الخميس 10 / ذو القعدة / 1446 - 08 / مايو 2025
فَلَمَّا ٱسْتَيْـَٔسُوا۟ مِنْهُ خَلَصُوا۟ نَجِيًّا ۖ قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوٓا۟ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ ٱللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِى يُوسُفَ ۖ فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلْأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِىٓ أَبِىٓ أَوْ يَحْكُمَ ٱللَّهُ لِى ۖ وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَٰكِمِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ۝ ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ ۝ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ [سورة يوسف:80-82].

يخبر تعالى عن إخوة يوسف أنهم لما يئسوا من تخليص أخيهم بنيامين الذي قد التزموا لأبيهم برده إليه، وعاهدوه على ذلك، فامتنع عليهم ذلك خَلَصُواْ أي: انفردوا عن الناس، نَجِيًّا يتناجون فيما بينهم، قَالَ كَبِيرُهُمْ وهو روبيل، وقيل: يهوذا، وهو الذي أشار عليهم بإلقائه في البئر عندما همَّوا بقتله".

بعض أهل العلم يقول في قوله: كَبِيرُهُمْ أي: في السن، وبعضهم يقول: في الرأي، والقدر، والمنزلة، ولهذا اختلفوا فيه هل هو فلان أو فلان، فمن نظر إلى أنه الأعقل والأرجح رأياً؛ ذكر من كان معروفاً بهذه الصفة، ومن نظر إلى أن الكبير إذا أطلق فالأصل أنه كبير السن قال: إنه روبيل - والله تعالى أعلم -، ولا فائدة في تعيينه، فهذا من المبهمات التي سبق الإشارة إلى أنه لا فائدة من تحديد المسمى بذلك.

"قال لهم: أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لتردنه إليه، فقد رأيتم كيف تعذَّر عليكم ذلك مع ما تقدم لكم من إضاعة يوسف عنه فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ أي: لن أفارق هذه البلدة حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي في الرجوع إليه راضياً عني، أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي قيل: بالسيف، وقيل: بأن يمكنني من أخذ أخي".

وذلك بأن يقاتلهم حتى يستخلصه، أو يقضي الله ما شاء، وهذا فيه بعد.

"وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ، ثم أمرهم أن يخبروا أباهم بصورة ما وقع حتى يكون عذراً لهم عنده، ويتنصلوا إليه، ويبرءوا مما وقع بقولهم.

قوله : فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيًّا استيأسوا: يعني فقدوا الأمل من أن يرجعه إليهم، والسين والتاء في استيأسوا للمبالغة.