الثلاثاء 22 / ذو القعدة / 1446 - 20 / مايو 2025
قَالَ ٱجْعَلْنِى عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلْأَرْضِ ۖ إِنِّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"فقال يوسف : اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ [سورة يوسف:55] مدح نفسه، ويجوز للرجل ذلك إذا جُهل أمره للحاجة".

هذا لا إشكال فيه، وقد قال النبي ﷺ للأنصار: ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي؟[1]، ثم طلب منهم ﷺ أن يجيبوه، وشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - لما أوذي من قبل المبتدعة؛ احتاج أن يتكلم ببعض الكلام، وذكر لهم ما وقع منه من رد التتار، وجمْع الناس الذين كادوا أن يفروا من الشام من التجار، والأمراء، وغيرهم، وتثبيتهم، وذكر مواقفه، وعددها؛ لأنه احتاج إلى ذلك، وكذلك الأصل ألا يطلب الإنسان الإمارة، وقد قال النبي ﷺ: لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها[2] لكن لو أنه رأى أن المصلحة الشرعية تقتضي هذا فله أن يسألها.

"وذكر أنه حَفِيظٌ أي: خازن أمين، عَلِيمٌ ذو علم، وبصيرة بما يتولاه".

حَفِيظٌ أي: خازن أمين يحفظ ما وكل إليه، وما تحت يده لا يضيعه، عَلِيمٌ أي: بما يتولاه، فجمع بين الأمانة وبين البصر في الأمور، والعلم، والمعرفة، هذا هو أقرب ما تفسر به هذه الآية.

"وإنما سأله أن يجعله على خزائن الأرض وهي الأهرام التي يجمع فيها الغلّات؛ لما يستقبلونه من السنين التي أخبرهم بشأنها، فيتصرف لهم على الوجه الأحوط، والأصلح، والأرشد، فأجيب إلى ذلك رغبة فيه، وتكرمة له".
  1. رواه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الطائف (4 / 1574)، برقم (4075)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوى إيمانه (2 / 738)، برقم (1061).
  2. رواه البخاري، كتاب الأحكام، باب من لم يسأل الإمارة أعانه الله عليها (6 / 2613)، برقم (6727)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها (3 / 1454)، برقم (1652).