وقوله: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا قال ابن عباس - ا -: أولم يروا أنا نفتح لمحمد ﷺ الأرض بعد الأرض؟.
وقال الحسن والضحاك: هو ظهور المسلمين على المشركين، كقوله: وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ الْقُرَى [سورة الأحقاف:27] الآية.
هنا في قوله: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا، هنا فسرها عن ابن عباس بالفتح لمحمد ﷺ الأرض بعد الأرض، وهو موافق لما نقله عن الحسن بظهور المسلمين، وهذا هو الأشهر والأحسن في تفسيرها، أن الله يقول لهؤلاء المشركين: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أي: أن الله - تبارك وتعالى - يظهر المسلمين على المشركين، فيأخذون أرضاً بعد أرض، وهؤلاء الذين يكذبونه ﷺ ويحاربونه غاية المحاربة لا يعتبرون بذلك، من كفار أهل مكة، أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا بالفتوح التي تحصل للمسلمين والغلبة والنصر، هذا هو الأقرب في تفسيرها، ومن أهل العلم من فسرها بغير هذا، ومنهم من قال: إن نقصها من أطرافها بموت العلماء، وبعضهم يقول: بما يحصل حولهم وما يرونه ويشاهدونه من نقص الثمرات وخراب البلاد، وما ينزل من الآفات وما يحصل من الموت للنفوس فيموت أهلها، وبعضهم يقول: أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا بالعقوبات المستأصلة، ما يوقع الله من يوقع بهم بأسه ونقمته وعذابه، إلى غير ذلك من الأقاويل، والأقرب ما نقل هنا وهو الذي اختاره ابن جرير: أن ذلك يكون بظهور المسلمين، ثم قال: وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، المعقب: هو الذي يتبع الشيء فيستدركه ولا يُستدرك عليه، هذا هو المعقب، ويكون المعنى وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ يمكن أن يقال: أي لا راد لحكمه، إذا حكم بشيء فإنه ينفذ ويكون ولا يمكن لأحد بحال من الأحوال ولو اجتمع أهل الأرض أن يغيروا شيئاً من حكمه أو يردوا قضاءه، فإنهم أعجز من أن يفعلوا ذلك بقليل ولا كثير، وهذا الذي عليه عامة أهل العلم، يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ أي: لا راد لقضائه.