بسم الله الرحمن الرحيم
سوء الاختيار من الرجل
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلا زال حديثنا عن موضوع المشكلات الواقعة بين الزوجين، وذكرنا في المرة الماضية أن من أهم هذه المشكلات هو سوء الاختيار منذ البداية، وقلنا: إن سوء الاختيار يقع ويحصل من جهة الرجل حينما يبحث عن امرأة، ويقع هذا الخطأ أيضاً من جهة المرأة ومن جهة أوليائها، ولا زلنا نتحدث عن الخطأ الواقع من جهة الرجل، وقلنا: إن المرأة كما قال النبي ﷺ: ((تنكح لأربع...))([1])، وبينا أثر التزوج بالمرأة من أجل مالها، فكان آخر الحديث عند هذه القضية في المرة الماضية، وقد دفع إليّ أحد الإخوة اليوم أوراقاً من مجلة كتب فيها تقرير عن نساء خليجيات وعددهن سبع، عانسات، وقرأت في هذا التقرير عجائب وغرائب.
يقول المحرر: إنه بمجرد ما نشروا هذا العدد انهالت عليهم مئات المكالمات من كل ناحية يطلبون التزوج من هؤلاء النساء الكبيرات، ولا أقول: فتيات، بل إن بعض الاتصالات وبعض الرسائل وردتهم قبل نشر العدد؛ لأنه يعلن عنه عادة في بعض الصحف، فهم لا يعرفون شيئاً عنهن، بعضهم يقول: أريد أن أتزوج واحدة أيا كانت من غير تحديد، وبعضهم أرسل رسائل إلى جميع فروع هذه المجلة ومكاتبها، واتصل بالهاتف، وبعضهم أرسل سيرة ذاتية، وقد نشرت بعض هذه السير الذاتية في هذه المجلة وقرأت بعضها، يذكر عمره ووظيفته وحالته الاجتماعية، والعجيب أن تسعين بالمائة من هؤلاء هم من المتزوجين، وأما غير المتزوجين فقد رأيت بعض المضحكات المبكيات أحدهم تخطب له أمُّه وعمره لم يجاوز الرابعة عشرة، فهذا يريد امرأة تربيه، يريد أن يتزوج امرأة تبلغ الأربعين أو قريباً من ذلك، وهو عمره أربع عشرة سنة، أو لم يجاوزها، وبعض المتزوجين يتعهد ويقول: حتى أثبت لكم حسن النوايا والطوايا أكتب لكم تعهداً أنني لا أرثها إذا ماتت، مع أن قضية الميراث قضية محسومة شرعاً حتى ولو كتب هذا التعهد، وكلهم يقول: سأسعدها وتعيش معي حياة مستقرة وسألبي لها ما تحتاج إليه، وبعضهم يقول: إن زوجتي قد وافقت بشرط أن تنفق علينا وعلى أبنائنا، وبعضهم يقول: أريد أن أتزوج منها لأحل مشكلة العنوسة التي وقعت لها، وأنا لا أريد شيئاً من مالها، وبعضهم لم يتزوج ويقول: أريد أن أتزوج امرأة أكبر مني من أجل أن يكون لديها شيء من التعقل والاتزان حتى نعيش حياة مستقرة...
إنها عجائب وغرائب من المضحكات المبكيات التي تؤكد هذا المعنى الذي ذكرناه، حيث مئات المكالمات على سبع نسوة؛ لأنهن من الثريات.
وقد نشرت هذه المجلة بعينها تحريراً أو تحقيقاً قبل ذلك عن عانسات لسن من الثريات، ولم يتصل عليهم أحد، ولم يسأل عنهن أحد!!
فأقول: التزوج من أجل المال يورث مشاكل كثيرة، وقد ذكرنا لكم في المرة الماضية طرفاً منها.
وأما الأمر الآخر الذي يتزوج من أجله بعض الناس -كما ذكر النبي ﷺ فهو من أجل الحسب والمنزلة الاجتماعية أو المنصب والوظيفة الكبيرة وما إلى ذلك، وهذا لاشك أنه يكون سبباً للمشاكل، وذلك أن المرأة إذا كانت بهذه المرتبة وبهذه المنزلة فإنها تترفع غالباً على زوجها، وليست مستعدة في الغالب أن ترضخ لهذا الزوج، وأن تكون منقادة له يأمرها وينهاها ويتصرف بها كيف شاء هو.
