الإثنين 12 / ذو الحجة / 1446 - 09 / يونيو 2025
فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله: فَإِن تَوَلَّيْتُمْ أي: كذبتم وأدبرتم عن الطاعة، فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ أي: لم أطلب على نصحي إياكم شيئاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أي: وأنا ممتثل ما أمرت به من الإسلام لله ، والإسلام هو دين الأنبياء جميعاً من أولهم إلى آخرهم، وإن تنوعت شرائعهم وتعددت مناهلهم، كما قال تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا [سورة المائدة:48]، قال ابن عباس: سبيلاً وسنة، فهذا نوح يقول: وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وقال تعالى عن إبراهيم الخليل: إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [سورة البقرة:131-132]، وقال يوسف: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [سورة يوسف:101]، وقال موسى: يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ [سورة يونس:84]، وقال السحرة: رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ [سورة الأعراف:126]، وقالت بلقيس: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [سورة النمل:44]، وقال تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ [سورة المائدة:44]، وقال تعالى: وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ [سورة المائدة:111]، وقال خاتم الرسل وسيد البشر ﷺ: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [سورة الأنعام:162-163] أي: من هذه الأمة، ولهذا قال في الحديث الثابت عنه: نحن معشر الأنبياء أولاد علات وديننا واحد[1] أي: وهو عبادة الله وحده لا شريك له وإن تنوعت شرائعنا، وذلك معنى قوله: أولاد علات وهم الأخوة من أمهات شتى والأب واحد.
  1. رواه مسلم عن أبي هريرة بلفظ قال فيه: سمعت رسول الله ﷺ يقول: أنا أولى الناس بابن مريم، الأنبياء أولاد علات وليس بيني وبينه نبي، برقم (2365)، كتاب الفضائل، باب فضائل عيسى .