الجمعة 04 / ذو القعدة / 1446 - 02 / مايو 2025
لِلَّذِينَ ٱسْتَجَابُوا۟ لِرَبِّهِمُ ٱلْحُسْنَىٰ ۚ وَٱلَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا۟ لَهُۥ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُۥ مَعَهُۥ لَٱفْتَدَوْا۟ بِهِۦٓ ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ لَهُمْ سُوٓءُ ٱلْحِسَابِ وَمَأْوَىٰهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال المصنف - رحمه الله - تعالى في تفسير قوله تعالى: لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ [سورة الرعد:18].

يخبر تعالى عن مآل السعداء والأشقياء فقال: لِلّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبّهِمُ أي: أطاعوا الله ورسوله، وانقادوا لأوامره، وصدقوا أخباره الماضية والآتية، فلهم الْحُسْنَىَ وهو الجزاء الحسن، كقوله تعالى مخبراً عن ذي القرنين أنه قال: قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً، وقال تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ. وقوله: وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ أي: لم يطيعوا الله، لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً أي: في الدار الآخرة لو أن يمكنهم أن يفتدوا من عذاب الله بملء الأرض ذهباً ومثله معه لافتدوا به، ولكن لا يتقبل منهم؛ لأنه تعالى لا يقبل منهم يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً، أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ أي: في الدار الآخرة، أي: يناقشون على النقير والقطمير، والجليل والحقير، ومن نوقش الحساب عذب، ولهذا قال: وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ.

قوله - تبارك وتعالى -: لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى [سورة الرعد:18]، الحسنى: يمكن أن تفسر بالجنة، كما قاله طائفة من السلف، ويؤيد هذا القول قوله - تبارك وتعالى -: لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [سورة يونس:26]، فالحسنى هي الجنة، والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم.

قوله: وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ [سورة الرعد:18]، سوء الحساب هذا من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، أي: الحساب السيئ، كما تقول: عظيم الأجر، عظيم الثواب، أي: الثواب العظيم، الأجر العظيم.

قوله - تبارك وتعالى -: وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ [سورة الرعد:18]، أصل المهاد هو ما يوطأ للصغير فيكون فراشاً ممهداً، فهؤلاء يكون مهادهم في النار.