"وقوله: وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ [سورة هود:42] أي: السفينة سائرة بهم على وجه الماء الذي قد طبّق جميع الأرض حتى طفت على رؤوس الجبال، وارتفع عليها بخمسة عشر ذراعاً، وقيل: بثمانين ميلاً، وهذه السفينة جارية على وجه الماء سائرة بإذن الله، وتحت كنفه، وعنايته، وحراسته، وامتنانه كما قال تعالى: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ [سورة الحاقة:11-12]، وقال تعالى: وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ [سورة القمر:13-15].
وقوله: وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ [سورة هود:42] الآية هذا هو الابن الرابع واسمه يام، وكان كافراً، دعاه أبوه عند ركوب السفينة أن يؤمن، ويركب معهم، ولا يغرق مثلما يغرق الكافرون".
قوله - تبارك وتعالى -: وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ [سورة هود:42]، قال بعضهم: يعني في مكان لم يبلغه قول نوح ﷺ حينما فار التنور: ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ، وقال بعضهم: أي بعيداً عن نوح ﷺ ومن معه في السفينة، لم يركب معهم، لم يكن معهم، كان في معزل.
وقال بعضهم: فِي مَعْزِلٍ عن دين أبيه، والأقرب - والله تعالى أعلم - أن يحمل على المعنى المتبادر، وهو أنه كان منعزلاً عن نوح، ولم يركب معه.