وقوله: ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا يعني: بما علمنا من استخراج الصواع من وعائه، ويحتمل أن يكون وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا أي: حينما قيل لنا: فَمَا جَزَآؤُهُ فشهدنا بما علمنا من شريعتك من أنه يؤخذ السارق دون غيره، فنحن لا نستطيع أن نقول غير هذا، والأقرب - والله تعالى أعلم - هو القول الأول.
قوله: وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ بعضهم فسر الغيب بالليل، قالوا: إنهم كانوا نياماً فسرق، وهذا فيه بعد، وشيء من التكلف، وقيل: وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ أي: أن ذلك وقع في وقت غيابهم عنه، ما كانوا معه، فقالوا: وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ، والذي قاله قتادة، وعكرمة: "ما علمنا أن ابنك سرق" أي: لم يكن ذلك بحضرتنا حتى نكفه عن ذلك، فهذا توجيه هذا القول، والقول الآخر: "قال عبد الرحمن بن زيد: "ما علمنا في الغيب أنه سرق له شيئاً، إنما سألَنا ما جزاء السارق؟"، أخبروه بحكم السارق عندهم؛ لأنه سألهم عن ذلك فقالوا - ولم يكن عندهم علم بما حصل -: مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ فتبيّن فيما بعد أن هذا قد وقع منه ما وقع، فأخذ بهذا الحكم، وقوله: وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ أي: ما كنا نعلم أنه سيقع منه ذلك حينما أخذناه منك، فنحن طلبنا أخذه من أجل أنه منع منا الكيل، ولا نعلم ما تصير إليه الأمور في عواقبها، وهذا لعله هو الأقرب - والله تعالى أعلم -، وقيل: إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا يعني نحن نتحدث عن الظاهر، وجد الصواع في رحله، هل سرق حقيقة أو ما سرق أو كيف وقع هذا؛ هذا عند الله ، لكن نحن نشهد بحسب الظاهر، وهذا معنى تحتمله الآية، لكن ما ذكرته آنفاً أقرب منه - والله تعالى أعلم -، وبعضهم يقول غير ذلك.