الخميس 17 / ذو القعدة / 1446 - 15 / مايو 2025
وَلَآ أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلَآ أَقُولُ إِنِّى مَلَكٌ وَلَآ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِىٓ أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيْرًا ۖ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِىٓ أَنفُسِهِمْ ۖ إِنِّىٓ إِذًا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمْ اللَّهُ خَيْراً اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنْ الظَّالِمِينَ [سورة هود:31].

يخبرهم أنه رسول من الله يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له، بإذن الله له في ذلك، ولا يسألهم على ذلك أجراً، بل هو يدعو من لقيه من شريف، ووضيع، فمن استجاب له فقد نجا، ويخبرهم أنه لا قدرة له على التصرف في خزائن الله، ولا يعلم من الغيب إلا ما أطلعه الله عليه، وليس هو بملَك من الملائكة، بل هو بشر مرسل مؤيد بالمعجزات، ولا أقول عن هؤلاء الذين تحتقرونهم، وتزدرونهم؛ إنهم ليس لهم عند الله ثواب على أعمالهم، اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ فإن كانوا مؤمنين باطناً كما هو الظاهر من حالهم فلهم جزاءً الحسنى، ولو قطع لهم أحد بشرٍّ بعدما آمنوا لكان ظالماً قائلاً ما لا علم له به".

قوله تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ، هل المراد أن هؤلاء يقصدون أنهم غير صادقين، فالله يقول: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ أو أن المقصود أن الله أعلم بما في أنفسهم، ولذلك هداهم للحق، وفي قوله - تبارك وتعالى -: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ، استدل به من قال: إن الملائكة أفضل من البشر، وهي مسألة لا طائل تحتها، ولا ينبغي التشاغل بمثل هذه القضية، ولا يترتب على ذلك عمل، والذين قالوا: إن الصالحين من البشر أفضل من الملائكة احتجوا بحجج كقوله - تبارك وتعالى -: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ [سورة البقرة:34] إلى آخر ما ذكر الله  من خبر آدم وتعليمه، وإقرار الملائكة لآدم بذلك، وهذه المسألة لا يترتب عليها عمل، لكن أشرت إليها؛ لأن هذا الموضع هو الذي يذكر فيه العلماء مثل هذه المسألة غالباً.

فائدة:

الرقية أمرها يختلف عن التعليم، فالرقية من باب الطب، وليست فيما نحن بصدده من التعليم للقرآن، أو الدعوة إلى الله ، هي من باب الطب؛ ولذلك تجري أحكام الطب فيها، فيقال: الأصل في باب الرقية الإباحة ما لم تشتمل على محرم، فكل ما دلت التجربة على صحته في باب الرقية من تخصيص بعض الآيات لبعض الأشياء، إذا دلت التجربة على هذا فلا إشكال فيه، فهي من باب الطب، لكن الذين قالوا بالجواز، وأطلقوا؛ احتجوا بما ورد في الحديث من قوله ﷺ: إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله[1]، والشاهد أنه لم يشترط عليهم في رقية الرجل، مع أن هذا لا يبرر، ولا يعني بحال من الأحوال أن ينقطع الإنسان للرقية، ويفتح عيادة في بيته، ويتوارد إليه الناس، ويكون طريقاً للتكسب بهذا الأسلوب الذي للأسف نراه اليوم، ويحصل فيه كثير من المخالفات، فمثل هذا لا يحسن أن يفعله الإنسان، فرق بين هذا وبين إنسان يرقي نفسه، أو يرقي من حوله، أو طلب منه إنسان بصفة خاصة فرقاه أو نحو ذلك، وصلى الله على نبينا محمد.

  1. رواه البخاري برقم (5405)، كتاب الطب، باب الشرط في الرقية بقطيع من الغنم.