الإمام ثعلب من أئمة اللغة، أو أبو عبيد القاسم بن سلام اختارا القراءة بالياء يفصل باعتبار النظر إلى ضمير الغائب هو يفصل، لكن نفصل هذه صيغة المتكلم، ولم يقل: نحن الذين جعلنا الشمس ضياء، والقمر نوراً نفصل الآيات، ولهذا هذه من وجوه الترجيح والاختيار في القراءة، فتجد بعض الأئمة يرجح قراءة على قراءة بناء على اعتبارات معينة، ولا إشكال في القراءة ب(نفصل)، فهذا يسمى الالتفات، وهذا كثير في القرآن مثل قول الله: الْحَمْدُ للّهِ [سورة الفاتحة:2] هذه للغائب رَبِّ الْعَالَمِينَ هو رب العالمين، الرَّحْمنِ [سورة الفاتحة:3]، هو الرحمن، الرَّحِيمِ مَلِكِ هو مالك يوم الدين، ثم انتقل الكلام من الغائب إلى المخاطب فقال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ [سورة الفاتحة:5-6].
اختلاف الليل والنهار هو التعاقب الذي يحصل بينهما، وقد يشمل ما يحصل من اختلاف في الطول والقصر، فهذه فيه آيات وهو أحد المعاني في قوله: يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ [سورة الحديد:6]، وفي قوله - تبارك وتعالى - هنا: نُفَصِّلُ الآيَاتِ [سورة يونس:24] قال ابن كثير - رحمه الله -: نبيّن الحجج، والأدلة، وأجملها، فيمكن أن تكون آيات القرآن فهي آيات، ويمكن أن تكون الآيات الكونية، فالآيات تشمل الدلائل على قدرته، وعظمته، وحكمته، وكمال اقتداره، وما يحصل به الاهتداء، وهذا واقع بالنوعين، والسياق كله في الآيات الكونية إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فهذه آيات كونية.