وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ [سورة الرعد:27-29].
يخبر تعالى عن قيل المشركين: لَوْلا أي: هلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ، كقولهم: فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ [سورة الأنبياء:5]، وقد تقدم الكلام على هذا غير مرة، وأن الله قادر على إجابة ما سألوا، وفي الحديث: إن الله أوحى إلى رسوله لما سألوه أن يحول لهم الصفا ذهباً، وأن يجري لهم ينبوعاً، وأن يزيح الجبال من حول مكة، فيصير مكانها مروج وبساتين: إن شئت يا محمد أعطيتهم ذلك، فإن كفروا أعذبهم عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين، وإن شئت فتحت عليهم باب التوبة والرحمة، فقال: بل تفتح لهم باب التوبة والرحمة[1]؛ ولهذا قال لرسوله: قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ [سورة الرعد:27] أي: هو المضل والهادي سواء بعث الرسول بآية على وفق ما اقترحوا أو لم يجبهم إلى سؤالهم، فإن الهداية والإضلال ليس منوطاً بذلك ولا عدمه، كما قال: وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ [سورة يونس:101]، وقال: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ [سورة يونس:96-97]، وقال: وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ [سورة الأنعام:111]؛ ولهذا قال: قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ [سورة الرعد:27] أي: ويهدي إليه من أناب إلى الله ورجع إليه واستعان به وتضرع لديه.
- رواه أحمد (4 / 60)، برقم (2166).