الأحد 11 / ذو الحجة / 1446 - 08 / يونيو 2025
وَقَالَ ٱرْكَبُوا۟ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْر۪ىٰهَا وَمُرْسَىٰهَآ ۚ إِنَّ رَبِّى لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"قوله: وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِاِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ۝ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ ۝ قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنْ الْمَاءِ قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنْ الْمُغْرَقِينَ [سورة هود:41-43].

يقول تعالى إخباراً عن نوح أنه قال للذين أمر بحملهم معه في السفينة: ارْكَبُوا فِيهَا بِاِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا أي: باسم الله يكون جريها على وجه الماء، وباسم الله يكون منتهى سيرها وهو رسوها".

قرأ حمزة والكسائي وحفص بِاِسْمِ اللَّهِ مَجْراها، أي: يجريها باسم الله، كائن باسم الله، وهذه القراءة من اختارها يحتج لها بقوله - تبارك وتعالى - بعد ذلك: وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ، وقرأ بعضهم مَجْراها باعتبار أن الله - تبارك وتعالى - هو مجريها.

"وقرأ أبو رجاء العطاردي: باسم الله مُجريها ومرسيها".

وقد قرأ بها أيضاً مجاهد وعاصم الجحدري.

"وقال الله تعالى: فإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ۝ وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلًا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ [سورة المؤمنون:28-29] ولهذا تستحب التسمية في ابتداء الأمور عند الركوب على السفينة، وعلى الدابة كما قال تعالى: وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ ۝ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ [سورة الزخرف:12-13] الآية، وجاءت السنة بالحث على ذلك، والندب إليه كما سيأتي في سورة الزخرف - إن شاء الله -، وبه الثقة.

وقوله: إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [سورة هود:41] مناسب عند ذكر الانتقام من الكافرين بإغراقهم أجمعين، فذكر أنه غفور رحيم كقوله: إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ [سورة الأعراف:167]، وقال: وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ [سورة الرعد:6]، إلى غير ذلك من الآيات التي يقرن فيها بين رحمته، وانتقامه".