الأربعاء 16 / ذو القعدة / 1446 - 14 / مايو 2025
وَٱسْتَبَقَا ٱلْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُۥ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا ٱلْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوٓءًا إِلَّآ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال المفسر - رحمه الله - عند تفسير قوله تعالى: وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ۝ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ ۝ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنْ الصَّادِقِينَ ۝ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ۝ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنْ الْخَاطِئِينَ [سورة يوسف:25-29].

يخبر تعالى عن حالهما حين خرجا يستبقان إلى الباب: يوسف هارب، والمرأة تطلبه ليرجع إلى البيت، فلحقته في أثناء ذلك، فأمسكت بقميصه من ورائه، فقدّتْه قداً فظيعاً، يقال: إنه سقط عنه، واستمر يوسف هارباً ذاهباً، وهي في إثره، فألفيا سيدها وهو زوجها عند الباب، فعند ذلك خرجت مما هي فيه بمكرها، وكيدها، وقالت لزوجها متنصلة وقاذفة يوسف بدائها: مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا أي: فاحشة، إِلاّ أَن يُسْجَنَ أي: يحبس، أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أي: يضرب ضرباً شديداً موجعاً".

فقول الحافظ - رحمه الله -: "فأمسكت بقميصه من ورائه فقدّته قداً فظيعاً" في تفسير قوله - تبارك وتعالى -: وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ قدّته يعني شقته، ويستعمل القدّ في الشق طولاً، وأما الشق بالعرض فإنه قد يعبر عنه بغير ذلك يقال القّط، يقول الله - تبارك وتعالى - حينما ألفيا سيدها لدى الباب قالت: مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "ما" هذه تحتمل أن تكون استفهامية، هي تسأل تقول: ما جزاؤه، ما عقوبته؟، ثم أجابت نفسها فقالت: إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قال به طائفة من المفسرين، ويحتمل أن تكون "ما" نافية، فتكون هذه الجملة مركبة من نفي، واستثناء، فتفيد الحصر ما جزاؤه إلا أن يسجن أي: ليس له جزاء إلا أن يسجن، لا جزاء لمن أراد بأهلك سوءاً إلا أن يفعل به كذا وكذا، فألقت إليه التهمة، وحددت العقوبة، على كل واحد من هذه الاحتمالات، الاحتمال الأول أن تكون استفهامية هي تسأل تقول: ما جزاؤه؟ ثم أجابت قالت: إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وعلى الثاني لا جزاء له إلا أن يسجن، أو عذاب أليم.

"إِلاّ أَن يُسْجَنَ أي: يحبس، أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أي: يضرب ضرباً شديداً موجعاً".