وأيضاً هذه المرأة ذات الحسب والمنصب والمكانة الاجتماعية قد لا يستطيع هذا الزوج أن يحقق لها مطالبها لأنها حتى في قضايا الطعام والشراب والمناسبات واللباس وما إلى ذلك تحتاج إلى شيء يناسب مرتبتها، فهو لا يستطيع أن يحقق لها مثل هذه الأمور، وقد تحتاج إلى بيت من نوع خاص فلا تكفيها شقة صغيرة أن يسكن معها فيها، فيعجز، وإذا عجز فهو أيضاً لا يستطيع أن يفارقها غالباً؛ لأنها امرأة قوية ذات منصب وذات مكانة اجتماعية، ولربما كان أهلها كذلك، فهو يعجز، ويضعف عن فراقها، فيبقى معها على غير وفاق وعلى غير وئام، فالأحسن أن يتزوج الإنسان امرأة تناسبه في مرتبته قريباً من حاله أو أقل من حاله؛ ليتجنب هذه الإشكالات.
وكذلك لو تزوجها من أجل ما يكون عندها من الشهادات العالية، فقد تكون هذه المرأة تحمل مؤهلات عالية كالدكتوراه مثلاً أو فوق الدكتوراه وهو لا يحمل إلا المتوسطة مثلاً، وهذا لا إشكال فيه لكن الغالب أن المرأة إذا حصلت هذه الأشياء لضعف عقلها فإنها تظن أنها قد ترفعت بمثل هذه الأمور.
ونحن نعرف أن هذه الشهادات لا تزيد الإنسان عقلاً ولا ديناً ولا علماً؛ فالعلم ليس مرتبطاً بها، ولذلك الإنسان لا يترفع بمثل هذه الأمور؛ لكن المرأة لقلة عقلها لربما ترفعت عليه بهذه الأشياء، ورأت أنه أشبه بالعامل أو أشبه بالخادم.
وللأسف الشديد قد تجد أحياناً أهل الزوجة يزوجونها من فرَّاش المدرسة، فكيف لهذه المرأة أن تعيش مع هذا الرجل؟ وقد حصلت حالات كثيرة تشبه هذه الحالة من تزويج المرأة بمن هو أدنى منها مرتبة، وأدى ذلك إلى مشاكل كبيرة.
وكذلك أيضاً التزوج من أجل الجمال والحسن، فإن المرأة إذا كانت جميلة فإن الغالب أن ذلك يورثها غروراً وعُجباً، ثم يصعب على هذا الزوج أن يضبطها، وأن يروضها، فهي معجبة بجمالها، كما قالت إحداهن: يذهب كلب ويأتي كلب آخر، فهذه المرأة قالت ذلك؛ لأنها قد امتلأت غروراً، ولم تتقِ الله في هذا الزوج مع صلاحه وتقواه وديانته.
وكذلك أيضاً فإن هذه المرأة الجميلة قد تتدلل على هذا الزوج وتُدْلي عليه بجمالها، ثم تكثر مطالبها، تطالبه بأشياء مما يتعلق باللباس، ومما يتعلق بالخروج والنزهة، وتطالبه بأشياء مما يتعلق بالمطعم أو المسكن أو غير ذلك، ولربما استعبدته لحسنها وجمالها، فهو لا يستطيع أن يرفض لها طلباً، ثم أيضاً لا يستطيع أن يحقق لها هذه المطالب لقلة ذات اليد.
وكذلك أيضاً: هذه المرأة التي تزوجها من أجل الجمال هي كالزهرة إذا مرت عليها الأيام والسنون ذبلت وذهب هذا الجمال وهذا الحسن، وما بقي إلا المعاني، فإذا كانت هذه المرأة لا تحمل إيماناً وتقوى لله وخوفاً منه ومراقبة وصلاحاً وديانة فإن هذا الجمال سرعان ما يذهب ويتلاشى مع الأيام مهما طالت، ثم بعد ذلك تذهب إضاءة هذه النار ويبقى الإحراق، تبقى حرارتها ويذهب ضوءها ونورها، ثم بعد ذلك يلاقي الويلات بسبب سوء هذا الاختيار، والله المستعان.
