أو هذا، والله سبحانه لم يكلفه بهذا أصلاً وإنما حذره من قطع رحمه، فليصل أرحامه، وليقل: بسم الله إذا أراد فعل شيءٍ وانتهى الأمر، وليس معنى هذا أن الإنسان يترك مسائل العلم وإنما المقصود أن ينزل الأمور كما ينبغي.

"وكلٌ قد ورد به القرآن، أما من قدره باسمٍ تقديره بسم الله ابتدائي، فلقوله تعالى: وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْراهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ [سورة هود:41]".

يقصد هنا أن هذا نظير هذه الآية باعتبار أنه اسم لكنْ هنا في الآية خاص بخلاف تقدير ابتدائي، فإنه عام.

"ومن قدره بالفعل أمراً أو خبراً نحو: ابدأ بسم الله، أو ابتدأت بسم الله فلقوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [سورة العلق:1] وكلاهما صحيح، فإن الفعل لا بد له من مصدر، فلك أن تقدر الفعل ومصدره وذلك بحسب الفعل الذي سميت قبله إن كان قياماً أو قعوداً أو أكلاً أو شرباً، أو قراءة أو وضوءًا أو صلاة، فالمشروع ذكر اسم الله في الشروع في ذلك كله تبركاً وتيمناً واستعانة على الإتمام والتقبل، والله أعلم".

قوله: "ومن قدره بالفعل أمراً أو خبراً"، كان الأدق أن يقال: قدره بالفعل سواء كان ماضياً أو مضارعاً، فـ: "أبدأ بسم الله" هذا فعل مضارع، و"ابتدأت أو ابتُدئ بـ بسم الله، هذا في الماضي.

وعلى كل حال الكتاب له نسخ كثيرة جداً، وهذه النسخ يوجد بينها كثير من الفروقات، ومن هذه الفروقات ما هو بسبب تصحيف النُّساخ، ومنها بسبب أن الحافظ ابن كثير -رحمه الله- كان يعيد النظر في الكتاب مرةً بعد مرة، ويغير فيه كعادة المؤلفين، وسابقاً لم تكن توجد مطابع بحيث تأتي طبعة وتكتب أخرى بحيث تكون الأخيرة مصححة منقحة وانتهى الأمر، وإنما الذي حدث أن النُّسخ ليس فيها تاريخ، فانتشرت النسخ الأولى بين العلماء فبعضهم يعدل في النسخة التي بحوزته باعتبار أنها في ملكه ثم تصير هذه النسخة لمن بعده، فيظن من بعده أن هذه التعديلات من تصحيحات المؤلف وقد تكون هذه التعديلات فيها تصحيف فهو يعتمد هذا التعديل الذي في الهامش ويلغي ما هو في أصل النسخة، فالمقصود أن هذه الأخطاء بعضها وجدت بسبب التصحيفات وبعضها من فعل المؤلف نفسه وبعضها من فعل غيره، وهذه المشكلة موجودة في عدد من الكتب بل إن بعضهم يتصرف فيكتب صفحات من عنده، فتفسير السعدي مثلاً توجد له طبعة سابقة فيها صفحات مكتوبة في الداخل وليست للسعدي.

وأحياناً المؤلف نفسه يعيد النظر لما في بعض النسخ التي كتبها، فيقوم بإعادة الصياغة في بعض أوائل السور، بمعنى أنه يصوغها صياغة جديدة، وهذا شيء ليس فيه غرابة؛ لأن الإنسان إذا كتب وأعاد النظر فيما كتب مرةً بعد مرة يجد أنه قد فاتته بعض الأشياء التي تلوح واضحة؛ لأن الإنسان حينما يؤلف ويقرأ ما كتب فإنه يقرأ أفكاره، فلا تستغرب أن تفوت عليه أشياء واضحة أحياناً، والناقد بصير، وليس في هذا عيب.

ولذلك يحسن بالإنسان إذا كتب أو ألَّف أن يترك هذا الكتاب الذي كتبه مدة حتى ينساه، ثم يقرؤه بعد ذلك وسيستغرب كيف كتب بعض الأشياء، سيستغرب من ركاكة بعض العبارات والتراكيب وسينتقدها ويغيرها، وهكذا، بل ربما لو مضى عليه زمن يكفي في النمو فإنه سيغير كثيراً من الكتاب، ويحمد الله أنه لم يخرج هذا الكتاب، لكن الإنسان ما يرى عيوبه، فربما إذا ألف يظن من أول وهلة أن هذا الكتاب مخيوط، وأنه لا يوجد مثله، وأنه قد حقق فيه المسائل بأحسن عبارةٍ، ولكن غيره قد يرى أنه لا تبرأ به الذمة.

والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه.

  1. أخرجه أحمد (21592) (ج 5/ص 179) وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف.
  2. أخرجه مسلم في كتاب الصلاة - باب قدر ما يستر المصلي (510) (ج 1/ص 365).
  3. انظر تفسير الطبري (ج 1/ص 111).
  4. أخرجه مسلم في كتاب الصلاة - باب حجة من قال البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة (400) (ج 1/ص 400).
  5.  سيأتي تخريجه.
  6. أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن - باب مد القراءة (4759) (ج 4/ص 1925).
  7. أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة – باب من جهر بالبسملة (788) (ج 1/ص 288).
  8. أخرجه ابن ماجه في كتاب الأدب – باب ثواب القرآن (3786) (ج 2/ص 1244) وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح برقم (2153).
  9. أخرجه ابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها - باب افتتاح القراءة (814) (ج 1/ص 267) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه برقم (814 ).
  10. سبق تخريجه في الحاشية رقم 4.
  11. سبق تخريجه في الحاشية رقم 6.
  12. سيأتي تخريجه.
  13. أخرجه البخاري في كتاب صفة الصلاة - باب ما يقول بعد التكبير (710) (ج 1/ص 259) ومسلم في كتاب الصلاة - باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة (399) (ج 1/ص 299).
  14. أخرجه ابن ماجه في  كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها - باب افتتاح القراءة (815) (ج 1/ص 267) وأحمد (16833) (ج 4/ص 85) وقال الأرنؤوط: إسناده حسن في الشواهد.
  15. أخرجه أبو داود في كتاب السنة - باب في لزوم السنة (4609) (ج 4/ص 329) والترمذي في كتاب العلم - باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع (2676) (ج 5/ص 44) وابن ماجه في سننه في افتتاح الكتاب في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم - باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين (42) (ج 1/ص 15) وصححه الألباني في مشكاة المصابيح برقم (165) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (2735).
  16. أخرجه النسائي في كتاب صفة الصلاة - باب قراءة {بسم الله الرحمن الرحيم} (905) (ج 2/ص 134) وضعف إسناده الألباني في ضعيف النسائي برقم (905).
  17. أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن - باب مد القراءة (4759) (ج 4/ص 1925).
  18. أخرجه أبو داود في كتاب العتق - باب الحروف والقراءات (4003) (ج 4/ ص 65) والترمذي في كتاب القراءات - باب في فاتحة الكتاب (2927) (ج 5 /ص 185) وأحمد (26625) (ج 6/ص 302) وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (4001).
  19. مسند الشافعي (ص 250).
  20. أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة - باب من لم ير الجهر بـ (بسم الله الرحمن الرحيم ) (783) (ج 1/ص 285) وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (783).
  21. أخرجه البخاري في كتاب صفة الصلاة - باب ما يقول بعد التكبير (710) (ج 1/ص 259) ومسلم في كتاب الصلاة - باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة (399) (ج 1/ص 299).
  22. صحيح مسلم في كتاب الصلاة - باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة (399) (ج 1/ص 299).
  23. أخرجه أحمد (20611) (ج 5/ص 59) والنسائي في السنن الكبرى (10388) (ج 6/ص 142) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (7401).
  24. أخرجه النسائي في اليوم والليلة (ج 1/ص 373) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم (3128).
  25. أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (2803) (ج 3/ص 161) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (4714).
  26. أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة - باب التسمية على الوضوء (102) (ج1/ص 37) والترمذي في أبواب الطهارة -  باب ما جاء في التسمية عند الوضوء (25) (ج1/ص 37) وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها - باب ما جاء في التسمية في الوضوء (397) (ج 1/ص 139) وأحمد (11388) (ج 3/ص 41) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (7514 ).
  27. أخرجه البخاري في كتاب الأطعمة - باب التسمية على الطعام والأكل باليمين (5061) (ج 5/ص 2056) ومسلم في كتاب الأشربة - باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما (2022) (ج 3/ص 1599).
  28. أخرجه البخاري في كتاب الدعوات - باب ما يقول إذا أتى أهله (6025) (ج 5/ص 2347) ومسلم في كتاب النكاح -  باب ما يستحب أن يقوله عند الجماع (1434) (ج 2/ص 1058).
  29. أخرجه البخاري في كتاب الأدب - باب إثم القاطع (5638) (ج 5/ص 2231) ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب - باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها (2556) (ج 4/ص 1981).

مواد ذات صلة