السبت 22 / جمادى الآخرة / 1447 - 13 / ديسمبر 2025
قَالُوا۟ يَٰٓأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَ۫نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنَٰصِحُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال المفسر - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى: قَالُواْ يَآ أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ۝ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [سورة يوسف:11- 12].

لما تواطئوا على أخذه وطرحه في البئر - كما أشار به عليهم أخوهم الكبير روبيل - جاءوا أباهم يعقوب  فقالوا: ما بالك لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ وهذه توطئة ودعوى، وهم يريدون خلاف ذلك لما له في قلوبهم من الحسد لحب أبيه له أَرْسِلْهُ مَعَنَا أي ابعثه معنا غداً نرتع، ونلعب، وقرأ بعضهم بالياء يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ قال ابن عباس - ا -: يسعى، وينشط، وكذا قال قتادة، والضحاك، والسدي وغيرهم وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ يقولون: ونحن نحفظه ونحوطه من أجلك".

قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في قوله: يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ: "يسعى، وينشط"، روي هذا عن ابن عباس - ا -، قيل هذا من مأخوذٌ من رتْع البعير - رتعت الدواب يعني إذا أكلت كيف شاءت -؛ ولهذا يعبر به عن الاتساع في الخصب، الدواب ترتع بمعني أنها تأكل من النبات كيف شاءت، وهذه العبارة التي ذكرها هنا قال: يسعى، وينشط، أو على قراءة نرتع، ونلعب؛ أي نسعى، وننشط، يعني نلهو، ونلعب وما أشبه ذلك، هذا قال به كثيرٌ من المفسرين، وهو اختيار ابن جرير - رحمه الله -.

وبعضهم نظر إليه من جهةٍ ثانية نرتع، ونلعب؛ قال: أي نتحارس، ويحفظ بعضنا بعضاً، وهذا قالوا: إنه كقولك رعاك الله، فإنه يعبر بذلك عن الحفظ، والحراسة؛ يعني حفظك الله، وحرسك، ورعاك، فهذه اللفظة أصلها من رتعت الدابة، فيعبر بذلك عن الحفظ، والحراسة، والرعاية وما أشبه ذلك، فهذا وإن قال به بعض أئمة اللغة إلا أنه لا يخلو من بُعد في تفسير الآية - والله تعالى أعلم -، فالمقصود أن مثل هذه يعبر بها عن معنى الاتساع في اللهو، واللعب، والأكل وما أشبه ذلك، وهذا اللعب فسره بعض أهل العلم بالمسابقات في الرمي كما سيأتي في قوله - تبارك وتعالى -: إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ [سورة يوسف:17]، فعلى كل حال المقصود به اللعب المباح.

وكما هو معلوم أنه ليس كل لعبٍ باطل بإطلاق.