أما التزوج من أجل الدين فهذا هو الأصل؛ ولكن هذا ينبغي أن يتفطن الإنسان فيه إلى بعض الجوانب المهمة التي يغفل كثير من الناس عنها، فمن ذلك أن هذا الإنسان الذي تقدم للزواج من هذه المرأة قد يكون غير متدين أصلاً، وقد رأيت كثيراً من الشباب غير المتدينين ولربما لهم تجارب في الفساد والإفساد وقد عرفوه من قرب وغاصوا فيه، فصار الواحد منهم لا يثق إلا بالمرأة المتدينة فقط، فهو لا يريدها من أجل أنه يحب المتدينة أو يريد أن يصلح من حاله؛ ولكن يريد أن يتزوج امرأة مأمونة في نظره فقط، ثم إذا تزوجها بعد ذلك يريد أن يعيش كما عاش في السابق بلهوه وفسقه وفجوره ومعاصيه، فكيف يكون حال هذه المرأة معه؟ فانتفت الكفاءة في الدين من هذه الحيثية، فهذا رجل فاجر يريد أن يتزوج متدينة بل يشترط يقول: أنا لا أريد الزواج إلا من امرأة متدينة، فهذا قد يكون سبباً لكثير من المشكلات.
ثم إن كثيراً من الرجال قد يكون فهمهم للتدين قاصراً، فمفهوم المرأة المتدينة عندهم هي التي تلبس العباءة الكاملة، وهي التي تلبس قفازات في يديها وتلبس جورباً في رجلها هذا هو تصوره عن المرأة المتدينة، والتدين لا يقتصر على هذا، التدين هو إيمان يعمر قلب هذه المرأة، وأخلاق تزينها، وخوف من الله ومراقبة، ومراعاة لحقوق هذا الزوج بأن تتقي الله فيه، لا أن تكون هذه المرأة ليس لها نصيب من التدين إلا أنها تلبس قفازات، ثم بعد ذلك هي سيئة الخلق، هي عديمة التقوى، لا تخاف من الله --، فكثير من الناس يقعون في المشكلة بسبب قصور فهمهم للتدين.
وكذلك أيضاً: قد يضعف ويتغير أحد الزوجين بعد الزواج، والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، قد يفتن الزوج وكما نسمع كثيراً قد يفتن عن طريق الشبكة العنكبوتية -عن طريق الإنترنت- فيشاهد أشياء لا يليق بالمسلم أن يشاهدها ويفتن بهذه الأمور، وقد يحدوه ذلك إلى تركيب دش مثلاً أو غير ذلك، فيتغير حال هذا الإنسان تماماً وينسلخ من المروءة والتقوى والدين، ثم تبقى هذه المرأة معه في عذاب دائم، وهذا أمر لا يملكه أحد والاحتراز منه في غاية الصعوبة، أقصد في بداية الزواج كان هذا الزوج صالحاً ثم بعد ذلك تغير، فهذا أمر لا حيلة فيه.
ومن الأخطاء التي تقع من جهة هذا الزوج أن يكتفي بوصف أهله أو بوصف أخو الزوجة أو الثقة بأهل هذه المرأة، وأنها من أسرة محافظة بغض النظر عن حال هذه الفتاة، فهو لا يتزوج من أهلها إنما يتزوج من هذه المرأة، فينبغي أن يسأل عنها، ولا يكتفي أيضاً بوصف الأخ؛ لأنه مهما كان فإن الرجل يزكي أخته، ويحب أن يتزوجها أفضل الناس وأصلح الناس وأتقى الناس، فلربما ترك بعض العيوب التي كان ينبغي أن ينبه عليها، فلذلك ينبغي أن يكون كلام الأهل وأن المرأة من أسرة محافظة أو كلام أخو الزوجة أن يكون ذلك للاستئناس؛ لكن لا يُعتمد عليه، وإنما يسأل عنها من أطراف وجهات عدة، من نساء ثقات طيبات صاحبنها ودرسن معها، أو كنَّ يعملن معها أو غير ذلك فيأتين بالخبر اليقين بإذن الله، أما أن يكتفي بوصف الأخ أو بوصف أهلها أو أنهم رأوها مرة في زواج فأعجبوا بها أو نحو ذلك فهذا لا يصلح أبداً، وكثير من المشكلات تكون بسبب هذه القضية.
