اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ [سورة الرعد:26] يذكر تعالى أنه هو الذي يوسع الرزق على من يشاء، ويقتِّر على من يشاء، لما له في ذلك من الحكمة والعدل، وفرح هؤلاء الكفار بما أوتوا من الحياة الدنيا استدراجاً لهم وإمهالاً، كما قال: أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ [سورة المؤمنون:55-56]، ثم حقر الحياة الدنيا بالنسبة إلى ما ادخره تعالى لعباده المؤمنين في الدار الآخرة، فقال: وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ [سورة الرعد:26]، كما قال: قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً [سورة النساء:77]، وقال: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [سورة الأعلى:16-17].وروى الإمام أحمد عن المستورد أخي بني فهر قال: قال رسول الله ﷺ: ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم، فلينظر بم ترجع[1] وأشار بالسبابة، رواه مسلم في صحيحه. وفي الحديث الآخر أن رسول الله ﷺ مر بجدي أسك ميت، والأسك الصغير الأذنين، فقال: والله للدنيا أهون على الله من هذا على أهله حين ألقوه[2]
- رواه مسلم (4 / 2193)، برقم (2858)
- رواه مسلم، كتاب الزهد والرقائق (4 / 2272)، برقم (2957)، بلفظ عن جابر بن عبد الله : أن رسول الله ﷺ مر بالسوق داخلا من بعض العالية والناس كنفته فمر بجدي أسك ميت فتناوله فأخذ بأذنه ثم قال: أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ فقالوا: ما نحب أنه لنا بشئ وما نصنع به ؟ قال: أتحبون أنه لكم؟ قالوا والله لو كان حيا كان عيبا فيه؛ لأنه أسك فكيف وهو ميت ؟ فقال: فو الله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم.