الأحد 13 / ذو القعدة / 1446 - 11 / مايو 2025
وَٱلَّذِينَ كَسَبُوا۟ ٱلسَّيِّـَٔاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍۭ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ مَّا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ۖ كَأَنَّمَآ أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ ٱلَّيْلِ مُظْلِمًا ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قوله: وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [سورة يونس:27].
لما أخبر تعالى عن حال السعداء الذين يضاعف لهم الحسنات، ويزدادون على ذلك، عطف بذكر حال الأشقياء، فذكر تعالى عدله فيهم، وأنه يجازيهم على السيئة بمثلها لا يزيدهم على ذلك، وَتَرْهَقُهُمْ أي: تعتريهم وتعلوهم، ذِلَّةٌ من معاصيهم وخوفهم        منها، كما قال: وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ [سورة الشورى:45] الآية، وقال تعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ۝ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ [سورة إبراهيم:42-43] الآيات.


وقوله: مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ [سورة يونس:27]، أي: مانع ولا واقٍ يقيهم العذاب، كقوله تعالى: يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ۝ كَلَّا لَا وَزَرَ ۝ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ [سورة القيامة:10-12].
قوله: مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ [سورة يونس:27] يعني: يعصمهم من الله، ويحول بينهم وبين عذابه وأخذه، ومن أهل العلم من قال: مِن عاصم يجعله الله لهم، وهذا غير صحيح.

وقوله: كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ [سورة يونس:27] الآية إخبار عن سواد وجوههم في الدار الآخرة، كقوله تعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ۝ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [سورة آل عمران:106-107] ، وقوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ۝ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ ۝ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ [سورة عبس:38-40] الآية.


قوله: كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا [سورة يونس:27] القِطع جمع قطعة، والمقصود: شدة الظلمة والسواد.
(سؤال) قوله – تبارك وتعالى - في سورة النساء: وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ [سورة النساء:39]، وقال في الآية التي بعدها: وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ [سورة النساء:91] فهل هناك فرق في المعنى؟ وهل هناك كتب توضح مثل هذه الأمور؟
(الجواب): الأصل أن المعنى واحد ولكن الثَّقف أخص من مطلق الظفر بالشيء؛ لأن الثقف هو الإدراك بحذق، تقول: غلام ثقف أي: حاذق.
وهناك كتب تعتني بالمتشابه اللفظي، مثل كتاب "ملاك التأويل" لابن الزبير الغرناطي، وكتاب "درة التنزيل وغرة التأويل" للإسكافي، وكتاب "البرهان" للكرماني، وكتاب "فتح الرحمن كشف ما يلتبس في القرآن" لزكريا الأنصاري .
(سؤال) هل كل نبي ورد ذكره في القرآن رسول؟
(الجواب) هذا كلام فيه نظر، ولا أعلم قاعدة تدل على هذا المعنى، وبعضهم فرق بين النبي والرسول فقال: من أوحي إليه بوحي وأمر بتبليغه فهو رسول، ومن لم يؤمر بتبليغه فهو نبي، ولكن هذا التفريق غير صحيح؛ لأن الله أخذ على أهل العلم وأهل الكتاب البلاغ والبيان.
وقال بعضهم: من أنزل عليه شريعة مستقلة فهو رسول ومن لم ينزل عليه فليس برسول، وهذا لا يخلو من إشكال، فعيسى ﷺ ما نزلت عليه شريعة مستقلة، ومع ذلك فهو رسول، قال الله عنه وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ [سورة آل عمران:49].