ولربما اكتفى بهذا الكلام ولم يطلب رؤيتها، ثم بعد ذلك إذا رآها لم يجد أنها على الوصف الذي قاله أهله أو أخواته أو نحو ذلك، فتعافها نفسه وتضيق منها، ثم بعد ذلك يبدأ يفكر في الخلاص منها، ولذلك كان من السنة أن يرى الرجل الخاطب المرأة التي عزم على خطبتها، وقد أخرج أبو داود من حديث جابر أن النبي ﷺ قال: ((إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل))، قال -يعني جابر-: "فخطبت امرأة فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها"([2]).
وأخرج الإمام مسلم -رحمه الله- في صحيحه من حديث أبي هريرة قال: كنت عند رسول الله ﷺ فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله ﷺ: ((أنظرت إليها؟)) قال: لا، قال: ((فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً))([3]) وأخرج الترمذي أيضاً من حديث المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة، فقال له النبي ﷺ: ((انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما))([4])، يعني يكون فيه اتفاق ووئام بينكما.
وأيضاً من الأمور التي تكون سبباً للمشكلات مما يتعلق بسوء اختيار الزوج لأول وهلة عدم وضوح الرؤية عند الزوج فيما يتعلق بموضوع الزواج، وقد سمعت عدداً غير قليل من الشباب إذا سألته ما هي مواصفات المرأة التي تريد التزوج منها؟
يقول: امرأة، فهو ليس في باله شيء، بل بعضهم قد يستغرب أن فلاناً قد طلق أو يريد أن يطلق امرأته؛ لأنه غير مستريح معها أو ما أعجبته، فبعضهم يبدي استغراباً يقول: هي امرأة، فهذا الكلام -هذا المفهوم- غير صحيح، فهذه المرأة يراها إذا دخل وإذا خرج، ويجلس معها، ويعيش وقتاً طويلاً معها في البيت، فكثير من الناس حينما يريد التزوج لا يعرف ماذا يريد، وليس لديه خبرة في المواصفات المطلوبة من المرأة، يريد امرأة فقط، ومثل هذا يتورط غالباً إذا تزوج امرأة ولم تلائمه، وكثير من الناس يفرطون هذا التفريط في التزوج من المرأة الثانية، وهذا عجيب؛ إذ أن النظرية يُفترض أن تنعكس؛ فهو في زواجه الأول ليس لديه خبرة ولا معرفة بصفات النساء وبالأمور المرغبة فيها، فلربما يقع في مثل هذا، لكن التزوج من امرأة ثانية ينبغي أن يكون هذا الإنسان لديه تعقل وخبرة، وهو لديه امرأة أيضاً فلماذا يستعجل؟
فكثير من الناس حينما يتزوج امرأة ثانية أو يبحث عن امرأة ثانية يبحث عمن يوافقه على الزواج فقط، ويتنازل عن كثير من الشروط، يتنازل عن كونها متدينة، يتنازل عن مواصفات كثيرة لربما تطمح نفسه إليها، ثم إذا جلست أمامه وقارن بينها وبين امرأته الأولى قالت له نفسه: لماذا تزوجت هذه المرأة وشتت الوقت، وشطرت اليوم أو شطرت الأيام، وشطرت النفقة وتكلفت أشياء، ثم بعد ذلك هذه الزوجة أقل من الزوجة الأولى، فما الذي حداني لهذا؟
كل هذا إضافة لما يقع له من كثرة المشكلات والصداع إذا كان الرجل غير حازم، فهذه مشكلة ينبغي أن يُتفطن لها.
