أخبر تعالى عما أحلّ بالقرون الماضية في تكذيبهم الرسل، فيما جاءوهم به من البينات والحجج الواضحات، ثم استخلف الله هؤلاء القوم من بعدهم وأرسل إليهم رسولاً لينظر طاعتهم له واتباعهم رسوله، وفي صحيح مسلم من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله ﷺ: إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء[1].
وروى ابن جرير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عوف بن مالك قال لأبي بكر - ا -: رأيت فيما يرى النائم كأن سبباً دُلِّي من السماء، فانتشط رسول الله ﷺ، ثم أعيد فانتشط أبو بكر، ثم ذرع الناس حول المنبر، ففضل عمر بثلاثة أذرع حول المنبر، فقال عمر: دعنا من رؤياك لا أرب لنا فيها، فلما استخلف عمر قال: يا عوف رؤياك، قال: وهل لك في رؤياي من حاجة؟ أولم تنتهرني؟ قال: ويحك، إني كرهت أن تنعي لخليفة رسول الله ﷺ نفسه، فقص عليه الرؤيا حتى إذا بلغ "ذرع الناس إلى المنبر بهذه الثلاث الأذرع" قال: أما إحداهن فإنه كائن خليفة، وأما الثانية: فإنه لا يخاف في الله لومة لائم، وأما الثالثة فإنه شهيد، قال: فقال: يقول الله تعالى: ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فقد استخلفت يا ابن أم عمر فانظر كيف تعمل، وأما قوله: فإني لا أخاف في الله لومة لائم، فما شاء الله، وأما قوله شهيد: فأنَّى لعمر الشهادة والمسلمون مطيفون به.
قوله: أما إحداهن فإنه كائن خليفة، هذا الإيضاح والبيان، جاء في نفس الرؤيا.
- رواه مسلم برقم (2742)، كتاب الرقائق، باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء.