الثلاثاء 13 / ذو الحجة / 1446 - 10 / يونيو 2025
وَلَأَجْرُ ٱلْءَاخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَكَانُوا۟ يَتَّقُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"ولهذا قال تعالى: وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ۝ وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ [سورة يوسف:56-57].

يقول تعالى: وَكَذَلِكَ مَكّنّا لِيُوسُفَ فِي الأرْضِ أي: أرض مصر، يَتَبَوّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء قال السدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: "يتصرف فيها كيف يشاء".

أي على كل حالٍ يتصرف، تبوأ من اتخاذ المباءة وهي المسكن يعني أنه ينزل منها حيث شاء، فهو ممكّن بعد أن كان في ضيق الجب، وضيق السجن؛ صار بهذه المثابة.

"وقال ابن جرير: يتخذ منها منزلاً حيث يشاء بعد الضيق، والحبس، والإسار نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نشاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ أي: وما أضعنا صبر يوسف على أذى إخوته، وصبره على الحبس بسبب امرأة العزيز، فلهذا أعقبه الله السلام، والنصر، والتأييد، وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ۝ وَلأجْرُ الآخرة خَيْرٌ لّلّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتّقُونَ، يخبر تعالى أن ما ادخره الله - تعالى - لنبيه يوسف في الدار الآخرة أعظم، وأكثر، وأجلّ مما خوله من التصرف، والنفوذ في الدنيا كقوله في حق سليمان هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ۝ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ [ص:39-40]، والغرض أن يوسف ولاه ملِكُ مصر الريانُ بن الوليد الوزارةَ في بلاد مصر مكان الذي اشتراه من مصر زوج التي راودته، وأسلم الملك على يدي يوسف قاله مجاهد".

ليس هناك دليل على إيمان ملك مصر، ويدل على أن ملك مصر لم يؤمن قوله - تبارك وتعالى -: وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ [سورة غافر:34]، ولو كان الملِك آمن لتبعه الناس، والناس على دين ملوكهم.