وكذلك أيضاً من الأمور الواقعة التي تكون بسبب سوء الاختيار هي الأعراف الاجتماعية الخاطئة، فكثير من الناس لابد أن يتزوج من بنت عمه، وقد تكون هذه المرأة لا تصلح له، فما فائدة هذا الزواج الذي ينتهي بالطلاق أو ينتهي بالعداوة بين الأسرتين؟
فيتزوج هذا الشاب امرأة تلائمه، تصلح له، تناسبه، ولا يشترط أن تكون من بنات عمه، فهذا خطأ يقع فيه كثير من الناس، وهذا يسبب إزعاجاً كثيراً وقلاقل ومشكلات، لربما هذه البنت لا تريده ولا تحبه ولا ترغب بالزواج منه، ولربما تكون أخلاقه تختلف عن أخلاقها، وتدينه يختلف عن تدينها، فهذه من المشكلات.
وكذلك أيضاً الضغوط الأسرية، فالوالد أو الوالدة يريدون أن يتزوج من فلانة بنت فلان، فهذه مشكلة، لذلك ينبغي أن يُطيّب خاطر الوالد والوالدة ويقنعهم أن يتزوج من امرأة تناسبه وتلائمه؛ لأنها ستكون زوجة له لا زوجه لأبيه.
وكذلك أيضاً تفرد الأب في الاختيار: بعض الآباء يفتخر أنه زوج أبناءه جميعاً من غير مشورة لأحد منهم، فهو يذهب إلى الناس الذين يرى أنهم يلائمون، ثم يخطب لابنه امرأة منهم ويزوج هذا الابن من غير استشارة له، والناس إذا كانوا يتقبلون هذا قبل ثلاثين سنة أو أربعين سنة فإن أبناء اليوم قد لا يتقبلونه، فلا ينبغي لأحد أن يتورط في مثل هذه المضائق.
ومن ذلك وهم الحب والعلاقة التي تكون بين الرجل والمرأة قبل الزواج: وذلك عبر علاقة محرمة كأن يحادثها، ولربما خرج معها، وحصلت وعود بالزواج وما شابه هذا، ثم إذا تزوجها فإن هذه النشوة والاندفاع الذي عنده يخفت ويذهب ويتبخر، ثم هو يتذكر في كل ساعة وفي كل يوم وفي كل لحظة أنها كانت تحادثه قبل الزواج، إذن هي غير مأمونة، ومعلوم أن المرأة إذا كانت في أيام بكارتها تكلم رجلاً أجنبياً ولربما خرجت معه ولم يمنعها الحياء -حياء البكارة وحياء العذراء- من أن تخرج، وكانت جريئة في الكلام مع الرجال وما شابه ذلك فهي ستكون بعد الزواج أجرأ وأجرأ، والتي رضيت لنفسها أن تكلم رجلاً لا يجوز لها أن تكلمه أو تخرج معه ما المانع أن تكلم ألف رجل، وأن تخرج مع ألف رجل ما المانع؟ هي كلمت رجلاً لا يحل لها أن تكلمه، وخرجت معه ولا يحل لها تخرج معه، فما المانع أن تخرج مع الثاني والثالث والرابع والخامس؟
فهو يتذكر هذه القضية دائماً، وكلما كلمت في الهاتف حاول أن يتعرف هي تحادث من، ولربما وضع جهازاً يتصنت على مكالمتها، فالحياة قلقة، لا يثق فيها، وغالباً ما تنتهي إلى فراق وطلاق، والله المستعان.
هذا ما يتعلق بسوء الاختيار من جهة الرجل، وفي المرة القادمة -إن شاء الله- نتحدث عن سوء الاختيار من جهة المرأة، وأسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
[1] - أخرجه البخاري في كتاب: النكاح – باب: الأكفاء في الدين (4802) (ج 5 / ص 1958)، ومسلم في كتاب: الرضاع - باب: استحباب نكاح ذات الدين (1466) (ج 2 / ص 1086).
[2] - أخرجه أبو داود في كتاب: النكاح – باب في الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها (2082) (ج 1 / ص 634)، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع برقم (506).
[3] - أخرجه مسلم في كتاب: النكاح – باب: ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها (1424) (ج 2 / ص 1040).
[4] - أخرجه الترمذي في كتاب: النكاح – باب: ما جاء في النظر إلى المخطوبة (1087) (ج 3 / ص 397)، والنسائي في كتاب: النكاح – باب: إباحة النظر قبل التزويج (3235) (ج 6 / ص 69)، وابن ماجه في كتاب: النكاح – باب: النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها (1865) (ج 1 / ص 599)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (859).