يخبر تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون كما فسرهم ربهم، فكل من كان تقياً كان لله ولياً، لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ أي: فيما يستقبلونه من أهوال الآخرة، وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ على ما وراءهم في الدنيا.
روى ابن جرير عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: إن من عباد الله عباداً يغبطهم الأنبياء والشهداء، قيل: من هم يا رسول الله؟ لعلنا نحبهم، قال: هم قوم تحابوا في الله من غير أموال ولا أنساب وجوههم نور على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس، ثم قرأ: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ[1].
هذه الآية فيها بيان جلي وإيضاح لا يحتاج معه إلى خزعبلات الصوفية وترهاتهم في تفسير الولاية، بحيث أضافوا ذلك إلى طائفة من المجاذيب والمجانين والفجرة، وحملوا فجورهم على أنه تقوى وصلاح، وأن هذا الفجور هو فيما يبدو للمحجوبين من الناظرين الذين على أبصارهم الحجب الكثيفة التي تجعلهم يرون الطاعة بهذه الصورة، ولعل من آخر هؤلاء المجاذيب المجانين الذي استهووا خلائق لا يحصيهم إلا الله عز جل، ما وقع في القرن الماضي، أن أحد هؤلاء كان من قطاع الطرق، فكشف أمره ففر ولجأ إلى مغنية مشهورة في عهد الملك فاروق في مصر، فلجأ إلى مغنية مشهورة، وهو خائف في غاية الخوف، فجاء الناس يبحثون عنه ويطلبونه، فوضعت في يديه ورجليه الحديد، سلسلته بالحديد، والرجل صار يتصرف على أنه مجنون، فبدأت تضيف إليه كرامات وأنها ترى منه عجائب وغرائب مما يدل على ولايته لله ، وخفي هذا على الناس وصار يأتيه الصغير والكبير حتى الملك فاروق زاره وطلب منه الدعاء، إلى هذا الحد، فأين هذا من الولاية؟!
وآخر توفي قبل سنوات في بعض البلاد، تُنقل عنه خرافات وخزعبلات وأشياء أشبه ما تكون بتصرفات الحيوانات، يزعمون أنه مرض وذهب إلى مصر للعلاج، وعندما قرر الأطباء إجراء العملية قال لهم: أمهلوني إلى الغد، وفي ليلته أتاه النبي ﷺ وعلي بن أبي طالب وأبو ذر ومجموعة من الصحابة فنظروا في حاله وعملوا له العملية، فقام في الصباح وليس به شيء، أُجريت له التحاليل والفحوصات والأشعة ولكنه قد زال عنه المرض، وغير ذلك من الخزعبلات.
- رواه النسائي في الكبرى (6/362)، برقم (11236)، والبيهقي في شعب الإيمان (6/485)، برقم (8997)، وصححه ابن حبان في صحيحه (2/332)، برقم (573)، وقال محققه الأرنؤوط: إسناده صحيح، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم (3023).