الخميس 18 / رمضان / 1445 - 28 / مارس 2024
الأطراف الخارجية - وصايا وحلول
تاريخ النشر: ١٣ / ربيع الآخر / ١٤٢٩
التحميل: 3569
مرات الإستماع: 3236

بسم الله الرحمن الرحيم

الأطراف الخارجية وصايا وحلول

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فلا زال حديثنا معكم عن أسباب المشكلات الزوجية، وقد ذكرنا في المرات الماضية طائفة من هذه الأسباب، واليوم نذكر بعضها فأقول:

من هذه الأسباب أن تكون هناك أطراف خارجية تولد المشكلات، أو تتبرع بالتوجيهات لأحد هذين الزوجين، فالرجل لربما يتلقى بعض التحريض -إن صحت العبارة- من زملائه ومن أصحابه وممن معه، والمرأة لربما تتلقى أو تسمع بعض التحريض من زميلاتها المدرسات، أو اللاتي يتصلن بها أو يتحدثن معها، أو نحو ذلك، فهؤلاء الذين يوجهون هذا التوجيه الخاطئ يفسدون حياة هؤلاء الناس.

والمشكلة أن فتيات المسلمين، وأن نساء المسلمين في كثير من الأحيان يتلقون التوجيه عن طريق هؤلاء الذين جعلوا من أنفسهم أطباء، كطبيب المجلة أو مستشار المجلة واليوم مستشار الصفحة في الإنترنت، وقد رأيت كثيراً من المواقع التي خصصت جزءاً من عملها واهتمامها فيما يتعلق بقضايا الأسرة، وبعض هذه المواقع مواقع طيبة جيدة، وبعضها مواقع فاسدة مفسدة.

فالحاصل أنهم يتبرعون بالتوجيه فيكتبون ابتداءً، وأيضاً يتلقون الأسئلة عن طريق المجلة، أو بريد المجلة، أو عن طريق المحادثة أو الكتابة في الإنترنت.

وقد قرأت لكاتبة من الكاتبات في مجلة من المجلات ممن جعلت نفسها طبيبة للأسرة ومستشارة في المجلة تقول لإحدى النساء: كيف تعيشين مع زوجك؟ قالت: أحيا حياة سعيدة، فقالت لها: هذه ليست حياة سعيدة؛ لأن الحياة إذا كانت على وتيرة واحدة، ليس فيها تقلبات وتغيرات وتبدلات، تارة حزن، وتارة فرح، فلا يعرف طعم الفرح إلا بأن يذاق الكدر.

فتأثرت هذه المرأة، وأخبرت بعض النساء أنها صارت تنغص على زوجها وتفتعل المشكلات معه؛ من أجل أن تستمتع بالأنس الذي يكون في باقي الأيام، وما تدري هذه المسكينة أن إثارة هذه المشكلات يفتح باباً كبيراً للشيطان.

والرجل إذا وجد من امرأته شيئاً فإنه في كثير من الأحيان قد لا يصبر، ومن الناس من تؤثر فيه الكلمة، وقد لا ينسى لهذه المرأة هذه الإساءة، ولربما سقطت من عينه، والرجل إنما تزوج من أجل أن تقر عينه، لا من أجل أن توجد امرأة تزعجه.

فتصور هذه المجلة أو هذه المستشارة في المجلة أو في هذه الصفحة تقدم هذه النصائح الضارة ببنات المسلمين ونساء المسلمين، فكيف يكون حال النساء اللاتي يقرأن مثل هذه التوجيهات؟ فهذه مشكلة كبيرة وللأسف الشديد قد ظهر أثرها وعمَّ وطمَّ.

وأيضاً الرجل لربما حرضه أصحابه على أخذ مال الزوجة، وعلى أن يتصرف معها بكذا وكذا وكذا من ألوان التصرفات، ولربما ذكروا له ألوان البطولات، مع من؟

ألوان البطولات على الضعفاء -على النساء- والحقيقة أنه ليس بطلاً مَن يستعرض قوته أمام ضَعَفة الناس، وإنما الكريم لا يظلم الضعفاء الذين لا يستطيعون أن ينتصروا منه.

الكريم هو الذي يأنف من التسلط على ضعفة الناس، بل يقوم على الإحسان إليهم، ودفع الأذى والظلم عنهم، لا أنه يتسلط على من لا يقدرون على دفع مظلمته، والله المستعان.

فالحاصل أنه لربما ذكروا له بعض ما يفعلون ظلماً وبهتاناً مع زوجاتهم، فيأتي هذا الإنسان وقد امتلأ قلبه بهذه الأفكار، ثم يأتي لينفذ وينظر في ردود الأفعال الصادرة من هذه الزوجة المسكينة المغلوبة على أمرها، ولربما كان هؤلاء الذين يثيرون هذه المشكلات هم من الأهل، ولذلك أقول لكم نصيحة أظن أنها قيمة لاسيما الأخوة الذين لم يتزوجوا بعد، أقول: أظن أن الفترة الذهبية في عقل المرأة هي ما بين العقد وبين الدخول، هذه الفترة يكون عقل المرأة مثل ذاكرة الكمبيوتر إذا فتحت، تنقش فيها ما شئت، ثم تعطيه ما يقال له: الحفظ، تحفظ هذه المعلومات، فأنت حينما تذهب لتجري مقابلة مهمة في حياتك في القبول في الجامعة أو في أي مكان تذكر الذي قابلك، وتذكر أين كان يجلس، وبماذا داعبك، وماذا قال لك، وحينما حاول أن يستثير مشاعرك، تذكر كل سؤال قيل لك، فأنت لا تنسى هذه الأشياء المهمة في حياتك، والمرأة أشد من ذلك؛ لأنها حينما تقابل هذا الرجل قبل الدخول وبعد العقد ترى أنها أمام إنسان مبهم، مستقبلها لربما كان في يده  -والمستقبل عند الله لكن هذا في تصور الناس- وأن هذا يمكن أن يتسبب في تعاستها أو سعادتها، فهي لا تدري ماذا سيكون بعد هذا الزواج؟ سترتبط به، ويعقد عليها عقداً فتكون تابعة له منقادة سواء رضيت بذلك أو لم ترضَ.

فأقول: هذه الفترة النفيسة لا تضيعها ولا تفرط بها، فبرمج المرأة في هذا الوقت، ومن ضمن البرمجة الضرورية الأساسية أنك تتفق معها بشكل أو بآخر أو توصل لها رسالة أنها لا تنقل ما يجري بينك وبينها لطرف آخر، وأن المشكلات تحل هنا، أما أن تذهب بالأخبار اليومية وتقول للآخرين كل ما يجري بينها وبين الزوج، ولربما ذكرت أشياء سخيفة مثل أنه لا يتذوق الطعام، وأني لا أحسن الطبخ، ولربما أصنع له بعض المعلبات فيسر ويقول: هذا جيد، فكل ما آتي به يقول عنه: جيد، حتى الكيك المحروق يقول عنه: جيد، وتخبر عن بلاهتها وأنها خرقاء، ولربما هذا الزوج يتغافل، ولا يريد أن يحطم مشاعر هذه المرأة وأن يجرحها، فلربما لاطفها وقال: جيد، وهو يعرف أنه غير جيد، وهو حاذق بألوان الأطعمة، ولربما يستطيع أن يصنع ألوان الأطعمة التي لا تعرفها، ولم تسمع بها، فأقول: إن هذه القضية قضية مهمة.

وبالنسبة لقضية البرمجة فيها أشياء كثيرة وكل إنسان بحسبه، فبعض الناس يريد أن تكون المرأة متجملة في البيت، يريدها ألا تخرج كثيراً، يريد من هذه المرأة أن تكون زيارتها لأهلها في يوم في الأسبوع، يريد من هذه المرأة أشياء كثيرة جداً، يريد منها أن تنام في ساعة معينة، تستيقظ الساعة كذا، إذا قام في الصباح في الساعة الفلانية بعد الفجر يجد إفطاره مهيأًً...الخ، كل هذه الأمور تستطيع أن توصلها بطريقة أو بأخرى بحسب المقام، فيمكن أن توصلها بطريقة رسائل غير مباشرة على قول بعضهم: "إياكِ أعني واسمعي يا جارة".

فيقول لها: أسمع أن بعض النساء تخرج يومياً، وأنا أستغرب من هذا الكلام كيف امرأة تخرج يومياً؟ أين {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}[(33) سورة الأحزاب]؟ فهذه رسالة وصلت.

ويقول لها مثلاً: أنا أسمع أن بعض النساء في البيت متبذلة في لباس المطبخ، وإذا خرجت تزينت وتعطرت وتجملت فيُبهت هذا الزوج المسكين، ويا أسفاً لحال هذا الزوج! ما أدري كيف يعيش؟! هذه رسالة أخرى وصلت، ويعطيها من هذه الرسائل والإشارات التي تفهمها.

وقد يصرح فيقول: أنا أريد كذا وكذا وكذا، وأنت ماذا تريدين؟ فيذكر لها مبتغاه ومطلوبه منها، فهذه الفترة فترة ذهبية وهي أنفس فترة في حياة المرأة من هذه الحيثية -من هذا الجانب- فلا تضيعها، وأما الذين قد فاتهم هذا المجال فالله المستعان، نسأل الله أن يعوضهم إما بامرأة أخرى يقولون لها هذا الكلام، أو بغير ذلك.

فالحاصل: أن من أسباب المشكلات المهمة هو أهل المرأة إذا تدخلوا، وأهل الزوج إذا تدخلوا، فأهل الزوج يحرضونه عليها، ونحن نعرف أن الأم حساسة تشعر أن هذا الولد هو فلذة الكبد، وأنه قطعة من قلبها، وأنها تعبت عليه وربته أكثر من عشرين سنة، ثم بين لحظة وأخرى عُقِد له على امرأة فصار لربما تابعاً لها، فتخاف عليه هذه الأم وترقبه وتنظر إليه بتوجس وخوف وحذر، هذه المرأة أخذته من بين يديها، طارت به، وصار ألعوبة بيدها يشتري لها ما شاءت، تذهب به إلى الأسواق -أسواق الذهب وأسواق غير الذهب- تشتري من غير صد ولا رد، فالأم لربما شعرت بشيء من الحرقة على هذا الولد، فينبغي أن يكون هذا الولد عاقلاً متزناً، لا يبالغ أو يمدح هذه الزوجة أمام الأم فيثير المشاعر، ولا يداعب هذه الزوجة أمام الأم، ولا يظهر استجابة كبيرة لهذه الزوجة أمام الأم، وإنما يكون الرجل عاقلاً صامتاً يسمع -ولا يعني أنه ينفذ كل ما يقال-، ولا يقبل من الآخرين أن يتدخلوا في شئونه، فهذا هو الرجل العاقل.

فالمقصود أن تحريض الأم أو الأخوات للزوجة على الزوج، أو تحريض الأم -أم الزوج- وأخوات الزوج وربما إخوانه أو والده على هذه الزوجة كل ذلك يسبب المشكلات، فيصير الصراع بين عصابتين أهل الزوج وأهل الزوجة، هؤلاء يدفعون هذا وهؤلاء يدفعون هذا، فهذا وراءه فريق، وهذا وراءه فريق، فكيف يُرجى أن تَصْلح الأمور، وأن يُرأب هذا الصدع والخلاف بينهما؟!

لكن لو بقيت القضية بين الزوج وزوجته وحُلت المشكلات فيما بينهما دون علم الأطراف الأخرى إلا في حالات الضرورة القصوى.

وهناك أمور أخرى أذكرها في مرة قادمة، وأسأل الله أن ينفعنا بما سمعنا، وأن يجعلنا وإياكم هداةً مهتدين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

مواد ذات صلة