الثلاثاء 13 / ذو الحجة / 1446 - 10 / يونيو 2025
يَقْدُمُ قَوْمَهُۥ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ ۖ وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال المفسر - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ۝ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ۝ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمْ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ۝ وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ [سورة هود:96-99].

يقول تعالى مخبراً عن إرسال موسى بآياته، ودلالاته الباهرة إلى فرعون ملك القبط، وملئه، فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ أي: منهجه، ومسلكه، وطريقته في الغيّ، وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ أي: ليس فيه رشد، ولا هدى، وإنما هو جهل، وضلال، وكفر، وعناد، وكما أنهم اتبعوه في الدنيا، وكان مُقدَّمهم، ورئيسهم؛ كذلك هو يَقدمهم يوم القيامة إلى نار جهنم فأوردهم إياها، وشربوا من حياض رداها، وله في ذلك الحظ الأوفر من العذاب الأكبر كما قال تعالى: فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا [سورة المزمل:16]، وقال تعالى: فَكَذَّبَ وَعَصَى ۝ ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى ۝ فَحَشَرَ فَنَادَى ۝ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ۝ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى ۝ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى [سورة النازعات:21-26]، وقال تعالى: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمْ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ، وكذلك شأن المتبوعين يكونون موفرين في العذاب يوم القيامة كما قال تعالى: لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ [سورة الأعراف:38]، وقال تعالى إخباراً عن الكفرة أنهم يقولون في النار: رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ۝ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ [سورة الأحزاب:67-68] الآية".

فقوله - تبارك وتعالى -: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ يقول الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: "يقول تعالى مخبراً عن إرسال موسى بآياته، ودلالاته الباهرة" الآيات هي الدلالات، وأصل معنى الآية العلامة يقول: بِآيَاتِنَا أي: بأدلتنا على التوحيد، وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ يعني: البرهان، والحجة التي تبين لمن عاينها الحق، والهدى كما يعبر ابن جرير - رحمه الله -، ومن أهل العلم من يقول: إن الآيات المراد بها الآيات التسع وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ [سورة الإسراء:101]، والسلطان المبين هو العصا، والعصا هي من جملة الآيات التسع، لكن يقولون: إنها أفردت بالسلطان - على هذا القول - لتميزها، وشأنها، وأهميتها، حيث إنها التقفت ما يأفكه السحرة، ومن أهل العلم من يقول: إن الآيات المقصود بها التوراة، والسلطان المبين: المعجزات.